ارشيف من : 2005-2008
مصادر مقربة من أردوغان: وساطة تركيا بين سوريا وإسرائيل لتمرير نهاية حقبة بوش دون كوارث
باريس ـ نضال حمادة
قالت مصادر تركية مقربة من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، إن الوساطة التي بدأتها تركيا بين سوريا وإسرائيل ما هي إلا محاولات من الجانب التركي، لتمرير الشهور الباقية من ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش من دون حصول كوارث. وأضافت المصادر التركية التي التقتها "الانتقاد" في باريس على هامش ندوة لحقوق الإنسان نظمتها اللجنة العربية لحقوق الإنسان، أن القيادات السياسية والعسكرية في تركيا، لا يثقون أبدا بالرئيس الأميركي جورج بوش وهم يخشون تهوره، وقيامه قبل نهاية ولايته بشن حروب جديدة في المنطقة، لا يرغب احد بها وتشكل تهديدا جديا للأمن القومي التركي. وأوضحت المصادر التركية، أن فتح باب التفاوض السوري الإسرائيلي عبر وساطة تركيا، اتفق عليه بين المسؤولين الأتراك والمسؤولين في الكيان الغاصب، بسبب تخوف القيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل من الضغوط التي يمارسها جورج بوش على إيهود أولمرت لخوض حرب جديدة ضد حزب الله.
وتعزو المصادر التركية تخوف الإسرائيليين هذا إلى قناعة العسكر والساسة الصهاينة بأن الجيش الإسرائيلي لا يمكنه خوض حرب جديدة على المقاومة الإسلامية في لبنان، خصوصا بعد الهزيمة التي مني بها في حرب تموز عام 2006 ولم يتعاف من آثارها حتى اليوم، ملاحظة أن مسؤولين في الجيش التركي أعربوا عن قناعتهم بعدم جهوزية الجيش الإسرائيلي بعد ملاحظات تقرير لحلف شمال الأطلسي حول ضعف الأداء الذي أبداه جنود هذا الجيش في المناورات الكبيرة التي أجراها منذ أسابيع.
وتتخوف القيادات التركية من تداعيات أية حرب تشنها أميركا على إيران وسوريا، وهي تسعى جاهدة لتجنب هذا الاحتمال الذي يشكل خطرا كبيرا على الأمن القومي التركي حسب المصادر نفسها التي تؤكد الخشية التركية مما يجري في شمال العراق، واحتمال تمدده إلى مناطق اخرى يوجد فيه الأكراد، قائلة إن الأتراك منعوا خلال السنتين الماضيتين محاولات عديدة لإدانة إيران داخل حلف شمال الأطلسي الذي تشكل تركيا عضوا فعالا فيه، وأوضحت هذه القيادات أن المسؤولين في أنقرة يتبعون سياسة التخفيف من وطأة التصريحات الإيرانية القوية، حول البرنامج النووي الإيراني بالقول في محافل الناتو إن هذه سياسة تعتمدها القيادة الإيرانية لشد العصب الشعبي حولها في وقت تشعر فيه بالتهديد الأميركي والإسرائيلي على أمنها، في وقت يوجد فيه الجيش الأميركي على حدودها، وتجوب عشرات البوارج وحاملات الطائرات الأميركية مياه الخليج قبالة الشواطئ الإيرانية وعلى مقربة من المنشآت الصناعية في إيران، وتذهب تلك المصادر إلى القول إن الأتراك يقللون من أهمية تقدم البرنامج النووي الإيراني في اجتماعات حلف شمال الأطلسي، وذلك بقصد قطع الطريق على كل المحاولات الأميركية الرامية إلى استخدام القوة العسكرية للحلف في أية حرب قد تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية ضد إيران.
في السياق يعتقد المصدر أن الوساطة التركية بين سوريا وإسرائيل، لا تتوافر فيها أية فرصة للنجاح بسبب تباين سياسة الطرفين حول قضايا مهمة وجوهرية، ويذكر أن السوريين رفضوا بشكل قاطع أي دخول في الحديث عن العلاقات السورية الإيرانية مع أي كان في العالم، بسبب ما يعتبرونه شأنا داخليا، ويردف لقد قال السوريون للوسيط التركي إن مسألة العلاقات السورية الإيرانية لا تعني إسرائيل، وهي شأن سوري بحت. في هذا التحرك السياسي الكل يسعى إلى إمرار الأشهر الأخيرة لولاية بوش بأقل الخسائر الممكنة، فالأتراك يسعون إلى الابتعاد عن دائرة الضغط والخطر الأميركيين، وهم الذين تعرضوا لضغوط أميركية جدية في الآونة الأخيرة من أجل السماح للقوات الجوية الأميركية باستخدام الفضاء والأراضي التركية في حال قررت أميركا شن حرب على إيران، وهذا ما رفضته القيادة التركية بالكامل.
أما إسرائيل فهي لا تريد أن تخوض حربا جديدة غير مستعدة لها فقط لأن أميركا تريد ذلك، ولديها تجربة عام 2006 المريرة التي ما كانت لتصل لهذه النتائج الكارثية لولا الضغوط الأميركية على أولمرت لإطالة مدة الحرب. وفي النهاية يبدو الموقف السوري الأكثر دقة وصعوبة، فهو من ناحية يريد تفادي مواجهة عسكرية مع أميركا، ومن ناحية أخرى لا يريد فك تحالفه مع إيران، وهو يعرف أن في السعودية من قرر إسقاطه عبر بيروت ومن داخل دمشق نفسها، تختم المصادر التركية المقربة من أردوغان كلامها.
الانتقاد/ العدد1268 ـ 22 ايار/ مايو2008