ارشيف من : 2005-2008

التعليم في ظلمة الحصار... ما بين التحذيرات من انهياره والمساعي لإنقاذه

التعليم في ظلمة الحصار... ما بين التحذيرات من انهياره والمساعي لإنقاذه

الحياة، لا سيما التعليمية منها، ليجد نحو نصف مليون طالب غزّي أنفسهم في وضع استثنائي لا يحسدون عليه، فغالبيتهم التزموا بيوتهم بعد أن توقفت الحافلات والمركبات التي تقلهم إلى جامعاتهم ومدارسهم، جراء أزمة الوقود الحادة التي يعانيها القطاع منذ أكثر من أسبوعين، أما المؤسسات التعليمية والتربوية فحالها لم يكن بالأفضل، إذ أنها كغيرها من المرافق الخدماتية قد أصيبت بالشلل، ومهددة بالانهيار".‏

تحذيرات ومعطيات‏

هذا الواقع الخطير بكل ما تحمل الكلمة من معنى بدا واضحاً في تصريحات الكثير من المسؤولين والجهات التي أجمعت فيما بينها على أن التعليم في غزة يمر بأسوأ مراحله، فبدوره حذر د. محمد أبو شقير، وكيل وزارة التربية والتعليم، من انعكاسات الحصار على الواقع التربوي والتحصيل العلمي للطلبة، وفي مقدمتهم تلاميذ المدارس.‏

وعن أبرز الأضرار التي لحقت بالمسيرة التعليمية، قال أبو شقير للانتقاد: "إن الحصار ومنذ أن بدأ قبل نحو عامين أثر بشكل سلبي على قطاع التعليم سواء على صعيد استيراد الأجهزة والمعدات التقنية، أو توفير الكتب للطلاب بعد نفاد ورق الطباعة ومستلزماتها، عدا عن الأضرار الخاصة بالطلاب ومستوى تحصيلهم في ظل تكرار قطع التيار الكهربائي الذي يحرمهم من مراجعة دروسهم".‏

مشكلة البناء والتطوير كانت إحدى الأضرار الكبيرة التي أصابت قطاع التعليم كذلك، حيث أوضح أبو شقير أن الحصار تسبب في عرقلة إنشاء 30 مدرسة كان من المفترض أن تفتح أبوابها لاستقبال مئات الطلبة اعتباراً من العام القادم، جراء منع سلطات الاحتلال دخول المواد الخام للبناء بشكل كلي، كما وتسبب في منع الوزارة من تجهيز ما يزيد عن 100 مختبر بالحاسوب في عدد من مدارس القطاع، الأمر الذي أدى إلى وقف عقد عشرات الدورات التطويرية الخاصة بالمعلمين والطلبة.‏

وبرغم ما سبق إلا أن فصلاً جديداً من المعاناة بات يلاحق التعليم في غزة، حيث توجت تلك الآثار بأزمة الوقود المتفاقمة، والتي أثرت بشكل خاص على الجامعات، لا سيما حرمان الأكاديميين والطلبة من الوصول إليها، وذلك قبيل أيام فقط من موعد انطلاق الامتحانات النهائية للفصل الدراسي الثاني لهذا العام.‏

أ. حسام عدوان – رئيس جمعية أساتذة الجامعات من جانبه أكد أن الحياة الجامعية في مختلف الجامعات والمعاهد الغزية شلت بشكل شبه كامل، نتيجة عدة عوامل تتصدرها أزمة الوقود والكهرباء المتقاربتين، بالإضافة إلى إحكام القبضة الصهيونية على كافة معابر ومنافذ القطاع.‏

صور من المأساة‏

وحول الجوانب التي تضررت بها الجامعات جراء هذا الحصار الخانق، أوضح عدوان أن جامعات غزة انهارت فيها الخدمات الرئيسية المرتبطة بوجودها وهي: التعليم، والأبحاث العلمية، والمؤتمرات الأكاديمية، مشدداً في الوقت ذاته على أن تلك الجامعات تعاني من أعباء ثقيلة نتيجة هذه المعطيات، أبرزها: إيجاد خطط طارئة لتعويض الطلبة بشكل ملائم عن التأخير الذي ترتب على فترة تعليق الدراسة وتوقفها، أما عن دور الجمعية إزاء ما تتعرض له المسيرة التعليمية في غزة من استهداف صهيوني ممنهج، قال عدوان: "لقد تواصلنا مع الكثير من المؤسسات الإعلامية العربية والدولية من بينها اتحاد أساتذة الجامعات العرب، وأطلعناهم على صورة ما يجري بشكل دقيق، ووضعناهم في صورة المأساة التي يواجهها التعليم في غزة، لا سيما الجامعي منه".‏

وعن واقع التعليم المدرسي قال عدنان أبو حسنة – الناطق الإعلامي باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، التي تدير نحو 193 مدرسة للمرحلتين الابتدائية والإعدادية في قطاع غزة: "إن مستويات التعليم تمر بمرحلة انحسار بسبب الآثار المتراكمة نتيجة الاحتلال والإغلاق المتواصل للقطاع"، وأضاف أبو حسنة أن الأونروا، وبرغم كونها منظمة دولية، واجهت الكثير من الصعوبات في أداء عملها، وتحديداً مسألة طباعة الكتب المدرسية، وتوفير أوراق للامتحانات، الأمر الذي أعاق تسليم وتوزيع آلاف الكتب في موعدها مع بداية الفصل الدراسي.‏

وكشف أبو حسنة النقاب عن أن "الأونروا" أعدت خطة مستقبلية لتجاوز الإشكالات الحاصلة في مدارسها نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشها الطلبة، بحيث تراعي تخفيف بعض المواد، والعمل كذلك على تأهيل المعلمين وتدريبهم، لتدريس المنهج الفلسطيني الجديد بصورة أفضل.‏

ولأن الطلبة بكافة مستوياتهم الجامعية والمدرسية هم المتضررون الوحيدون من هذه الأوضاع المتردية، كان لا بد من التعرف الى أبرز ما يعانون منه.‏

تقول هدى أحمد (19 عاماً) – طالبة في جامعة الأقصى بغزة: "الأحوال منذ عام ونصف تسير من سيئ إلى أسوأ، لا سيما الظروف الواجب توافرها لكل طالب كي ينجح في دراسته وفي مقدمتها: قدرة على دفع الرسوم الجامعية، وتوفير مصاريف الكتب والمواصلات، وما إلى ذلك".‏

مروان مخيمر – طالب بالجامعة الإسلامية ـ مستوى ثالث، قال إنه يفكر بترك دراسته نتيجة عدم قدرة والده العاطل عن العمل عن توفير مصاريف دراسته وأخويه الجامعيين، مضيفاً أن أزمة المواصلات التي يشهدها القطاع الآن، وتعليق الدراسة في الجامعات والمعاهد قد عزز موقفه هذا.‏

ما تعانيه المسيرة التعليمية في غزة، وإن كان البعض يخشى من تفاقمه، إلا أنه وبلا شك يتنافى مع المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والتي نصت صراحة على أن لكل شخص الحق في التعلّم.‏

الانتقاد/ العدد1265 ـ 2 ايار/ مايو 2008‏

2008-05-06