ارشيف من :ترجمات ودراسات

.. نحو مزيد من قوافل الحرية

.. نحو مزيد من قوافل الحرية
كتب المحرر العبري
رغم ضجيج الدعاية الإسرائيلية تبقى مشكلتها الكبيرة، تتمثل بحقيقة أن وحدة النخبة في سلاح البحرية الاسرائيلي، "شييطت 13"، قامت بإنزال عسكري على متن السفن التي تحمل مواد غذائية وطبية بهدف إيصالها إلى قطاع غزة، وقتلت وجرحت العشرات من المدنيين العزل.
وللتخفيف من وطأة ما جرى، يجهد الكيان الغاصب للترويج لمقولة أن قواته اضطرت إلى استخدام القوة دفاعا عن نفسها، ومحاولة الربط بين بعض الموجودين على متن السفينة التركية وبين منظمات يصفه بالارهابية. إضافة إلى الحديث عن تداعيات كسر الحصار عن قطاع غزة، والبحري خاصة، على الأمن القومي الإسرائيلي.
أما بخصوص الحماقة التي ارتكبها العدو، القصة بدأت عندما رأى انه يقف بين خيارين: اما السماح لقافلة الحرية بالوصول الى القطاع، مع ما قد يترتب على ذلك من نتائج سياسية واستراتيجية تتصل بالصراع مع حركات المقاومة الفلسطينية وعلى راسها حركة حماس، او منعها، في ظل إدراك مسبق للتداعيات الإعلامية والسياسية الناتجة عن ذلك. مما دفعه إلى اتخاذ قرار حاسم بمنع وصولها إلى القطاع.
وفيما كان التخطيط الإسرائيلي يتركز على "الصورة" بهدف التخفيف من الأضرار الإعلامية والسياسية، كانت النتيجة أسوأ مما كان يقدره ويتخيله القادة الاسرائيليون. اذ لم يقتصر الأمر على اتهامها بمنع وصول مواد غذائية وطبية الى القطاع، وهو امر تستطيع اسرائيل احتواءه والتعامل معه، بل تجاوزه إلى حد التورط في استخدام القوة العسكرية واراقة الدماء في المكان والزمان الخطأ مما انعكس سلبا على الكيان الإسرائيلي.
ويبدو أن العدو فوجئ بأمرين اثنين: أولا، صلابة المتصدين له على متن السفينة التركية، مما دفعه إلى استخدام القوة العسكرية وقتل وجرح العشرات منهم وثانيا، التداعيات السياسية التي ترتبت على النتائج الدموية لعمليتها. وهو ما قدم عملية الكوماندوس البحري على انها إخفاق عملاني واستخباراتي، في مرحلة أحوج ما تكون "إسرائيل" إلى تجنبها.
ويعود منشأ هذا الاخفاق إلى سوء تقدير الاستخبارات، المنطلق من التجارب السابقة والناجحة لسلاح البحرية في منع وصول السفن بأقل الاضرار الاعلامية الممكنة إلى شواطئ غزة، او من نقص في المعلومات.
وكما في كل عملية فاشلة تبدا عملية تقاذف المسؤوليات، اذ حمل البعض القيادة السياسية مسؤولية هذا الفشل التي ناقشت القضية من الناحية المبدئية فقط، فيما رأى اخرون ان المستوى السياسي اتخذ قراره بناء على ما قدمته الاجهزة الامنية من معلومات وتقديرات.
وفي الاطار نفسه، حمَّل عدد من وزراء السباعية وزير الدفاع ايهود باراك مسؤولية ما جرى وانه هو من بلور القرار وقدمه أمام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. فيما حاول الجيش تبرير الخيار الذي انتهجه عبر الإيحاء بأنه استنفذ خيارات أخرى، والقول أنه تم تخريب محركات عدد من السفن الاخرى لكنه لم يلجئ الى نفس الاسلوب مع السفينة التركية انطلاقا من كونها الاكبر من بين سفن القافلة وسيستغرق جرها الى الشواطئ الاسرائيلية اياما طويلة.
في كل الأحوال، ينبغي التأكيد على حقيقة ان حصار قطاع غزة يبقى هو القضية الأساس في هذه المرحلة، وما أسطول الحرية والتضحيات التي قدمها سوى محطة أساسية في الطريق إلى كسره، وحتى لا تضيع دماء الشهداء لا بد من مواصلة الضغوط والدفع نحو ارسال المزيد من قوافل الحرية حتى تحقيق الهدف المنشود.
2010-06-04