ارشيف من : 2005-2008

«ظاهرة» ابو الياس المرّ «ميشال بين ميشالين» وسياسي بين عمادين

«ظاهرة» ابو الياس المرّ «ميشال بين ميشالين» وسياسي بين عمادين

كتب محمد باقر شري
والد وزير دفاع كان صهراً سابقاً لرئيس سابق وصديقاً لعماد تنتظره الرئاسة بنفاد صبر!‏ ‏«الأكسير» الذي جعل واشنطن تبحث عن «خاتم سليمان».
‏ هل وفى «فؤاد بوش» بعدم الاسراف في استخدام الصلاحيات؟!‏ وقد رغبت عن لذة المال انفسّ وما رغبت عن لذة الامر والنهيِ‏ هذا البيت يقال في الذي قد يزهد من المال ولكنه لا يزهد في السلطة وفي ان يلعب دوراً يأمر ‏فيه وينهى.
اما «ابو الياس» الذي يحمل لقب «دولة الرئيس» رغم ان الصيغة الطائفية في ‏لبنان تحول بين ان يكون «دولة رئيس» بالفعل، وليس «دولة رئيس» من باب الترضية والتعزية ‏عن عدم تمكنه من ان يصبح واحداً من الرؤساء الثلاثة: احدهم يحمل صفة الفخامة والاثنان ‏الآخران يشتركان في حمل صفة «صاحب الدولة» ولكن اذا تعذر عليه ان يكون رئيساً، فلماذا لا ‏يوظف مواهبه الاحترافية في السياسة بحيث يصبح له حصة او دور في «صنع الرؤساء» سواء على ‏صعيد السلطة التشريعية او على صعيد السلطة التنفيذية.
وهو دور لا يعطى بموجب مرسوم او ‏منحة، بل يؤخذ ولا يعطى، وينتزعه «السياسي المحترف» بجهده وعرق جبينه وكدّ ذراعه!‏ و«ابو الياس» بالاضافة لاى الى «هواية» الشعور بلذة المشاركة في «صنع الرؤساء» تخالط دمه، ‏وهو الذي «اسس الاساس» لهذه «الهواية» بحيث يحاول البعض ان ينسج فيها على منواله، فانه في ‏محاولة تفكيك «عقدة» التباطؤ في انتخاب «المرشح التوافقي» العماد ميشال سليمان يبدو ‏‏«دولة الرئيس» ميشال المر «مشدوداً» الى جاذبية خفية للتعاطي بشكل خاص في الموضوع ‏الرئاسي الاول الحالي، اكثر من موضوعي الرئاستين الاخريين: رئاسة مجلس النواب ورئاسة ‏الحكومة، اكثر من اي وقت مضى.
‏وهذا الانجذاب الخاص الى محاولة الاسهام في انجاز «الاستحقاق السياسي الاول» موصول بما سبق ان ‏شغله شخصياً في وزارتي الدفاع والداخلية، وان كان يفضل تولي الداخلية على الدفاع رغم ‏انه تولى الدفاع قبل الداخلية، اما سبب تفضيله تولي الداخلية على تولي الدفاع، فلان ‏الداخلية كما سبق ان وصفها احد الذين شغلواها قبله وهو وصف صائب وصحيح عندما قال: ‏ان وزير الداخلية هو «حاكم لبنان الاداري»، اما وزارة الدفاع التي يتولاها نجله الياس ‏سبق له هو ان تولى مسؤولياتها قبل الياس بسنوات، حتى كاد الاب والابن يكونان من حيث ‏التعاطي مع «سكان» و«اهل» وزارة الدفاع التي يحلو للبعض ان يطلق على مبناها اسم ‏‏«البانتاغون اللبناني» وكأن الياس وابو الياس هما من «اهل البيت العسكري».
‏ وحتى عندما كان الياس وزيراً للداخلية، فان «ارث» التعاطي مع وزارة الدفاع وقيادة ‏الجيش، قد حصل «المر الابن» وليس «الابن المر» بمثابة «رقبة جسر» بين الحياة المدنية و«الحياة ‏النظامية».
ومثلما اصبح وضع ابو الياس «ميشالا» بين «ميشالين عمادين»هما: العماد ميشال ‏عون والعماد ميشال سليمان، فان الياس كان واقعاً هو الآخر بين عمادين: احدهما عمه ‏السابق والد زوجته وجدّ اولاده، وهو لا يزال موصولاً رحمياً.
واسرياً - ان لم يكن سياسياً - ‏مع «الاميلين لحود» الآب والابن وهو موصول «منصبياً» بالمرشح الرئاسي التوافقي العماد ‏سليمان الذي يكّن ودّاً خاصاً للياس ميشال المر وزير الدفاع في الحكومة «الفاقدة للشرعية ‏على لسان اهل المعارضة» و«الشرعية المنتخبة ديموقراطياً» على لسان «اهل الموالاة» واهل ‏البيت الابيض! وسيظل اولاد الياس هم صلة الوصل «الاجبارية بين ابو الياس جدهما لابيهما، ‏و«اميل ابو اميل» جدهما لأمهما!‏ ولدينا شعور نحسه بالفراسة - ونقوله على ذمتنا ومسؤوليتنا، ودون الاستناد الى اي ‏معلومات موثقة مع الافتقار الى اي دليل حسيّ ملموس لانبائه، سوى الحدس والاستنتاج - ان ‏وزير الدفاع الحالي الاستاذ الياس ميشال المر قد لعب دوراً في جعل الدوائر الاميركية المهتمة ‏مباشرة بالشأن اللبناني في واشنطن غير معترضة - ولو في الظاهر على الاقل - على طرح اسم ‏قائد الجيش كمرشح رئاسي توافقي - وان كان اتصاله بالاميركيين في البداية قد تم عن طريق ‏ميشال المر الاب - ولعل من بين الاسباب الرئيسية الموجبة لـ«تسويقه» اسم قائد الجيش ‏اميركياً للرئاسة - رغم المجاهرة «السليمانية» بالموقف الايجابي الصادق من المقاومة - ان ‏مجرد كون قائد الجيش متمتعاً بسمعة طيبة «وشعبية» في صفوف ضباط ورتباء وافراد المؤسسة ‏العسكرية النظامية الى جانب منقولية لدى الرأي العام، مما يجعله لدى «الطاقم» الاميركي ‏الموكل اليه الاهتمام بالملف اللبناني والشرق اوسطي، مؤهلاً - اكثر من اي مرشح رئاسي ‏آخر، كان مطروحاً سابقا قبله - للتصدي «للارهاب» الذي هو بالمفهوم السليماني.
محصور ‏بالتنظيمات الارهابية الحققية التي تبيح لنفسها قتل النساء والاطفال وسائر المدنيين، ‏وتتكلم بلغة طائفية مذهبية فتنوية، اما بالمفهوم الاميركي، فان الارهاب يعني بالدرجة ‏الاولى المقاومة واعتبار اي نشاط يقاوم للاحتلال بنوعية الاميركي والاسرائيلي ولو اقتصرت ‏المقاومة فيه على الموقف والكلمة، فانه مرفوض ومرشح لان يتعرض للمحاربة والقمع لدرجة ‏افكار خفية في الوجود! وهذه التهمة الرخيصة لكل مقاوم بانها «ارهاب» موصولة «بفزاعة» ‏‏11 ايلول عام 2001، التي تحولت الى ذريعة ومبرر لاستباحة كل ما تحرّمه الشرائع السماوية ‏الالهية والارضية الوضعية، بحيث لو كان مؤسس الولايات المتحدة الرئيس جورج واشنطن حياً ‏وأرد ان يستعيد امام بوش شريط ذكرياته عن حرب التحرير التي خاضها ضد الاحتلال لهمّ بوش لا ‏شعورياً، ومراعاة لمأزقه الشخصي المتمثل باحتلاله للعراق ومداراة لاقدام الاحتلال ‏الاسرائيلي على ارتكاب فظائعه وجرائمه في فلسطين، بالقاء القبض على جورج واشنطن وربما ‏اطلاق الرصاص عليه دون محاكمة او تسليمه لآلات التعذيب المتقدمة تكنولوجيا التي تجري تجاربها ‏على المعتقلين في غوانتاناموا وابو غريب او في السجون الاميركية الرهيبة النقالة التي «حطت ‏الرحال» في بلدان اوروبا الشرقية، على اعتبار انها «تعوّدت» قبل انهيار النظام ‏السوفياتي والمنظومة التي كانت تصفها اميركا بالتوتاليتارية، فارادت ان تستفيد من تجارب ‏تلك الانظمة في التعذيب ولان «المناخ» في تلك الدول سهل فيه «ممارسة» اساليب التعذيب حتى ‏الموت، بصورة ديموقراطية، الامر الذي لا يمكن ممارسته داخل اميركا او داخل بلدان المجموعة ‏الاوروبية التي لا تزال تحتفظ «بورقة التين» الديموقراطية، ناهيك عن اعادة تأهيل السجون ‏العراقية بعد نهاية صدام الذي ذاق على ايدي المحتلين ما كان يذيقه للذين كان يراهم خطرا ‏على سلطته التي كان يتصرف بموجبها وكأنها سلطة ابدية، او انه قد كتب له البقاء دون ان ‏ينتقل الى «دار البقاء» وقد اضاف الاحتلال الى سجون صدام «الاصلاحات» التي يقتضيها «عصر ‏الاحتلال الديموقراطي الزاهر» بحيث تصبح صالحة لاجراء اختبارات التعذيب المتقدمة تكنولوجيا ‏والتي لم يهتدِ الى مثلها صدام او «جد جد صدام»، الحجاج ابن يوسف الثقفي، ومع ذلك فان ‏نهاية صدام على ايدي المحتل، شكلت مزيداً من الاذلال لكل القيادات العربية التي تلبستها ‏الروح «الوجاجية» التي يقال بانها «تفرح بعزاء غيرها» دون ان تدرك ان سكين الذباح نفسه ‏سوف تكون في انتظارها!‏ ولكي لا تأخذنا علاقة المر الاب بـ«المرشح التوافقي» العماد سليمان - علماً ان علاقته به ‏هي علاقة يمكن القول انها «مهنية» والتي يفرضها بالدرجة الاولى كونه وزيرا للدفاع، ولا بد ‏ان تكن علاقة تنسيق وتفاهم، لان «الديسبلين» العسكري وتقاليد المؤسسة النظامية لا تترك ‏مجالا لخلافات او صراعات قد تؤثر على مصير ما اصطلح اللبنانيون على اعتباره «درع الوطن» ‏‏«حامي الوحدة الوطنية»، وهو «الصامت الاكبر» والجيش الوطني، ولا بد ان تكون علاقة وزير ‏الدفاع الحالي بالاوساط الاميركية وخاصة دوائر البنتاغون وتوابعها، منزهة عن كل غرض، ‏ودون ان تتدخل هذه الدوائر الاجنبية التي تنتمي الى دولة لها طموحات امبراطورية عالمية ‏تتسم بالتسلط والهيمنة، وقد بلونا مؤخراً «اللهجة الاستكبارية» والتجبر والتسلط على ‏ألسنة موفديها، الذين «طلقوا الحياء» ولن نقول انهم اتسموا بالوقاحة، وكان الساكتون ‏عليهم ممن يتباهون بانهم اصدقاؤهم المحليون قد سبقوهم الى التخلي عن «صفة الحياء» ‏الحضارية، و«مطلّقوا الحياء» طلاقاً خلعياً لا رجعة فيه ولا عودة عنه، ولكي لا يأخذنا كل ذلك ‏الى «دهاليز» التصور الاميركي لما يجب ان يكون عليه الوضع في لبنان.
‏ ونعود الى ظاهرة المر الاب دولة «الرئيس» ميشال المر الذي كان منذ عهود سابقة عايشها ‏وتولى خلالها مناصب حكومية فاعلة، وصلت درجة اقامة علاقات «بزنس» وتوظيفات مالية مع ‏الاتحاد السوفياتي في عهده الشيوعي، ولم تحل الشيوعية التي تتنافى «كعقيدة» مع وفرة المال ‏عند الافراد، ورغم ان ارثوذكسية الشعب الروسي لم تكن لها انعكاساتها على السياسة ‏السوفياتية على الساحة اللبنانية، ولكن مجرد شعور ارثوذكسي مشروع وغير معلن لدى ابو ‏الياس، قد تجلت في اظهار غيرته على مصير المنصب الاول الماروني، ولدرجة ان «صقور الموارنة» ‏بدوا في نظره مقصرين في «الكفاح الواجب» من اجل ضمان مارونية هذا المنصب واسترداده من ‏‏«براثن السنيورة» ذات الاظافر والمخالب الاميركية، ان لم تكن «مطعمّة» بسموم صهيونية، ‏والتي يحاول السنيورة اخفاء طابعها بغطاء من «المانيكرا» والتي يحاول عبثاً «شراء» مظلة ‏لها بزيارة مصطنعة يتبعها «غداء او عشاء اخير» يجود به عليه غبطة البطريرك ببركته التي ‏تمنع وتمنح لا بخلاً ولا كرماً، بل على درب المسيح الذي اوصى معتنقي تعاليمه بان يحسنوا الى من ‏اساء اليهم، ولن نكمل بالقول «وباركوا لاعنيكم» او سارقي صلاحيات رئيسكم «الكاملة ‏الاوصاف» وقد اعلن من «عقر دار بكركي» بعد ان تناول «الغداء الرسولي» بانه لن يمارس ‏صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني ولكنه يتسامح كرامة للبطريرك واعداً بعدم «الاسراف» في ‏استخدام هذه الصلاحيات «المشروعة» في وقت يصرخ الدستور في وجهه بان اصل وجودك في رئاسة ‏الحكومة اعتداء يومي مستمر على الدستور! ولكن السنيورة من منطلق «العفو عند المقدرة» ‏وعد غبطة البطريرك بعدم «الاسراف» في استخدام الصلاحيات التي هي حق مكتسب له كامل ‏الاوصاف، مما يذكرنا ببعض طواغيت الكيان الغاصب في «فلسطين المحتلة» عندما يعدون بعدم ‏الاسراف في استخدام العنف رغم ان من حقهم ان يفعلوا ذلك، كما يصرح بوش!‏ ورأينا كيف المستظل بغيره يوحي ويوهم انه جيّارُ!‏ ولكنها سلطة مستعارة ومستقرضة من وراء البحار والصحاري وهي ستكتشف انها اوهى من بيت ‏العنكبوت.
لا بد ان يعري وان طال المدى في الناس موهوب الثياب معارُ!
المصدر: صحيفة الديار اللبنانية، 25/4/2008

2008-04-25