ارشيف من : 2005-2008
سليمان لـ«السفير»: لن أنتظر الرئاسة أكثر وسأغادر القيادة في 21 آب
ألقى قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان قنبلة سياسية شديدة الانفجار بوجه الأطراف السياسية في لبنان كما في وجه أصحاب المبادرة العربية، حين أكد في لقاء مع «السفير» أنه سئم من التجاذب المستمر حول اسمه كمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية، وقال إنه بدأ يستشعر نوعا من المس بكرامته نتيجة تعليق هذا الأمر على توافق داخلي يزداد صعوبة يوما بعد يوم وتوافق عربي يقارب المستحيل.
وأكد العماد سليمان لـ«السفير» أنه لن ينتظر حتى اليوم الأخير من خدمته العسكرية وإحالته من ثم إلى التقاعد في 21 تشرين الثاني, 2008 بل قرر الانسحاب مستفيدا من مأذونياته في موعد أقصاه الحادي والعشرون من آب المقبل.
وكشف قائد الجيش أنه أبلغ المجلس العسكري مؤخرا قراره النهائي الذي لا عودة عنه بالذهاب الى بيته اعتبارا من الحادي والعشرين من آب المقبل، تاريخ استفادته من الحد الأقصى للمأذونيات المتراكمة (شهر عن كل سنة لمدة ثلاث سنوات).
وقال العماد سليمان إن بعض الجهات الدبلوماسية العربية والأجنبية وبعض المهتمين لبنانيا سألوه رأيه عن موضوع إحالته على التقاعد في تشرين الثاني المقبل وإنه قدم إليهم الجواب نفسه. وأشار الى أن البعض «حاول تقديم اجتهادات مختلفة حول كيفية التحايل على الموضوع قانونيا من أجل بقائي على رأس المؤسسة العسكرية، وكان الجواب حاسما بأن لا رغبة لديّ أبدا في أي نوع من التمديد، فقد قمت بدوري على أكمل وجه وأنا حافظت على وحدة المؤسسة العسكرية في أصعب الظروف، وقد نجح الجيش في مقاومة الاحتلال ومواجهة الإرهاب كما بحماية السلم الأهلي والاستقرار ولن نفرط بهذه الإنجازات».
وتنص المادة 19 من قانون الدفاع الوطني المتعلقة بتعيين قائد الجيش على الآتي: يعين قائد الجيش من بين الضباط المجازين بالأركان الذين لم يسبق أن وضعوا في الاحتياط بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الدفاع الوطني.
ويعني نص المادة أنه لن يكون بمقدور وزير الدفاع إعادة تسمية سليمان بعد إحالته على التقاعد ووضعه في الاحتياط، علما أن هناك اجتهادات أخرى تستند الى مواد أخرى لتبرير إمكان إعادة التسمية، لكن قائد الجيش قال «مهما كانت الاجتهادات، فإن أحدا لا يستطيع إلزامي بأي نص ما دام سن التقاعد القانوني واضحا وضوح الشمس».
وحول تداعيات هذه الخطوة على المؤسسة العسكرية أولاً وعلى مسألة ترشيحه لرئاسة الجمهورية ثانيا، قال قائد الجيش إنه سعى بكل ما أوتي من إمكانات من أجل الحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية، باعتبارها الضامن للوحدة الوطنية «وأنا كنت أردد دائما أنني مستعد لاتخاذ أي قرار حتى لو كان في غير مصلحتي وربما في غير مصلحة المؤسسة العسكرية إذا كان يصب في خانة تأمين وتحصين الوحدة الوطنية، وأعتقد أنني بقراري هذا إنما أسعى إلى تحميل الجميع مسؤولياتهم وأن يدركوا أن استمرار الأمور على ما هي عليه إنما يؤدي إلى استنزاف الجيش يوميا كما استنزاف اللبنانيين الذين تعبوا من السياسة والسياسيين فضلا عن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يئنون تحت وطأتها».
«أما في موضوع التوافق عليّ لرئاسة الجمهورية ـ تابع العماد سليمان ـ فأنا كنت قبلت بذلك وما زلت على قاعدة استعدادي لخدمة بلدي وتوفير حل لمصلحة الجميع، لكن إذا كان انتهاء ولايتي على رأس المؤسسة العسكرية من شأنه تسهيل التوافق على مرشح توافقي بديل، فأنا لن أكون عقبة أبدا، بل سأسعى بكل إمكاناتي لدعم أي جهد لتوفير حل لمصلحة كل اللبنانيين».
ورداً على سؤال قال قائد الجيش إنه لا يرى مانعا في اعتماد قانون العام 1960 الانتخابي،
وأوضح أنه لا يجوز التعامل مع اللبنانيين ككتل و«بلوكات» مقفلة لمصلحة هذا الزعيم الطائفي أو ذاك، فمن حق كل لبناني أن تكون هناك خيارات عدة أمامه، وخاصة الخيارات الوطنية التي تضع دائما مصلحة لبنان فوق أي اعتبار».
ورداً على سؤال، قال العماد سليمان لـ«السفير» إننا فوّتنا كلبنانيين فرصة تاريخية للاستفادة من زخم مجموعة من الأحداث الكبرى في تاريخنا الوطني الحديث، بدءا بالتحرير في العام ألفين مرورا بتظاهرات آذار 2005 وصـــولا إلى انتصارنا في «حرب تموز» ومن ثم في مواجهة الإرهـــاب في مخيم نهر البارد». وقال «لو أن بلدا ثانيا واجه نوعا كهـــذا من الأحداث لكان أحسن استثمارها بالمزيد من تثبـيت عناصر المناعة الوطنية ولكن للأسف كنا دائما ننزلق نحو المزيد من الشرذمة والانقسام الداخلي».
وردا على سؤال، استبعد قائد الجيش احتمال قيام إسرائيل بحرب عدوانية جديدة ضد لبنان، وقال إن إسرائيل لم تهضم بعد نتائج «حرب تموز»، وهي ستفكر كثيرا قبل أن تقدم على مغامرة جديدة، لأنها تريد حربا مضمونة النتائج وإلا ستكون نتائجها وخيمة عليها.
وأكد سليمان أن الجيش سيقف جنبا إلى جنب مع المقاومة في حال تعرض لبنان لعدوان إسرائيلي، وقال «العدوان لن يكون نزهة ربيعية كما يتصور الإسرائيليون»، وأكد أن الجيش في الجنوب لن يتراجع أمام أي تهديد.
وفي موضوع استمرار ترشيحه لرئاسة الجمهورية والنقاش الجاري حول موضوع الحكومة وقانون الانتخاب قال سليمان «ليس علينا كلبنانيين سوى الصمود والهدوء لا أكثر ولا أقل».
وقال سليمان «إذا رشحني طرف اعترض طرف آخر وإذا دعمت ترشيحي دول اعترضت دول أخرى بالصمت أو بالتشكيك، وكلما كنا نتقدم خطوة، وجدنا أنفسنا ننـــزلق نحو المزيد من الخطوات المطلوبة بحيث أصبح الوصول إلى انتـــخاب رئيس الجمهورية يحتاج الى اجتياز جـــبال من الشـــروط والشروط المضادة التي يبدو أنها لن تقف عند حد معين، وكل ذلك على حساب شغور موقع الرئاسة».
ورداً على سؤال حول ما يطلق من دعوات من أجل قيام الجيش بانقلاب أبيض ما دام الجميع متفقا عليه كمرشح لرئاسة الجمهورية، قال سليمان إن لبنان «ليس بلد الانقلابات والثورات بل بلد التوافق والتسويات النموذجية على قاعدة صيانة عيشه المشترك ووحدته الوطنية وصداقاته العربية والدولية وخاصة مع الشقيقة سوريا وسائر الدول العربية».
ورفض حديث البعض في الداخل والخارج عن صيف ساخن وحذّر من محاولات لاستهداف موسم السياحة والاصطياف، وقال «لو كان عندنا استقرار لكنّا استفدنا من الاستثمارات الخليجية بنتيجة الفورة النفطية الراهنة».
المصدر: صحيفة السفير اللبنانية، 3 نيسان/أبريل 2008