ارشيف من : 2005-2008
باختصار: أميركا وأوراقها
ماذا يجري في المنطقة؟ وهل التبدلات السريعة التي تجري ثابتة أم أنها انحناءة لتحين الفرصة للانقضاض مجددا؟ هل بالفعل سلّمـت الولايات المتحدة وأقرت بالواقع على الأرض وقررت التعامل مع الجميع على اساسه؟
أسئلة يحق للجميع طرحها من الذين يناهضون السياسة الأميركية وصولا إلى الذين كانوا يدورون في فلكها ووجدوا أنفسهم فجأة وحيدين وقد قطع الحبل بهم وهم في منتصف طريقهم إلى قعر البئر.
أغلب التحليلات تقول إن الولايات المتحدة وبعد أكثر من مغامرة عسكرية فاشلة وصلت إلى ما يشبه الحائط المسدود بحيث أصبحت في وضع لا تستطيع معه التقدم ولا التراجع ولا حتى البقاء في مكانها، خاصة بعد هزيمة اسرائيل المدوية في تموز 2006 وما تلاها من سلسلة هزائم في غزة والعراق وأفغانستان أصابت المشروع الأميركي في الصميم.
وفي ظل هذا الواقع الذي تعيشه واشنطن وحلفاؤها جاءت عملية الصعقة التي نفذتها المعارضة اللبنانية في بيروت والجبل لتظهر وكأنها كانت رصاصة الرحمة على رأس المشروع الأميركي، فبدأنا نشهد تلك التحولات السريعة التي يكاد العقل لا يصدقها، اتفاق في العراق مع التيار الصدري تلاه اتفاق في لبنان مع المعارضة حصلت بموجبه على ما كان قبل أيام ضربا من المستحيل، وبمثابة عملية انتحار سياسي للفريق الآخر، ثم الإعلان المتزامن عن بدء مفاوضات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل بوساطة تركية، وترحيب متحفظ من واشنطن بعدما كان هذا الأمر محظوراً على الصهاينة حتى التحدث به، وأخيرا وليس آخرا إعلان فرنسي صريح بالاتصال بحركة حماس.
وعلى ضوء هذه المعطيات التي يضاف إليها دخول الولايات المتحدة مرحلة التحضير للانتخابات الرئاسية فإننا أمام احتمالين رئيسيين، إما أن تواصل الولايات المتحدة الأميركية هذا التراجع مع ما يعنيه ذلك من عودتها للدخول في انعزال داخلي كما حدث لها عقب حرب فييتنام، أو أنها تعمد إلى التراجع الآن بانتظار تغيير ما في الظروف يتيح لها اعادة استجماع أوراقها للدخول مجددا وبقوة، وهو ما يبدو مستبعدا، اللهم إلا إذا كان ما زال هناك من يرضى بأن يكون ورقة بيد أميركا في المنطقة بعد الذي حصل.
محمد يونس
الانتقاد/ العدد1268 ـ 23 ايار/مايو 2008