ارشيف من : 2005-2008
"زيارة" الحريري الى بيروت: تطويق استدارة جنبلاط وعرقلة مبادرة بري الحوارية
لا مؤشرات توحي بإمكانية حصول انفراج للأزمة السياسية قبل الموعد الثامن عشر لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري في الثالث عشر من شهر أيار الحالي، بسبب استمرار فريق السلطة في "مناوراته وتذاكيه وألاعيبه البهلوانية" التي أطلقت بعد "الزيارة المفاجئة" الى بيروت لرئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري الذي كان مستريحا منذ أكثر من شهرين في مقر إقامته في السعودية.
وبحسب المصادر المتابعة فإن إعادة الحريري الى الساحة السياسية في هذا التوقيت أراد من خلالها الراعيان الإقليمي والدولي لفريق السلطة، تحقيق أهداف عدة، من أبرزها:
أولا: وقف حدة اندفاعة الاستدارة السياسية التي بدأ رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط القيام بها منذ اكثر من أسبوعين، والتي جاءت بناءً على تلمسه مؤشرات اقليمية ودولية توحي ببدء الوصي الأميركي بالدخول في مرحلة البيع والشراء في المنطقة، وهو يريد ان يتدارك الأمور من خلال استدارة مبكرة تحفظ له بعض المكاسب السياسية وغير السياسية. لذلك سارع الراعي الإقليمي الى اعادة الحريري ليحد من هذه الاندفاعة لجنبلاط وقطع الطريق عليه في مواصلة الاتصال السياسي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي بدا انه يؤسس لتسوية ما أزعجت الراعي الإقليمي لتيار المستقبل.. وفي هذا السياق سحب البساط من تحت جنبلاط عبر تكليف اللقاء الأخير لقادة فريق السلطة في قريطم النائب الحريري التفاوض مع الرئيس بري عبر آلية ثنائية.
ثانيا: هدفت خطوة تكليف الحريري التفاوض الثنائي مع الرئيس نبيه بري الى محاولة احداث انشقاق داخل المعارضة من خلال الإيحاء بأن التواصل مع الرئيس بري سيشكل سحبا للتفويض الذي كانت أعطته العارضة لرئيس كتلة التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون بالتفاوض الثنائي مع فريق السلطة لحل الأزمة السياسية.
وعندما سارع الحريري الى الاتصال بالرئيس بري وطلب موعدا منه لزيارته في عين التينة، أحبط الرئيس بري المخطط في مهده، حيث رفض بداية تحديد موعد للحريري، واتصل بالعماد ميشال عون مؤكدا له انه المخول التفاوض الثنائي مع فريق السلطة.
مصادر الرئاسة الثانية روت لـ"الانتقاد" ما جرى على الشكل التالي: "ان النائب سعد الحريري طلب من الرئيس بري خلال الاتصال الهاتفي تحديد موعد لزيارته على أساس انه جرى تفويضه من قادة فريق السلطة التفاوض معه على جدول أعمال الحوار، لكن الرئيس بري رفض تحديد موعد له على هذا الأساس، باعتبار أن المخول للتفاوض الثنائي من جانب المعارضة هو العماد عون.. لكن عندما أعلن الحريري بعد لقائه رئيس الحكومة اللاشرعية فؤاد السنيورة مساء الثلاثاء في السراي أنه يريد لقاء الرئيس بري كرئيس لكتلة المستقبل النيابية، هنا تقول المصادر انتفت المشكلة، وأكدت ان أبواب عين التينة مفتوحة لأي شخصية سياسية قيادية في البلاد، وبالتالي لا مانع من لقاء الحريري في هذا السياق.
وتؤكد المصادر ان معادلة الحوار هي إما حوار ثنائي مع العماد عون او طاولة الحوار التي دعا اليها الرئيس بري في مجلس النواب، حيث يجري بحث قانون الانتخاب وحكومة الوحدة الوطنية. وعند الاتفاق يجري النزول من الطبقة الثالثة في المجلس حيث طاولة الحوار الى القاعة العامة للمجلس لانتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان.
هلال السلمان
اطلاق عمل اللجان يفضح الغياب الكامل لفريق السلطة
شن فريق السلطة حملة شعواء على رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ أشهر طويلة بزعم انه يقفل مجلس النواب، فكان ان بادر الأسبوع الماضي الى عدم تأجيل الجلسة الرئاسية بشكل تلقائي، بل فتح القاعة العامة لحضور النواب، فلم يحضر من نواب السلطة اكثر من أربعين نائبا، فيما بلغ عدد نواب المعارضة تسعة وأربعين حضروا الى مقر المجلس النيابي، فانكشف حينها ان هذه الحملة ليست إلا لذر الرماد في العيون لتغطية رفض السلة المتكاملة للحل وإبقاء الفراغ الرئاسي، وما الضير في ذلك ما دام الرئيس فؤاد السنيورة مرضيا عنه أميركيا ويقوم بما يطلب منه؟!
وكان الرئيس بري أيضا سمع ضمن هذه الحملة شكوى من غياب عمل اللجان النيابية وإلغاء لقاء الأربعاء النيابي، فبادر الى "لحاقهم الى باب دارهم"، وأوعز الى الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر بجمع أمناء سر اللجان النيابية لإعادة تنشيط عمل اللجان، على ان يمثل الإدارات الرسمية في الاجتماعات مدراء عامون وليس وزراء الحكومة غير الشرعية. وبناءً عليه وُجهت الدعوة الى اللجان النيابية للانعقاد ودرس قضايا مهمة. وكانت الجلسة الأولى أمس الاول الأربعاء للجنة حقوق الإنسان برئاسة النائب ميشال موسى لبحث قضية السجون, فكانت المفاجأة ان جميع نواب المعارضة في اللجنة حضروا الجلسة ولم يحضر أي نائب من فريق السلطة! حتى ان هؤلاء لم يحضروا الى مكاتبهم في مقر المجلس، فانكشف أمرهم مجددا.. وبرروا غيابهم بالدواعي الأمنية التي يستحضرونها غب الطلب، فحينا يكون الأمن مستتبا ويجولون حيث يشاؤون، وحينا آخر لا يستطيعون مغادرة غرفهم الفخمة في الفنادق التي ينزلون بها! والبدعة التي اخترعها نواب فريق السلطة هي طلب مشاركتهم في اجتماعات اللجان عبر الفيديو، متناسين ان اجتماعات اللجان سرية.
هذا وسيشهد الأسبوع المقبل جلسات عدة للجان النيابية التي يرأسها نواب من المعارضة، منها لجنة الاعلام التي يرأسها النائب حسن فضل الله، ولجنة الزراعة برئاسة النائب أيوب حميد, ولجنة الاقتصاد برئاسة النائب علي بزي, ولجنة الشؤون الخارجية والمغتربين برئاسة النائب عبد اللطيف الزين. بالمقابل لم يسجل أي تحرك جدي لرؤساء اللجان المنتمين لفريق السلطة.
كذلك كان الرئيس بري سمع شكوى من وقف لقاء الأربعاء النيابي منذ نحو ثلاث سنوات، وهو اللقاء الذي يجري خلاله نقاش في الأوضاع السياسية وغيرها، فعمد الى اعادة إطلاقه أمس الاول الأربعاء في عين التينة، لكن النواب الذين حضروا كانوا من أعضاء كتل المعارضة فقط.
هـ ـ س
الانتقاد/ العدد1265 ـ 2 ايار/ مايو 2008