ارشيف من : 2005-2008

القَسم الرئاسي استفز الموالاة في المقاومة والمحكمة والاستعارات من ورقة التفاهم

القَسم الرئاسي استفز الموالاة في المقاومة والمحكمة والاستعارات من ورقة التفاهم

مجموعة 14 شباط وقوى المعارضة الوطنية.‏

وأكثر ما استفزها جملة صغيرة التزم فيها الرئيس القادم من قيادة الجيش الى رئاسة الجمهورية وهي "الاستفادة من طاقات المقاومة" دون ان يحدد الكيفية والأسلوب، بالرغم من ذلك رأت مجموعة معراب في فريق الموالاة ان رئس الجمهورية اعطى بهذه الجملة القصيرة ما عجزت المعارضة الحصول عليه في اتفاق الدوحة، وهو تشريع سلاح المقاومة، وكل ما تمكنت من تحصيله في ورقة فينيسيا ولاحقاً في قطر هو تأجيل البحث في موضوع السلاح الى الحوار الوطني الذي سيرعاه لاحقاً رئيس الجمهورية.‏

كما تبنى "الاستراتيجية الدفاعية" للمقاومة مستعيرا هنا ما ورد في وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله لجهة صياغة استراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون وينخرطون فيها عبر تحمّل أعبائها والإفادة من نتائجها.‏

وبحسب اقطاب في الأكثرية فإن خطاب القسم أخذ من وثيقة التفاهم دعوتها الى كشف مصير المفقودين، واستعادة الذين لجأوا إلى الكيان الصهيوني.‏

الموضوع الثاني في القسم الرئاسي الذي استفز الموالاة من كبيرها الى صغيرها هو ما ورد عن المحكمة الدولية والذي عبر عنه الخطاب الرئاسي وكأن الجريمة تعني بلداً غير لبنان، وتساءل أقطاب في الأكثرية عن معنى ان يؤكد الرئيس ميشال سليمان على "مساهمتنا في قيام المحكمة الدولية الخاصة، بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وما تلا من اغتيالات، فذلك تبيان للحق، وإحقاق للعدالة"، وكان حرياً بحسب شخصيات في تيار المستقبل ان يعود الى مقررات الحوار الوطني في المجلس النيابي ويلتزم بما تم التفاهم بشأنه بين أقطاب الموالاة والمعارضة لا أن يطرح عناوين عامة جداً لا تساعد في عمل المحاكمة.‏

باستثناء هذه العناوين فإن فريق الموالاة يرى في خطاب القسم لغة حيادية ستؤدي في المستقبل القريب الى ابتعاد قصر بعبدا عن الحسم السياسي في القضايا المصيرية، لأن اتفاق الدوحة وإن اسند اليه مهمة الحوار الوطني الا انه جرده من التمثيل الفاعل في مجلس الوزراء، فالمحاصصة الوزارية افقدته دور الحكم.‏

ووفقاً لقراءة سريعة لخطاب القسم أكد سياسي في التيار الوطني الحر ان قوى الموالاة تعاملت بحذر شديد مع الرئيس سليمان عندما رفضت اعتباره حكماً برفضها صيغة العشرات الثلاث أولاً ثم رفضها رفع حصته الوزارية الى ستة وزراء، لاعتقادها ان الرئيس القوي سيأخذ من صلاحيات رئيس الحكومة، هذا فضلاً عن وضع حواجز سياسية في طريقه تمنعه من الجنوح نحو المعارضة في المستقبل.‏

ويعتقد التيار الوطني الحر ان خطاب القسم استعار الكثير من العناوين لوثيقة التفاهم بين التيار وحزب الله، وما كانت قوى الأكثرية تعتبره ادانة للتيار وتحرض المسيحيين به ضد الجنرال ميشال عون، تبناه الرئيس سليمان بالكامل، وذهب أبعد من ذلك بكثير عندما دعا للاستفادة من طاقات المقاومة في الاستراتيجية الدفاعية.‏

ويرى التيار الوطني ان خطاب القسم تجاهل الفساد في ادارات الدولة، وكان حرياً به ان يذكر ذلك بشكل واضح لا لبس فيه، لأن الدعوة الى الاصلاح أو الشروع في الاصلاحات لا يمكن ان تتم دون محاربة الفساد ومعاقبة المفسدين في المؤسسات العامة والناهبين للمال العام طوال السنوات السابقة.‏

مصادر الرئيس بري وصفت خطاب القسم بالخطاب الممكن الذي حرص فيه رئيس الجمهورية على ذكر جميع العناوين العريضة التي تم التوافق حولها خلال الحوار الوطني وفي مؤتمر الدوحة، وقد أخذ على نفسه عهداً ان يبدأ مرحلة جديدة والتزم بمشروع وطني بعيداً عن المصالح الفئوية والطائفية، وهذا المشروع سيظل غير قابل للحياة بدون الاستقرار السياسي الذي سيعبر عنه قانون الانتخابات.‏

وتمنت مصادر الرئيس بري لو ان خطاب القسم أكد على اعادة اعمار ما هدمته اسرائيل في عدوان تموز 2006 لأن ربط دفع التعويضات لأصحاب الحقوق بالمواقف السياسية انعكس سلباً على حياة المواطنين.‏

أما موقف حزب الله من خطاب القسم فعبر عنه الأمين العام سماحة السيد حسن نصرالله في كلمته بمناسبة السنة الثامنة على عيد المقاومة والتحرير، عندما شدد على تنفيذ اتفاق الدوحة وخصوصاً لجهة تشكيل حكومة وحدة وطنية.‏

وفي مطالعة حيادية عبرت عنها شخصية سياسية مخضرمة قالت بأن خطاب القسم يُشبه قائد الجيش ميشال سليمان، فقد جاء متوازناً، لم يتضمن اي عبارات توحي بالانحياز الى فريق دون الآخر، وكان حذراً من اتخاذ مبادرات أو قطع التزامات على نفسه، وأصر على ان التوافق السياسي هو الذي يساعد الجيش اللبناني على القيام بواجباته.‏

أما فيما يتعلق بالمقاومة فإن الرئيس سليمان ومن موقعه السابق كقائد الجيش اللبناني ساهم في وضع وتنفيذ الاستراتيجية الدفاعية للمقاومة قبل طرحها للتداول السياسي، وقيادة الجيش ملتزمة بها بغض النظر عن مواقف قوى الأكثرية من هذا الموضوع، وبفضل هذه الاستراتيجية انتصرت المقاومة في 25 أيار من العام ألفين، وانتصرت أيضاً في صد عدوان تموز 2006، في الانتصار الأول خاض الجيش اللبناني مع المقاومة حرب التحرير وساعدها في التحرك والتموضع وشن الهجمات، كما خاض مع المقاومة حرب الدفاع في تموز 2006.‏

إن السيرة الذاتية لميشال سليمان في مساعدة المقاومة من موقعه في القيادة الأولى تبعث على الارتياح في قيادة المقاومة، والتي تتوقع المحافظة على الاستراتيجية المشتركة المعتمدة حالياً، إلا ان قيادة المقاومة تخشى من استغلال القوى السياسية لسلاح الجيش وسلاح القوى الأمنية في ضرب هذه الاستراتيجية.‏

يدرك الرئيس ميشال سليمان ان ما ينتظره يحتاج الى أكثر من وعود. يحتاج الى عمل مستمر، يتناغم فيه الاعمار والاصلاح مع استراتيجية الدفاع. فهل يعود من استغل دم الرئيس رفيق الحريري لتحقيق مكاسب سياسية الى سياسة رفيق الحريري؟.‏

قاسم متيرك‏

الانتقاد/ العدد1269 ـ 30 ايار/ مايو2008‏

2008-05-29