ارشيف من : 2005-2008
ذعر إسرائيلي من سيطرة المعارضة في لبنان
قد لا نكون بحاجة للبحث عن مدى الخيبة التي ألمت بكيان العدو جراء فشل قوى السلطة في لبنان في استدراج حزب الله والجيش اللبناني إلى مواجهة مفروضة عليهما من خلال القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء اللبناني بإحالة رئيس جهاز امن المطار العميد وفيق شقير إلى ملاك الجيش، وتفكيك ونزع سلاح الاشارة للمقاومة مع إلقاء القبض على كل من له صلة في هذا الشأن.
ولا يخفى أن العدو كان مدركا للخطأ الذي وقعت فيه السلطة اللبنانية وتمثل بتقديرها الخاطئ إزاء رد فعل حزب الله بأنه لن يبادر الى أي خطوات عملية في الرد على القرارين المذكورين. وربما يكون العدو نفسه قد تفاجأ من عدم تجاوز حزب الله للقرار العدواني الذي اتخذته السلطة هذه المرة، كما توقع الكثيرون، وقرر مواجهة ميليشيات السلطة نفسها، في عملية التفاف على الكمين الذي نصب له وللجيش، بهدف الضغط عليها من اجل التراجع عن القرارات التي اتخذتها.
لكن ما كان لافتا ومتوقعا في نفس الوقت أن "إسرائيل" اجمعت بكل تياراتها الايديولوجية ومؤسساتها السياسية والامنية والاعلامية على خطورة تداعيات ما يجري في لبنان على الأمن القومي الإسرائيلي. وساد نوع من الذهول والقلق والذعر في كافة الاوساط الاسرائيلية. وبرز ايضا تركيز اهتمام العدو على سيطرة حزب الله وبقية أطراف المعارضة على الشطر الغربي من بيروت بما يعنيه ذلك من فكاك الطوق الداخلي الذي كانت تطمح في ضربه حول المقاومة.
وشددت الاجهزة الاسرائيلية بمختلف انواعها على المعاني الكامنة في نهوض المقاومة والمعارضة للدفاع عن سلاحها وتحجيم ميليشيات السلطة في لبنان، من جهة استمرار واتساع حرية تعزيز قدراتها القتالية، برغم وجود آراء أخرى اعتبرت أن سيطرة المقاومة والمعارضة لم تنتج واقعا جديدا بقدر ما كشفت عن الواقع الذي كان مستورا إلى حد ما. وانطلقت العقول والاقلام بهدف استشراف افاق السيناريوهات المفتوحة امام الوضع في لبنان واثار كل ذلك على الكيان الاسرائيلي.
وبخصوص معادلات القوة التي لها الأولوية بنظر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية توقفت أجهزة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عند الدلالة التي يعكسها تحرك حزب الله العسكري في هذا التوقيت، ورأت أن استخدام حزب الله (لجزء يسير من قدراته)، يعكس مستوى الثقة بقدراته على مواجهة أي تدخلات دولية أو إسرائيلية محتملة في محاولة لإنقاذ قوى السلطة التي تصنف نفسها على أنها "حليفة للولايات المتحدة" في المنطقة!!.
واللافت في سياق هذه الأحداث أن الإسرائيلي كفى المراقبين عناء التحليل للتقدير إن كان سيتدخل عسكريا في التطورات التي يشهدها لبنان، حيث نقلت التقارير الإعلامية الإسرائيلية أن القرار الأساسي لرئيس الحكومة ايهود أولمرت ووزراء المجلس الوزاري المصغر وخاصة "تسيبي ليفني وايهود باراك"، بالقول ان إسرائيل لن تقوم بخطوات (عملية) تجاه الحوادث الخطيرة التي استخدم فيها حزب الله سلاحه داخل لبنان. برغم ان عددا من الوزراء اعربوا عن شعورهم بالقلق الكبير من الوضع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ضربة جديدة
اكد رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ان "اسرائيل لن تقدم على أي اجراء تجاه لبنان وستترك المجتمع الدولي يرد على ذلك وهي تتابع الامور". اما وزير الدفاع ايهود باراك فقال ان "ما يحصل في لبنان هو تطور خطير"، وان اسرائيل "تتابع وتشاهد بعين ما يحدث في قطاع غزة والعين الاخرى تتابع مع يحدث في لبنان وسوريا". وفي هذا السياق اعتبر رئيس الدولة شمعون بيريس ان ما يجري في لبنان "جزء من حلقة أكبر من سلسلة محاولات إيران السيطرة على الشرق الأوسط عبر عملاء مختلفين من بينهم حزب الله". واكد وزير المواصلات شاؤول موفاز ان "احتمال التدخل العسكري في لبنان ما يزال بعيدا".
اما الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية فقد كان لها تحليلها الخاص بالقول ان خطوة حزب الله كانت بعدما فشل حزب الله في اعادة لبنان الى ذلك الوضع (الذي كان عليه) عبر الطرق الديمقراطية ومن خلال التظاهرات السلمية، انتقل إلى القوة العسكرية مستغلا قرار حكومة السنيورة في ما يتعلق بشبكة الاتصالات وقرار اقالة رئيس امن المطار العنصر في حزب الله. وما حصل هذا الاسبوع هو ضربة جديدة لمعسكر المعتدلين في لبنان مقابل معسكر المعارضة". واعتبر نائب قائد المنطقة الشمالية خلال حرب تموز، اللواء احتياط، ايال بن رؤفين، ان "تعاظم قوة حزب الله هو من نتائج الحرب مع اسرائيل في العام 2006"، وعبر عن شعوره "بالحزن" كونه احد المشاركين في الحرب "لو كنا قمنا حينها بما كان يجب القيام به، وجعلنا من حزب الله قوة معزولة، لكنا اليوم نقف في مكان اخر".
ـــــــــــــــــــــــ
لوبراني: الغرب يخسر كل يوم موقعاً له في الشرق الأوسط
رفض اوري لوبراني، المنسق السابق للشؤون الاسرائيلية في لبنان، اي تدخل اسرائيلي في المسألة لانه تدخل سيكون ضار باسرائيل، وقال "لا يوجد شك اننا نشهد جهودا زاحفة لايران بواسطة حزب الله للسيطرة على لبنان، وهي بدأت منذ عام 1983 عندما اضطر المارينز والفرنسيون لمغادرة لبنان، حينها بدأ الزحف الايراني الى لبنان, ويجب الاشارة الى امر، ان الإيرانيين يملكون نفسا طويلا". واعتبر ما جرى انه يشكل تحديا للغرب وبالتحديد للولايات المتحدة الاميركية وللمجتمع الغربي, الذي يخسر كل موقف وكل موقع له في الشرق الاوسط".
واكد ان على الاميركيين "ان يكونوا اكثر شدة مما اظهروه، يجب اظهار شدة تجعل حزب الله والايرانيين يعتقدون بوجود خط احمر يمنع عليهم تخطيه". ودعا اسرائيل الى "الانتظار لنرى ما سيقوم به الغرب الان, واعتقد ان اسرائيل في هذا الوقت لا يجب عليها التدخل, وطبعا ليس التدخل العسكري لانه مضر".
ـــــــــــــــــــــــ
خطآن
اعتبر رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي السابق اللواء احتياط غيورا ايلاند ان الاحداث الاخيرة في لبنان هي نتاج صراع قوى داخلية، وان قدرة اسرائيل على التأثير فيها ضئيلة او غير موجودة. ولفت إلى انه "من المهم ان ندرك ان التطورات الاخيرة التي تثبت ان حزب الله عاد ليصبح اقوى قوة عسكرية وسياسية في لبنان، هي في الجملة نتاج خطأين اسرائيليين، خطأين لم ينتبه اليهما بقدر كاف لا لجنة فينوغراد ولا جهات اخرى.
تم الخطأ الاول خلال السنتين 2004- 2005، حين تبنت حكومة اسرائيل توصية وزير الخارجية آنذاك سيلفان شالوم، الذي ايد حملة اخراج السوريين من لبنان". وفسر ذلك بالقول ان نتيجة ذلك كانت ان ايران ملأت الفراغ الجزئي الذي نشأ في أعقاب إخراج السوريين، وليس جهات معتدله.
اما الخطأ الثاني فتم مع بدء حرب لبنان الثانية، عندما شخصت اسرائيل حزب الله وحده على انه عدو، ما ادى الى إبعاد امكان تحقيق النصر في الحرب. لأنه لا يمكن ان تهزم منظمة ارهابية، تعمل من داخل دولة مجاورة، وتتمتع بتأييد ورعاية تلك الدولة، والدولة نفسها (لبنان) مُحصنة في مقابل كل ضغط عسكري او سياسي. في حين كان على اسرائيل قبل الحرب او مع بدئها مباشرة، ان تفضي بالمجموعة الدولية لوضع الحكومة اللبنانية امام خيارين (اما ان تواجه حزب الله او تخريب لبنان).
يديعوت احرونوت/13/5/2008
ــــــــــــــــــــــــ
ليس العام 1982 والإنجازات تتبدد
برر المعلق العسكري في صحيفة يديعوت احرونوت، اليكس فيشمان، عدم التدخل العسكري الاسرائيلي المباشر لنجدة قوى السلطة بالقول "ان هذا العام ليس العام 1982، وليس لدينا أي نية أو رغبة في أن نتدخل. كما أن ليس لدينا أي حلفاء أقوياء في لبنان، حتى أن شيئاً لن ينفعنا". وحمل فيشمان مسؤولية السياسة الخارجية الاميركية عما وصل اليه وضع السنيورة والحريري، كونها لم توفر للأول الظهر العسكري والسياسي اللازم كي يتصدى للائتلاف الإيراني ـ السوري. وعندما بلغ الأمر لحظة اختبار القوة لم يكن الأميركيون هناك. واعتبر ان إسرائيل تنظر إلى الأزمة في لبنان بعيون تعبة، وهي ترى كيف تتبدد "الانجازات السياسية" لحرب لبنان الثانية.
ووصف معلق الشؤون العسكرية في صحيفة هآرتس عاموس هرئيل احداث بيروت بأنها تعقِّد الوضع في الجبهة الشمالية، وقد تبدد بشكل كبير أحد الإنجازات المعدودة التي تتفاخر بها حكومة أولمرت في أعقاب حرب لبنان الثانية: إبعاد حزب الله (الجزئي) من جنوب لبنان، كجزء من القرار 1701. واضاف هرئيل ايضا ان الاستخبارات العسكرية، امان، لا تتوقع في الوقت الحاضر الاحتدام في مقابل حزب الله. وشخصت الاستخبارات ان حزب الله يبدو كمن يستعيد عافيته من الصدمة التي حلت به بعد حرب صيف 2006. ولفتت امان ايضا الى انه من الواضح في الوقت الحاضر بأن حزب الله ليس قلقاً من استخدام سلاحه ضد خصومه في لبنان، عندما يكون هناك مصالح هامة تبرر ذلك.
وكشف هرئيل ان "اسرائيل مقيدة في الوقت الحاضر، من الجنوب ومن الشمال، مع الامتدادات المؤيدة لإيران. واعتبر أن المواجهة التالية مع هذه الامتدادات، ليست مسألة إذا (كانت ستحصل ام لا) وانما متى ستحصل"، مشيرا الى ان اسرائيل تستبعد ان يقدم حزب الله في المرحلة الحالية على تسخين الجبهة على الحدود لكنها قامت باستعدادات محدودة شمالا.
وقالت صحيفة هآرتس: "كشفت الحملات السريعة والحكيمة لعناصر حزب الله في الأيام الأخيرة موازين القوى الحقيقية في لبنان، كما العلاقة الوثيقة بين الجيش اللبناني وحزب الله. واظهرت المشاهدات طريقة عمل حزب الله خلال الأحداث الأخيرة من أن الجيش اللبناني ليس فقط لم يحاول منع حزب الله من العمل في أنحاء الدولة، بل أيضاً نفذ أوامره ومنحه تغطية إعلاميّة".
ـــــــــــــــــــ
ـ اعربت محافل مختلفة في المؤسسة الأمنية عن قلقها من التصعيد (القائم في لبنان) ومن انعكاساته المحتملة على الوضع في الحدود الشماليّة. واوضح مصدر سياسي اسرائيلي ان هناك إحباطا في إسرائيل مردّه إلى أن مجلس الأمن الدولي على الأرجح لن يلجأ إلى أي عمل جوهري لحل الأزمة بسبب تركيبه الحالي.
وقالت الصحيفة أيضاً ان شبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله لعبت دورا مهما خلال الحرب الأخيرة، ومكنت المنظمة من إدارة سرية للحرب في مواجهة الجيش الإسرائيلي.
الانتقاد/ العدد1267 ـ 16 ايار/مايو2008