ارشيف من : 2005-2008

ألم يتأخر الاعلان سنتين؟؟

ألم يتأخر الاعلان سنتين؟؟

وما بعده على الكلام والاشادة بالانجاز التاريخي.‏

في الدوحة، توجه احد الخطباء الى اللبنانيين بالقول:‏

...لنبدأ بأن نقبل بعضنا بعضا، نقبل الآخر ونتحاور معه من اجل حل المشكلات بشكل حضاري وبشكل ديموقراطي.... ان اختلافاتنا في لبنان يجب ان تكون مصدر ثروة وغنى لنا وهذا هو التنوع، هذه هي صيغة لبنان الحقيقية، لا ان نستعملها من اجل تعميق خلافاتنا في ما بيننا... يجب ان نؤكد مجددا ودائما على احترام الدستور وقواعد العمل الديموقراطي وقيَم ومبادئ واساليب الديموقراطية.‏

واضاف: "نحن جئنا الى هنا ليس لننتزع حقوقا من بعضنا بعضا، بل لنلبي حقوق اللبنانيين، علينا بناء وطن آمن يتحقق فيه العيش المشترك الذي هو الضمان الحقيقي لحرية اللبنانيين ووفاقهم الوطني وبالتالي لكرامتهم ومستقبلهم.‏

وصيتنا بأن نعمل دائماً من اجل احترام دستورنا وقوانيننا ونظامنا الديموقراطي، ان نقبل بعضنا لا ان نخوّن بعضنا، ولا أن نشيطن بعضنا. نحن نريد ان نعيش سوية وسنظل نعيش سوية وليس هناك الا خيارنا في ان نبني بلدنا وتكون لنا دولة تبسط سلطتها على كل الاراضي اللبنانية...".‏

مَن يصدق ان هذا الخطيب هو السنيورة نفسه؟ هل يصدق الشعب اللبناني ان من كان بالامس يقول للشعب اللبناني "خيطوا بغير ها المسلة... ولن استقيل مهما حصل"، يسقط عليه كل هذا الوحي، ويشنف آذان اللبنانيين بكل هذه العبارات الرائعة الودية التصالحية؟ ما هو هذا السحر الذي حصل في الدوحة فحوّل الذئب الى حمل وديع؟‏

كيف تحول السنيورة فجأة، من مستهتر بالدستور وضارب به عرض الحائط الى داعٍ لاحترامه والى احترام القواعد الديمقراطية؟‏

ارتاح اللبنانيون وتنفسوا الصعداء، والمواطنون مجمعون على الترحيب بالحل، ولكن الا يحق لهم أن يسألوا بعض الاسئلة:‏

-ألم يتأخر السنيورة سنتين على هذا الاعلان؟ لو اطلق السنيورة هذه العبارات الرائعة في كانون الاول 2006 بعد نزول التظاهرتين الهائلتين للمطالبة باسقاطه وتنحيه عن الحكم، اما كان وفر على لبنان ومجتمعه واقتصاده وسلمه الاهلي الكثير الكثير من النكبات؟‏

- لماذا حصل كل هذا الدمار ولماذا سقطت كل هذه الضحايا؟ الم يكن من الممكن ان يتوصل اللبنانيون الى هذه الصيغة بعد عدوان تموز 2006، ليوفروا على لبنان ما يقارب السنتين من الالام والاوجاع والتحريض المذهبي والاعلامي الذي زاد الهوة بين اللبنانيين وارتفعت المتاريس بين المذاهب، اين منها متاريس الحرب الاهلية اللبنانية؟‏

- هل كنا بحاجة لسقوط مزيد من الشهداء والوصول الى ما وصلت اليه الامور في اوائل أيار لحض الموالاة على القبول بالذهاب الى الحوار؟‏

- وفي المحصلة، هل هو قدر اللبنانيين ان يدفعوا من دمائهم ودماء اولادهم من اجل تسويات وحوار يتعطل بين الفترة والاخرى ثم يُحل، ثم يعود ليتعطل عندما تتبدل الظروق الاقليمية والدولية؟‏

أما آن الاوان لهذا الوطن وبعض سياسييه ان يخرجوا من ذهنيات التقوقع والاستقواء بالخارج ضد الشركاء الداخليين؟ أما آن الاوان لنتفق جميعنا على وجوب خروجنا من الاستزلام لبعض الساسة الذين يبيعون ويشترون بمستقبلنا ومستقبل اولادنا.‏

منذ لوزان، والاتفاق الثلاثي، واتفاق الطائف.. الى اتفاق الدوحة، نفس الوجوه تقريباً، تجوب عواصم العالم بين عقد وآخر للتفتيش عن راعِ يصلح فيما بينهم، ويقنعهم بان الحل هو بالتسوية بين الافرقاء اللبنانيين، وان عليهم ان يتعلموا النظرية السياسية القائلة: "السياسة ليست لعبة ذات نتيجة صفرية"، بحيث ان هناك طرفاً يكسب كل شيء والآخر يخسر كل شيء..‏

بالتأكيد السياسة بشكلها العملي والعلمي ليست كذلك، فكيف بالاحرى في لبنان، الذي يثبت تاريخه يوماً بعد يوم انه لا حل في لبنان الا بالشراكة والتسويات المقبولة من الجميع، وان اي تسوية مجحفة بحق أي فئة من فئاته ستعود لتأزيم الوضع ولو بعد حين.‏

ليلى نقولا الرحباني‏

الانتقاد/ العدد1268 ـ 23 ايار/ مايو 2008‏

2008-05-23