ارشيف من : 2005-2008
خاص "الانتقاد": اتفاق الدوحة أضر بمكانة اسرائيل الاستراتيجية وذهول من سرعة التغيير في لبنان
كبيرا وأعادت لبنان الى قبضتها. ورأى سنيه أن مفاوضات الدوحة "أخضعت الحكومة اللبنانية لمطالب حزب الله وسوريا"، وشدد على انه "تمت الموافقة على تقسيمات الدوائر الانتخابية في لبنان بشكل يُمكِّن من تعزيز حضور حزب الله النيابي في الانتخابات المقبلة". ورأى سنيه ان ما دفع جميع الاطراف الى طاولة المفاوضات هو "موجة العنف الاخيرة في بيروت وشمالي لبنان". ورأى ان النتيجة كانت "انتصار الارهاب الايراني". واعتبر ان اتفاق الدوحة "انهى القرار 1701، وانهى جميع انجازاتنا في حرب لبنان الثانية". وفسر ذلك من جهة ان الجيش اللبناني على الحدود مع اسرائيل "سوف يتلقى أوامره الان من الحكومة التي يقودها حزب الله، كما ان حضور قوات اليونيفيل سوف يكون بأمر من الحكومة ايضا".
ايضا لم يستطع جيش العدو البقاء صامتا ازاء التطورات السياسية والامنية التي شهدها لبنان في الايام الاخيرة حيث اعرب على لسان ضابط رفيع، عادة ما يكون عضو هيئة الأركان العامة، (23/5/2008) عن قلقه من اتفاق الدوحة الذي سيمنح حزب الله (بحسب تعبيره) حق النقض على قرارات الحكومة" اللبنانية. وقارن بين ما تحقق في لبنان و"ما قامت به حماس في قطاع غزة".
وتوقف الضابط ايضا عند توجهات الحكومة التي ستتشكل في أعقاب الاتفاق واصفا إياها بأنها "ستكون مختلفة كلياً"، في إشارة الى الضوابط التي ستحكم حركتها وتوجهاتها وصولا الى الانتخابات القادمة. وبدا واضحا خلفية كلامه من خلال تأكيده ان لهذا "الاتفاق أبعاداً عسكرية وسياسية عديدة".
ولكن ما لفت في هذا السياق هو انه بالرغم من اشارة الضابط الى انهم في "اسرائيل" توقعوا سيناريو التغيير لكن ما اذهلهم بحسب تعبير الضابط هو "انه تحقق بهذه السرعة" التي شهدناها. وعلى ضوء ذلك يمكن ان نستشرف ان الاسرائيلي كان يتمنى ويسعى لأن يكون التغيير، اذا كان لا بد منه، اكثر كلفة للبنان سياسيا وامنيا واقتصاديا وبشريا وبطريقة تؤدي الى اغراق المقاومة في الداخل اللبناني لا ان تكون عمليتها جراحية وموضعية ومحدودة ليعقبها اتفاق سياسي يعيد ويكرس الاستقرار السياسي في لبنان.
ولعله من المفيد جدا اعادة استحضار بعض المواقف التي اطلقت سابقا ويمكن من خلالها تقدير وقع التغيير الذي حصل في لبنان على الساحة الاسرائيلية. حيث سبق للمعلق العسكري في صحيفة جيروزاليم بوست، (17/12/2007)، يعقوب كاتس، ان نقل عن مصادر أمنية إسرائيلية مسؤولة قولها إن "ما يقلق اسرائيل هو ان يفقد فريق 14 اذار السيطرة على الحكومة اللبنانية في اطار تسوية من شأنها ان تمنح حزب الله ثلث المقاعد في مجلس الوزراء". كما كشف الكاتب نفسه في (28/12/2007) عن ان "رئيس الاركان غابي اشكينازي يراقب لبنان بشكل دقيق ـ ويعتني بشدة بإعادة تسلح حزب الله والتحولات السياسية التي قد توفر له سلطة أو قوة الفيتو على قرارات الحكومة اللبنانية، كون هذا الأمر حساس بالنسبة لإسرائيل بنفس حساسية نشر الجيش اللبناني وتجديد تفويض قوات اليونيفل".
أما صحيفة معاريف فقد اعتبرت أن حزب الله "اقتطف الثمرة" من خلال التوصل إلى اتفاق، وحسب تعبير معاريف، "حقق (حزب الله) كل طلباته، وفي مقدمتها حق إلغاء كل قرارات الحكومة"، كما لفتت الصحيفة الى أن الاتفاق لم يتضمن أي إشارة إلى نزع سلاح حزب الله. فضلا عن إحداث تغييرات في القانون الانتخابي، وهو ما سيؤدي بحسب الصحيفة، الى "زيادة قوته السياسية وإضعاف الجهة المعارضة لسوريا". وتوقعت الصحيفة ايضا انه بنتيجة هذه التغييرات "أصبح لإيران وسوريا تأثير حاسم في الشؤون الداخلية اللبنانية، وفي تخصيص الموارد والسياسات الأمنية والعلاقات الخارجية".
كما برز في الساحة الاسرائيلية، كجزء من أصداء اتفاق الدوحة، تناول مستقبل قوات اليونيفيل في جنوب لبنان. ففيما قدرت جهات اسرائيلية ان يبادر حزب الله الى طردها من الجنوب استبعدت مصادر أمنية أن يبادر حزب الله إلى ذلك. وذهبت معاريف إلى حد التقدير بأنه على ضوء التغيير الذي جرى في لبنان لن تتمكن إسرائيل "من تغيير قواعد الاشتباك الخاصة بقوات اليونيفيل، التي تمنعها من استخدام القوة، إلا في حالات الدفاع عن النفس، وتمنعها من دخول القرى اللبنانية من دون إذن مسبق من الجيش اللبناني، الأمر الذي يضعف فعاليتها".
ووصفت الصحيفة نفسها ما جرى على انه شكل "ضربة قاسية" لقوى الموالاة في لبنان"، وان التغيير الاهم الذي جرى هو ان القرارات السياسية ينبغي ان تصدر بدءا من الان بالتوافق. بدورها هآرتس (26/5/2008) توقفت عند نجاح لبنان في كبح الانزلاق نحو حرب اهلية، وتوقعت ان تسود فترة هدوء نسبي، لكنها رأت انه سيكون ثمن هذا الهدوء هو "سيطرة فعلية ولفترة طويلة لحزب الله على لبنان". واعتبرت الصحيفة ان حزب الله حصل على قانون الانتخاب الذي يريد كما ان سلاحه لن يناقش مطلقا. فضلا عن ان اي مطالبة دولية بتجريده من سلاحه ستصبح من الان غير شرعية، كونها لا تحظى بموافقة الحكومة اللبنانية.
الانتقاد/ العدد1269 ـ 30 ايار/ مايو2008