ارشيف من : 2005-2008
نور الولاية: الصمد(*)
الله عز وجل: "قل هو الله أحد" قال: (قل) أي أظهر ما أوحينا إليك ونبأناك به بتأليف الحروف التي قرأنا لك ليهتدي بها من ألقى السمع وهو شهيد، و"هو" اسم مكنى يشار به إلى الغائب، فالهاء تنبيه عن معنى ثابت، والواو اشارة إلى الغائب عن الحواس، كما أن قولك "هذا" إشارة إلى الشاهد عند الحواس، وهذه الاشارة إلى الغائب لأن الكفار نبهوا عن آلهتم بحرف إشارة الشاهد المدرك فقالوا هذه آلهتنا المحسوسة المدركة بالأبصار، فأشر أنت يا محمد إلى إلهك الذي تدعو اليه حتى نراه وندركه ولا نتألّه فيه، فأنزل الله سبحانه وتعالى قل هو الله أحد، فالهاء تثبيت الثابت، والواو تشير إلى الغائب عن درك الأبصار ولمس الحواس، والله تعالى عن ذلك، بل هو مدرك الأبصار ومبدع الحواس.
وقال الباقر عليه السلام: "معناه المعبود الذي أله الخلق عن درك ماهيته والإحاطة بكيفيته، ويقول العرب أله الرجل اذا تحيّر في الشيء فلم يحط به علماً، ووله إذا فزع إلى شيء مما يحذره أو يخافه، فالاله هو المستور عن حواس الخلق".
وقال الباقر عليه السلام: "الأحد الفرد المنفرد والأحد والواحد بمعنى واحد، وهو المتفرد الذي لا نظير له، والتوحيد الاقرار بالوحدة وهو الانفراد، والواحد المتباين الذي لا ينبعث من شيء ولا يتحد بشيء، ومن ثم قالوا: إن بناء العدد من الواحد وليس الواحد من العدد لأن العدد لا يقع على الواحد بل يقع على الاثنين، فمعنى قوله "الله أحد" أي المعبود الذي يأله الخلق عن إدراكه والإحاطة بكيفيته فرد بإلهيته متعال عن صفة خلقه".
وقال الباقر عليه السلام: وحدّثني أبي زين العابدين عليه السلام عن أبيه الحسين عليه السلام أنه قال: "الصمد الذي لا جوف له، والصمد الذي قد انتهى سؤدده، والصمد الذي لا يأكل ولا يشرب، والصمد الذي لا ينام، والصمد الدائم الذي لم يزل ولا يزال". قال الباقر عليه السلام "كان محمد بن الحنفية رضي الله عنه يقول الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره". وقال غيره: "الصمد المتعالي عن الكون والفساد، والصمد الذي لا يوصف بالتغاير". قال الباقر عليه السلام "الصمد السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر وناه".
قال: وسئل علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام عن الصمد فقال: "الذي لا شريك له ولا يؤده حفظ شيء ولا يعزب عنه شيء".
قال وهب بن وهب القرشي: قال زين العابدين عليّ عليه السلام "الصمد الذي إذا أراد شيئاً يقول له كن فيكون، والصمد الذي أبدع الأشياء فخلقها أضداداً وأشكالاً وأزواجاً وتفرّد بالوحدة بلا ضدّ ولا شكل ولا مثل ولا ندّ".
وقد نقل وهب بن وهب أيضاً من كلام الإمام علي بن الحسين سلام الله عليهما في تفسير الصمد، ونقل أيضاً كلاماً في أسرار حروف الصمد عن الباقر عليه السلام ثم يقول:
ثم قال عليه السلام "لو وجدت لعلمي الذي آتاني الله عز وجل حملة لنشرت التوحيد والإسلام والإيمان والدين والشرائع من الصمد، وكيف لي بذلك ولم يجد جدي أمير المؤمنين حملة لعلمه حتى كان يتنفّس الصعداء ويقول على المنبر: "سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين الجوانح مني علماً جمّاً هاه هاه ألا لا أجد من يحمله". الحديث.
(*) من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني (قده)
الانتقاد/ العدد1266 ـ 9 ايار/ مايو 2008