ارشيف من : 2005-2008

بخلاف ما روّجه السبع عن انعدام وجودها في لبنان: تنظيمات السلفية تعاود استهداف الجيش "بأساليب انتحارية"

بخلاف ما روّجه السبع عن انعدام وجودها في لبنان: تنظيمات السلفية تعاود استهداف الجيش "بأساليب انتحارية"

لم يكن الظهور المتجدّد لعمليات التخريب الأمنية ضدّ الجيش اللبناني لما له من أهمية رئيسية في بناء أسس الدولة العادلة والقادرة، مفاجئاً، بل كان متوقّعاً ومن ذات التنظيمات السلفية التي تلقّت منه ضربة موجعة في مخيّم نهر البارد وما سبقها وتبعها من تفكيك شبكات ومجموعات تخريبية تابعة لها، وتتحرّك في إطارها العام والهادف إلى العبث بالأمن والسلم الأهلي.
فالمعلومات الأمنية كانت تشير إلى إمكانية عودة استهداف الجيش ولا سيّما مع استلام الرئيس العماد ميشال سليمان دفّة قيادة البلاد، بقنبلة هنا، أو تفجير هناك، أو إطلاق نار هنالك، لإثارة البلبلة وزرع الفتنة وإبقاء لبنان على شفير التوتّر العالي، فلذلك كانت التعليمات العسكرية صارمة بضرورة توخّي الحذر والانتباه.
وما تبنّي تنظيم "فتح الإسلام" لعملية تفجير مقرّ لمخابرات الجيش اللبناني في منطقة العبدة في شمال لبنان، سوى دليل إضافي على أنّ هذا التنظيم وأشباهه من التنظيمات المتفرّعة والمنبثقة عن تنظيم "القاعدة" موجود وبفاعلية على الأراضي اللبنانية، بعكس كلّ تصريحات المسؤولين في فريق الموالاة، وخصوصاً وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد المتقاعد حسن السبع الذي كان يصرّ على استبعاد أيّ حضور لهذه التنظيمات المتطرّفة، بينما سجلات  قوى الأمن الداخلي التي تتبع له مليئة بأسماء وسجناء من هذه التنظيمات.
كما أنّ رئيس تنظيم "فتح الإسلام" الأردني الفلسطيني شاكر العبسي لا يزال مختفياً وحرّاً ومطلق اليدين، ولم يعد أحد يتحدّث عنه، ولا تستبعد مصادر أمنية أن يكون قد عاد للعمل مع آخرين لم يتمّ توقيفهم في الفترة السابقة لأسباب متنوّعة.
وما استوقف المصادر الأمنية هو طريقة تنفيذ العملية الانتحارية بحقّ عناصر الجيش اللبناني في محلّة تعمير عين الحلوة في مدينة صيدا وفي ذات اليوم الذي وقع فيه التفجير في العبدة، حيث اكتشف أمر شخص يضع حزاماً ناسفاً على خصره يحتوي على كيلوغرامين من مادة الـ"ت.أن.ت"، فجرى قتله على الفور وقبل وصوله إلى ناقلة للجند.
وأسلوب التفجير هذا، جديد على الساحة اللبنانية، ولم تحصل جرائم مماثلة له من قبل، ويذكّر بما يحدث في العراق حيث ينتشر هذا الأسلوب القاتل من دون هوادة ومن دون أيّ رادع إنساني أو ديني.
وبغضّ النظر عما إذا كان الجيش هو المستهدف بهذه العملية، أو أحد سواه في مكان آخر، فإنّ الطريقة تحمل في طيّاتها رسالة خطيرة تفيد بأنّ هذه التنظيمات السلفية المتغلغلة، قرّرت استبدال مخطّطاتها الإرهابية السابقة بالضرب من بعيد عن طريق وضع عبوة هنا أو هناك، والانتقال إلى مرحلة المواجهة الانتحارية لأنّها توقع أكبر عدد من الضحايا ولا تكلّفها خسائر معنوية باهظة.
ووضع مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد يده على ملفّ محاولة التفجير الفاشلة، حيث يجري التحقّق من هوّية "الشخص الانتحاري" الذي قيل إنّه يحمل بطاقة مزوّرة، وإنّ اسمه ليس محمود ياسين الأحمد، وذلك لمعرفة الجهة التي تقف خلفه، وخصوصاً أنّه بخلاف التفجير في منطقة العبدة، فإنّ أيّة جهة لم تعلن مسؤوليتها عنه، بل تكتّمت على الأمر، وتعزو مصادر أمنية مطلعة، السبب، إلى فشل العملية، وخشية أن ذلك ينعكس سلباً على عناصرها.
علي الموسوي
التاريخ: 4حزيران/ يونيو 2008

2008-06-04