ارشيف من : 2005-2008

محاولة 14آذار فتح المجلس أمام الحكومة تجعل عين التينة... «حمراء»

محاولة 14آذار فتح المجلس أمام الحكومة تجعل عين التينة... «حمراء»

المجلس واختزاله، ومؤكدة أنها ستعمل على إطلاق سراح العمل البرلماني من أسره، فيما يتمسك بري بموقفه المبدئي والمتمثل في رفض فتح أبواب البرلمان أمام حكومة بتراء، تفتقر الى الشرعية والميثاقية.‏

ولئن كانت قوى الموالاة قد اتخذت من موعد بدء العقد العادي لمجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي «إشارة انطلاق» للهجوم المتجدد على عين التينة مستخدمة أدبيات سياسية «مستنسخة»، إلا أن رئيس المجلس يبدو غير معني بكل هذا الضغط السياسي والمعنوي الذي يُمارس عليه، على قاعدة ان «العقد السياسي» الذي يتيح تشكيل حكومة وحدة وطنية هو وحده الذي يفتح أبواب المجلس أمام الحكومة وليس «العقد العادي» الذي ينظم عمل المجلس في الحالات العادية والطبيعية.‏

ومع فتح معركة جانبية جديدة ضد رئيس المجلس، تضاف إلى الجبهات الأخرى المستحدثة والتي تمتد من ملف ترميم الوضع الحكومي إلى الجدل حول الموقف من القمة العربية في دمشق وما بينهما... يتبين أن الساحة الداخلية تستغرق أكثر فأكثر في «حرب استنزاف» تملأ بضجيجها الفراغ الناتج عن فشل مبادرات التسوية وتقود إلى التلهي بنتائج الأزمة السياسية، في انتظار أن ينضج الظرف الملائم الذي يتيح معالجة أسبابها العميقة المتصلة بتركيبة السلطة المقبلة وخياراتها الإستراتيجية.‏

ولكن ما يُخشى منه هو أن يؤدي الإفراط في ارتكاب «الفاولات» في «الوقت الضائع» الى الانزلاق نحو تغيير قواعد اللعبة وإفلات زمامها من أيدي الفريقين، وخصوصا في ظل غياب الحَكم الذي يمكن الركون إليه في تنظيم المواجهة، وهو غياب كان قد جرى تعويضه بتفاهم ضمني أشرف عليه الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عند حصول الشغور الرئاسي، و كان يقضي بان تلتزم المعارضة الهدوء مقابل ان تكتفي حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بممارسة مهامها ضمن الحدود الضيقة لتصريف الاعمال.‏

والى ان يخضع هذا التفاهم الضمني لـ«الصيانة» مجددا، إذا كان ذلك متاحا، فان قوى الموالاة تتجه نحو زيادة جرعات الضغط على الرئيس بري لإحراجه سياسيا وتسجيل ما أمكن من النقاط عليه، ما دام من المستحيل إلزامه بفتح أبواب المجلس قسرا، ولاسيما ان من يعرف بري يدرك انه كلما قست الحملات عليه كلما عاد الحنين به الى الأيام التي كان متفرغا فيها لقيادة حركة «أمل».‏

ولكن أوساطا بارزة في تيار «المستقبل»، تحمّل بري شخصيا المسؤولية عن إشعال النار في حطب السجال المتجدد، «الامر الذي دفع الامانة العامة لقوى 14آذار الى إصدار بيان صريح، حدد بدقة مكامن الخلل في السلوك المجلسي لبري».‏

وحسب الاوساط، فان الاجتماع الذي عُقد بين رئيس مجلس النواب والنائبين أيمن شقير وسيرج طور سركيسيان لم يكن مثمرا بسبب رفض الاول الاستجابة لمطلب «الاكثرية» بإعادة الاعتبار الى دور البرلمان، «إنما جرى الاتفاق على ان يعطي الطرفان انطباعا إيجابيا حول محتوى اللقاء وان يلتزما التهدئة وعدم التصعيد، ولكن ما حصل ان بري لجأ في اليوم التالي الى تسريب أجواء لصحيفة «السفير» مفادها انه لن يستقبل في المجلس حكومة بتراء، غير شرعية وغير دستورية، الامر الذي اعتبرته قوى «الاكثرية» خرقا من قبله للاتفاق على التهدئة، استوجب الرد عليه حتى لا يظهر وكأن رئيس المجلس هو الحمل الوديع والموالاة هي المسؤولة عن التعطيل».‏

ووفقا للاوساط إياها في «تيار المستقبل» فان الرئيس بري يحاول ان يتصرف وكأن إقفال المجلس أصبح عادة يجب ان يتآلف معها الآخرون، لافتة الانتباه على سبيل المثال الى انه لم يعد يستقبل النواب إلا في مقر إقامته في عين التينة وليس في مكتبه مقر المجلس، ومستغربة ان يتهم بري خصومه بالاستئثار بينما هو يمارسه فعليا من دون ان يرف له جفن.‏

وتحذر إحدى شخصيات «الاكثرية» من انه في حال استمر بري في إقفال المجلس وجرى التأكد من انه ليس بوارد فتحه قريبا، فان فريق 14 آذار سيدرس خيارات عدة للرد واعادة النهوض بالعمل البرلماني، ومن بينها:‏

ـ البحث من جديد في إمكانية ان يمارس نائب رئيس المجلس فريد مكاري دوره بالإنابة عن بري، استنادا الى ان هناك حالة من حالات التعذر المنصوص عليها في النظام الداخلي للمجلس والتي تنطبق على وضع بري حاليا غير القادر على ممارسة مسؤولياته.‏

ـ احتمال ان تتداعى هيئة مكتب المجلس الى الاجتماع تلقائيا، بمعزل عن موقف بري.‏

في المقابل، ترى مصادر مقربة من الرئيس بري ان ما أثارته قوى 14آذار في بيانها ليس سوى كلام ممجوج ومكرر ومردود على أصحابه، مشددة على ان واضعي البيان يعرفون في قرارة أنفسهم ان رئيس مجلس النواب يمارس صلاحياته في الحفاظ على الدستور والنظام الداخلي للمجلس «وهو يقول على رأس السطح ومن دون خجل ان المجلس مقفل في وجه هذه الحكومة غير الشرعية وغير الميثاقية وان المجلس الشرعي لا يدخله إلا من هو شرعي، ونقطة على السطر».‏

وإذ تشير المصادر الى ان الفقرة «ي» في مقدمة الدستور واضحة في تأكيدها ان لا شرعية لاي سلطة تناقض العيش المشترك وبالتالي لا تحتاج الى أي تفسير... ترى ان ما يزعج الموالاة هو ان الرئيس بري استطاع من خلال تقيده بأحكام الدستور وروح الميثاق الوطني تعطيل منهجية عملها والعديد من التزاماتها، «أما التلويح بإمكانية اللجوء الى خطوات تصعيدية لوضع اليد على صلاحيات رئيس المجلس تحت شعار انه يتعذر عليه القيام بمهامه فهو ينطوي على مخالفة موصوفة للدستور والاعراف، ومن يريد ان يبتدع فنونا جديدة في النشاط البرلماني عليه ان يتحمل تبعات تصرفه، علما ان أحدا لا يستطيع ان ينوب عن الرئيس بري في تحديد ما إذا كان يتعذر عليه ان يؤدي مهامه ام لا».‏

المصدر: صحيفة السفير اللبنانية ، 22 آذار 2008‏

2008-03-22