ارشيف من : 2005-2008

نقطة حبر: الجذور التي في السماء

نقطة حبر: الجذور التي في السماء

تذهب الأسطورة اليونانية إلى أن "جيا" كان ابناً للأرض وكان مخلوقاً ضئيل الحجم ولكنه خارق القوة قادر في كل مرة تلامس قدماه فيها الأرض على أن يصارع أعظم العمالقة ويصرعهم، وفي يوم من الأيام اكتشف أحد الخصوم سر هذه العلاقة بين "جيا" وأمه الأرض، فتحداه للمصارعة، وعندما بدأت المباراة بين الاثنين حمل الخصم "جيا" ورفعه عن الأرض وخنقه في الفضاء بعيداً عن حضن أمه الأرض. الحكمة التي يمكن استخلاصها من هذه الأسطورة هي التالية: لا تترك رأسك يغري قدميك بالطيران لأن علاقتك مع أرضك هي سر قوتك، فالجذور تمنح الانسان الشعور بالانتماء إلى بيئة حاضنة تطلق الانسان بقوة في عالم المعنويات والابداع، إنه الشعور بالأمان الذي وضعه "ماسلو" ثانياً بعد الحاجات الفيزيولوجية من مأكل وملبس ومسكن لتأتي بعده حاجات أخرى هي الحاجة إلى الاسماء والى الاحترام وتقدير الذات، وأخيراً تحقيق الذات التي تعتلي رأس هرم الأولويات عند ماسلو.
الدين الاسلامي الحنيف يولي الجانب المعنوي للإنسان أهمية بالغة، ويذهب أحد حكماء العالم الإسلامي إلى تشبيه الجوانب المعنوية للإنسان بالشجرة التي لديها جذور في السماء، تكمن في هذا التشبيه نقطة أساسية يمكن عن طريقها إدراك سر قوة الإنسان المؤمن وهي علاقته العميقة بجذوره التي في السماء، فما دام مرتبطاً بهذه الجذور فهو أقوى الأقوياء، ولن تستطيع قوة في العالم مهما بدت مؤثرة أن تنال منه، من هنا يمكننا فهم ما قاله السيد حسن نصر الله "اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت"، وقد سبقه العارف الكبير الإمام الخميني (قده): "لا تخشوا أية قوة في العالم، ما دام الله معكم فكل شيء معكم".
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد1265ـ 2 ايار/مايو2008

2008-05-01