ارشيف من : 2005-2008

تشكيل لجنة لمقاضاة سفّاحي "المستقبل" والمحرّضين في بروكسل والمحاكم الدولية

تشكيل لجنة لمقاضاة سفّاحي "المستقبل" والمحرّضين في بروكسل والمحاكم الدولية

كشفت ميليشيا سعد الدين الحريري عن وجهها التعليمي والثقافي وارتكبت مجزرة بحقّ القوميين السوريين في بلدة حلبا العكارية، توازي الجرائم ضدّ الإنسانية التي اقترفها الصرب بقيادة سلوبودان ميلوسوفيتش ضدّ مسلمي البوسنة، واستدعت قيام المحكمة الدولية الخاصة بيوغوسلافيا سابقاً، والتي لا تزال تحاكم قادة ومسؤولي الصرب الدمويين.
ويبدو أنّ مصير الحريري مشابه لمصير ميلوسوفيتش، بعدما قرّر الحزب السوري القومي الاجتماعي التوجّه إلى منظّمات وجمعيات حقوق الإنسان في العالم كلّه، وتقديم شكاوى ضدّ المجرمين القتلة في عاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسل، والمحاكم الدولية في لاهاي في هولندا من أجل معاقبتهم على أفعالهم المخالفة للشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
واللافت للنظر هو أنّ هذه المجزرة مصوّرة وتتضمّن أنين الشهداء وصرخاتهم، وأصوات المفترسين الذين كانوا يتلذّذون في الإسراف في القتل وتعذيب الجرحى قبل الإجهاز عليهم من دون شفقة، كما أنّ عناصر ميليشيا "المستقبل" تباهوا بجريمتهم وقاموا بتوزيع الصور الملتقطة بواسطة هاتف خلوي، عبر الإنترنت والهواتف النقّالة، قبل أن تبّثها وسائل الإعلام المرئية التابعة للمعارضة كدليل إدانة للحريري وميليشياته وسفّاحيه. 
وتؤكّد مجزرة حلبا أنّ ما حصل ليس فتنة مذهبية كما يتغنّى فريق السلطة بوزرائه ونوابه وأقطابه السياسيين، ليل نهار، وذلك بدليل أنّ الشهداء الذين قضوا فيها هم من الطائفة السنية الكريمة، وليسوا شيعة لكي يتمّ التنكيل بهم بهذه الطريقة الوحشية التي يندى لها جبين البشرية جمعاء. فهذه المجزرة أسقطت فزّاعة الاقتتال الطائفي ضمن الدين الإسلامي الحنيف كما كانت تسعى الولايات المتحدة الأميركية وأدواتها في لبنان، على غرار ما حصل في العراق، وأكّدت أنّ الشحن السياسي الذي دأب فريق السلطة على ممارسته لا بدّ أن يولّد مثل هذه المجزرة المرعبة، ولو بين أبناء المذهب والطائفة الواحدة.
ويقول المسؤول الإعلامي في الحزب معن حمية لـ"الانتقاد" إنّه جرى تشكيل لجنة للقيام بالإجراءات القانونية المناسبة ضدّ القتلة المعروفين بالأسماء والوجوه، وضدّ المحرّضين والمتدخّلين والمساهمين، وهم أيضاً باتت أسماؤهم واضحة وفي متناول اليد، ثمّ تضع هذه اللجنة خريطة عملها وتبدأ بالتنفيذ فوراً، وبالتوازي أيضاً، مع تحرّك باتجاه القضاء اللبناني، حيث يتوجّب إحالة هذه المجزرة على المجلس العدلي والاقتصاص من الفاعلين، وعدم تجاهلها.
ماذا حصل في حلبا؟
بحسب رواية الحزب القومي، فإنّ مفتي عكار الشيخ أسامة الرفاعي دعا إلى اعتصام تضامني مع فريق السلطة الذي يتبع له في بيروت، وذلك في مكان قريب من مكتب الحزب القومي، وبسبب التجييش الكلامي اندفعت عناصر ميليشيا "المستقبل" بأسلحتها التي لم يرها سعد الدين الحريري لانشغاله بمهام قومية عليا وباتصالات رفيعة المستوى مع مسؤولي السفارة الأميركية في بيروت والبيت الأبيض، وبدأت تطلق النار بغزارة من مختلف الأسلحة المتوسّطة والصاروخية، وبطريقة ممنهجة ترمي إلى تحقيق إصابات قاتلة في صفوف عناصر الحزب القومي الذين اضطروا إلى الردّ على مصدر النيران بالمثل.
وقد بدأ اجتياح "المستقبل" عند الساعة العاشرة من صباح يوم السبت في 10 أيار/ مايو 2008، وانتهى عند الساعة الثالثة عصراً. وتمّ خلال إطلاق النار التوصّل إلى اتفاق مع قيادة الجيش اللبناني يقضي بأن يستلم الجيش المكتب ويؤمّن إخراج العناصر الموجودة بداخله، وبالفعل وصلت ملاّلتان للجيش لتنفيذ المتفق عليه، لكن جحافل "المستقبل" استغلت الوضع وشرعت في إطلاق النار على المكتب ما دفع بالملالتين إلى الانسحاب لتخلو الساحة للقتلة الذين استخدموا قذائف "أر.بي.جي" والقنابل اليدوية، مقابل نفاد ذخيرة القوميين، واندفعوا إلى داخل المكتب وأخذوا يقتلون وينكّلون ويطلقون النار على الجرحى الأحياء من دون هوادة، ومن دون شفقة، أو رحمة، ومن دون أن يرفّ لهم جفن، أو يتدخّل المحرّضون، لردعهم لاعتبار واحد لا غير، وهو أنّ هذه التصرّفات والسلوكيات منافية للدين الإسلامي.
ولم تكتف عناصر ميليشيا "المستقبل" بضرب الجرحى، بل لحقت بجريحين نقلا إلى مستشفى اليوسف وقامت بتصفيتهما، وبينهما الشهيد ناصر حموضة، ليرتفع عدد شهداء الحزب السوري القومي إلى 11 شهيداً وسبعة جرحى بينهم الشاب فادي الشيخ الذي حضر إلى لبنان من أستراليا حيث يعيش ويعمل، قبل نحو عشرة أيّام لرؤية ذويه وأصدقائه.
والشهداء الآخرون هم: أحمد نعوس، ظافر حموضة، محمد درويش، محمود الترك، مخايل سمعان، محمد غانم، وأحمد خالد.
ويؤكّد حمية أنّ الحزب ترك الأمر للقضاء لكي يتحرّك وينزل العقاب اللازم بكلّ من يتبيّن أنّ له علاقة ما بهذه المجزرة وذلك قبل أن يقوم الأهالي وأسر الشهداء ورفاقهم بردود فعل قد لا تحمد عقباها.
وتذكّر طريقة الإجهاز على الجرحى والمصابين والشهداء بما فعله تنظيم" فتح الإسلام" المنضوي في صفوف "القاعدة" مع ضباط وعناصر الجيش اللبناني في طرابلس ومخيّم اللاجئين الفلسطينيين في نهر البارد.
جبل محسن
أمّا في باب التبّانة وجبل محسن في طرابلس، فانطلقت الشرارة الأولى عندما قرّرت ميليشيا الحريري ومستقبله الزاخر بالأمن والهدوء والطمأنينة، غزو مكان سكن أبناء الطائفة العلوية في جبل محسن، بسبب الاحتقان السياسي والمذهبي الذي عاشت عليه هذه الميليشيا، فاضطرّ أبناء المحلّة وعناصر الحزب العربي الديمقراطي الذي يرأسه النائب السابق علي عيد إلى الدفاع عن أنفسهم، ومواجهة الغزاة بنيران مماثلة ليستعيد باب التبّانة والقبّة وجبل محسن خطوط التماس السابقة بينهما.
وقد استخدمت في هذه الاشتباكات التي استمرّت يومي السبت والأحد في 10 و11 أيّار/ مايو 2008، مختلف الأسلحة والقذائف الصاروخية "أر.بي.جي"، وقذائف الهاون، والقنابل اليدوية، وقتلت فيها الفتاة مروى محمد ناصر (19 عاماً)، وأصيب عشرة أشخاص بجروح مختلفة معظمها طفيف.
علي الموسوي
الانتقاد/ العدد1267 ـ 16 ايار/مايو2008

2008-05-16