ارشيف من : 2005-2008
ملف شاليط يعرقل انجاز التهدئة: جولات جديدة من المفاوضات تحت النيران
غزة ـ عماد عيد
صار في حكم المؤكد عودة وفد من حركة حماس إلى العاصمة المصرية القاهرة من جديد للتواصل مع الوزير عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية اثر عودته من الكيان الصهيوني. وقد ذكرت مصادر في حركة حماس أن الوفد سيكون ممثلا فيه قيادات من الداخل والخارج، ومن المرجح أن يترأس وفد الحركة من الداخل الدكتور محمود الزهار، في حين ذكرت هذه المصادر أن الدكتور موسى أبو مرزوق وصل فعلا إلى العاصمة المصرية منذ عدة أيام، أي قبل عودة سليمان إلى القاهرة، وذلك بعد مباحثات في العاصمة اليمنية صنعاء. وإذا حصل أبو مرزوق على إجابات واضحة ومحددة من الوزير سليمان فإنه لا داعي إلى وفد موسع من حركة حماس. غير أن المصادر رجحت أن يغادر خلال الأيام القليلة القادمة هذا الوفد إلى مصر للتفاوض حول ردود الكيان الصهيوني على مقترحات حماس والفصائل بشأن التهدئة، خصوصا في ظل الضبابية والتكتم ـ إذا صح التعبير ـ في الموقف الصهيوني من التهدئة.
وبحسب هذه المصادر فإن كثيراً من النقاط ما زالت بحاجة إلى تفاوض ونقاش حتى يوافَق عليها من حماس أولا باعتبارها السلطة في قطاع غزة، ومن ثم من بقية الفصائل، خصوصا من الجهاد الإسلامي باعتبارها المعنية بشكل خاص بالتهدئة، بحكم أنها حاملة لواء القصف بالصواريخ انطلاقا من القطاع.
مصادر فلسطينية شككت في إمكانية عقد مثل هذه التهدئة في ظل الموقف الصهيوني الحالي المصمم على ربط التهدئة بقضية شاليط، الأسير في قطاع غزة. فقد أبلغ المسؤولون الصهاينة الوزير عمر سليمان خلال زيارته أن التهدئة يجب أن تبدأ بوقف عمليات التهريب من رفح، ووقف عمليات التصنيع وتطوير الأسلحة من قبل حماس، إلى جانب وقف عملياتها ضد الأهداف الصهيونية، مقابل وقف الكيان كل عملياته ضد حماس في غزة.. ومن ثم توقف بقية الفصائل، خصوصا الجهاد، عمليات إطلاق الصواريخ على الأهداف الصهيونية، مقابل وقف الهجمات والاغتيالات الصهيونية ضد هذه الفصائل، ثم إمداد القطاع بالمواد التموينية والأساسية والإنسانية اللازمة، يليها البدء بالتفاوض حول قضية شاليط لإتمام صفقة التبادل حوله مقابل فتح معبر رفح للسفر والتنقل أمام قيادة حماس والمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة. وهو أمر ما زالت الفصائل الفلسطينية تتحفظ عليه، خصوصا مع شك هذه الفصائل في إمكانية التزام العدو الصهيوني بهذه البنود.
هذه الشكوك دعمتها الاعتداءات الصهيونية على الأرض، خصوصا في قطاع غزة، التي شهدت عدة توغلات أدت إلى سقوط عدد من الشهداء من المواطنين الفلسطينيين والمقاومين على حد سواء، فضلا عن عدد كبير من الجرحى والتدمير الذي حل بالمزارع والمنشآت والمباني والمنازل في المناطق الشرقية المتاخمة للحدود مع القطاع، لا سيما منطقة شرق خانيونس ورفح وشرق جباليا شمال القطاع أيضا. ولم تتوقف هذه التوغلات حتى بالتزامن مع زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى الكيان الصهيوني للمشاركة في الاحتفالات الصهيونية بالذكرى الستين لقيام دولة الكيان بعد احتلال فلسطين، على أنقاض الشعب الفلسطيني.
ولذلك يرى البعض في هذا السلوك رفضا صهيونيا عمليا لمقترحات التهدئة، إلى جانب ربط شاليط بالتهدئة أيضا، غير أن الصهاينة لا يريدون قول كلمة لا لعمر سليمان. في حين تعتبر مصادر أخرى ومحللون أن "إسرائيل" تريد اخذ أكبر ثمن ممكن مقابل التهدئة ورفع الحصار، وتحاول العمل بنشاط اكبر في التخريب والقتل قبيل الموافقة علنا على التهدئة، أو حتى الدخول ضمنا فيها، أولا لإلحاق اكبر أذى ممكن بالفلسطينيين والمقاومة، إلى جانب إتمام عمل المناطق الأمنية العازلة على امتداد الحدود الشرقية مع قطاع غزة. وثانيا حتى لا تبدو كأنها وافقت على التهدئة مرغمة تحت ضربات المقاومة والتهديد الذي شكلته الصواريخ الفلسطينية محلية الصنع، أو حتى لا تبدو في صورة الضعيفة إن لم يُتوصل إلى التهدئة أو رُفضت من قبل الفصائل الفلسطينية، لرفضهم الشروط أو بسبب الاعتداءات الصهيونية المستمرة.
وبكل الأحوال فإن الكيان الصهيوني يريد أن تستمر المفاوضات لكسب الوقت، ولكن تحت النار وتحت وطأة الهجمات.. وحتى عندما أعلن العدو انه في تهدئة من جانب واحد مع الفلسطينيين في الضفة الغربية لم يتوقف الجيش الصهيوني عن عمليات التوغلات واعتقال عشرات الفلسطينيين حتى مع زيارة بوش. وعلى هذه الصورة فإن كل الخيارات تبقى مفتوحة ومرشحة على كل الاحتمالات. وبما أن فرص التهدئة قائمة، فإن فرص انهيار المباحثات حولها ما زالت قائمة بشكل اكبر.
الانتقاد/ العدد1267 ـ 16 ايار/مايو2008