ارشيف من : 2005-2008
الاحتلال يهرب من مواجهة غزة الى تهدئة يخشاها
لم تجد إسرائيل مخرجا لأزمتها في قطاع غزة، فهي من ناحية لا تقوى عمليا على اعادة اجتياح القطاع بسبب التكلفة والاثمان المرتفعة التي تقدر انها ستدفعها، اضافة الى انها ستعود في مرحلة ما بعد الاجتياح الى نقطة البداية من دون تحقيق نتائج عملية تؤمن لها الاستقرار والامن في المستوطنات المحيطة بغزة، وصولا الى مدينة عسقلان وما بعدها، وبعبارة اخرى، ينقص مبلوري القرار الاسرائيلي ما يسمى بـ"نقطة الخروج السياسي"، التي تشتد وطأتها ومطلوبيتها استنادا الى عِبر الفشل في لبنان عام 2006.
من ناحية ثانية، تخشى اسرائيل من التهدئة مع الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، لان التقدير لديها (اسرائيل) هو ان التهدئة ستؤدي الى تعزيز قدرة حماس العسكرية بعد رفع الحصار عن القطاع، واذا كانت حماس تستجلب السلاح وهي محاصرة، فحري بها ان تستجلب السلاح وبكميات وفاعلية اكبر بكثير مما لديها الان في حال فك الحصار عنها، اضافة الى استجلاب الخبرة وحرية تنقل المقاتلين من والى قطاع غزة، ناهيك عن امكان ادخال المساعدات المالية التي تعيد انعاشها من جديد، وفي ذلك تكمن الخشية الاسرائيلية التي تصل الى حد الهاجس، خاصة ان اسرائيل ترى حتمية حصول مواجهات مستقبلا، ستكون اكثر كلفة مع حماس في حال تعزز وضعها العسكري.
من هنا، فإن الخيارين، المعالجة العسكرية والتهدئة، لا يخدمان المصلحة الاسرائيلية.
برز في المرحلة الاخيرة توجه جديد في مقاربة اسرائيل لخياريها تجاه غزة، من دون ان يشكل ذلك خيارا جديدا، وقد اتضحت معالم هذه المقاربة في الايام القليلة الماضية، بعد طرح المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية سلة من المطالب والشروط على الجانب المصري، الوسيط بين الدولة العبرية والفصائل الفلسطينية في القطاع، تهدف من ناحية عملية الى تحقيق كل ما تأمل به اسرائيل، تقريبا، تجاه القطاع. أي الوصول الى نتائج الاجتياح العسكري بوسائل سياسية وبمشاركة من مصر.
سلة المطالب الاسرائيلية المقدمة الى الجانب المصري، باعتباره "وسيطا"، تتمثل في الوصول الى تقدم كبير في مسألة الجندي الاسرائيلي الاسير غلعاد شاليط، ايقاف تعاظم قوة حماس العسكرية في القطاع خلال التهدئة في حال اقرارها بما يشمل وقف تهريب السلاح والناشطين، اضافة الى قطع صلة حماس بالخارج لجهة الدعم المادي والخبرة العسكرية.
ومع ادراك اسرائيل مسبقا ان الفصائل الفلسطينية لا يمكنها القبول بشروطها، توجهت الى القاهرة كي تكون شريكا في "اتفاق التهدئة" المنشود، بحيث يعمد المصريون الى تكفل اغلاق الحدود في وجه تهريب السلاح الى غزة بشكل كلي، ومنع تنقل الناشطين الفلسطينيين من والى قطاع غزة. وبمعنى اخر، هدفت اسرائيل في مساعيها الاخيرة، ومنها زيارة وزير "الدفاع" ايهود باراك الى القاهرة، الى اشراك مصر في حربها ضد الفلسطينيين وبصورة مباشرة، باعتبارها الجهة الوحيدة القادرة من ناحية نظرية على تبديد الهواجس الاسرائيلية في حال اقرار التهدئة مع الفلسطينيين، أي منع تعاظم القدرة العسكرية للفصائل الفلسطينية، وتحديدا حركة حماس، في قطاع غزة، ما يتيح لاسرائيل القبول بالتهدئة، ما دام ان قدرة حماس العسكرية لن تتعزز.
وفي اطار المسعى الاسرائيلي تجاه مصر، علت اصوات التهديد الاسرائيلية حيال الفلسطينيين، ومن بينها ما سربته مصادر عسكرية اسرائيلية للاعلام العبري من ان الجيش الاسرائيلي، وعلى رأسه رئيس اركانه غابي اشكنازي، قد غير رأيه الرافض لاجتياح غزة وبات يؤيد الخيار العسكري. بل ان مصادر سياسية اسرائيلية رفيعة المستوى شددت على ان المواجهة مع حماس باتت وشيكة، في حال رفض الشروط الاسرائيلية التي جرى نقلها الى القاهرة.
المقاربة الاسرائيلية الجديدة مقدر لها الفشل، اذ ان مصر لا تقدر على ضبط الحدود مع قطاع غزة، حتى مع توافر الارادة للقيام بذلك.. فمن ناحية يؤدي هذا الفعل الى تجريد مصر من ورقة التوت التي تستتر بها حيال الفلسطينيين لانها ستظهر شراكتها لاسرائيل بشكل ظاهر، اضافة الى ان تجربة كسر الحصار على قطاع غزة من قبل الفلسطينيين ما زالت ماثلة امام المصريين ويخشون تداعياتها إن تكررت.
وعليه، من الصعب ايجاد حل للمشكلة الاسرائيلية حيال غزة، والاكثر معقولية ان تبقى المسألة معلقة، الى ان ترضى اسرائيل بقدرها.. فهي لا تقوى على الخيار العسكري، ولا تصب التهدئة في مصلحتها على المدى المتوسط والطويل، على ان يبقى الفلسطينيون متمسكين بمواقفهم دون ان يرضخوا للضغوط.
الانتقاد/ العدد1268 ـ 23 ايار/مايو 2008
من ناحية ثانية، تخشى اسرائيل من التهدئة مع الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، لان التقدير لديها (اسرائيل) هو ان التهدئة ستؤدي الى تعزيز قدرة حماس العسكرية بعد رفع الحصار عن القطاع، واذا كانت حماس تستجلب السلاح وهي محاصرة، فحري بها ان تستجلب السلاح وبكميات وفاعلية اكبر بكثير مما لديها الان في حال فك الحصار عنها، اضافة الى استجلاب الخبرة وحرية تنقل المقاتلين من والى قطاع غزة، ناهيك عن امكان ادخال المساعدات المالية التي تعيد انعاشها من جديد، وفي ذلك تكمن الخشية الاسرائيلية التي تصل الى حد الهاجس، خاصة ان اسرائيل ترى حتمية حصول مواجهات مستقبلا، ستكون اكثر كلفة مع حماس في حال تعزز وضعها العسكري.
من هنا، فإن الخيارين، المعالجة العسكرية والتهدئة، لا يخدمان المصلحة الاسرائيلية.
برز في المرحلة الاخيرة توجه جديد في مقاربة اسرائيل لخياريها تجاه غزة، من دون ان يشكل ذلك خيارا جديدا، وقد اتضحت معالم هذه المقاربة في الايام القليلة الماضية، بعد طرح المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية سلة من المطالب والشروط على الجانب المصري، الوسيط بين الدولة العبرية والفصائل الفلسطينية في القطاع، تهدف من ناحية عملية الى تحقيق كل ما تأمل به اسرائيل، تقريبا، تجاه القطاع. أي الوصول الى نتائج الاجتياح العسكري بوسائل سياسية وبمشاركة من مصر.
سلة المطالب الاسرائيلية المقدمة الى الجانب المصري، باعتباره "وسيطا"، تتمثل في الوصول الى تقدم كبير في مسألة الجندي الاسرائيلي الاسير غلعاد شاليط، ايقاف تعاظم قوة حماس العسكرية في القطاع خلال التهدئة في حال اقرارها بما يشمل وقف تهريب السلاح والناشطين، اضافة الى قطع صلة حماس بالخارج لجهة الدعم المادي والخبرة العسكرية.
ومع ادراك اسرائيل مسبقا ان الفصائل الفلسطينية لا يمكنها القبول بشروطها، توجهت الى القاهرة كي تكون شريكا في "اتفاق التهدئة" المنشود، بحيث يعمد المصريون الى تكفل اغلاق الحدود في وجه تهريب السلاح الى غزة بشكل كلي، ومنع تنقل الناشطين الفلسطينيين من والى قطاع غزة. وبمعنى اخر، هدفت اسرائيل في مساعيها الاخيرة، ومنها زيارة وزير "الدفاع" ايهود باراك الى القاهرة، الى اشراك مصر في حربها ضد الفلسطينيين وبصورة مباشرة، باعتبارها الجهة الوحيدة القادرة من ناحية نظرية على تبديد الهواجس الاسرائيلية في حال اقرار التهدئة مع الفلسطينيين، أي منع تعاظم القدرة العسكرية للفصائل الفلسطينية، وتحديدا حركة حماس، في قطاع غزة، ما يتيح لاسرائيل القبول بالتهدئة، ما دام ان قدرة حماس العسكرية لن تتعزز.
وفي اطار المسعى الاسرائيلي تجاه مصر، علت اصوات التهديد الاسرائيلية حيال الفلسطينيين، ومن بينها ما سربته مصادر عسكرية اسرائيلية للاعلام العبري من ان الجيش الاسرائيلي، وعلى رأسه رئيس اركانه غابي اشكنازي، قد غير رأيه الرافض لاجتياح غزة وبات يؤيد الخيار العسكري. بل ان مصادر سياسية اسرائيلية رفيعة المستوى شددت على ان المواجهة مع حماس باتت وشيكة، في حال رفض الشروط الاسرائيلية التي جرى نقلها الى القاهرة.
المقاربة الاسرائيلية الجديدة مقدر لها الفشل، اذ ان مصر لا تقدر على ضبط الحدود مع قطاع غزة، حتى مع توافر الارادة للقيام بذلك.. فمن ناحية يؤدي هذا الفعل الى تجريد مصر من ورقة التوت التي تستتر بها حيال الفلسطينيين لانها ستظهر شراكتها لاسرائيل بشكل ظاهر، اضافة الى ان تجربة كسر الحصار على قطاع غزة من قبل الفلسطينيين ما زالت ماثلة امام المصريين ويخشون تداعياتها إن تكررت.
وعليه، من الصعب ايجاد حل للمشكلة الاسرائيلية حيال غزة، والاكثر معقولية ان تبقى المسألة معلقة، الى ان ترضى اسرائيل بقدرها.. فهي لا تقوى على الخيار العسكري، ولا تصب التهدئة في مصلحتها على المدى المتوسط والطويل، على ان يبقى الفلسطينيون متمسكين بمواقفهم دون ان يرضخوا للضغوط.
الانتقاد/ العدد1268 ـ 23 ايار/مايو 2008