ارشيف من : 2005-2008
خطاب القسم أرضى الأطراف.. الأوراق البيضاء شغلت الأوساط:جلسة انتخاب سليمان أسست لمصالحات إقليمية
من أيار الحالي، التي انتُخب خلالها قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية بأكثرية مئة وثمانية عشر صوتا من أصل مئة وسبعة وعشرين نائبا حضروا الجلسة التي تميزت أيضا بحضور دبلوماسي عربي ودولي غير مسبوق في تاريخ لبنان. وانتهى بذلك "عهد الفراغ" الذي استمر ستة أشهر ويوما واحدا، وبات عنوان هذه المرحلة هو "تداعي المشروع الاميركي الصهيوني في لبنان"، وتكريس نهج الممانعة ومبدأ الشراكة، وأنه لا يمكن لفريق رهن نفسه للخارج ان يقرر مصير لبنان وخياراته السياسية بمعزل عن أكثرية الشعب اللبناني التي ترفض رهن البلد للإرادة الاميركية.
وتميزت جلسة انتخاب سليمان بالعديد من المؤشرات منها:
أولا: وجود رعاية إقليمية ودولية لتنفيذ بنود اتفاق الدوحة، الذي شكلت جلسة الانتخاب تنفيذا لبنده الأول. وتمثل ذلك بالحضور الدبلوماسي غير المسبوق في تاريخ لبنان، حيث كان البارز اضافة الى حضور الراعي القطري، حضور وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية منوشهر متكي ووزير الخارجية السوري وليد المعلم ووزيري خارجية السعودية ومصر سعود الفيصل وأحمد أبو الغيط، اضافة الى الحضور التركي والأوروبي.
وإذا كانت كل من طهران ودمشق حضرتا انطلاقا من اعتبار انهما حققتا انجازا عبر ما كسبته المعارضة من اتفاق الدوحة، فإن حضور المحور المقابل كان في سياق التقليل من الخسائر التي لحقت بفريق السلطة.
ثانيا: شهدت أروقة المجلس النيابي على هامش الجلسة ما يشبه إعادة التواصل العربي ـ العربي والإقليمي، وتمثل ذلك في اللقاء الذي جمع متكي والفيصل، والذي اعتبره المراقبون كسرا للقطيعة التي حصلت بين الجانبين مؤخرا. وقد أعرب الفيصل عن ارتياحه لنتائج اللقاء، وأنه كان جيدا. وتحول اللقاء الى لقاء موسع بعدما انتقل الوزيران الى مكتب رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان يجتمع مع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ورئيس مجلس الشعب أحمد فتحي سرور، وجرت مناقشة الأوضاع العربية والإقليمية، اضافة الى مراحل تطبيق اتفاق الدوحة.
جلسة الانتخاب
انتخاب العماد سليمان في الجلسة التاريخية جرى من دون تعديل فقرتين من المادة التاسعة والأربعين من الدستور، المتعلقتين بموظفي الفئة الأولى. وهو ـ أي الانتخاب ـ استند الى المادتين الثالثة والسبعين والرابعة والسبعين اللتين تؤكدان ان مجلس النواب هو هيئة انتخابية وليست اشتراعية مع انتهاء المهل والشغور في رئاسة الجمهورية. لكن ذلك لم يحل دون مداخلات لعدد من النواب اعترضوا على انتخاب العماد سليمان دون تعديل الدستور، وهو ما تطرق له الرئيس حسين الحسيني والنواب بطرس حرب وجورج عدوان ونائلة معوض.
ومنذ لحظة صدور نتائج فرز الأصوات، فإن التركيز انتقل من عدد الأصوات التي نالها الرئيس سليمان والبالغة مئة وثمانية عشر صوتا، الى الأوراق الست البيضاء، حيث انشغل الوسط السياسي بمعرفة من يقف وراءها.
فإذا كانت واحدة منها معلومة بأنها للنائب بطرس حرب، فإنه تردد ان أربعا منها لنواب كتلة القوات اللبنانية، برغم نفيها ذلك.
ونُسبت الورقة التي حملت اسم النائب السابق نسيب لحود
الى النائب مصباح الأحدب، وهو نائب رئيس حركة التجدد التي يرأسها الأخير. وهو كان شن حملة مركزة على العماد سليمان خلال الأحداث الأخيرة.
كما حملت ورقة اسم النائب السابق جان عبيد من دون ان يعرف من صوّت بها, وورقة كُتب عليها "رفيق الحريري والنواب الشهداء"، وتردد ان من صوّت بها هو النائب باسم السبع.
ولوحظ خلال الجلسة العامة ان الحكومة غير الشرعية التي باتت بحكم تصريف الأعمال بعد انتخاب العماد سليمان، شاركت في الجلسة العامة بأفرادها وليس بصفة حكومة ماثلة أمام الهيئة العامة لمجلس النواب، حيث جلس عدد من الوزراء النواب في مقاعد النواب، وجلس الرئيس فؤاد السنيورة بين عدد من الشخصيات العربية والدولية. كذلك حضر عدد من الوزراء، بينهم الوزراء المستقيلون كضيوف.
خطاب القسم
تفاوت التقييم السياسي لخطاب القسم الذي ألقاه الرئيس المنتخب خلال الجلسة التي أدى خلالها اليمين الدستورية، لكن الأوساط بمختلف اتجاهاتها تلاقت عند اعتبار ان هذا الخطاب الذي كان واقعيا في نظرته للملفات الشائكة المطروحة، كان "خطابا توافقيا"، أخذ منه كل فريق ما أراد. وهذا الخطاب شدد على المصالحة والحوار خلال المرحلة المقبلة، وأكد أهمية الاستفادة من طاقات المقاومة التي تمكنت من تحرير القسم الأكير من الأرض في الاستراتيجية الدفاعية لمواجهة التهديدات الصهيوينة. كما أعلن الالتزام بالقرارات الدولية المتعلقة بالتحقيقات في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. كذلك شدد على العلاقات المميزة مع سوريا على قاعدة الندية والاستفادة من التجارب السابقة.
هلال السلمان
الانتقاد/ العدد1269 ـ 30 ايار/ مايو2008