ارشيف من : 2005-2008
الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة في فلسطين القدس الدكتور عبد الرحمن عباد لـ"الانتقاد": المال مقابل فلسطين خيانة للوطن، والقدس عاصمة للثقافة العربية في العام المقبل
بعد ستين سنة على النكبة اقترب الحلم باستعادة فلسطين والعودة اليها من الحقيقة بفعل ثبات المقاومة وانتصارها في غزة ولبنان، وعلى هامش الفعاليات التي بدأت لإحياء المناسبة، التقت "الانتقاد" الدكتور عبد الرحمن عباد الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة في فلسطين القدس، وكان هذا اللقاء:
* نحن الآن على مشارف الذكرى الستين لنكبة فلسطين، كفلسطينيين تحملون القضية هماً ووطناً كيف تستعدون لهذه المناسبة الأليمة؟
المفروض أن نحتفل بالعودة وليس بالذكرى، النكبة اليوم هي أن تستمر النكبة، النكبة هي أن لا نستيقظ بعد هذا السبات العظيم، وبرأيي أن احياء النكبة لا يكون بالتظاهرات ولا بالشعارات ولا بالقصائد والكلمات أو الجداريات أو الاعتصامات فقط، إنما بتحرير الشعب المنكوب من الاحتلال. نحن نفعل، والجميع يرى يومياً استشهاد العشرات من الشهداء، هم يقتلون من اجل ماذا؟ من أجل حق العودة للوطن فلسطين.
* بعد ستين سنة على النكبة يقترح بوش دفع تعويضات لحل مشكلة اللاجئين، هل على الفلسطيني أن يرضى؟
لا أعتقد أن الوطن قميص يمكن أن يتنازل عنه، والإنسان الذي يتنازل عن وطنه مقابل التعويض هو خائن، والإنسان الذي يقبل الخيانة يستحق القتل ولا يستحقّ أي شيء، والشعب الفلسطيني ليس شعباً هامشياً في التاريخ، انه الوارث لأرض الإسراء والمعراج، وهذه أرض وقفية إنسانية ولا يجوز التخلي عنها، لكن ما معنى التعويض؟ أن تعوّضني عن الآلام؟ نعم عوّضوني عن الآلام لكن بعد ان أعود الى أرضي، أما أن يكون المال مقابل الوطن فهذه قضية لا يمكن أن يقبلها كائن ولا يمكن أن يوصم شعبنا كله بأنه خائن، وهذا غير وارد في حياتنا وليس من بديل عن وطننا، هذه أرض الإسراء والمعراج قاتل من أجلها أجدادنا وآباؤنا ومن واجبنا نحن أن نستمرّ في هذا القتال لنقدّمها لأجيالنا القادمة.
* من موقعكم المسؤول ما هو مصير القدس في التسوية التي يعد فيها الأميركي؟
القدس هي حركة مدّ وجزر، القوة يمكنها أن تدمر لكنها لا يمكن أن تحوّل الباطل الى حق كما يفعل العدوان، لقد تعرّضت 24 مرة للتدمير لكن أهلها لم يرحلوا عنها بل رحل عنها الغزاة، إن الاحتلال الحالي سوف يرحل، وهم الآن يتحدثون من موقع القوة ونحن نتحدث من موقع الحق، ولا يمكن لهذه الدولة أن تبقى قوية الى الأبد، ونحن نبصر سقوطها الآن ونرى هذا السقوط قريباً جداً، وسيشهد جيلنا سقوط أكاذيب هذه الدولة، نحن المرابطون في هذه الأرض، لأن الصمود هو عنوان الانتصار، لذلك الآن بيننا وبينهم المثابرة، وهم لا يستطيعون أن يصبروا لأن المحتل خائن ولص يتأهّب باستمرار للفرار، وأحب أن أضيف في هذا السياق أن المعركة الأخيرة التي قام بها الاسرائيليون مع المقاومة في لبنان جعلت موازين الهجرة تنقلب من قادمين كثر الى مهاجرين كثر من هذا الكيان المصنوع من الخارج، ويمكن أن يعود كما جاء.
* هل تعتقد أن على الشعب الفلسطيني أن يتنازل عن حقوقه مقابل الأمن؟
لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يتنازل عن حقوقه حتى مقابل أي شيء آخر، الحق اسم من أسماء الله ولا يمكن أن نتنازل عن حقوقنا.
* لندخل إلى الشأن الفلسطيني، تشهد الساحة الفلسطينية انقساماً سياسياً حول ملفات مرتبطة بالتسوية، هل هذا الانقسام يؤثر على المقاومة؟
بدون شك الانقسام يؤثر على المقاومة، وهذا يعني تفسّخ الجبهة الداخلية الفلسطينية، وهذا ما يؤلم كل إنسان ذي ضمير حي من الشعب الفلسطيني، وهنالك من يعمل عربياً وفلسطينياً من أجل رأب هذا الصدع الذي لا نتمنى له مطلقاً أن يبقى لأن هذا الاختلاف يقوي جبهة الأعداء ويضعف جبهتنا نحن كفلسطينيين.
* كقوى وشخصيات وفعاليات فلسطينية كيف يمكن مساعدة قطاع غزة على كسر الحصار؟
المطلوب من الأشقاء العرب أن يكونوا أكثر إنسانية مع هذا القطاع، قطاع غزّة كان في أيدي القوات المصرية ووقع فريسة الاحتلال الإسرائيلي نتيجة التقصير أو العجز من الجيوش العربية كما وقعت الضفة الغربية، وعلى الذي كانوا سبباً في وقوع قطاع غزة بيد الاحتلال الإسرائيلي أن يعمل على إنقاذه دون مجاملة، وهنا نقول ان بالإمكان لأي دولة عربية أن توصل المساعدات الى الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو في مدينة القدس، وعلى الصعيد الداخلي نحن نقوم بدورنا عبر توصيل هذه المساعدات عن طريق جمع التبرعات، لكن المطلوب هو دعم وعمل خارجي عربي يساند، وغير مقبول موقف المتفرّج كما لو كان إنسان يشاهد لعبة كرة القدم.
* أنتم تعملون اليوم على جعل القدس "عاصمة للثقافة العربية" وهذا دليل وتأكيد على رفض التهويد، كيف تخططون وتعملون من أجل الوصول الى هذه العاصمة؟
الحقيقة أن القدس عاصمة للثقافة العربية هو طموح نسعى الى تحقيقه في السنة القادمة، ونحن نتحرك على صعيد الجمعيات التي تناصر القضية الفلسطينية على مستوى العالم واستقطاب شخصيات عالمية أجنبية، والعمل على عروبة هذه المدينة والردّ على الادعاءات الصهيونية بأن القدس عبرية، لكن الحقيقة أن القدس تتميّز بعروبتها وديانتها، إذاً نحن في هذا السياق نقول إن شاء الله سوف تكون القدس عاصمة حقيقية للثقافة العربية والأمة العربية.
* ما هو واجبكم أنتم كفلسطينيين في هذه المناسبة؟
واجبنا أن نقوم بتذكير العالم عبر الإعلام بجرائم هذا الاحتلال التي تجري على مرأى ومسمع كل دول العالم.
فعاليات النكبة هذا العام ستقام في كل المدن والقرى الفلسطينية دون استثناء من شمالها الى جنوبها، ولعلّ هناك من يستمع الى هذا الصوت الذي يدوي منذ ستين عاماً في العالم العربي، هذا الصوت يبدأ من هنا ويصل الى هناك، لكنه لا يسمعه القادة والساسة الذين يستطيعون أن يغيّروا من هذا الواقع الأليم.
* ما هو دور العلماء في تفعيل قضية فلسطين؟
العلماء في فلسطين يقومون بأدوارهم على اختلاف تخصصاتهم، العلماء في المساجد، أساتذة الجامعات، المحاضرون في مراكز الأبحاث، هؤلاء يقومون في كل المنتديات وكل المؤتمرات والتجمعات الشعبية، يشرحون هذه القضية مع أبعادها الإنسانية والقانونية والتاريخية والدينية، وهذا الأمر مستمرّ حتى لا تصبح قضيتنا منسية، إذاً الإبقاء على هذه القضية في عقول الأطفال والأجيال الناشئة هو هدفنا، وهذا ما بدا واضحاً من خلال الانتفاضة التي قام بها الشباب لإبراز الحق الفلسطيني.
* بماذا تحب أن تختم لقاءنا دكتور عبد الرحمن عبّاد الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة في فلسطين القدس؟
هذا الكيان الذي ترونه كبيراً هو في حقيقته فقاعة من الصابون ولا يمكنه أن يستمرّ هكذا، يكفي أن تسلّط عليه إبرة لكي ينفجر، انه كيان سمين ولكن سمنته سمنة مرضية، والخوف الذي أسكنه الحكام في قلوب الناس لم يكن في مكانه، وعليهم أن يتعاملوا معه بحجمه لا في خيالاته.
وهناك قضية لا يمكن التغافل عنها وهي قضية الأسرى، فالمقدسيون المنسيون خلف القضبان هم معاناة وطنية بحد ذاتها، وبرأيي أن كل هذه القضايا تحتاج الى جهد فلسطيني عربي، ونحن نعمل على أن يكون منتشراً على نطاق العالم وليس فلسطين وحدها.
أمل شبيب
الانتقاد/ العدد1265ـ 2 ايار/مايو2008