ارشيف من : 2005-2008

البقاع يحاذر فتنة "المستقبل".. وميلشياته تقطع طريق "أرزاق الناس"

البقاع يحاذر فتنة "المستقبل".. وميلشياته تقطع طريق "أرزاق الناس"

"ما حصل في البلد بالتأكيد لم يكن صراعا مذهبيا او طائفيا، وما حصل كان يجب ان يحصل منذ ما يقارب ستمئة يوم", هذا ما يقوله أحد المواطنين في البقاع تعليقاً على الأحداث الاخيرة التي شهدها لبنان.
ويضيف هذا المواطن الذي لم يرغب في ذكر اسمه: "هذه الحكومة فاقدة للشرعية، وقبل ذلك فاقدة لكل حس وطني او اخلاقي، اذ انه لم يرف لها جفن بعد نزول اكثر من نصف الشعب اللبناني مرتين مطالبين برحيلها، "اللي استحوا ماتوا".. ولكن الذين فقدوا الحياء أماتوا الناس جوعا وظلما، ولم يكتفوا بذلك بل تطاولوا على نقطة الضوء والأمل الوحيدة في عالمهم ولعلها الاخيرة، ألا هي المقاومة التي فدوها بأغلى ما يملكون, فجاء "أرعن" يبيعها ودم الشهداء بأثمان بخسة لا تتجاوز كرسيا مهترئا".
هو البقاع بما يختزن من قيم جعلته ينأى بنفسه طيلة سنوات الحرب الأهلية في لبنان, كما أن التوجه الاخلاقي نفسه هو الذي حكم أبناء البقاع وجعلهم  يتجاوزون اعتداءات ميليشيات السلطة طيلة ثلاث سنوات من قطع طرقات وتحطيم سيارات واعتداءات على مواطنين واغتيال آخرين، تجاوزها العقلاء واستوعبها انصار المعارضة ستمئة يوم، حتى ظنوا أنهم أبعدوا شبح الاقتتال والمشاكل برغم ايغال مرتزقة النظام في اعتداءاتهم على الآمنين ومغالاتهم في الدفاع عن سلطة بتراء عرجاء.
لكن مع قرار ميلشيات السلطة استهداف المقاومة، مدت اليد الى السلاح, وقطعت الطريق على العمال, وطاولت اعتداءات ميلشيات السلطة المواطنين في سعدنايل وشتورا وأوقعت عددا من الجرحى.
وجراء الحسم الصاعق في بيروت وقع أنصار المعتدين على المقاومة في صدمة كبيرة في البقاع، فباتوا يتخبطون ولا يدرون ماذا يفعلون. وبعد فترة من الهدوء سيطرت عليهم في البقاع ليل الجمعة السبت والتزامهم بتسليم مكاتبهم في أغلب قرى البقاع الى الجيش اللبناني بعد مفاوضات كان طرفها الآخر قوى المعارضة, عاد هؤلاء الميليشياويون صباح السبت الى الطرق ليقطعوها ويعيدوا ما فقدوه او خسروه في الميدان. واستعادوا أيضاً مركزهم في جب جنين والقرعون وسيطروا على طرق البقاع الاوسط (منطقة شتورا ـ بر الياس).. وقطعوا طريق المصنع باتجاه سوريا. وسمح عناصر ميليشيا المستقبل بعبور المشاة سيرا على الاقدام بعد ان يدفعوا "خوّة". وبلغ الامر حد وقوع نزاع بينهم على خلفية تقاسم "الخوّات".
أما شمالاً فقد كانت الاجواء أكثر هدوءاً، وتمكنت قوى المعارضة من تجنيب المنطقة ما كان تطمح له ميليشيات السلطة. ففي بعلبك جرت اتصالات مع حزب الله عبر وسائط فلسطينيين لتجنيب المدينة الاقتتال وذلك بعد اعتداءات قام بها عناصر من ميليشيا المستقبل ضد مواطنين حاولوا احتجازهم وأطلقوا النار عليهم، ما استدعى تدخل عائلاتهم فحصلت اشتباكات أدت الى سقوط عدد من الاصابات وانتشار قوى الجيش اللبناني في المدينة. وكاد التوتر يتحرك ليصل الى بلدة اليمونة بعد ملاحظة تحرك مسلح في تلال دير الأحمر لعناصر من القوات اللبنانية، ما استدعى من اهالي البلدة المعارضين للسلطة ان يتوجهوا الى التلال المقابلة لمنع أي اعتداء.
هذا من جهة، ومن جهة اخرى شهدت منطقة القاع ـ ساقية جوسي على الحدود الشمالية بين لبنان وسوريا، حركة انتقال كثيفة للرعايا العرب والأجانب، خصوصا الرعايا الأردنيين الذين انتقلوا من بيروت الى سوريا عبر "باصات" عن طريق عيون السيمان ـ حدث بعلبك بمواكبة أمنية مشددة سبقتها اتصالات مع الاطراف.
أمكن البقاع بوعي كبير تجاوز استفزازات قوى السلطة، لكن هذه القوى لم تكف حتى الآن عن قطع طرق أرزاق الناس، لا سيما المزارعين منهم الذين يمنعون من تصدير مزروعاتهم عبر طريق المصنع، كما منعوهم من الوصول الى حقولهم وبساتينهم.
عصام البستاني
الانتقاد/ العدد1267 ـ 16 ايار/مايو2008

2008-05-16