ارشيف من : 2005-2008

خاص "الانتقاد.نت": تصعيد جمال مبارك على ايقاع تمديد الطوارئ

خاص "الانتقاد.نت": تصعيد جمال مبارك على ايقاع تمديد الطوارئ

القاهرة ـ عصام حنفى


لم تعد مؤتمرات الحزب الوطنى الحاكم السنوية ولا الجولات شبه الدورية في عواصم الأقاليم هي مناسبات الدفع برئيس اللجنة العليا للسياسات  والأمين العام المساعد جمال مبارك الى مقدمة المشهد السياسي فى مصر , بل أضيف اليه المنتدى الاقتصادى العالمى "دافوس" إبان انعقاده فى شرم الشيخ .


 


جمال مبارك يداوم على حضور المنتدى  إلا أن حديثه طوال سنوات ينصب في الغالب على مجال تخصصه المهني الاقتصادي  والاستثماري وخطوات الإصلاح الاقتصادي, إلا أنه في هذا العام بدأ بملامسة ملفات حساسة تمس الأمن القومي المصري والصراع العربي  الإسرائيلي، ويعد هذا ترفيعاً سياسياً بامتياز، فقد اعتبر أن احتفال إسرائيل بستين عاما على استقلالها سوف يظل ناقصاً ما دام الاستقلال الفلسطيني بعيدا، وشكك في إمكانية تحقيق الرئيس بوش وعده بإعلان الدولة الفلسطينية قبل نهاية العام, ولفت أنظار العرب إلى ضرورة تركيز الجهود على الإدارة الأمريكية الجديدة للاهتمام بالشرق الأوسط والقضية الفلسطينية مع بداية تولّيها وليس في نهاية ولايتها .


 


وفي ندوة ضمته والصهيونى أيهود باراك قال: إن فلسطين لديها مشاكل وإسرائيل كذلك، لكن كل إنسان في هذه الغرفة يعرف كيف يكون الحل، وأين يقف الحق والعدل! وأن مصر عندما اختارت بشجاعة السلام وتبعها الأردن تحملت كافة أنواع الضغوط بشجاعة وتصميم، وأشار إلى أن المبادرة العربية التي انطلقت في بيروت قبل ستة أعوام وأيّدتها كل الدول العربية آنذاك تؤكد رغبة العرب في السلام وهي رغبة علنية وليست سرية أو صامتة، لكن ممارسات إسرائيل تجعل الوقت في غير صالحها، فهي ستجد المتطرفين في كل مكان، كذلك أعلن أنه محبط من حديث بوش عن القضية الفلسطينية، وبسبب تأييده اللا نهائي لإسرائيل.


وقد لقيت هذه التصريحات ترحيبا من الاعلام الرسمي الذى يبشر بالقيادة الجديدة واعتبره البعض تألقا وتجليا غير مسبوق , وهو يأتي في إطار التصورات الاستراتيجية للجنة العليا لسياسات الحزب الوطني, وهو ما ينتقده معارضوه لغياب تصور ممانع وعملي للمشروع الأمريكي الصهيوني بالمنطقة .


 


ويرى بعض المراقبين أن هذا يأتي فى إطار تطورات نوعية في مستهدفات دافوس انطلاقا من عالم الاقتصاد الى تقديم قيادات جديدة و شابة بالمنطقة وصولاً إلى بناء الشرق الأوسط  الجديد , ربما وفق  التصور المقبور لبيريز فى حقبة التسعينات , فالقيادات التي يتم تلميعها وتقديمها للعالم ولشعوب المنطقة هي مزيج من المتعلمين والمثقفين المتخرجين من الجامعات الاوروبية والامريكية، وبين رجال أعمال معظمهم من الشباب الذين لا يُعرف تفسير لثرائهم وتصدرهم للاقتصاد الا التفسير الذي يقول بأن هذا الثراء ثمرة تحالفهم مع أصحاب القرار السياسي .


 


يأتى هذا في الوقت الذي عمدت فيه الحكومة الى تجديد العمل بقانون الطوارئ لمدة عامين وذلك لحين الانتهاء من إعداد قانون مكافحة الارهاب, الذي يستند إلى التعديلات الدستورية الأخيرة، وتحديدا المادة 79 المثيرة للجدل,  والذي رشحت نصوصه أتناء المداولات التشريعية بنية انتقاص كبير فى الحريات.  فقد حدد المشروع المقترح تعريف العمل الإرهابي بأنه كل تهديد أو ترويع أو تخويف يهدف للإخلال بالنظام العام، أو يعطل تطبيق أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح أو يمنع ممارسة السلطات العامة، وكل سلوك يضر بالاتصالات أو النظم المعلوماتية أو الاقتصاد الوطني، أو يضر بمعالم الدولة في الداخل أو الخارج.


 


واستحدث المشروع جريمة التحريض بأية وسيلة علنية أو غير علنية، وعاقب القائم بها بنفس عقوبة الفاعل الأصلي للجريمة الإرهابية، التي تصل إلى حد الإعدام في حالة وفاة أحد الأشخاص، والسجن المؤبد كحد أدنى مع حل المنظمة ومصادرة أموالها.



وحظر المشروع تشكيل أية منظمة أو جماعة أو جمعية أو هيئة يكون الغرض منها الدعوة بأية وسيلة لتعطيل أحكام الدستور أو القوانين، أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو مقاومة هذه السلطات أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات أو الحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية، أو مدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه.


هذه النصوص الفضفاضة والعقوبات المشددة والتي تتجاوز قانون الطوارئ , والتي تصيب في مقتل دعوات الاحتجاج"الالكترونية" المستحدثة عبر الانترنت , أشاعت مناخات من التوتر في صفوف المهتمين بالشأن العام.


 


حجة رئيس الوزراء المعلنة  بتمديد حالة الطوارئ, وهي عدم كفاية الوقت اللازم لاعداد قانون الإرهاب واحتذاء بدول مثل فرنسا وبريطانيا وحرصا على ما اسماه الاستقرار التشريعى , لا تبدو مقنعة لرأي عام اعتاد سرعات غير مسبوقة لأداء الفريق التشريعي عند الضرورة ، حيـــــث استطاعوا إعادة صياغة 113 مادة في الدستور المصري  وتمريرها في مجلس الشعب خلال أيام قليلة العام الماضي , ويبدو أن الرهان على قبول الشارع السياسي مكرها باستمرار الطوارئ بعد ما لاح من فزاعات قانون الارهاب هو الأقرب للواقع , وهو ما يضمن استمرار سيناريو التصعيد لجمال الابن بحد أدنى من الكلفة الأمنية ومن التوتر فى الشارع. 
التاريخ: 28/5/2008




2008-05-28