ارشيف من : 2005-2008

إعلام السلطة: بث للسموم الطائفية وطعن لمصداقية المقاومة

إعلام السلطة: بث للسموم الطائفية وطعن لمصداقية المقاومة

من يرصد وسائل إعلام السلطة هذه الأيام يستعذ بالله مئة مرة، على اعتبار أن كمية السموم التي تبثها يومياً كافية وحدها لأن تحرض شعباً بكامله، خصوصاً إذا ما دققنا بمستوى التعاطي مع نشرات الأخبار أو البرامج السياسية التي دأبت منذ مطلع الأحداث التي شهدها لبنان مؤخراً على اعطاء جرعات إضافية من التحريض على الشريك الآخر في الوطن، من خلال استضافة شخصيات سياسية مشهود لها بالتحريض! حتى ان البرامج الاجتماعية لم تعد بدورها بمنأى عن هذه "البربوغندا" في عملية شحن النفوس والتعبئة العامة.
عند هذا الحد كان لا بد من وضع حد لكل هذه المخالفات، لا بل "التعديات" إذا صح التعبير، لكون الاعلام يفترض به أولا وآخراً أن يحافظ على الحد الأدنى من الموضوعية في خطابه السياسي أيا تكن توجهاته او الجهة التي ينتمي إليها.
وحرصاً على الوحدة الوطنية وإبقاء الأمل قائماً بين اللبنانيين، تداعى المجلس الوطني للإعلام إلى عقد جلسة طارئة لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة بغية تهدئة الأجواء المشحونة وعدم إثارة النعرات الطائفية والمذهبية في البلاد، وهو ما لقي صدى ايجابياً لدى مختلف وسائل الإعلام التي حضرت الجلسة، باستثناء وسيلتين إعلاميتين تابعتين للسلطة وحلفائها هما: "المستقبل" و"أل بي سي"، اللتان غابتا عن الجلسة بعدما أكدتا غير مرة لرئيس المجلس عبد الهادي محفوظ استعدادهما لحضور الجلسة والأخذ بتوصياته.
وظهر من خلال المتابعة ان هاتين الوسيلتين ـ على ما يقول مصدر متابع في المجلس الوطني للإعلام ـ رفضتا الانصياع لتوصيات المجلس لشعورهما بأنهما فوق القانون، وهو شعور ربما تولّد بفعل الحماية السياسية التي تتمتعان بها، خاصة إذا ما علمنا أنهما عمدتا تكراراً الى مقاطعة تحركات المجلس الوطني للإعلام.
غير ان هذا الشعور ـ على ما يقول محفوظ لـ"الانتقاد" ـ أظهر للرأي العام اللبناني "ان هناك نية في التصعيد، وأن الوظيفة السياسية المطلوبة من هاتين الوسيلتين ما زالت قائمة، وبالتالي حصل هذا الغياب".
وبما ان المجلس الوطني للإعلام ـ وفق قراءة المصدر عينه ـ يعيش هذه الأيام أسوأ حالاته نظراً للتعامل السيىء معه من قبل حكومة السنيورة، "خاصة ان الأخيرة لم تتعامل جدياً معه لوقف الخلل الموجود في الممارسة الإعلامية، بل كان هناك إدارة ظهر مقصودة لكل المراجع الناظمة للأداء الإعلامي، وأنها لا تتذكر القوانين إلا عندما تزعجها وسيلة إعلامية، فتمارس عليها أقصى العقوبات".
ويتابع المصدر: "ان ما يجري من تجاوز لخطوط حمر إنما يعبّر عن المحاصصة السياسية المعطاة لوسائل الاعلام، عدا عن محاصرة المجلس الوطني للإعلام ومنعه من لعب الدور المنوط به قانونا كمرجعية مستقلة للقطاع المرئي والمسموع".
ويسجل المصدر ارتياحه لما أبدته وسائل الإعلام المعارضة من رغبة جدية وممارسة للرقابة الذاتية على موادها الإعلامية، وذلك من خلال ممارسة أقصى حد من الانضباط حفاظاً على الرسالة السياسية التي تؤمن بها.. غير ان هذا الارتياح لم يكن يسجل عند زميلاتها لدى السلطة، فواصلت ثقافة الفتنة والطعن بالمقاومة وبمصداقيتها وبدورها من خلال "الفلاشات" و"الكليبات"، وبوتيرة أشد خطورة".
هذا التمادي لو قُدّر له ـ بحسب المصدر ـ أن يوضع في الإطار الصحيح، "فهو يقع تحت حكم الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات (قانون المطبوعات)، التي تفرض اتخاذ إجراءات قانونية قاسية بحق الوسيلة المخالفة".
واليوم، المجلس الوطني للإعلام ـ كما يقول المصدر ـ "ينتظر بفارغ الصبر ولادة حكومة وحدة وطنية لرفع ملف الإعلام برمته اليها، بغية حملها على تحمل مسؤولياتها من خلال إعادة النظر بكامل تشريعات المجلس، لا سيما لجهة إعطاء المجلس الصفة التقريرية لا الاستشارية، كما هي الحال اليوم.. وأن يُزود المجلس ـ كما تنص القوانين المفترضة ـ بأجهزة رقابة ومتابعة، بحيث يمكنها التعرف الى المخالفات لحظة وقوعها، وليس انتظار ردود الفعل للتعامل معها".
غير ان المجلس كان يضع في مفكرته في حال عدم التوصل إلى تسوية سياسية في الدوحة، ان يلجأ الى التعامل مع قيادة الجيش والقضاء العسكري في مكافحة الخلل الإعلامي، انطلاقاً من ان الجيش هو المؤتمن على الوطن ووحدة البلاد، وبالتالي المساس بهما هو كناية عن جرم تقع ملاحقته على القضاء العسكري.
حسين عواد
الانتقاد/ العدد1268 ـ 23 ايار/مايو 2008

2008-05-23