ارشيف من : 2005-2008
باراك يقر بعجز "اسرائيل" عن حماية الجبهة الداخلية وإسكات مصادر اطلاق الصواريخ
فاجأ وزير حرب العدو الإسرائيلي ايهود باراك الداخل الاسرائيلي وخارجه بإعلانه عن حقائق كانت ستلقى تشكيكا كبيرا لو انها صدرت عن غيره، الى حد يمكن اعتباره علامة فاصلة بين ما قبله وما بعده من جهة إقرار "إسرائيل" بنقاط ضعفها الاستراتيجية، وأنه بعد مرور اكثر من 20 شهرا على انتهاء عدوان تموز 2006، ها هي "إسرائيل" تقر بأنها غير جاهزة وغير قادرة على خوض حرب واسعة في المنطقة بسبب انكشاف جبهتها الداخلية.
فقد أوضح باراك خلال مقابلة صحافية مع صحيفة "يديعوت احرونوت" (2/5/2008)، أن "الطرف الآخر اكتشف نقطة الضعف لدينا، الجبهة الداخلية"، وأن على "اسرائيل" منع نشوب الحرب أو تأجيلها بسبب انكشاف جبهتها الداخلية أمام القدرات الصاروخية للأطراف المعادية لها.
وبهذا الصدد لا بد من التوقف عند هذه المواقف "الباراكية" الجديدة:
- لا بد من الإشارة وتأكيد أن باراك كرر مواقفه المذكورة في مناسبة اخرى، غير المقابلة الصحافية، خلال احدى المناسبات المتصلة بذكرى المحرقة اليهودية، وهو ما يعكس مستوى الجدية والتمسك بهذه الرؤية.
- يشكل الموقف الذي أعلنه باراك تعبيرا غير مسبوق في الاعتراف بمحدودية القدرات الإسرائيلية، وفي تغيير نظرتها الى نفسها. ولعل تعبير باراك بأن الطرف الآخر اكتشف نقطة الضعف لدينا، الجبهة الداخلية، أبلغ إقرار بفعالية ونجاح استراتيجية حزب الله وسائر فصائل المقاومة في تبنيها خيار القصف الصاروخي للعمق الاسرائيلي ردا على اعتداءاته. ولا يخفى ان التركيز على هذا الخيار من قبل المقاومة ناتج عن الحاجة الى الضغط على نقاط ضعف العدو لتدفيعه أثمان اعتداءاته والحد منها في ظل تفوقه الاستراتيجي.
- ويحضرنا في هذا السياق ما تضمنه تقرير "فينوغراد" في هذا المجال في الفصل السابع عشر الفقرة (22): "ان احدى الخصائص والمزايا الاساسية والخطيرة جدا لحرب لبنان، ان شمال البلاد يرزح تحت اطلاق مكثف ومتواصل للصواريخ"، وأن هذا الواقع "حتى لو أمكن فهمه، إلا أنه عكس فشلا أساسيا وخطيرا في إدارة الحرب، وساهم بشكل مباشر في خسارة وقت حيوي وثمين، وفي عدم بلورة رد سريع وفعال على إطلاق الصواريخ تجاه الجبهة الداخلية".
- في الوقت الذي أقر فيه باراك بحقيقة عجز "إسرائيل" عن حماية جبهتها الداخلية خلال أي حرب تنشب في المنطقة، فإن ربطه بين منع الحرب وانكشاف جبهتها الداخلية امام القدرات الصاروخية لحزب الله، يعني في ما يعنيه ان "اسرائيل" لو كانت قادرة لشنت حربها، وأن الأصل لديها هو شن الحرب، الا في حال وجود ما يردعها. ولعل أهم ما يحضرنا في هذا السياق هو اعلان سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن قدرة حزب الله على استهداف أي نقطة في "اسرائيل"، اضافة الى التقارير الاسرائيلية نفسها التي تشير الى امتلاك حزب الله صواريخ يصل مداها الى (300) كلم، وصواريخ دقيقة الإصابة ذات قدرات تدميرية هائلة.
- لعل من أهم ما تنطوي عليه المواقف التي أطلقها باراك بخصوص ضرورة تجنب نشوب حرب بسبب انكشاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية، أنها تنطوي على إقرار ضمني بحقيقتين أساسيتين: الأولى أن "إسرائيل" لا تملك في الوقت الحالي منظومة اعتراض صاروخية فعالة لحماية الجبهة الداخلية في مواجهة صواريخ حزب الله.. والثانية أن "إسرائيل" غير مستعدة لتحمل أثمان الاقتحام البري الذي يُمكِّنها من الوصول إلى مصادر إطلاق الصواريخ لإسكاتها.
لكن هل يعني ذلك ان "اسرائيل" لن تشن حربا الآن او في المستقبل المنظور؟
بالتأكيد لا يمكن الركون الى استنتاج كهذا، لأنه يمكن للإدارة الاميركية ان تطلب وتفرض على "اسرائيل" شن حرب شاملة وواسعة. أضف الى ان "اسرائيل" نفسها قد تقدر بأن مصلحتها "القومية" تتطلب حربا في مرحلة ما حتى لو كان بثمن ضرب جبهتها الداخلية، هذا الى جانب امكانية وقوعها في تقديرات خاطئة كما حصل في حرب تموز 2006.
ومن الضروري في هذا السياق تأكيد إبقاء المقاومة على جهوزيتها، لأن أي تراخٍ من قبلها سيرفع من احتمالات شن الحرب. ولعل في كلام باراك عن العلاقة السببية بين انكشاف الجبهة الداخلية أمام صواريخ حزب الله وبين منع الحرب او تأجيلها خير دليل على دور جهوزية المقاومة والحؤول دون الحرب او تأجيلها.
جهاد حيدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقاتلو حزب الله هم الذين سيدخلون
الفكرة الجديدة لدى حزب الله هي كالآتي: في الحرب الأخيرة كان جنود الجيش الإسرائيلي هم الذين دخلوا إلى لبنان, كما كان دائما، أما في الحرب المقبلة فإن مقاتلي حزب الله هم الذين سيدخلون "إسرائيل" بعملية مفاجئة تتضمن هجوما خاطفا غير متوقع. والفكرة هي انه خلال ساعات عدة يمكن أن يخترق الحدود الضيقة مئات من مقاتلين حزب الله دفعة واحدة في كل الجبهات، ومفاجأة السكان والمؤسسة الأمنية، واحتلال مناطق ومستوطنات, واحتجاز رهائن.. يمكن حدوث كل هذا في يوم واحد. وهذا دمج بين عملية إرهابية محدودة وحرب, مئات العمليات الإرهابية في آن واحد، ليست حربا إرهابية، بل إرهاب حربي.
المصدر: موقع إلكتروني خاص بالكاتب غابي بخور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجبهة الشرقية
ابدأوا بترديد مصطلح "الجبهة الشرقية"، ذات مرة كانت هناك "جبهة (أمامية)، وكانت هناك جبهة داخلية".. أما الآن فقد انقلب الوضع، والجبهة الأمامية ستكون في الحرب القادمة اكثر أمانا من العمق الداخلي.. في حرب الخليج الاولى (عام 1991) فر الجميع الى إيلات، هذا الامر لن يسعفهم بشيء هذه المرة. الصواريخ طويلة المدى وشديدة القوة ودقيقة بحيث يمكنها ان تصل الى اي مكان.. لن يكون هناك مكان في الواقع يفرون اليه.. مطار بن غوريون سيشل وتل أبيب ستتلقى ضربة مدمرة مثل بيروت ودمشق.. فما العمل؟ الاستعداد للحرب القادمة.. ربما عموماً يجدر بنا منع هذه الحرب.
"معاريف"/ بن كسبيت/ 2/5/2008.
الانتقاد/ العدد1266 ـ 9 ايار/ مايو 2008