ارشيف من : 2005-2008

«حزب الله» يبدأ تطبيق تحذير نصر الله: «اليد التي تمتد للسلاح سنقطعها»

«حزب الله» يبدأ تطبيق تحذير نصر الله: «اليد التي تمتد للسلاح سنقطعها»

كتب عماد مرمل
مرة واحدة، وخلال وقت قصير تلاحقت تباعا مجموعة من الأحداث التي تحرض ـ في تسلسلها وتوقيتها ـ على البحث عن الخيوط التي تربط بينها، باعتبار انه لا يمكن لـ«الصدفة» وحدها ان تكون «مبدعة» الى هذا الحد، فتفرز من تلقاء ذاتها الوقائع الآتية:
ـ مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش يتوقع صيفا ساخنا في لبنان.
ـ تقرير وزارة الخارجية الاميركية يصنف «حزب الله» المنظمة الارهابية الأقدر في العالم.
ـ المسؤول في الحزب الاشتراكي الفرنسي كريم باكزاد يبحث عن مشكلة في الضاحية... ويجدها.
ـ اشتباك في السعديات، على الطريق الساحلية الى الجنوب، مريب في توقيته وظروفه.
ـ اتهام حزب الله فجأة بمراقبة المدرج 17 في المطار عبر الكاميرا لرصد حركة بعض الشخصيات السياسية.
ـ إعادة تحريك ملف الشبكة الهاتفية العائدة للمقاومة.
ـ تجدد الإشكالات الأمنية المتنقلة في العاصمة.
لم يكن أمام «حزب الله»، إزاء هذا السيناريو المركب، إلا أن يشعر بأن هناك حملة منظمة تستهدفه، بإدارة «قائد أوركسترا» يوزع الأدوار و«النوتة» على أعضاء فرقته، لعل الحزب يعطي من خلال الإمساك باليد التي توجعه (أمنه المباشر) ما لم يعطه من تنازلات بالضغط السياسي التقليدي، لا سيما أن صرف النظر عن حرب إسرائيلية وشيكة على لبنان أو حرب أميركية قريبة على إيران كان يوجب البحث عن وسائل أخرى لمحاصرة حزب الله، كما تعتقد الاوساط المقربة منه، وهناك من يفترض أيضا بأن ما يجري يعبر ـ في جانب منه ـ عن رد فعل انفعالي من قبل بعض قوى الموالاة على رفض الحزب العروض التي وصلته بأكثر من طريقة لإعادة إنتاج التحالف الرباعي.
ولكن الاجواء السائدة داخل قيادة الحزب تشير الى ان الحملة أعطت مفعولا عكسيا، بعدما تقرر رد الصاع صاعين وعدم التردد او الاستحياء في مواجهة المسائل الامنية التي تثار هنا وهناك، وذلك على قاعدة ان الأوان قد حان للمباشرة في تنفيذ العبارة الشهيرة للسيد حسن نصر الله والتي جاء فيها ان «اليد التي تمتد الى سلاح المقاومة، سنقطعها»، أما كيفية ترجمة هذه المقولة، فقد تُرك تقديرها تبعا لخصوصية كل حالة وما تتطلبه من سلوك.
ولا يتردد أحد قياديي الحزب في القول في مجالسه الخاصة: كنا في السابق نداري ونصبر حرصا على عدم الزج بالمقاومة في سجالات مؤذية، ولكن بعد إمعانهم في المس بها والتطاول عليها، يكون ما كنا نريد تجنبه قد حصل، وبالتالي لم يعد هناك من مبرر للمبالغة في الحسابات، فإذا أرادوا الحوار نحن له وإذا أرادوا المواجهة لن نتهرب منها، لان أمن المقاومة خط أحمر لا مجال للنقاش حوله او المساومة عليه.
وفي إطار ترسيم حدود الممنوع، ينبه المصدر القيادي في الحزب إلى مخاطر المس بموقع المدير الحالي لجهاز أمن المطار العميد وفيق شقير، مشددا على ان شقير هو خط أحمر بالنسبة الى الطائفة الشيعية كلها، وليس لحزب الله وحده، وبالتالي فإن أي إجراء عقابي او انتقامي يتخذ بحقه سيرتب آثارا سلبية، واسعة النطاق.
ولعل أخطر ما واكب الحملة على «حزب الله» هو اللجوء الى «استخدام» بعض الجيش كجزء من «الذخيرة الهجومية»، ذلك أن تسريب المراسلات التي تمت بين وزير الدفاع الياس المر ومخابرات الجيش حول مسألة مراقبة المطار، إنما شكل سابقة خطيرة لم يحصل ان شهدت المؤسسة العسكرية مثيلا لها، الامر الذي سيترك تداعيات سلبية على المؤسسة، قد لا تظهر فورا، ولكنها ستأخذ مداها مع الوقت.
وخطورة تسريب هذه المراسلات الى بعض وسائل الاعلام لتسجيل نقاط سياسية في اللعبة الداخلية، تكمن في انها تمثل انتهاكا صارخا للسرية التي تتسم بها وثائق مديرية المخابرات في الجيش، وإذا كان لا بد من الاعلان عن معطيات معينة توجد بحوزة المؤسسة العكسرية، فقد كان من واجب الوزير المر ان يتولى شخصيا الاعلان الرسمي عن هذه المعطيات، لا تسريبها الى وزير آخر والزج بها في معمعة التجاذبات السياسية.
وفي المبدأ، فإن المراقبة الأمنية لما يجري في المطار هي ـ حسب الاصول ـ من اختصاص وزارة الداخلية حصرا، وإذا كان لا بد من التدقيق في احتمال مراقبة المدرج 17 للمطار بواسطة الكاميرا فقد كان من واجب وزارة الداخلية التصدي لهذه المهمة، لان أمن المطار يخضع لها، في حين ان دخول الوزير المر على الخط وطلبه من مخابرات الجيش مباشرة تأدية تلك المهمة، يُعد تجاوزا لزميله حسن السبع من جهة ولقائد الجيش العماد ميشال سليمان من جهة أخرى، إضافة الى ان ما جرى ألحق ضررا معنويا وسياسيا بمدير المخابرات العميد جورج خوري، أحد المرشحين لتولي قيادة الجيش بعد مغادرة سليمان لها.
ووفقا لقانون القضاء العسكري، فإن إفشاء سرية المراسلات الأمنية يوجب إحالة الفاعل الى المحاكمة العسكرية، بل حتى الضابط المتقاعد يحال الى المحاكمة في حال أفشى معلومات سرية كان قد اطلع عليها خــلال تأديـته للخدمة، كون تسريب هذا النوع من المعلومات ينطوي على انتهاك خطير لأمن الدولة.
ويخشى بعض الخبراء من ان ينعكس التسريب الذي تم لوثيقة عسكرية سلبا على عمل مخابرات الجيش في المستقبل، بما يؤدي الى تكبيلها، لأن أي ضابط قد لا يجرؤ بعد اليوم على تدوين كل ما يعرفه لأنه سيخشى من إمكان افتضاح هويته في حال تكرر التسريب.
المصدر: صحيفة السفير اللبنانية، 6/5/2008

2008-05-06