ارشيف من :أخبار اليوم
المقتطف العبري ليوم الثلاثاء: حاولنا الهروب من لبنان لكنه مستمر في مطاردتنا
حاولنا الهروب من لبنان، لكنه مستمر في مطاردتنا
المصدر: "القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي ـ الون بن دافيد"
" ذكرت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أنه اليوم قبل 10 سنوات بالضبط خرج آخر جنود الجيش الإسرائيلي من لبنان، وكما يقولون انسحبنا من لبنان لكنه لم يتركنا، وبحسب محلل الشؤون العسكرية في القناة الون بن دفيد " انه فقط امر رمزي أننا اليوم وبالضبط بعد عشر سنوات على الإنسحاب من لبنان، نتحضر لحرب أخرى مع حزب الله.
إذا نظرنا الى سيناريو مناورة الجبهة الداخلية الكبرى هذا الأسبوع، فإنها ستكون حرب، سيهاجم فيها الداخل الإسرائيلي كما لم يحدث من قبل في أي حرب من حروب إسرائيل، حيث يوجد عشرات آلاف الصواريخ الخاصة بحزب الله وهي قادرة على إصابة أي نقطة في إسرائيل وقسم منها بدقة عالية، وقادرة أيضاً على التشويش بشكل جوهري ليس فقط الحياة في إسرائيل إنما أيضاً على عمل الجيش الاسرائيلي.
هذا الصباح بالضبط قبل عشر سنوات اقفلنا البوابة مع لبنان، على آمل أن يبقى حزب الله ولبنان هناك وراء الجدار، وهذه اللحظة ربما كانت الذروة في عقد من أوهام السلام، حيث كان هناك من اعتقد بأننا إذا انسحبنا وعدنا الى وراء الجدار فإننا سنكون قد أنجزنا المهمة.
لكن من الجهة الثانية للجدار تحولت منظمة العصابات الصغيرة الى اسطورة الشرق الأوسط والى من نجح في المعركة ضد إسرائيل وكشفت ضعفها. كما قال السيد نصر الله في بنت جبيل والذي تحدث فيه عن أن اسرائيل هي أوهن من بيت العنكبوت.
بعد ثلاثة أشهر من ذلك اندلعت هجمة العنف والإرهاب الفلسطيني التي كلفتنا ألف قتيل، وعندها حصلت أيضاً عملية خطف الجنود الثلاثة، وكأنه من أجل إثبات نظرية "بيت العنكبوت" الخاصة بـ (السيد) نصر الله، فإن كل تهديدات ووعود رئيس الحكومة ايهود باراك بقيت دون تنفيذ (من يجرؤ على إطلاق النار على مواطنين إسرائيليين أو على الجيش الإسرائيلي بعد أن تمركزنا داخل الحدود الإسرائيلية فإنه سيدفع ثمناً غالياً)
لكن بحسب ألون بن دافيد بعد ذلك بست سنوت فقط وبعد عملية الخطف الثانية خرجت إسرائيل من أجل ترميم ردعها. حرب لبنان الثانية انتجت اربعة سنوات من الهدوء الذي لم يكن له مثيل في الشمال، لكن حالياً تحول حزب الله من منظمة صغيرة إلى وحش ذو قوة هائلة ومسلح بشكل كبير جداً بكميات ونوعيات لا تخجل منها معظم دول العالم.
حزب الله مرتدع اليوم من إسرائيل، لكن إسرائيل مرتدعة أيضاً من قوة نيران حزب الله، والطرفان يريدان حالياً الإمتناع عن المواجهة، لكنهما يعرفان أن الجولة المقبلة سوف تأتي.
اليوم بعد عقد فإنه من الواضح أن الإنسحاب لم يقربنا من السلام ولم يوفر علينا الدم. حاولنا الهروب من لبنان، لكن لبنان مستمر في مطاردتنا".ــــــــــــــــــــــــ
المصدر: "جيروزاليم بوست ـ يعقوب كاتس"
إسرائيل أعطت إيران في النهاية انتصارها الأوّل
" منذ عشر سنوات، في الرابع والعشرين من أيّار 2000، أكمل الجيش الإسرائيلي انسحابه الأحادي الجانب من جنوب لبنان. وهذا العام في الرابع والعشرين من أيّار، قد يقول البعض أنّ الجيش الإسرائيلي مشغولٌ بدفع ثمن انسحابه السريع، حيث أنّ هناك حوالي أربعين مجلساً محلياً يقومون بإجراء مناورة دفاعية تحضيراً للحرب المقبلة مع حزب الله.
بالعودة إلى العام 2000، قام عددٌ قليلٌ جداً من السياسيين أو الضباط العسكريين بالاعتراض على الانسحاب. ولكن الإجماع كان حينها، ويبدو أنّه اليوم كذلك أيضاً، بأنّ إيهود باراك قام بالخطوة الصحيحة من خلال سحب إسرائيل إلى خارج لبنان وإنهاء الثمانية عشر عاماً المكلفة التي كان يتواجد فيها الجيش الإسرائيلي في الحزام الأمني هناك.
أولئك الذين اعترضوا على الانسحاب شاهدوا ما حصل في النهاية مع مرور الوقت. هم لم يعترضوا على الانسحاب الفعلي ولكنّهم عارضوا الطريقة التي حصل بها الانسحاب بسرعةٍ وتحت جنح الظلام. وبحسب ما يقول هؤلاء المسؤولون، فإنّ إسرائيل بدت وكأنّها تهرب من لبنان نظراً لخسائرها العسكرية، وبهذه الطريقة أعطت إيران في النهاية ـ ووكيلها الرقم واحد، حزب الله ـ انتصارهما الأوّل في المعركة المستمرّة بين إسرائيل وبين محور الشرّ الذي تقوده إيران.
وقد تمّ دفع ثمن هذا الانسحاب بشكلٍ سريعٍ عندما تمّ اختطاف ثلاثة جنود في تشرين الأوّل من العام 2000 في منطقة مزارع شبعا، وقد عادت جثثهم بعد ثلاث سنوات. وقد سمحت سياسة الكبح الإسرائيلية ـ أو كما أطلق عليها لاحقاً، سياسة الاحتواء ـ سمحت لحزب الله بالاستمرار في بناء جيشه وترسانته الصاروخية التي واجه بها الحزب إسرائيل في حرب لبنان الثانية في العام 2006.
وبغضّ النظر عمّن هو المحقّ في النقاش حول ما جرى قبل عشر سنوات، إلا أنّ الواقع اليوم هو أنّ إسرائيل تواجه تهديداً متزايداً في لبنان. فحزب الله لديه اليوم صواريخ أكثر مما كان يملك في العام 2000 و 2006 بعشرات الآلاف. ففي العام 2000 لم يكن الحزب يملك صاروخاً واحداً يمكن أن يصيب تل أبيب، أمّا اليوم، فهو يملك المئات من هذه الصواريخ.
هدف وجود حزب الله قبل انسحاب العام 2000 كان مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ومنذ انسحاب إسرائيل، ورغم أنّ الحزب قد يقول في العلن أنّه باقٍ لمواجهة التواجد العسكري الإسرائيلي في مزارع شبعا وفي القسم الغربي من الغجر، إلا أنّه في الواقع موجودٌ لأنّ سوريا وإيران تريدان منه ذلك.
كِلا البلدين يرعيان حزب الله وهما داعميَه الأساسيين. فصواريخ السكود التي وصلت مؤخراً إلى حزب الله جاءت من سوريا، وصواريخ أم600 تمّ تصنيعها في سوريا وقد تمّ تصنيعها وفقاً لتصميم إيراني.
نقطة تحوّل 4، مناورة الدفاع المدني التي تجريها إسرائيل هذا الأسبوع، ليس قائمةً على سيناريوهات تتضمّن تهديدات يمكن أن يتمّ تجسيدها في المستقبل وإنّما تعني تحضير الناس للتهديدات التي تواجهها إسرائيل اليوم.
كلّ أعداء إسرائيل، بما فيهم إيران، سوريا، حزب الله، وحماس زادوا من إنتاجهم واستحصالهم على صواريخ بعيدة المدى خلال العام الأخير، وهذه الصواريخ قادرة على مهاجمة وسط البلاد وتل أبيب. وفي حال اندلاع الحرب غداً، فكلّ التقديرات تشير إلى أنّ إسرائيل سوف تكون تحت وابلٍ من الصواريخ لم يسبق له مثيلٌ وموجّه بشكلٍ أساسي إلى تل أبيب.
خلال الأسابيع الماضية كان هناك حديثٌ حول المسؤولية عن أيّ صراع متجدّد مع حزب الله في وقتٍ ما خلال هذا الصيف. الدافع لهكذا حرب سوف يكون واحداً من هذه السيناريوهات الثلاثة- إمّا أن يهاجم حزب الله إسرائيل كردٍّ على هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، وإمّا أن ينجح حزب الله في تنفيذ عملية رداً على اغتيال القائد العسكري لحزب الله (الحاج) عماد مغنية في العام 2008، أو أن تقرّر إسرائيل مهاجمة شحنات الأسلحة كما أفادت أنّها كانت ستفعل خلال الشهر الماضي أثناء نقل سوريا لصواريخ السكود إلى حزب الله.
وخلال هذه اللحظة، لا يبدو أيّ طرفٍ معنياً بتجديد الصراع. إسرائيل تفضّل الهدوء، خصوصاً الآن حيث قامت بتجديد محادثات السلام مع الفلسطينيين. وحزب الله معني بالاستمرار بتسلّحه وفي الوقت ذاته بزيادة قوّته السياسية في بيروت".ـــــــــــــــــــــــ
المصدر: "إسرائيل اليوم ـ شلومو تسزنا"
" يضغطون في القدس على الأمريكيين من اجل إضافة بند آخر في قائمة العقوبات على إيران التي يتم بلورتها في الأمم المتحدة ومنع روسيا من بيع صواريخ S-300 لطهران.
وقالت مصادر سياسية إسرائيلية أمس أن هذه العقوبة غير متضمنة في مسودة العقوبات الأخيرة، التي قدمت لأعضاء مجلس الأمن الدولي. إن صواريخ ال S-300 أرض – جو قادرة على أن تستخدم ضد الطائرات وقادرة على اعتراض صواريخ باليستية، التي قيل عنها أنها صواريخ يمكنها منع هجوم إسرائيلي ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وقعت الشركة المنتجة الماز الروسية في العام 2005 على صفقة بقيمة 800 مليون دولار مع طهران، ولكن منذ تلك الخطوة لم تخرج هذه الصفقة إلى حيز الفعل. ويبذلون في القدس بالأيام الأخيرة جهودا كبيرة، من اجل ضمان أن لا يحصل تغيير في تجميد الصفقة.
ويخشون في إسرائيل من حقيقة وهي ان عدم وجود هذه العقوبة في المسودة، ناتج عن تغيير في الموقف الروسي الذين ينوون تنفيذ الصفقة.
هناك إحتمالية أخرى وهي الأفضل من ناحية إسرائيل، وهي أنه لا يوجد تغيير حقيقي في موقف موسكو، إلا أن الروس يفضلون عدم الدخول في مواجهة مع الإيرانيين في هذا الموضوع.
في الوقت الراهن أفادت أمس صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة الأمريكية،قدمت تنازلات للروس بهدف كسب تأييدها للعقوبات ضد إيران. وبحسب التقرير فإن هذه التنازلات مرتبطة برفع العقوبات الامريكية عن الخطوة العسكرية الروسية التي نفذتها والمتمثلة بالصفقة الضخمة لصواريخ ال S-300 .
وبحسب تقرير آخر في صحيفة "لفيغارو" الفرنسية فإن مسودة العقوبات الموجودة في الأمم المتحدة، تتضمن بندا يمنع بيع الإيرانيين منظومات دفاع جوي ضد الصواريخ، لكن هذا البند لا يتضمن منظومات دفاعية من نوع ال S-300 وبحسب مصدر سياسي رفيع في القدس طمئن أمس وقال التقدير هو أن السلطات في موسكو لن تنفذ الصفقة، فالروس يدركون أنه ممنوع أن تتحول إيران الى دولة نووية".
وأعرب وزير شؤون الاستخبارات دان مريدور عن أمله أن يتم المصادقة على العقوبات المرجوة ضد إيران، فنحن نأمل ان لا يسجل إنتصار لإيران وشدد ماريدور على أن إسرائيل مهددة من إيران، ليس فقط بشكل مباشر بل أيضا بشكل غير مباشر عبر حزب الله وحماس. وبحسب قوله إذا قويت إيران بفعل غياب عقوبات جدية حقيقية، فإن المنضمات الإرهابية ستقوى هي الاخرى .
وأوضح الوزير مريدور أن كل يوم يتم فيه التخصيب هم يقتربون من القنبلة، والساعة تدق، ولهذا السبب، يجب التعامل مع العقوبات بجدية، وأنا أؤمن أن عقوبات جدية يمكن أن تثمر، فالإيرانيون يدرسون ميزان القوى في العالم وموقف الولايات المتحدة الأمريكية. وإذا امتلكت إيران السلاح النووي، فسيكون لذلك انعكاسات كثيرة".ــــــــــــــــــــــ
المصدر: "موقع تيك دبكا"
" نقلت حكومة تركيا رسالة سرية إلى القدس، وفيها تهديد بالعمل ضد إسرائيل، إذا حاول سلاح البحرية الإسرائيلي بالقوة إيقاف القافلة البحرية المؤلفة من تسعة سفن والتي تبحر إلى غزة. وتفيد المصادر الخاصة بموقع "تيك دبكا"، انه إذا لم يحصل توقف غير متوقع في إبحار السفن، التي تحمل 750 شخص، ومساعدات إنسانية بقيمة 20 مليون دولار، فإنها ستدخل إلى المياه الإقليمية الإسرائيلية يوم الأربعاء أو الخميس من هذا الأسبوع.
وقالت مصادر في القدس على اطلاع بفحوى الرسالة التركية أن الأمر يتعلق بتحذير تركي شديد اللهجة لإسرائيل ويحمل صبغة تهديدية، لا تبقي أي إمكانية أخرى، أما أن تسمح إسرائيل للسفن بالمرور الحر إلى غزة، أو أن انقرة ستعمل مباشرة ضد المصالح الإسرائيلية كرد على ذلك.
واعتبرت مصادر في القدس، ان المنظمة التركية التي تنظم عملية الإبحار إلى غزة، هي الأكبر وتحصل على موازنتها، التي تتضمن موازنة الإعداد للإبحار إلى غزة، من مكتب رئيس الحكومة التركية طيب أردوغان، لذا فان الأمر يتعلق بمسعى جديد لرئيس الحكومة التركية لرفع حدة المواجهة بين تركيا وإسرائيل.
وأفادت مصادر أن الأتراك يخفون حقيقة وجود مروحية أو مروحيتين على إحدى السفن، هدفهما كسر الحصار الجوي على قطاع غزة.
وبحسب البرنامج الذي صادق عليه شخصيا رئيس الحكومة التركي، انه في الوقت الذي ستحاول فيه قوات الكوموندس البحرية الإسرائيلية السيطرة على سفن الإبحار ومنعها من الوصول إلى غزة، ستحلق فوق السفن مروحية وفيها مسؤولي القافلة وتهبط بهم في غزة. الخطة التركية تفترض أن سلاح الجو الإسرائيلي لن يتجرأ على اعتراض المروحية وإسقاطها.
وحتى الآن لم يردوا في القدس على الرسالة التركية، لكن في الوقت الحالي، هناك قرار على مستوى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير (الحرب) أيهود باراك بعدم السماح للسفن بالوصول إلى غزة. الخطة هي السيطرة على السفن، وجلبها إلى المرافئ الإسرائيلية واعتقال الأفراد الذين على متنها. ولأجل ذلك أقيم في معسكر اعتقال خاص سيجلب إليه المشاركون في الإبحار. بعد ذلك ستفكك الحمولة على السفن، وإذا لم يعثر على مواد إستراتيجية يمكن أن تساعد في المجهود العسكري لحماس، ستنقل الحمولة إلى القطاع عبر شاحنات، من الواضح أن هدف الأتراك كسر الحصار البحري العسكري التي تفرضه إسرائيل ومصر على قطاع غزة.
وهناك خشية في القدس انه بالإضافة إلى وضع المروحية أو المروحيات على السفن، أن يكون الأتراك قد خططوا لعمليات مفاجئة أخرى لم يستعد لها الجيش الإسرائيلي.
ـــــــــــــــــــــــ
المصدر: "يديعوت أحرونوت ـ رون بن يشاي "
" القرار كان صائباً: التنفيذ انتهى بلا إصابات، لكن مقابل الصور التي بُثت في صباح اليوم التالي نحن ندفع حتى هذا اليوم. هكذا خرجنا من لبنان.. وبقينا غائرين داخله.
حتى اليوم أنا منكمش من الخجل عندما أتذكر ليلة أيار 2000. لا أستطيع نسيان مقاتل المدرعات، الذي صرخ من برج الدبابة عبر الهاتف النقال :"أمي، أنا في الخارج"؛ قائد القطاع بلا مشاعر يقفل وراءه بوابة الـ"غيدر هتوفا" (الجدار الطيب)؛ نساء حركة"الأمهات الأربعة" تحتفلن بانتصار سياسي في مؤتمر صحفي، غريب بلهجة لطيفة، مع رئيس هيئة الأركان وقائد المنطقة. أيضاً لا يمكنني نسيان (السيد) نصرالله، الذي نمّق، في تلك الساعات، من أجل ظهوره، خطابه عن "بيت العنكبوت". فقد علم في ذلك اليوم أن الإنسحاب من الحزام الأمني هو فقط بداية فصل جديد، وليس نهاية القصة الدموية.
ما يغضب هو أن الانسحاب من الحزام الأمني في جنوب لبنان كان عملا صائباً بحد ذاته. فباراك، بين كونه لواء في هيئة الأركان في 1985 عارض بقاء الجيش الإسرائيلي في الحزام الدفاعي، وكسياسي كان مرات عديدة على حق: بعد 18 سنة، كان من الواضح أن البقاء يضر أكثر مما ينفع. المنطقة الجبلية والمتشابكة على اتساع 3-7 كلم2، التي يسيطر عليها الجيش بمشاركة ميليشيا محلية غير مجدية، ربما كبحت تسللات مخربين إلى قرى حدودية (الهدف الذي قد يحرز بوسائل أخرى)؛ لكنها لم تمنح سكان الشمال الحماية من الكاتيوشا، وأيضاً يمكن لحزب الله أن يراكم خبرة، ثقة بالنفس واحترافية في حرب العصابات وتفعيل عبوات وصواريخ شد الدروع، أثناء الإشتباك مع مقاتلي الجيش الإسرائيلي في المواقع وفي المحيط.
الأسوأ من ذلك، انه وبمساعدة السوريين والحرس الثوري الإيراني، تعلّم عناصر حزب الله كيفية التعرّف علينا. هم تعلموا ليس فقط أساليب عمل الجيش الإسرائيلي ونقاط ضعفه، إنما أيضاً حساسية المجتمع الإسرائيلي لفقدان الأرواح والفوائد التي منحها لهم الخلاف المحلي بين اليمين واليسار في إسرائيل. لذلك وعد باراك عام 1999 في حال انتُخب، بخروج الجيش من لبنان. وإذا أمكن، في إطار إتفاق شامل مع سوريا التي ستعِد، مقابل الجولان، بكبح حزب الله.
ومنذ إن انتُخب لرئاسة الحكومة، قرّر باراك تحقيق وعده الانتخابي حتى من دون إتفاق مع سوريا. وذلك على الرغم من الخشية المحقة، بأن انسحاب الجيش الإسرائيلي سيعتبره حزب الله وأوليائه كانتصار سيسحق ردع الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل وسيشجّعهم على مواصلة القتال. كان من الواضح بأن الانسحاب سيشجع حتى الفلسطينيين على البدء بهجمات إرهابية (كما حصل). من أجل حل هذه المشكلة اقترح قائد المنطقة الشمالية السابق، عميرام لفين، توجيه ضربة قاسية وكابحة لمعاقل حزب الله في لبنان وبعدها الإنسحاب. لكن اقتراحه رُفض خشية من أن تتعارض هذه الضربة مع الشرعية والتغطية الدولية، حيث أراد باراك تحقيق الانسحاب والهدوء الذي أمل أن يستمر بعده. ومن أجل إحراز هذه الشرعية أشارت رسّمت إسرائيل خط الحدود مع لبنان بمشاركة الأمم المتحدة.
الخطط مقابل الديناميكا اللبنانية
تحدّد موعد الإنسحاب في تموز 2000، ووفقاً لذلك، في رأس السنة، بدأت المنطقة الشمالية بقيادة اللواء أشكنازي، تحضير بشكل دقيق، إنسحاب قوات الجيش الإسرائيلي والإستعداد للدفاع عن الخط الحدودي في اليوم التالي. المواقع العسكرية، بما فيها البوفور (قلعة الشقيف)، أخليت من العتاد وحُضرت للتفجير. حتى الآن جرت الأمور بشكل سليم ومعقول. لو أن الجيش الإسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي اختفوا في إحدى الليالي من صيف 2000 من جنوب لبنان في عملية عسكرية منظمة ومنتظمة، من دون أن يُبقوا وراءهم غنائم ومشاهد تفتت القلب لمواطنين فارّين، مقرونين بانسحاب مرعب.
إنسحاب منظّم كهذا، بصيغة عملية الإنفصال عن قطاع غزة عام 2005، كان اعتبر في الساحة الدبلوماسية وفي الإعلام الدولي، كما في العالم العربي، اعتبر أكثر كتطبيق قرار استراتيجي لحكومة إسرائيل بالتعاون مع الأمم المتحدة، وأقل كانتصار لحزب الله، إنما حينها أثبتت الديناميكا الداخلية اللبنانية مرة إضافية إلى أي حد قادرة على تشويش وإحباط كل مخطط عسكري استراتيجي.
كما في حرب لبنان الأولى وفي عمليتي "تصفية الحساب" و"عناقيد الغضب"، لم نقدّر بشكل مناسب ضعف حلفائنا من اللبنانيين وقدرة حزب الله على استغلال الشيعة، الذين هم الأغلبية في جنوب لبنان، من أجل تعطيل إجراءات عسكرية مخططة من قبلنا. نية إسرائيل المعلنة بالإنسحاب، مسبقاً قبل أشهر ، أدّت إلى خوف كبير ومحق وسط عناصر جيش لبنان الجنوبي. فقد عرفوا جيداً بأنه في حال انسحب الجيش الإسرائيلي، هم مع عائلاتهم سيبقون في قراهم، وسينتقم منهم حزب الله بلا رحمة.
كما أنهم في إسرائيل علموا بذلك، ولهذا قبل أشهر عديدة من الإنسحاب أقيمت مديرية مشتركة لوزارة (الحرب)، والجيش والشاباك، أعدّت بعمل أركاني منظم وبشكل سرّي جداً خططاً لإخلاء عناصر جيش لبنان الجنوبي وعائلاتهم وتسوية وضعهم في إسرائيل. في نيسان، قبل شهر على انهيار الوضع، دعا رئيس الحكومة قائد المنطقة الشمالية السابق، يوسي بيلد، وكلفّه بتسريع وتنظيم الجهود للإهتمام بعناصر جيش لبنان الجنوبي وعائلاتهم، التي تقرّر استيعابهم في إسرائيل.
وبالنسبة لعناصر جيش لبنان الجنوبي، التي زادت صدمتهم من أسبوع لأسبوع، أُرسلت فقط وعود وإشارات ضبابية. فمثلا، قيل لهم، حتى الآن ليس هناك قرار نهائي بالإنسحاب وأن هناك فرصة للتوصّل إلى تسوية مع السوريين، وأن بقاءهم في قراهم سيُنظم بأمان. وكان السبب وراء هذا التصرّف من جانبنا، أنهم في إسرائيل تخوفوا من أنه لو علم عناصر جيش لبنان الجنوبي، الذين ما زالوا يقاتلون في مواقعهم العسكرية في تلك الفترة، أن انسحاب الجيش هو أمر نهائي وأنه سيحصل خلال أشهر معدودة، لكانوا هربوا وتعاونوا مع حزب الله لإنقاذ أنفسهم، أو كانوا طالبوا بالإنتقال إلى إسرائيل على الفور. وهذا أيضاً السبب لعدم إخلاء الجيش عتاده من المواقع جيش لبنان الجنوبي العسكرية وعدم تحضيرهم للإنسحاب.
لكن عناصر جيش لبنان الجنوبي رأوا العتاد الذي يخليه الجيش الإسرائيلي من المواقع العسكرية وفهموا ماذا يجري. أتذكر بشكل خاص لقاء كنت شاهد عليه، بين قائد المنطقة الشمالية حينها، غابي أشكنازي، وبين مسؤولين كبار في جيش لبنان الجنوبي في قيادتهم في مرجعيون في نيسان 2000، الضباط اللبنانيين، الذين لبسوا بدلات الجيش الإسرائيلي، بالغوا في وصف المساوئ بما سيحصل لهم ولعائلاتهم على أيدي حزب الله في حال انسحب الجيش، وطالبوا بمعرفة ماذا تنوي إسرائيل حيالهم ومتى ستنسحب. قال اللواء بأنه يفهمهم وتعهّد بأن إسرائيل لن تتخلَ عنهم في حال قرّرت الإنسحاب. لم يفصّل. وجوه ضباط جيش لبنان الجنوبي، قادة كتائب وسرايا وعناصر الجهاز الأمن، أصبحت رمادية. هم لم يلمسوا القهوة والمرطبات التي كانت موضوعة أمامهم على الطاولات كما هي العادة. اللقاء انتهى بجو مشحون. وفي الطريق إلى المروحية سمعت أشكنازي يقول لأحد ضباطه: هم لن ينتظرونا. سيهربون من مواقعهم حتى قبل أن نقرّر متى يحدث ذلك. ما حصل في الواقع بعد مرور شهر.
عناصر جيش لبنان الجنوبي علموا من التلفاز
بدأ الإنهيار عندما بدأ موكب مدنيين من داعمي حزب الله بالمشي باتجاه موقع الطيبة للكتيبة 74 في جيش لبنان الجنوبي. الكتيبة، أغلبها كان من الشيعة سكان المنطقة، وهي تستولي على عدة مواقع عسكرية في عدة قمم. المشاركون في الموكب الذي بدأوا بالإقتراب من الموقع حاملين أعلام صفراء لحزب الله لم يرتدعوا من قذائف التحذير من الدبابات التي أطلقت باتجاههم وأيضاً من نيران المروحيات الحربية. رئيس هيئة الأركان موفاز واللواء أشكنازي، اللذين كانا في تلك الساعة في غرفة العمليات القيادية، قرّرا عدم إطلاق النار بهدف القتل على المشاركين في الموكب لأنهم غير مسلحين. وكان واضحاً بأن مقاتلو جيش لبنان الجنوبي في الموقع لن يطلقوا النار على أبناء قريتهم، وكان هناك خشية بأن يقعوا أسرى بأيدي حزب الله عندما يدخل الموكب إلى الموقع. موفاز وأشكنازي أعطيا أمراً لعناصر جيش لبنان الجنوبي بإخلاء الموقع.
والباقي معروف: على التوالي انهارت مواقع جيش لبنان الجنوبي وعناصره هربوا. أمام الجيش الإسرائيلي والحكومة موقف واضح وصعب بين خيارين: استقدام قوات احتياط، تسيطر من جديد على المواقع وتعززها حتى تقرّر الحكومة الإنسحاب وحتى يتم إخلاء عناصر جيش لبنان الجنوبي بشكل منظم إلى أرضنا، خطوة محفّزة بشكل واضح لانسحاب مرعب، لكنها قد تؤدي إلى دفع ثمن حياة جنود إسرائيليين كثر، أو على العكس، تنظيم إخلاء مسبق وسريع للجيش الإسرائيلي من الحزام الأمني، وفق تخطيط ومن دون إصابات. كان قائد المنطقة الشمالية مستعد ومهيأ لتنفيذ عملية الخروج، بما فيها تفجير مواقع الجيش الإسرائيلي. فضّلت حكومة باراك الاحتمال الثاني.
الخروج حصل بشكل منظم، من دون أي إصابة وسط جنودنا. حزب الله أطلق النار قليلاً لكنه على ما يبدو تفاجأ. عناصره أدركوا ما يجري فقط عندما تصاعدت مظلة نيران ضخمة من جراء تفجير البوفور (قلعة الشقيف). لكن جيش لبنان الجنوبي نسوهم بالبيت، يبدو أنه عن قصد، حتى لا يتسرّب الإنسحاب إلى حزب الله وحتى لا يسعى عناصر (السيد) نصرالله ببتر أطراف قواتنا. الجنرال لحد كان قد علم بالخبر، لكن أغلب عناصره وأبناء عائلته علموا فقط بعد فوات الأوان بأن الجيش الإسرائيلي يخرج في الليل من لبنان. علموا ذلك من التلفاز ومن الإشاعات، حينها بدأ الهرب المخيف وحشود النساء والأطفال، الذين صُوروا بائسين متجمعين على بوابة فاطمة. في تلك الساعة دخل حزب الله إلى مواقع جيش لبنان الجنوبي واحتفل بالعتاد والدبابات التي وجدها. هذه المشاهد هي التي انحفرت في ذاكرة العالم العربي العامة وأيضاً في ذاكرتنا، وأكّدت الخروج من الحزام الأمني كانتصار لـ (السيد) نصرالله وعناصره؛ وبقي تنفيذ الإنسحاب الكامل والسريع للجيش الإسرائيلي والإستعداد السريع لخط إستراتيجي جديد بقيت فقط ميراث للخبراء والمختصين بالشؤون العسكرية.
كان يمكن أن يحصل شيء مغاير
لو أن باراك ووزرائه أنصتوا لمن أوصى بتقديم الإنسحاب عندما بدأ يظهر الهروب المعنوي لـ جيش لبنان الجنوبي، كان يمكن أن تبدو الأمور مغايرة. ربما كان يمكن تنفيذه بسرعة وفي إحدى ليالي آذار أو نيسان 2000، الجيش الإسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي معاً، بتمويه خطة نيران هجومية ثقيلة من الجو ومن البر على مواقع حزب الله ومناطق إطلاقه. وكان من المؤكّد بأن حزب الله يرد بإطلاق صواريخ إلى الجليل. فالضجة الكبيرة للجيش الإسرائيلي كانت تنتج تأثير رادع، كما حدث بعد ستة سنوات من ذلك في حرب لبنان الثانية. لكن لم يحصل ذلك. هكذا أبقينا الخجل عبر وسائل الإعلام، الذي كلفنا غاليا.
بعد خمسة أشهر اندلعت الإنتفاضة الثانية، ليس قليلا بسبب التشجيع الذي اغترفه عرفات وحماس من أحداث الإنسحاب من لبنان. وبعد تسعة أيام قتل حزب الله عبر كمين وخطف ثلاثة جنود من الجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا. حينها حصل خطأ ثان، أخطر من الأول: بدلاً من "رد في كل عمق لبنان"، كما وعد باراك بعد الإنسحاب في حال واصل حزب الله مهاجمة إسرائيل، اكتفينا برد محلي ومتوسط. باراك يشرح أنه يريد منع التورط بقتال مكثّف في ساحتين. هو لم يرغب بفتح جبهة لبنانية في الوقت الذي يحاول فيه الجيش والشرطة إطفاء لهب الإنتفاضة الفلسطينية التي اندلعت وقتها والمواجهة العنيفة مع عرب إسرائيل في وادي عرا.
الدعم الدولي التي يمكن أن تحصل عليه إسرائيل، في أعقاب الإنسحاب من لبنان، حيال رد قاس ضد حزب الله تشتت ولم يستغل. من بين عدة أمور بسبب الصدمة بإخلاء قبر يوسف في نابلس قبل عدة أيام من ذلك. هذه الوقائع، وضبط النفس الذي استمرت بها حكومة شارون (التي ورثت باراك)، أكّدت لدى (السيد) نصر الله ورجاله الوعي بأن إسرائيل هي نمر على ورق وقضموا نهائياً الردع. الأمر الذي أدّى بعد مرور ست سنوات بحزب الله لعملية خطف أخرى، سبّبت حرب لبنان الثانية.
الحكاية كما هو معروف لن تنتهٍ. رغم أن الجيش الإسرائيلي خرج من الأرض اللبنانية حتى المتر الأخير تقريباً، فالخطر الذي نراه من لبنان أكبر مما كان يبدو لنا في أيار 2000 وفي تموز 2006. والسبب ليس مزارع شبعا وقرية الغجر التي تسيطر عليها إسرائيل، إنما استخدام إيران وسوريا لحزب الله، لأرض لبنان ولضعف حكومته السياسية من أجل حاجاتهم الإستراتيجية. فحزب الله اليوم هو الذراع الإستراتيجي الطويلة لإيران، والمعد لردع إسرائيل عن مهاجمة البرنامج النووي لإيران بواسطة تهديد الداخل المدني والعسكري لها. حيال السوريين هو يشكّل مكوّن مهم في خطة الحرب، ولذلك تعمل دمشق على تسليحه بكل ما لديها. فمن ناحيتها الهدف هو سحق الداخل الإسرائيلي وفي الوقت نفسه استغلال الجهد الهجومي للجيش الإسرائيلي بين لبنان وسوريا ومنع التطويق من الغرب للتشكيل الدفاعي السوري في الجولان.
لذلك، فإن حل المشكلة اللبنانية ليس في بعلبك، ولا في بيروت وحتى ليس في خشية حزب الله من الطوائف الأخرى في لبنان. فجذر المشكلة موجود في دمشق وفي طهران، وعلى إسرائيل أن تفتش عنه هناك بمساعدة الولايات المتحدة الأميركية: إذا أمكن، بواسطة الدمج بين الردع العسكري وبين ضغط دولي فعال، وإذا فشل، بواسطة معركة عسكرية هجومية مخططة ومتمرسة جيداً، توّجه قبل أن تبدأ الصواريخ بالانفجار في أرضنا".