ارشيف من : 2005-2008

خاص/ مصر: نار المحروقات تلتهم علاوة الرئيس

خاص/ مصر: نار المحروقات تلتهم علاوة الرئيس

أنباء العلاوة الاجتماعية الجديدة التي تعد الأكبر في تاريخ علاوات اعتادها العاملون بذكرى عيد العمال أول ايار/ مايو والتي تراوحت دوما بين الـ 5%والـ10% واختفت تماما في بعض السنين.‏

الزيادة الجديدة لا تشمل سوى قطاع محدود من المواطنين يقدر بـ 5,9 مليون موظف ولا تشكل اضافة حقيقية للدخل في ظل القفزات المتوالية للأسعار في سوق تحرر من أي رقابة للدولة ويعاني من معدلات تضخم متسارعة حيث سيبلغ حدها الأعلى30 دولارا وحدها الأدنى 6 دولارات طبقا لتسلسل الرواتب المتدني أصلا بهذا القطاع .‏

وسائط الاعلام الرسمي ألحت في التأكيد على انحياز الرئيس لمحدودي الدخل بشكل يفوق معاونيه ومرؤوسيه، مما دفعه لاجراء المشاورات معهم حول العلاوة المقترحة على منصة الاحتفال وبشكل غير مسبوق أن تحسم هكذا أمور على الهواء مباشرة, ويرجح أن ضغوطات أمنية ملحة استهدفت تخفيف الاحتقان الشعبي دفعت باتجاه قرار زيادة العلاوة في اللحظة الأخيرة وتجاوز الحسابات الاقتصادية المقررة سلفا, خاصة أن خطاب الرئيس تم تبكيره الى 30 نيسان/ أبريل بدلا من 5 أيار/ مايو كخطوة استباقية للاضراب الذي كان مقررا يوم 4 أيار/ مايو الموافق لذكرى ميلاد الرئيس الثمانين, ويبدو أن شبح تكرار مواجهات السادس من نيسان/ ابريل الماضي وما تضمنته من غضب طال رموزا عامة و تناقلته وسائل الاعلام المستقلة بدا مسيطرا على تقدير الموقف.‏

علاوة الاضراب كما يسميها البعض كونها جاءت بعد اضراب واستباقا لآخر ساهمت الى حد ملموس في تبريد الأجواء المصاحبة لدعوة الرابع من أيار/ مايو الاحتجاجية والتي دعا فيها الشباب عبر الصفحات الألكترونية لرفع الأعلام السوداء فوق المنازل وارتداء السواد وعدم الخروج من البيوت والدعاء على كبار المسؤولين بالمساجد والكنائس مع المطالبة بفرص عمل وأجور مناسبة.‏

يرى المراقبون من حركات احتجاجية كـ"كفاية" و"الاخوان المسلمين" "الذين قرروا الانضمام لدعوة الشعب المصري "وحزب العمل المجمد أن فعاليات الاضراب كانت ناجحة بينما تؤكد مصادر الحزب الوطني الحاكم وفي تصريحات متواترة على لسان قياديه كصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى "أن الاضراب فشل بجدارة ولم يستجب جميع المواطنين مع القلة المنحرفة التي دعت اليه " , وما بين الموقفين المتنافرين تكمن الوقائع.‏

هناك رغبة متعجلة من بعض النخب لقطف ثمار السادس من نيسان/ أبريل قبل أوان النضوج وفي مناسبة اجتماعية خاصة هي عيد ميلاد الرئيس التى يرى بعض معارضيه أنها ليست الأنسب أخلاقيا لاظهار التنافر السياسي, كذلك فقدان بعض هذه النخب للمصداقية خاصة الليبراليون الجدد الذين اظهروا مواقف انعزالية ومعادية للعروبة والاسلام ابان تفجر القضايا القومية كحصار غزة والدور الشعبي في دعم المقاومة, اضافة الى كون القاعدة العمالية التي تحملت عبء المشهد الاحتجاجي في السادس من نيسان/ أبريل لم تتعافى بعد جراء المواجهات الأمنية والملاحقات القضائية.‏

المشهد الحكومي تلافي أوجه تقصير شابت الأداء في الأحداث السابقة مثل التهديد العلني للداخلية وعبر وسائل الاعلام لمثيري الشغب والداعين للاحتجاج مما أدى لنتيجة عكسية وهي زيادة فعالية الدعوة للاضراب, تم تفعيل سلاح استدعاء الطلاب للاختبارات مع تهديد العاملين بضرورة الالتزام بالدوام مع تواجد أمني مكثف في بؤر التوتر النقابي وسط العاصمة، وكذلك دور العبادة وحول مواقع تواجد رموز عامة, مدينة المحلة الكبرى "حاضنة الاضراب السابق" غصت بوجود أمني كثيف, وطالت البقية من ناشطيها حملات اعتقال, ويلمح البعض الى دور لمركبات وعربات تابعة لمختلف الوزارات تلقت تعليمات بمحاولة ملء الفراغ المروري بشوارع العاصمة لتبدو الحركة شبه طبيعية, هذا الأداء على الأرض تعزز بمحاولات السيطرة على الوسائط الألكترونية عبر اختراق لبعض المواقع الداعية للاضراب وأيضا باحكام للسيطرة على أداء المحطات الفضائية فلم تتمكن من متابعة الوقائع في بعض المدن كالمحلة مثلا التى شهدت اغلاقا للمحال التجارية واحجاما عن الذهاب للعمل مع رفع لشارات سوداء, كذلك شهدت مدينة دمياط الساحلية تجاوبا واسعا حيث تزامن الاضراب مع احتجاجات شعبية ضد موافقة حكومية بانشاء مصنع كيماويات كندي يسبب تلوثا شديدا للبيئة, وفي القاهرة بدت حركة المرور سلسة في ساعات الذروة مما يعكس تجاوبا نسبيا مع الاضراب بينما تتحدث الرسالة الاعلامية عن " أن اليوم عادى بامتياز".‏

هكذا بدأ الرئيس عامه الواحد وثمانين محفوفا بسعادة المواطنين وفق تصريح د. عبد الأحد جمال الدين زعيم الأغلبية البرلمانية "المواطن المصري ينظر ليوم عيد ميلاد الرئيس مبارك باعتباره أهم الأعياد والمناسبات السارة في حياته لذا فالشعب ينتظر تلك المناسبة بطلوع الروح من أجل أن يسعد ويمرح", الا أن السعادة تحطمت على صخرة سعي الحكومة لتدبير الموارد اللازمة لتغطية نفقات العلاوة وقبل صرفها للمواطنين, حيث عمدت الحكومة الى تمرير زيادات في أسعار المحروقات بنسب تتراوح بين 35%- 38% في جلسة برلمانية عاصفة وبشكل مفاجىء مساء الاثنين الماضي (5/5/2008) حيث عرضت الزيادات دون اطلاع المعارضين في أعضاء لجنة الخطة والموازنة, وطرحت للتصويت الفوري دون انتظار للمهلة المقررة للدراسة بحد أدنى 48 ساعة, لهيب الأسعار كالعادة يمتد من المحروقات الى كافة السلع لارتفاع كلفة النقل والمواصلات مما سيلتهم حتما سعادة الفقراء بعلاوة الرئيس.‏

التاريخ: 7/5/2008‏

2008-05-07