ارشيف من :خاص
"تحول4" فشلت قبل أن تنتهي: رفض المشاركة على أكثر من صعيد واستهزاء بالاجراءات
حسان ابراهيم
اشارات فشل المناورة الكبرى التي يجريها العدو الصهيوني لجبهته الداخلية، "نقطة تحول اربعة"، بدأت تظهر تباعا، برغم أنها لم تنته بعد. والتقديرات السابقة بأن المستوطنين لن يتجاوبوا مع التدابير والاجراءات التي تتضمنها سيناريوهات المناورة، كانت صحيحة.
يشير عدم التجاوب المتبدي إلى الآن ـ في الاصل ـ إلى اتجاه من اتجاهين: اما أن المستوطنين لا يرون فيما يملكه الطرف الاخر تهديدا حقيقيا حيالهم، أو انهم لا يثقون بالاجراءات المتبعة من قبل مسؤوليهم، لكن ما يصدر عن سلطات الاحتلال يشير إلى أن الجمهور الإسرائيلي قلق من القدرة العسكرية لدى الطرف الاخر، وفي نفس الوقت غير واثق بقدرة الجيش الإسرائيلي ومسؤوليه على صد التهديد.
وتدل حالة القلق والخشية السائدة في اوساط المستوطنين، والتي عبّرت عن نفسها في الاونة الأخيرة بتصريحات ومواقف أطلقها المستوطنون انفسهم وقادة السلطات المحلية في المستوطنات القريبة والبعيدة عن الحدود، إضافة إلى تقارير وسائل الإعلام وتحليلاتها، وإضافةً أكثرَ إلى رد فعل المسؤولين الإسرائيليين حول هذا القلق وبث رسائل التهدئة للجمهور الإسرائيلي قبل غيره، يدل كل ذلك على أن المستوطنين يخشون بالفعل ما لدى الطرف الاخر من قدرات، بل ويتابعون كل ما يصدر ويجري تداوله حول "الحرب المقبلة"، الأمر الذي اوجب على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير حربه إيهود باراك وغيره من المسؤولين الإسرائيليين ترداد المقولة واللازمة الكلامية في كل تصريح وموقف: "كل الاطراف غير معنية بالحرب".
برزت خلال الايام القليلة الماضية، جملة من المعطيات الدالة على فشل مناورة "نقطة تحول 4".. يمكن الإشارة اليها لمزيد من الاحاطة، بعيدا عن الضجة الاعلامية المثارة حولها (المناورة)، علما أن التقدير السائد لدى المراقبين أنه في نهاية المناورة سيجري الحديث كالعادة، عن نجاحها. وبحسب تعبير احد المراقبين الإسرائيليين، (معلق الشؤون العسكرية في صحيفة معاريف امير بوحبوط)، "لا يمكن لإسرائيل أن تقول إن احد اجراءاتها أو تجاربها أو مناوراتها قد فشلت، ولذا تسارع إلى اعلان نجاحها". فقد كشفت اذاعة الجيش الإسرائيلي في تقرير بثته صباح اليوم، عدم وجود مشاركة حكومية فعالة في المناورة.. وكما يشير مراسل الاذاعة للشؤون العسكرية، تال فرام، فان قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي اعربت عن انزعاجها من الغاء مشاركة الحكومة في المناورة، ونقل عن مصادر عسكرية قولها ان "التعاطي غير جيد من قبل الوزراء، وهو تصرف استخفافي وغير جدي، لا سيما انه يُطلب من عامة الإسرائيليين المشاركة، بينما مسؤولوهم لا يشاركون ولا يهتمون".
"إن ابنائنا لن يشاركوا، ذلك أن نزولهم تحت الطاولات في صفوف المدارس لا يمكن أن يعتبر اجراءا واقيا من الصواريخ، وهذا النوع من الاعمال غير كاف في هذه المرحلة ولم يعد صالحا في ايامنا هذه, من غير الممكن ان تؤمن الطاولة حماية للتلاميذ |
ويشير المراسل إلى أن المجلس الوزاري المصغر قد الغى مشاركته، وفضل وزراؤه أن يشاركوا في جلسة للكنيست، دعت اليها المعارضة لمناقشة شؤون سياسية، ويضيف أن المسألة تدل على استخفاف من قبل الوزراء والمعارضة والكنيست والحكومة على حد سواء، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي فضل المشاحنة السياسية على المناورة التي جرى التحضير لها منذ عام تقريبا.
وفي تقرير آخر للاذاعة الإسرائيلية، يشير مصدر عسكري إلى أن "المديرين العامين في وزارات الحكومة غير مبالين بالمناورة، ذلك أن المشاركة كانت ضعيفة جدا، ولا يمكن في مناورة وطنية وواسعة النطاق كمناورة نقطة تحول اربعة، أن لا يتم فيها مشاركة المديرين العامين للوزارات، أو أن لا يلعبوا دورا هاما ومركزيا فيها".
مراسل القناة العاشرة للشؤون العسكرية، "اور هيلر"، اشار من جهته إلى وجود ما يدعو إلى السخرية في تعاطي الحكومة الإسرائيلية مع المناورة، إذ قررت وزارة المعارف اجراء الامتحانات للثانوية العامة في اليوم الذي تحدد مسبقا، وقبل عام، والذي تجري فيه اطلاق صافرات الإنذار في كل انحاء الكيان، وهي بشكل اساسي مخصصة لفحص جهوزية المؤسسات التعليمية. الأمر الذي دفع مديري المدارس إلى الغاء المشاركة في المناورة، وتحديدا ما يقرب من 500 مدرسة، موزعة على المستوطنات والمدن الإسرائيلية.. وشدد على أن "الأمر اثار غضبا شديدا لدى الجيش الإسرائيلي وقيادة الجبهة الداخلية".
وتحدث المراسل، كغيره من المراسلين الاخرين، عن عدم مشاركة اعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، "المفترض فيه أن يكون معنيا أكثر من غيره في إنجاح المناورة"، وبحسب المراسل "لم يشارك اعضاء الكابينت في المناورة بسبب عدم نومهم في الليل، لانه كان عليهم التصويت في الكنيست ليلا، أي انهم فضلوا الشجار مع حزب "كاديما" على المناورة، وعلى ما يبدو فإن أعضاء الكابينت وجدوا ان هذه المناورة غير مهمة، لذلك قاموا بتجاهلها".
وكعينة من عدم تجاوب المستوطنات والمدن الإسرائيلية، تشير رئيسة لجنة الاهالي في مدارس عسقلان، "سوفي بنحاس"، في حديث للاذاعة الإسرائيلية الى أن المدينة لن تشارك في المناورة، وان "ابناءنا لن يشاركوا، ذلك أن نزولهم تحت الطاولات في صفوف المدارس لا يمكن أن يعتبر اجراءً واقيا من الصواريخ، وهذا النوع من الاعمال غير كاف في هذه المرحلة ولم يعد صالحا في ايامنا هذه, من غير الممكن ان تؤمن الطاولة حماية للتلاميذ". وبحسب بنحاس، "سنطلب من ابنائنا متابعة الدروس بشكل طبيعي, وهذا ما سيقومون به في حال سماعهم صافرات الإنذار".
إنها عينات من مناورة نقطة تحول اربعة، قبل أن تنتهي.. بفشلها.