ارشيف من : 2005-2008
انكسر المشروع الاميركي ـ الصهيوني في لبنان: الحكومة اللاشرعية ترضخ للإرادة الشعبية فتتراجع عن القرارين المشؤومين
اخيرا وبعد ثمانية ايام تراجعت الحكومة اللاشرعية برئاسة فؤاد السنيورة عن القرارين المشؤومين اللذين اتخذتهما في ليلة ظلماء فجر السادس من ايار الحالي، وقضيا بنزع "سلاح الاشارة" لدى المقاومة الاسلامية، واقالة قائد جهاز الامن في مطار بيروت الدولي وفيق شقير، وهما قراران دفّعت الحكومة اللاشرعية لبنان ثمنا باهظا قبل ان تتراجع عنهما في الجلسة التي عقدتها مساء الاربعاء بعد حضور وفد اللجنة الوزارية العربية برئاسة رئيس الوزارء ووزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني وعضوية ثمانية وزراء عرب، والامين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وادى هذا التراجع الى حل نصف الازمة الحاصلة, وبناءً عليه انهت المعارضة عصيانها المدني وفتحت طريق المطار والمرفأ واوقفت اجراءاتها عند الحد الذي وصلت اليه دون ان تكمله. ولكن بقي لطاولة الحوار ملف الازمة السياسية المزمنة من انتخابات رئاسة الجمهورية وحكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب.
منذ بداية الازمة الحالية كانت المعارضة واضحة في انها تفصل بين ملف القرارين المشؤومين وملف الازمة السياسية، وهو ما اكده الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحفي الاسبوع الماضي, وبتراجع الحكومة اللاشرعية عن قراريها المشؤومين يكون الوضع قد سار نحو النهايات المرجوة فيما خص سلاح المقاومة.
المصادر المتابعة تؤكد ان الاجراءات العسكرية التي اقدمت عليها المعارضة في سياق رد الفعل على ما أقدمت عليه ميليشيات السلطة وفي اطار حمايتها لخط المقاومة والممانعة حققت عددا كبيرا من الاهداف الاستراتيجية والمرحلية منها:
اولا : اسقاط المشروع الاميركي الاسرائيلي في لبنان والذي جرى بناؤه منذ اصدار القرار 1559 عام الفين واربعة مرورا بجميع المؤامرات ضد المقاومة، وصولا الى القرارين المشؤومين, وهذا الاسقاط تحقق من خلال قطع اليد التي امتدت الى سلاح المقاومة. وقد ظهر العجز الاميركي والصهيوني عن التدخل المباشر لانقاذ فريق السلطة، وهو ما ازعج النائب وليد جنبلاط والنائب سعد الحريري وخصوصا ان الاخير لام "اسرائيل" كيف انها لم تتدخل فيما وصفه انتقال مجموعات حزب الله من الجنوب الى جبال الباروك.
ثانيا: فشل فريق السلطة ومن خلفه الاميركيون في ايقاع الفتنة بين المقاومة والجيش وذلك عندما وضعت الحكومة اللاشرعية قراريها المشؤومين في عهدة الجيش اللبناني لتنفيذهما, وكانت قيادة الجيش في منتهى المسؤولية والوعي عندما اعادت الكرة الى ملعب الحكومة اللاشرعية حيث ارسلت اليها كتابا رسميا بالتراجع عن القرارين، كما ان دور الجيش على الارض كان دورا وطنيا حيث وقف على الحياد ولم ينجر لدعوات اقطاب فريق السلطة للاصطدام بالمعارضة.
ثالثا: تمكنت المعارضة من انهاء ميليشيا المستقبل في بيروت في ليلة واحدة برغم الجهود المضنية في بنائها على مدى ثلاث سنوات برعاية المخابرات الاميركية وبعض الانظمة العربية والتدريب في عدد من الدول العربية, والبارز هو عدم وقوع الفتنة السنية الشيعية التي كان فريق السلطة يستخدمها كسلاح فعال لاكثر من سنتين. وبذلك تكون بيروت قد عادت الى وجهها الوطني العروبي الحقيقي والداعم للمقاومة ضد الاحتلال بعدما سعوا لحرفها عن هذا المسار والباسها زورا ثوب التأييد للمشروع الاميركي الصهيوني.
ثالثا: شكلت الضربة التي وجهتها المعارضة لميليشيا الحزب التقدمي الاشتراكي في قضاء عاليه تغييرا استراتيجيا للمعادلة في الجبل اعيد من خلالها جنبلاط الى حجمه الحقيقي بعدما كان قد تورم كثيرا ونفخ دوره كبالون جرى تنفيسه من خلال العملية الجراحية التي جرت, وبعد هذه الضربة لم يعد بمقدور جنبلاط مجرد التفكير بقطع طريق الساحل بين بيروت والجنوب ولا طريق الشام بين بيروت والبقاع, كذلك فان "الامن الذاتي" الذي مارسه جنبلاط والهيمنة السياسية لميليشياته ستؤول الى الانحسار، وهو ما سيؤدي الى بروز القوى التي كانت مقموعة ومنها تيار التوحيد برئاسة الوزير السابق وئام وهاب، الحزب الديمقراطي برئاسة الوزير السابق طلال ارسلان، والحزب القومي السوري الاجتماعي. كما ان ما جرى في الجبل قد يفتح الباب واسعا على عودة حقيقية للمهجرين المسيحيين الى الجبل، وهو ما لم يتحقق برغم مرور قرابة العشرين عاما على انتهاء الحرب الاهلية.
بكل الاحوال فان ما اقدمت عليه المعارضة شكل ضربة استباقية لما كانت ستضطر للقيام به لدى اي عدوان صهيوني جديد على لبنان لان الفريق المتآمر كان قد اعطى الوعود بالانقضاض على المقاومة لحظة حصولاي حرب جديدة، وبذلك تكون المقاومة قد باغتت هذا المشروع ودفنته في مهده للتفرغ لجهوزيتها الدفاعية في مواجهة التهديد الصهيوني الدائم.
بكل الاحوال فان "انتفاضة السابع من ايار" رسمت معادلة جديدة في لبنان يؤرخ لها بتاريخ اتخاذ الحكومة اللاشرعية قراريها المشؤومين، وقيام المقاومة بعد ذلك بقطع اليد التي امتدت الى سلاح المقاومة.
هلال السلمان
الانتقاد/ العدد1267 ـ 16 ايار/مايو2008