ارشيف من : 2005-2008

استقدام التدويل وتثبيت السنيورة في الحكومة قبل انتخاب سليمان للرئاسة: حكومة السراي في بيان عسكري يستهدف المقاومة ويلاحق حزب الله

استقدام التدويل وتثبيت السنيورة في الحكومة قبل انتخاب سليمان للرئاسة: حكومة السراي في بيان عسكري يستهدف المقاومة ويلاحق حزب الله

قبل "كاميرا جنبلاط" والمدرج رقم (17) في المطار، وقبل كلمة السر التي وردت الى حكومة السراى لإعلان الحرب على هاتف المقاومة، كان على "اسرائيل" ان تقلب الموازين في لبنان رأساً على عقب.
 ما كان سراً قبل أيام كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية، والصيف الأميركي الساخن على لبنان كان من المفترض ان يبدأ في 25 نيسان الماضي بـ"عملية كوماندوس اسرائيلية" في قلب الضاحية الجنوبية، تتزامن مع "عملية اغتيال قواتية ـ اسرائيلية" للنائب ميشال عون في الرابية.
بعد ذلك ستعم الفوضى، وسيكون من الصعب على الجيش اللبناني السيطرة على الشارع، ما يعطي المبرر لحكومة السراى برئاسة السنيورة بالتوجه الى مجلس الأمن الدولي في دعوة صريحة لمساعدة القوى الأمنية في بسط سلطة الدولة.
قالت "اسرائيل" انها ألغت العملية في اللحظة الأخيرة لأن المقاومة في لبنان اطلعت على تفاصيلها بواسطة أجهزة التنصت.
في لبنان كسر النائب وليد جنبلاط طاولة الحوار في المجلس النيابي وقطع أمل الرئيس نبيه بري بتنظيم حوار بين المعارضة والموالاة ينتهي بإعلان نوايا حول النسب في تشكيل الحكومة والدوائر في قانون الانتخاب قبل انتخاب الرئيس وفك الاعتصام في وسط بيروت.
في آخر جلسة لحكومة السراى قبل الاضراب العمالي العام لم ينم الوزراء قبل الاتفاق على اعلان الحرب على المقاومة، بعد اعتبار شبكة اتصالاتها الهاتفية غير شرعية وغير قانونية وتشكل اعتداء على سيادة الدولة والمال العام، وتزويد المنظمات الدولية بتفاصيل هذا الاعتداء وتكليف الإدارات العامة والقوى الأمنية معالجة الوضع الشاذ القائم.
يؤكد أقطاب في الموالاة ان الوزراء الذين حضروا للمشاركة في جلسة الحكومة لم يتوقعوا ان تنتهي الجلسة ببيان عسكري ضد المقاومة، لكن حجم الضغط الذي مارسه نواب وليد جنبلاط وتهديدهم بالاستقالة دفع الرئيس فؤاد السنيورة الى عقد مشاورات هاتفية مع النائب سعد الحريري استمرت ساعتين، انتهت بتطمين الوزراء الى وجود دعم سعودي غير مسبوق لقرارات الحكومة، وتغطية دولية أيضاً.. وبعد جدل انصاع الوزراء الى صياغة ملتبسة حول مصير العميد وفيق شقير تجنبت ذكر كلمة إقالته من منصبه، وصياغة واضحة وصريحة ستكون بمثابة رسالة بالغة الأهمية لحزب الله ومن خلفه المعارضة.
عندما قرأ الوزراء مقررات الجلسة في اليوم التالي أدرك بعضهم انه بات شريكاً لـ"اسرائيل" في الحرب على المقاومة، وتداولت مراجع سياسية معلومات أكيدة عن نية بعض الوزراء الاستقالة من الحكومة حتى لا يدخل اسمها في سجل التاريخ ضمن قائمة العملاء الذين قدموا خدمات كبرى لـ"إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية، إلا ان ارتباط مصالح هؤلاء البعض الخاصة في دول الخليج وبعض الدول الأوروبية حال دون اتخاذ قرارات مصيرية بالنسبة اليهم.
 أجرى سعد الحريري اتصالات هاتفية مع غالبية الوزراء ودعاهم الى مزيد من الصبر بانتظار رد فعل المعارضة بعد الإضراب العمالي، وكرر على مسامعهم وقوف السعودية بقوة خلف قرارات مجلس الوزراء، لا سيما معالجة اعتداء شبكة حزب الله الهاتفية على اتصالات الدولة.
وقبل كل ذلك، وخلال جولته الخاطفة على قوى السلطة بعد غياب استمر شهرين، خطف الحريري من قيادة ثورة الأرز تفويضاً لشخصه بحصرية التفاوض مع الرئيس نبيه بري، وطار عائداً الى مقر إقامته في الرياض، تاركاً خلفه معلومات عن قرار عربي ودولي بالتدخل بقوة لحل الأزمة في لبنان، وهو ما عبر عنه البطرك الماروني مار نصر الله صفير قبل ان يطير في جولة خارجية على طائرة خاصة تابعة للحريري نفسه: التدويل.
هذه العبارة سمعها الرئيس نبيه بري من زعماء عرب، وأكدوا له بشكل قاطع أن المملكة العربية السعودية قررت تدويل الأزمة اللبنانية بتحريض من الولايات المتحدة الأميركية، وتولى وزير الخارجية السعودية اطلاع القيادات العربية، ولا سيما الرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني وأمير قطر وغيرهم، وعندما سألوا الوزير السعودي عن المبادرة العربية أجاب بأنها شكل من أشكال التدويل.
وفي قطر سمع الرئيس بري كلاماً لا يحتمل التأويل عن قرار أميركي بعرقلة أي تفاهم حول انتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور وتعطيل أي اتفاق على قانون الانتخابات وصولاً الى التمديد للبرلمان الحالي.
تعتقد واشنطن ان التوافق على رئيس الجمهورية فقط من دون سلة المعارضة وحتى مع اعلان النوايا الذي طرحه بري، وهو الحد الأدنى من شروط المعارضة، سيؤدي الى انهيار ثورة الأرز والإطاحة برئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وسيحرم قوى 14 شباط من الأكثرية البرلمانية. لذلك لا تتوقع قطر وغيرها من الدول التي زارها الرئيس بري تسهيلات أميركية لانتخاب الرئيس أو لإجراء الانتخابات البرلمانية في الربيع المقبل.
ونقلاً عن مصادر الرئيس نبيه بري فإنه سمع من سوريا كلاماً مهماً ولمس رغبة أكيدة في مساعدة اللبنانيين على التفاهم والاتفاق على ما يرون فيه مصلحة بلدهم. وشجعت القيادة السورية الرئيس بري على ادارة حوار لبناني لبناني وإنقاذ لبنان من تدخل دولي بات وشيكاً. وهذا الموقف السوري أودعته دمشق جميع الوفود العربية التي شاركت في القمة العربية.
استجاب وليد جنبلاط لدعوة بري الحوارية وقرر الجلوس على الطاولة، عارضاً مقابل ذلك على الرئيس بري اعادة إحياء الحلف الرباعي.
لم "تنطل" خدعة جنبلاط على المعارضة التي أكدت مجدداً ان الجنرال عون هو المفوض باسمها لمفاوضة النائب سعد الحريري والاتفاق معه على الحل السياسي، فيما رد الحاج حسين خليل معاون الأمين العام لحزب الله على اقتراح جنبلاط بالعودة الى الحلف الرباعي بقوله: "انه حلم إبليس بالجنة".
كان الرد كافياً لاستنفار كل شياطين النائب جنبلاط الذي جن جنونه عندما تبلغ فشل العملية الإسرائيلية المزدوجة للتخلص من السيد نصر الله والجنرال عون، ففتح النار على المقاومة وحزب الله لإحراجه أمام المجتمع الدولي وإقناع الدول والمنظمات الدولية بأنه يُقيم دولة داخل الدولة، فنظم مسرحية الاشتراكي الفرنسي في الضاحية ثم أعقبها بافتعال قصة الكاميرا المركبة في كونتينر خارج المطار لمراقبة المدرج رقم (17)، والتحريض ضد العميد وفيق شقير وشبكة اتصالات المقاومة.
تعتقد قوى الموالاة ان التدخل الدولي في لبنان لا مفر منه بهدف تأمين بقاء السنيورة في موقعه في رئاسة الحكومة كشرط مسبق لانتخاب رئيس للجمهورية والانتخابات البرلمانية بما يضمن المحافظة على قوة الأكثرية البرلمانية الحالية، والهدف الثاني للتدخل سيكون الحد من النفوذ الإيراني والسوري على المستويات كافة، وخصوصاً النفوذ الإيراني المالي الذي ساهم في اعادة اعمار ما دمرته "اسرائيل" خلال فترة قياسية، ولا سيما في الجنوب والبقاع.
عندما تبلغ الرئيس السنيورة اصرار الاتحاد العمالي العام على الإضراب بعد جلسة الحكومة، طلب من الوزراء الاستراحة يومين فقط، معتبراً ان اي حركة احتجاجية في الشارع لا يمكن ان تصمد أكثر من ذلك.. إلا أنه غاب عن باله ان اعتصام المعارضة مستمر منذ سنة وستة أشهر في وسط بيروت.
 قاسم متيرك
الانتقاد/ العدد1266 ـ 9 ايار/ مايو 2008

2008-05-09