ارشيف من : 2005-2008

السيد نصرالله : لبنان لا يجوز لأحد أن يفرط به أو أن يلقي به إلى أيدي مجموعة من اللصوص والقتلة من أتباع المشروع الأميركي – الصهيوني

السيد نصرالله : لبنان لا يجوز لأحد أن يفرط به أو أن يلقي به إلى أيدي مجموعة من اللصوص والقتلة من أتباع المشروع الأميركي – الصهيوني

تحدث الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في احتفال يوم شهيد حزب الله في مجمع سيد الشهداء (ع) في الرويس عبر شاشة عملاقة، وهنا النص الكامل كلمة سماحته:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا ابي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى جميع الشهداء والمجاهدين في سبيل الله منذ آدم الى قيام يوم الدين..
نحي في هذا اليوم ذكرى ومناسبة غالية وعزيزة على قلوبنا جميعا هي ذكرى يوم الشهيد الذي أعلن في الحادي عشر من تشرين الثاني 1982 انطلاقا من حادثة عظيمة ورائعة، فكانت المناسبة يوما لكل الشهداء .
في 11 -11 -1982 اقتحم شاب من عائلة جنوبية بسيارته المليئة بالمتفجرات مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في مدينة صور ودمره بالكامل، كان ذاك الاستشهادي الشهيد احمد قصير وكانت تلك العملية النوعية الفريدة والمؤسسة في آن واحد .
أولا : العملية جاءت بعد مضي أربعة أشهر على بدء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 82 وكانت تعبيرا عن إرادة الشعب اللبناني المقاوم الرافض للاحتلال والهيمنة الإسرائيلية وجاءت في الوقت الذي كان فيه شعور كبير من اليأس والإحباط يسود اللبنانيين وفي ظل احتلال إسرائيلي واسع امتد حتى العاصمة وجبل لبنان وصولا الى البقاع الغربي، وفي ظل قوات متعددة الجنسيات جاءت لحماية الاحتلال وفي ظل نظام سياسي متعاون وقوى سياسية لبنانية متعاملة، قيل في ذلك الوقت ان لبنان دخل في العهد الإسرائيلي ولن يخرج منه، بعد أيام قليلة بدأت المقاومة وهي لم تتوقف في شوارع بيروت، في الضاحية في خلدة في الجبل في الجنوب في البقاع في كل ارض داسها جنود الاحتلال وطهرها المقاومون بدمائهم وبعرق العطاء والسهر والتعب، هذه العملية جاءت كعنوان وإنذار مبكر ان شعب لبنان لن يقبل بالواقع الذي اراد العالم كله الذي وقف خلف الاحتلال والاجتياح عام 82 لن يسلم بهذا الواقع ولن يرضخ له وسيقاتله بزهرة شبابه وكان احمد قصير عنوان زهرة الشباب .
ثانيا : هذه العملية هي اول عملية استشهادي بهذا الشكل في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي والقتال مع العدو ولذلك قيل بحق ان احمد قصير هو فاتح مرحلة الاستشهاديين وعصر الاستشهاديين وان احمد قصير بحق هو امير الاستشهاديين لان الامير هو من يتقدم القافلة وليس من يتخلف عنها، احمد قصير تقدم الجميع الى ساحة العمل الاستشهادي فكان الاول ولحقه اعزاء وكبار وعظام ولكن يبقى الاول هو الفاتح، والأمير وتابع بعده استشهاديون كثر من مختلف اطر المقاومة من حزب الله ومن مختلف اطر المقاومة من رجال لبنان ونساء لبنان قدموا النماذج الرائعة في مواجهة العدو وفي العطاء والتضحية بلا حدود.
ثالثا: كانت هذه العملية أول عملية يسقط فيها العدد الكبير من ضباط وجنود العدو وفي ضربة واحدة عندما اقتحم احمد مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي ودمره بالكامل اعترف العدو نفسه بمقتل ما يزيد على مائة ضابط وجندي إسرائيلي في دقيقة واحدة . واعلن بيغن الحداد ثلاثة ايام في الكيان الغاصب وجاء شارون ووقف على اطلال ضباطه وجنوده يذرف الدمع ووجهه مستاء تعلوه الخيبة، وما زالت هذه العملية هي الأولى في تاريخ العرب وفي تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي التي تحقق انجازا عسكريا بهذا المستوى وتقتل عددا كبيرا من جنود وضباط العدو ما زالت هي الأولى والأكبر والأضخم.
رابعا: في ذلك الحين لم تعلن المقاومة اسم الاستشهادي حرصا على عائلته التي كانت ما زالت تعيش في الجنوب وتحت الاحتلال وبقيت إلى حين خروج الاحتلال مهزوما مدحورا من منطقة صور حيث تم الإعلان عن اسمه وهنا تتميز المقاومة منذ بداية العمل بسريتها التامة وهنا يكمن شيء او بعض من قوتها وايضا بحرصها الشديد على عوائل الشهداء وعلى شعبها وعلى اهلها من ان ينالهم سوء.
خامسا: ان المقاومة الإسلامية في ذلك الحين لم تعلن عن مسؤوليتها عن هذه العملية الاستشهادية مع انها أضخم عملية نوعية نفذت في تاريخ المقاومة في الحد الأدنى في لبنان ضد قوات الاحتلال، ومع انها مفخرة حقيقية ومع انها وسيلة دعائية في هذا الاطار من اطر المقاومة، ولكن المقاومة الإسلامية احتفظت بالعملية وشهيدها واسم شهيدها سرا من اجل ان تحافظ على وجودها وسرية تشكيلاتها لان الأصل هو ان تستمر المقاومة، وفي ذلك الحين حفظ هذه التشكيلات كان ضمانة استمرار المقاومة، منذ البداية كان الهدف مواجهة الاحتلال وطرد الاحتلال ولم يكن الهدف ولا للحظة الدخول في منافسة ولو شريفة في منافسة إعلامية مع بقية اطر المقاومة .
سادسا: كانت هذه العملية النوعية والصدمة الهائلة التي أحدثتها كانت ايذانا مبكرا في هزيمة الصهاينة في لبنان الهزيمة بدأت في 11-11-01982 وعبرت عن نفسها سريعا في العام 84 والعام 85 وطالت المقاومة واستمرت فكان الانتصار في العام 2000 والانسحاب الإسرائيلي الكبير .
هذا الزمان هو الظرف الزماني الذي استوعب عملية نوعية راقية وسباقة ويمكن ان تمثل اسوة وقدوة في الجهاد والمقاومة ولكن ايضا 11 -11 -82 هو ظرف زماني لرحيل عاشق الى الله فلم يكن احمد قصير مجرد مقاتل مقاوم يستخدم السلاح او يفجر سيارته وجسده ليهزم عدوه وانما كان احمد قصير ككل الشهداء يختصر ويلخص مجموعة كبيرة من القيم والمفاهيم والأخلاق والمعنويات والرؤى وكان في ذلك اولا وأخيرا كان عاشقا لله.
 في 11-11 كانت العبادة الارقى والأعلى وكان العطاء الأعلى والارقى من خلال الاستشهاد ولذلك اختار حزب الله يوم الحادي عشر من تشرين الثاني ليكون يوما لكل شهدائه فكان الحادي عشر من تشرين الثاني يوما للشهيد . نحي فيه ذكراهم أجمعين من السيد عباس سيد شهداء المقاومة الإسلامية والأستاذ والقائد والمعلم ورفيق الدرب وحبيب الشهداء، الى شيخ الشهداء راغب حرب الزاهد والعابد والمجاهد والمقاوم والأسوة الحسنة والقدوة الى العلماء الشهداء الى الاستشهاديين الشهداء الى المقاومين الشهداء الى المدنيين الشهداء والى كل الشهداء نحي فيه ذكراهم في يوم واحد وننحني فيه امام كل الشهداء من اطر المقاومة اللبنانية الاخرى وامام شهداء الجيش اللبناني وامام كل شهيد قضى في لبنان دفاعا عن هذا البلد وعن هذه الأرض والشعب، كما ننحني فيه امام أرواح شهداء المقاومة في فلسطين والمقاومة في العراق والمقاومة على امتداد عالمنا العربي والإسلامي وأمام أرواح كل أولئك الأباة الذين يرفضون الخضوع للاحتلال ويرفضون الذل والهوان ويبحثون عن حياة الكرامة والعزة لامتهم ولشعوبهم وبلدانهم.
الكلمة الثانية عن الشهداء وعوائل الشهداء، شهداؤنا يمثلون هذه القيمة هذه المعنويات هم ليسوا مجرد حملة سلاح يندفعون بعصبية هنا او عاطفة هناك هم اولا اهل المعرفة الذين يملكون رؤية واضحة عن الكون والحياة والإنسان يؤمنون بالله وباليوم الاخر ويعرفون الدنيا حق المعرفة ويعرفون الآخرة حق المعرفة ويعرفون علة وجودهم في هذه الحياة وعلة خلق الله لهم في هذه الحياة وبالتالي يفهمون تكليفهم ورسالتهم من خلال وجودهم في هذه الدنيا لسنوات تنقضي وتنتهي هؤلاء اولا هم اهل المعرفة وثانيا هم اهل اليقين فكثير ممن يملكون علما او معرفة او معلومات لا يملكون يقينا بما يعرفون ولا يقينا بما يعلمون، هؤلاء هم اهل اليقين يؤمنون بشدة بهذه الرؤية للكون والحياة والإنسان والدنيا والآخرة والمسؤولية والرسالة والأنبياء. وهم مع اليقين اهل الإرادة والعزم أهل العمل والفعل والإقدام وأهل الجود والعطاء نحن امام قيمة إنسانية عالية يجسدها هؤلاء الشهداء من خلال معرفتهم ومن خلال يقينهم ومن خلال إرادتهم وعزمهم وفعلهم وعملهم . هذه القيمة يملكها من مضى ويملكها المجاهدون المقاومون الذين ما زالوا على قيد الحياة الذين نفخر بهم ونراهن عليهم ونقاتل بهم وندافع بهم ونهدد كل أعدائنا في العلم بهم . نحن نملك هؤلاء الرجال وهذه القيمة الإنسانية وكذلك عوائل الشهداء يؤمنون بما آمن به أبناؤهم وإخوانهم وآباؤهم وأزواجهم يحملون نفس المعرفة ونفس اليقين والإرادة والفعل ويعبرون عنه بالصبر والثبات والاحتضان والتسليم والرضى والاعتزاز والافتخار والبسمة التي تعلوا وجوههم والبشر الذي يسيطر على كيانهم، فعندما تذهب لتبارك لهم او لتعزي هم الذين يعزونك وهم الذين يباركون لك. عوائل شهدائنا هم الذين قدموا للعالم اسوة ومثلا اعلى في الصبر والاحتساب والثبات والرضى بقضاء الله وقدره والافتخار بهذا الوسام الإلهي الذي منحهم الله إياه عندما نظر إليهم فاختار من بين أفراد عائلاتهم شهيدا او شهداء فكانوا عوائل الشهداء .
هذه المؤسسة تعود بالفضل أولا الى سماحة الامام الراحل السيد روح الله الموسوي الخميني "قده" الذي في خطه ونهجه وفكره علامة مميزة وفريدة وهي هذا الاعتناء الخاص والكبير بالشهادة والشهداء وعوائل الشهداء، مع الامام تعلمت حركات المقاومة والثورة ان يكون للشهداء وعوائل الشهداء مكانة خاصة في عقلها وضميرها وفكر قيادتها ومسؤوليها ومجاهديها وشعبها وهكذا كان في تجربة حزب الله والمقاومة الإسلامية وكانت مؤسسة الشهيد لخدمة عوائل الشهداء هذه المؤسسة نتوجه اليها اليوم بالتقدير والشكر والتحية ابتداء من مؤسسها الاول في لبنان الذي يجب ان نذكره بالاسم والخير سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد عيسى الطبطبائي والذي كان منذ البداية ابا رحيما عطوفا واخا كبيرا وراعيا مخلصا وصادقا ونعمة من الله على هذه المؤسسة وشرائح عديدة ونذكر بالشكر والتقدير كل المدراء العامين الذين تعاقبوا على ادارة هذه المؤسسة خلال ربع قرن وجميع الإخوة والأخوات العاملين والعاملات وكذلك كل الذين دعموا المؤسسة واعتنوا بها في المناسبات المختلفة وقدموا لها أشكال الدعم المادي والمعنوي. ان هذه المؤسسة هي بلا شك موقع متقدم من مواقع المقاومة والجهاد والتضحية والعطاء في هذه المسيرة المتواصلة انشا الله.
انتقل الى عنوان المناورات الاسرائيلية ومناورات المقاومة:
منذ انتهاء عدوان تموز والعدو الاسرائيلي يدرس العبر ويدرس الثغرات والاخطاء وشكل لذلك عشرات اللجان المتخصصة, ويحاول ان يستخلص العبر ويحصل على استنتاجات واضحة من تلك الحرب والهزيمة التي لحقت به في تلك الحرب, وهو منذ انتهاء العدوان يعمل على ترميم واعادة بناء قواته نفسيا وماديا ومعنويا, ويقوم بأعمال تدريب واسعة ومكثفة وتطوير في ترسانته العسكرية والسلاح والولايات المتحدة الاميركية تنفق بكرم لا مثيل له على قوة العدو العسكرية, طبعا في الوقت الذي تبعث الى لبنان طلقات كلاشينكوف وتقوم بمناورات ويقوم العدو بمناورات واسعة منذ اشهر, وكان آخر هذه المناورات ما قام به العدو شمال فلسطين المحتلة قبل اسابيع, عندما قام بمناورة شارك فيها خمسون الف ضابط وجندي من البحر الى تلال الجولان, وسماها او اعتبر ان مهمة المناورة هي التنسيق والتكامل بين اذرع وايدي واسلحة الجيش الاسرائيلي, وهذه المناورة, ليس لاخافة الناس انما لوضعهم امام الحقائق هي مناورة للهجوم على لبنان, لا يعني بالضرورة ان هناك قرار بالهجوم على لبنان, ولكن العدو صاحب الطبيعة العدوانية هو يتهيأ لقرار من هذا النوع او لاحتمال من هذا النوع, طبعا انا قبل أيام قلت ونددت بسكوت فريق السلطة عن هذه المناورات والانتهاكات الاسرائيلية الجوية المكثفة، ومع ذلك وبالرغم من التنديد لم نسمع أي كلمة.
لكن بعد ان علم في لبنان ان هناك مناورة كبيرة نفذتها المقاومة الاسلامية في جنوب لبنان استيقظ الكثيرون في لبنان وخصوصا فريق السلطة وعلم وانتبه ان هناك مناورات إسرائيلية بفعل مناورات المقاومة, اود هنا ان ادخل الى خلفية المناورة ان اذكر بشيء مهم جدا بمسألة الصراع, تذكرون خلال 33 يوم من عدوان تموز كنا نسمع من فريق السلطة دائما عبارة نحن نريد بسط سلطة الدولة على كامل الاراضي اللبنانية والوصول الى الحدود, نحن نريد استعادة قرار الحرب والسلم، الدولة وحدها هي التي تحمي لبنان, الدولة وحدها هي المسؤولة عن شعب لبنان وارض لبنان وسماء لبنان وسيادة لبنان, عظيم انتهت الحرب, انتشر الجيش اللبناني على كامل الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة, بسطت الدولة اللبنانية كامل سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية والمقاومة منذ ذلك اليوم لم تنفذ أي عملية في منطقة مزارع شبعا المحتلة مع انها تحتفظ لنفسها في هذا الحق, انا اتكلم عن المرحلة منذ آب الماضي, ان السلطة تقول ان هذه الملفات هي في عهدتها وفي مسؤوليتها, واليوم بعد مضي اكثر من عام نود ان نسأل فريق السلطة ماذا فعل وماذا انجز؟, ليس مهم ماذا انتج المهم ماذا سعى ماذا فعل؟ ما هو الجهد الذي بذله في هذا السبيل؟, مثلا : لا اريد طبعا في البداية ان اسألهم عن ملف الاسرى, هم ليسوا قادرين على فعل شيء وملف الاسرى هو في عهدتنا وفي عهدة المقاومة ونحن كررنا التزامنا وسيعود الاسرى سمير وكل الاخوة مع سمير, لكن في ملف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ماذا فعلت هذه السلطة؟ مع العلم ان هذه السلطة تحظى باهم دعم اميركي وغربي ودولي في تاريخ لبنان , فلا يمر يوم او ايام قليلة الا وينبري مسؤول اميركي من بوش الى اصغر موظف في الادارة الاميركية لاطلاق المدائح لبعض المسؤولين في هذه السلطة.
 عظيم، اذا كنتم على علاقة قوية ومتينة مع الادارة الاميركية في هذا المستوى وكان مجلس الامن يجتمع كلما اردتم وكلما طلبتم, ماذا فعلتم حتى الان لتحرير مزارع شبعا, وانتم دائما تدعون الى العمل الدبلوماسي, ما هي الدبلوماسية التي قمتم بها؟ ما هو الجهد الذي بذلتموه؟ نحن لا نتوقع بعد سنة وعدة اشهر ان تستعيدوا مزارع شبعا لكن نسأل ماذا فعلتم لاستعادة مزارع شبعا، وعما وظفتم من علاقات لاستعادة مزارع شبعا, هذا في المزارع وهم لم يستطيعوا استعادة مزارع شبعا الى لبنان ولا حتى لم يستطيعوا ان يقنعوا العدو الصهيوني بوضع مزارع شبعا تحت سلطة الامم المتحدة.
طيب، لو رحنا على موضوع الانتهاكات، وَلَوْ!!! الى هذا الحد الحلف بين فريق السلطة والاميركان؟؟ لا يقدر ان يمون؟ ان يوقف الانتهاكات الجوية الاسرائيلية للبنان؟ من اجل ان يعطي مصداقية لفريق السلطة! من اجل ان يظهر ان الخيار السياسي والدبلوماسي قادر ان يفعل شيء، ولو بالحد الادنى ايقاف الخروقات الجوية. وبالتالي لا يحرجهم وهم الذين يدعون انهم حماة السيادة!
ثالثا وهو الأسوء، المناورات الاسرائيلية التي حصلت. في كل  العالم حتى لو دولتين صديقتين اذا قامت دولة بحشد جيش على حدود الدولة الثانية، أو تغيير انتشارها العسكري او تقوم مناورات على الحدود, هذا يعتبر استفزاز للدولة الثانية تقابله برد فعل دبلوماسي واحيانا برد فعل عسكري باعادة انتشار, بتحريك قوات, باجراء نشاط سياسي معين للتوضيح .
 في الحد الادنى أي دولة, أي سلطة تحترم وجودها وسيادتها وكيانها لا يمكن ان ترضى او ان تسكت او ان تتجاهل المناورات لخمسين الف ضابط وجندي على حدودها, وقيادة العدو تتحدث عن ان هدف هذه المناورات هو تطبيق ومحاكاة على الارض وفي الميدان لعدوان اسرائيلي محتمل على لبنان, ولكن ماذا فعل فريق السلطة؟ يا اخوان حتى كلمة, حتى ادانة, حتى شجب لم يصدر! نعم عندما خرج احدهم واصبح مضطراً لأنه احرج لاعلان مناورة المقاومة اصبح مضطرا للحديث عن مناورة المقاومة, تذكر ان يشجب ويدين المناورة الاسرائيلية, فقط واحد منهم, اما البقية فلا, هذا الموضوع بالنسبة اليهم هو موضوع طبيعي وعادي للاسف الشديد! وطبعا المناورات الاسرائيلية في الشمال لا تعني لهذا الفريق شيئا لانهم اولا لا يعتبرون اسرائيل عدوا, هم قالوا هذا في أكثر من مناسبة. وبعد ذلك، الذي يعلن علنا انه هو جزء من المشروع الاميركي في  المنطقة بشكل قهري وطبيعي, اذا هو لا يعتبر ان اسرائيل هي عدو, ولو اسأنا الظن اكثر سأقول ان بعض هذا الفريق, هو فرح وسعيد بمناورات العدو في شمال فلسطين المحتلة، لاننا نسمع في كل يوم معطيات وشائعات وكلمات من هنا وهناك على مراهنات جديدة على حرب اسرائيلية على المقاومة وعلى المعارضة في لبنان كما كانت هناك مراهنات في تموز العام الماضي, ولذلك من الطبيعي ان لا يستفز هذا الفريق في السلطة  وان لا يحرك ساكنا وان لا يدين, بينما عندما تتحرك المقاومة لتناور تقوم القيامة ولا تقعد!
انا لا يعنيني ما يقول هؤلاء, انما يعنيني ان اقول لكم انتم الذين تؤمنون بالمقاومة وتؤيدونها وتحتضنونها وتعتزون بها, وانا اقول للعدو من ورائكم ان هذه المناورة كانت مناورة حقيقية وجدية وكبيرة, لست الان في صدد ان اتحدث عن التفاصيل, هناك مقدار اردنا ان يفهمه العدو وقد فهمه العدو, هناك مقدار من خلال مناورة, مقدار من الجهوزية اردنا ان يفهمه العدو وقد فهمه العدو, وما اردناه من هذه المناورة, هو ان نوصل رسالة واضحة الى العالم الذي يحاصرنا ولكنه في نفس الوقت يقدم احدث تكنولوجيا عسكرية لاسرائيل، الى العالم الذي يحاصر ويعاقب من يقدم دولارا لتكفل يتيم من ايتام الشهداء ويقدم عشرات مليارات الدولارات لاسرائيل, لنقول لهذا العالم ولنقول لهذا العدو، هذه رسالة المناورة الحقيقية، إن المقاومة في لبنان تملك العزم والإرادة وان المقاومة في لبنان تملك الرجال الرجال، وان المقاومة في لبنان تملك السلاح اللازم والكافي انشاء الله، وان المقاومة في لبنان تملك العلم والخطة الدقيقة العلمية المناسبة للدفاع وان المقاومة في لبنان تملك القدرة على الإدارة والسيطرة وان المقاومة في لبنان جاهزة ليلا ونهارا وفي كل المواقع للدفاع عن جنوب لبنان وعن كل لبنان ليس فقط للدفاع وانما هي متوثبة لتصنع الانتصار التاريخي الذي يغير وجه المنطقة.
هذه هي  الرسالة الحقيقية لمناورة المقاومة الاسلامية قبل ايام, هي تريد ان تقول للعالم كله الذي يظن ان عزيمتنا وارادتنا قد ضعفت او وهنت, هم مشتبهون, للذين يظنون اننا تعبنا او مللنا وهل يتعب الانسان من الدفاع عن وطنه الغالي وعن شعبه الشريف وهل يتعب الانسان ويمل ويضعف ويهن من الدفاع عن اشرف الناس واكرم الناس واطهر الناس؟ هذه هي الرسالة الحقيقية. البعض لانه لا يرى اسرائيل عدوة ولان البعض لا يهمه من لبنان الا الازقة والشوارع والصراعات الصغيرة حاول ان يقدم مناورة المقاومة بأنها رسالة الى الداخل, لكم الحرية ان تفهموا كيفما تريدون.

وأنا أقول لكم أيضا المقاومة سوف تستمر في تحملها لهذه المسؤولية طالما أنّ هذه السلطة في لبنان لا تتحمل هذه المسؤولية، فالسلطة لم تقم بأي جهد حقيقي لا في الدفاع عن سيادة لبنان ولا في تحرير بقية الأرض، لا على المستوى السياسي والدبلوماسي ولا على المستوى المادي والميداني أيضا. الجيش اللبناني بعد 14 آب موجود على الحدود، أنا أريد أنا أسأل السلطة: ماذا قدمتم للجيش اللبناني؟ للضباط والجنود من أبناء الشعب اللبناني المرابطين على الحدود؟ ماذا قدمتم لهم من تسليح وتجهيزات وعتاد ومن إمكانات ومن قدرة للحماية للدفاع عن مواقعهم أولا فضلا عن الدفاع عن لبنان وعن الوطن والشعب؟.
هل يقدروا ان يقولوا لنا: ماذا فعلوا لتقوية الجيش وتعزيز قدراته بعد سنة وبعضة أشهر ليتمكن هذا الجيش من أداء واجبه الوطني؟ إذا نحن أمام سلطة تحدثك فقط عن قرار الحرب والسلم وتحدثك عن بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية وأنا أقول لكم أنهم لا يفهمون بسط سلطة الدولة إلاّ القدرة على جني الضرائب والأموال من المواطنين. أمّا منع الإنتهاكات الإسرائيلية وتحرير الأراضي المحتلة، حتى الإحتلال والإعتراض على المناورات والإنتشار العسكري الإسرائيلي هذا لا يحركون له ساكنا.
 من أبسط الأمور عندما يجري أي حادث في لبنان نرى فريق السلطة يشكي لمجلس الأمن ويصدر قرارا، وكأنّ مجلس الأمن ليس لديه عمل إلاّ لبنان، ولكن خمسين ألف ضابط وجندي في الشمال وما زالوا حتى الآن في الشمال، ما زالت الفرق العسكرية الإسرائيلية حتى الآن في الشمال، "شاطرين" فقط في بعث الرسائل عن تسلح المقاومة ولكنهم أجبن من أن يبعثوا رسالة واحدة يحتجون بها على المناورات الإسرائيلية. طبعا لأنّ هذا يحرج السيد الأمريكي بوش ويزعج خاطر السيدة كونداليزا رايس.
أهكذا يدافع عن الوطن وهل هكذا تقدم الطمأنينة لشعب لبنان وللجنوبيين؟ وأنا أتساءل كيف ينام أهل الجنوب وأهل القرى الحدودية وفي جوارهم خمسون ألف ضابط وجندي مع كامل الفرق المدرعة والمؤللة، ومن يدّعي أنه حكومة لا يحرك ساكنا على الإطلاق. أقول هذا من باب الإحتجاج، نحن يئسنا من هؤلاء منذ سنة 1982، أحمد قصير هو عنوان اليأس من كل هؤلاء السفسطائيين الذين لم يحملوا سلاحا في وجه الصهاينة. أنا أقول ذلك للإحتجاج ولأؤكد أحقية وصدقية وعدالة منطق المقاومة في لبنان، ولذلك أيّا يكن الإعتراض أو الإشكال أو الملاحظة فإنّ ذلك لن يغير من واقع مسؤوليتنا على الإطلاق.
في الأيام القليلة الماضية، تحدث البعض عن مخاوف ترتبط بوضع المخيمات في بيروت ومحيط الضاحية وبالأخص مخيم برج البراجنة ومخيمي صبرا وشاتيلا، وهناك الكثير من الأقوال والحكايات والشائعات والمعطيات الصحيحة وغير الصحيحة، حدوث إشكال صغير هنا وآخر هناك يجري كل يوم في لبنان في كل مكان وكان يجري سابقا، لكن في كل الأحوال ما طرح في وسائل الإعلام لا شك أثار قلقا في بيروت والضاحية والمخيمات، وأنا هنا أجد من واجبي أن أقول وأن نتحمل المسؤولية جميعا.
نحن نراهن بالدرجة الأولى بمعزل عن صحة أو عدم صحة المعلومات التي تنقل وهي بالأعم الأغلب غير صحيحة وغير دقيقة، لكن نحن أولا نراهن على العلاقة الطيبة جدا بين مخيمات بيروت والضاحية وجوار هذه المخيمات، بينا وبين الشعب الفلسطيني في هذه المخيمات، وبالحقيقة الفلسطينيون يعرفون الآن وفي الماضي وفي المستقبل أنّ هناك أناس كثر يحبونهم في العالم لكن لن يجدوا قوما يحبون الشعب الفلسطيني كما نحبه نحن، وهذه حقيقة.

حتى قبل سنتين عندما بدأنا التدخل في الشأن السياسي اللبناني، لكن قبل ذلك لم نتدخل كثيرا، كان البعض يصنفنا حزبا فلسطينيا وفي أحد الأيام قدّم لي الإخوة دراسة وفيها لائحة عن محطات تلفزة  فضائية في العالم العربي ويعددونها الفضائية الفلانية ويصل التعداد إلى فضائية المنار فقالوا: الفضائية الفلسطينية، لا يعرفون أصلا أنّها فضائية لبنانية... فلسطين والشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية والإنتفاضة الفلسطينية الكل يعرف ماذا تمثل بالنسبة إلينا، ونحن بحمد الله عزل وجل على علاقة طيبة مع سكان المخيمات ومع الشعب الطيب الموجود في هذه المخيمات. وثانيا نحن نراهن على العلاقة الطيبة والجيدة مع كل الفصائل الفلسطينية في هذه المخيمات، سواء فصائل منظمة التحرير الفلسطينية أو فصائل التحالف الفلسطيني ولنا علاقة مع الجميع واتصال مع الجميع.

منذ البداية عندما بدأ الحديث عن هذا الموضوع بدأنا بعيدا عن الإعلام باتصالات حثيثة مع فصائل منظمة التحرير ومع فصائل التحالف، وقلنا يجب أن نتعاون حتى لا نسمح لا للإسرائيليين ولا لعملاء إسرائيل في الداخل اللبناني أن يسيئوا الإستفادة أو أن يدفعوا الأمور باتجاه خاطئ، وإن لم تكن هناك أرضية حقيقة لهذا،  ولكن تعلمنا جميعا ان نحتاط في هذا الزمن الرديء والصعب. ومن خلال هذه الإتصالات عبر قنوات الإتصال اليومي والدائم والحثيث وإنشاء الله لن  تكون هناك أي مشكلة على الإطلاق.
إذا نحن نراهن على كل الفصائل الفلسطينية أن لا تسمح لأحد باختراق واقع المخيمات الفلسطينية ونراهن على اللجان الشعبية في المخيمات ونراهن على أهل المخيمات، وفي المقابل نراهن على أنفسنا وعلى إرادتنا وأنا أقول أنّ محيط المخيمات هو محيط مؤاخي لسكان المخيمات ومحب وودود وفي أسوء الأحوال للذين يتحدثون عن جر حزب الله وحركة أمل إلى حرب مخيمات جديدة، أنا أقول لهم بضرس قاطع : لن تكون هناك حرب مخيمات عندنا هنا على الإطلاق.
الفصائل الفلسطينية معنية ومسؤولة ونحن معنيون ومسؤولون ولكن في كل الأحوال هناك أيضا دولة من المفترض أن تتحمل المسؤولية من أجهزة أمنية وعسكرية وقضائية، عندما يحصل أي خلل أو إشكال من دخيل أو متآمر أو متواطئ، هناك دولة ومؤسسات دولة يجب أن تتحمل مسؤوليتها على هذا الصعيد. طبعا مطلوب أن لا نُصاب بالقلق لأنّ الشائعات أحيانا تثير قلقا فيصبح الحادث الطبيعي جدا في الأيام العادية تنسج حوله التحليلات الطويلة العريضة. نريد تعاون الجميع وبالنهاية نفس الإشارة إلى هذا المكان وهذا الإحتمال حتى لو لم يستند إلى أي أساس يجب أن يدعونا جميعا لبنانيين وفلسطينيين إلى أعلى درجة من الحذر والحضور والوعي وتحمل المسؤولية .

الإستحقاق الرئاسي في لبنان على درجة عالية من الأهمية، ونحن نرى أنّه يشغل اللبنانيين ولكن لماذا يشغل العالم ؟! يمكن للآن أنّ الإستحقاق الرئاسي في لبنان أخذ جهدا بالعالم أكثر من انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، لماذا يا ترى؟ مع العلم أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية بحسب الدستور الجديد هي صلاحيات محدودة، ومع ذلك كل هذا الإهتمام بانتخاب الرئيس. وأنا أيضا أدعو إلى أن نشعر نحن كلبنانيين بأهمية هذا الموضوع، يعني في الآونة الأخيرة خرج كلاما أنّه نحن لا يهمنا من هو الرئيس ومن هو شخص الرئيس بل تهمنا مشاكل من نوع آخر، هذا استخفاف باستحقاق رئيسي.

الموضوع لا يرتبط بالرئيس وشخص الرئيس وصلاحياته، وإنما الرئيس الذي سينتخب الآن، طريقة الإنتخاب، وروحية الإنتخاب وشخص الرئيس أي اسمه وشخصيته تؤشر على المسار السياسي العام الذي سيذهب إليه لبنان. يعني هل بعد انتخاب الرئيس ستأتي حكومة وحدة وطنية أي رئيس لا يقبل إلاّ بحكومة وحدة وطنية، حكومة شراكة وطنية؟ أو لا، هذا الرئيس لا مشكلة عنده ان يمشي بحكومة فريق واستئثار؟ هذا سؤال كبير.

بعد انتخاب الرئيس ستأتي حكومة سواء كانت حكومة شراكة وطنية أو حكومة لفريق، سياسات هذه الحكومة وخطط وتصرف هذه الحكومة بالوضع السياسي والمالي والإقتصادي والأمني والعلاقات الدولية والعلاقات العربية، كيف ستتصرف، هذا يبدأ من عند الرئيس وشخصيته وعقله وقيمه وأفكاره وشجاعته وإرادته.

ايضا كلنا يعرف أنّ بعد انتخاب الرئيس سيتم بشكل طبيعي جدا تعيين قائد جديد للجيش اللبناني وقادة جدد للمسؤوليات المركزية في مؤسسة الجيش اللبناني وهكذا الحال في بقية الأجهزة الأمنية اللبنانية، أليست هذه النقطة ايضا مدعاة قلق. يعني مرة يكون هناك حكومة شراكة وطنية فيأتي قائد جيش يعبر عن هذه الشراكة وعن هذا التوازن الوطني، ومرة يكون هناك حكومة فريق وحكومة استئثار فتعيّن قائد جيش من عقلية هذا الفريق، فكيف ساعتئذ سيتصرف قائد الجيش وقيادة الجيش ومؤسسة الجيش؟

حتى الآن من أهم عناصر الإستقرار في البلد منذ الزلزال الذي هز لبنان في 14 شباط 2005 إلى اليوم هي قيادة الجيش، مسؤولية هذه القيادة وتصرف هذه القيادة الوطني وتحملها المسؤولية وتوازن تصرفها مع المسائل، ولكن تصوروا أنّ ذاك الفريق يريد أن يأتي بقائد جيش من عقليته وروحيته ومشاعره، لا أعرف هذا الجيش أين سيصبح؟ وبالتالي البلد أين سيصبح؟ وهم الذين يحلمون باستخدام الجيش ضد المعارضين وضد المقاومة. حتى الآن الذي منع هذا الإستخدام هي قيادة الجيش وتركيبته وعقيدته الوطنية، ولكن هذا الفريق الآخر لو استأثر بالسلطة بعد انتخاب الرئيس وأصبح أمام استحقاق تعيين قائد جيش جديد، من الذي يضمن بقاء عقيدة الجيش، وأنّ موقعيته ودوره الوطني وليس الإنحيازي هو الذي سوف يبقى مسيطرا على هذه المؤسسة الوطنية الشريفة. هذه أسئلة خطيرة.

المسار إذا يبدأ من انتخاب الرئيس والمسألة ليست مسألة انتهاء ولاية رئيس ونريد الإتيان برئيس جديد. هناك مسار ومصير ومستقبل جديد للبلد، ولذلك لا يمكن التسامح في قضية الإستحقاق الرئاسي، ولا حل المسألة بطريقة المجاملات أو التعارفات أو تبويس اللحى أو تخجيل بعضنا بعضا، ولذلك حتى في إطر نقاش شخص الرئيس يجب أن تناقش المسائل مع بعضها البعض، يجب أن يناقش المسار السياسي في البلد. وإلاّ، تصوروا اليوم أنّ هناك فريقا يدّعي أنه الأغلبية وأقنع العالم أنّه الأغلبية ويريد رئيس جمهورية منه ورئيس وزراء منه وأغلبية الحكومة أكثرية الثلثين منه وغدا يريد قائد الجيش منه وهو يعلن أنه من المشروع الأمريكي ويعلن سياساته ومواقفه ورؤيته في المسائل المختلفة التي تشكل خطرا وتهديدا للبنان، فكيف هذا الموضوع يسلّم به بهذه الطريقة؟ لنناقش الأمور كلها مع بعضها، الرئاسة والحكومة والمسار السياسي وهذا هو النقاش الجدي وهذا هو الذي يساعد أكثر.

أنا ما زلت أؤكد أنّ مسألة الرئيس مسألة حساسة ومهمة جدا لأننا نريد رئيس غير الذي يريده الأمريكيون، فهم لا يرون منه إلاّ تنفيذ القرار 1559، لكن هل سمعتم منهم أنّهم يريدون من الرئيس معالجة الوضع الإقتصادي في لبنان ويسد ديونه ويبني دولة قوية وجيش قوي في لبنان ويحرر أرضه ويدافع عن سيادته ويوحد الشعب اللبناني؟ ابدا. لا يَرَوْن من انتخاب الرئيس إلاّ تنفيذ الـ 1559، أما آن لهم أن ييأسوا، لقد قلت في بنت جبيل الصامدة الراسخة العزيزة وأعود وأقول: لو جاء العالم كله لن يستطيع أن يطبق الـ 1559 في بند سلاح المقاومة "مش رئيس جمهورية جديد، هيدا موضوع مش للمزح والحكي واللعب"، نحن طرحنا رؤية وطنية وتنازلنا وقلنا سلاحنا قابل للحوار في إطار البحث في استراتيجية دفاع وطني ونقطة على أول السطر.
 الإسرائيليون أنفسهم قالوا بعد عدوان تموز 2006 أنّه لا يوجد جيش في العالم يستطيع أن ينزع سلاح حزب الله، وأنا أقول لهم نعم، لا يوجد أحد في العالم يستطيع أن ينزع سلاح حزب الله.
هذا لعب ومضيعة وقت، نحن نريد رئيس جمهورية يجمع اللبنانيين لا رئيس يعمل فتنة بينهم، نريد رئيس جمهورية يوحد اللبنانيين، نريد رئيس جمهورية يبني دولة حقيقية ولا يوقع على مراسيم للمزارع، نريد رئيس جمهورية مؤتمناً على رئيس الحكومة والحكومة التي تعالج الوضع الاقتصادي، نريد رئيس جمهورية يحارب الفساد ولا يغطي الفساد ويمنع الهدر في موارد الدولة.
 اليوم كل اللبنانيين والعالم مشغولين بالاستحقاق الرئاسي، لكن في موازاة هذا الانشغال وخلفه تحصل أكبر عملية نهب لمال الدولة، أكبر عملية نهب في تاريخ لبنان تجري في هذه الأيام. ما هي هذه العملية؟ خصخصة الخليوي، الخليوي الذي يقولون عنه نفط لبنان، وغيره ماذا لدينا؟ القطاع الزراعي؟ دمّروه، القطاع الصناعي؟ دمروه، القطاع السياحي؟ فيه ألف مصيبة ومشكل.
موارد الدولة: الضرائب وبعض المؤسسات المنتجة والتي أهمها الخلوي، وإذا بالخلوي يريدون بيعه، والله أعلم لمن؟ وغداً تعرفون لمن. هذا عملية نهب تحصل، وأنا هنا أحذر الشركات التي سوف تشترك وتشتري هذا القطاع، أنها تشتري ممن لا يملك وممن هو غير مخول قانوناً وشرعاً على بيع قطاع الخليوي، ونحن سنواجه عملية النهب هذه بكل الوسائل القانونية والمشروعة.
 نريد رئيس لا يرضى أن ينهب البلد بهذه الطريقة. نريد رئيس يمنع أن يتحول البلد بأكمله إلى شركات خاصة لا نعرف في نهاية المطاف إلى أين تصل هذه الشركات الخاصة. نعم هذا رئيس الجمهورية الذي نريده. نريد رئيس جمهورية يدعم الجيش ويقوي الجيش ويجلب له سلاح وتجهيز وعتاد ليصبح قادراً على حماية البلد وحماية الشعب. هذا رئيس الجمهورية الذي نحن نتطلع إليه.
 هم يلاحقوننا بأنهم أغلبية وبأنه يحق لهم الانتخاب. أنتم لو تملكون الجرأة والشجاعة، أنتم أغلبية مزورة، أنتم أغلبية غير حقيقية. أنتم تقولون أنكم مثل أوكرانيا، في أوكرانيا أقاموا تحالفاً وأجروا انتخابات على أساسه وأخذوا غالبية، لكن عندما فرط هذا التحالف لجؤوا إلى الانتخابات من جديد، لماذا لا تتجرؤون على إجراء انتخابات من جديد. أنتم تقولون أيضاً أنكم مثل جورجيا، في جورجيا نظمت المعارضة تظاهرتين قرب البرلمان وطالبوا بانتخابات رئاسية مبكرة، فقبل الرئيس أن يجري انتخابات رئاسية مبكرة، ويمكن أيضاً أن يجري انتخابات نيابية مبكرة، لكن نحن في لبنان نزل مليون وبعد عشرة ايام مليون ونصف قرب السرايا ولم يتزحزح أحد، لأنكم متمسكون بالسلطة وليس بالتمثيل الشعبي.
 إذا لم نستطع، نحن هنا عندما نتحدث عن التوافق الذي هو في الحقيقة روح الطائف وروح الدستور وروح النظام اللبناني، مع ذلك، حتى لو نحينا التوافق جانباً، الدستور يقول بنصاب الثلثين، الانتخاب يجب أن يكون انتخاباً دستورياً وأنتم لا تستطيعون أن تجمعوا الثلثين إلا بتوافق، ولذلك أنتم ملزمين بالتوافق بروح الدستور أولاً، وثانياً بتأمين النصاب الدستوري. لكن إذا لم نستطع الوصول إلى توافق، أيُّ رئيس بالنصف + واحد أصبح من المكرر لكن ما زلنا على مقربة، فسأقول بوضوح: المعارضة لن تعترف بهذا الرئيس، وهذا الحد الأدنى، لن تعترف بهذا الرئيس وستعتبره غاصباً للسلطة، معتدٍ على السلطة.
مرة يوجد رئيس أنا لا اعترف به،  ومرة يوجد رئيس مغتصب للسلطة، يتصرف بأمور الدولة بشكل غير قانوني وغير مشروع وغير صحيح، وأنا أنصح، اليوم لا نريد أن نهدد ولا شيء، لا زال هناك عدد من الأيام، وهناك مساع جدية للتوافق، لازلنا نراهن على التوافق ونؤيد كل مساعي التوافق، لكن إذا لم نصل إلى مكان، اللعبة الديموقراطية، الإخلاص للبلد، الحريص على السلم الأهلي، الذي لا يريد أن يسمح للأميركي أن يأخذ البلد إلى الفوضى الخلاقة، لدينا مخرج، لن أعود لأقول الانتخاب من الشعب، تعالوا لنعد إلى الانتخابات النيابية المبكرة: إذا أحد من الطرفين حصّل ثلثين فليجمع مجلس النواب وينتخب و"صحتين على قلبه" وعلى البقية أن تخضع لهذه الإرادة، وإن كان بحسب المعطيات السياسية قد يصعب على أي من الفريقين أن يحصل على الثلثين، فلماذا لا نأتي ونتعاهد ونقول: نجري انتخابات مبكرة ونلتزم، من يحصل على الأغلبية المطلقة الحقيقية، ليس بالتزوير والخداع وبالوعود! تصوروا مثلاً: كل التحالف الانتخابي في منطقة بعبدا عاليه قام على قاعدة أن اللائحة تدافع عن سلاح المقاومة وترفض الـ 1559، أصبحت اليوم هذه اللائحة تطالب بتنفيذ الـ 1559 وخصوصاً ما يتعلق بسلاح المقاومة، هل يبقى لهؤلاء النواب مشروعية؟ هؤلاء النواب خدعوا الناس، كذبوا على  الناس، غرروا بالناس فأخذوا وسرقوا أصواتهم.
 تعالوا لنجري انتخابات صادقة، شفافة واضحة، لا أحد يخدع الآخر، ولا أحد يزور على الثاني، الذي يأخذ أغلبية تسلّم له الأقلية من الآن: أنت حقك أن تنتخب الرئيس ونحن ننزل إلى المجلس ونكمل لك نصاب الثلثين، لأننا إذا عدنا إلى الانتخابات المبكرة سيقال لنا: إذا لم نحصل الثلثين سنعود للتوافق؟ لا، أنا أطرح عودة إلى انتخابات مبكرة والتزام مسبق من الأقلية بتأمين نصاب الثلثين للأغلبية لتختار الرئيس الذي يعبّر عنها، وهكذا نكون احتكمنا بحق للشعب اللبناني ونكون بحثنا عن مخرج للمأزق، وليس، أجرينا انتخابات مبكرة وعدنا وعلقنا في قصة الثلثين والنصف + واحد.
 في كل الأحوال، اللبنانيون اليوم يتابعون هذا الحدث، أنا من واجبي في هذه المناسبة وفي الأيام الأخيرة بحسب الدستور والظاهر القانوني لولاية فخامة الرئيس إميل لحود، أرى من واجبي باسمكم وباسم عوائل الشهداء وباسم المقاومين وباسم هذا الشعب الذي يمنحنا حق التعبير عن رأيه وعن عاطفته، إنني بالدرجة الأولى باسم المقاومة أود أن أتوجه إلى فخامة الرئيس إميل لحود بكامل الشكر والتقدير العالي على مواقفه وعلى ثباته وعلى صموده وعلى تأييده واحتضانه للمقاومة خلال تسع سنوات من رئاسته للجمهورية وخلال سنوات تحمله لمسؤولية قيادة الجيش، وبسبب هذا التلاحم وهذا التعاون وهذا التعاضد، كان التكامل بين المقاومة والجيش التي استمرت أيضاً مع قيادة الجيش الجديدة بعد العماد لحود، هذا التكامل الذي أثمر انتصاراً تاريخياً في عام 2000، وهذا التكامل الذي أثمر انتصاراً تاريخياً في مواجهة عدوان تموز 2006، ونحن لا يمكن أن ننسى للرئيس لحود مواقفه ووقفاته وعنفوانه وشجاعته ورجولته في مواجهة كل هذه التحديات وكل هذه الأخطار، ونحن معنيون بأن نفي لهذا الرجل حقه بالطريقة المناسبة، كما أننا معنيون بان نفي لكل من يقف إلى جانب هذه المقاومة ويحتضن هذه المقاومة ويدافع عنها، وفي الوقت نفسه ما دمنا على مقربة من الرابع والعشرين من تشرين الثاني، فإنني أيضاً من هنا من هذا المجمع وفي يوم الشهيد يوم الشهداء ويوم العطاء، أتوجه بالنداء إلى فخامة الرئيس إميل لحود لأقول له إن ما قمت به وما أنجزته وما تحملته خلال تسع سنوات في سدة الرئاسة مرهون بتحملك للمسؤولية الوطنية التاريخية في ما تبقى من أيام رئاستك وأنت أهل لهذه المسؤولية، من هنا نناشد فخامة الرئيس إميل لحود أن يقوم بما يمليه عليه ضميره ومسؤوليته الوطنية والقانونية والدستورية وقسمه اليمين الدستوري على حفظ البلاد والعباد، أن يقدم على خطوة أو مبادرة وطنية إنقاذية لمنع البلاد من الفراغ إن لم يحصل توافق، فانتخاب بالنصف + واحد هو أسوأ من الفراغ، وعدم انتخاب رئيس بالتوافق وبقاء السلطة في يد حكومة غير شرعية وغير مسؤولة هو أسوأ من الفراغ، ولذلك مع اقتراب المهلة من زمنها الأخير تصبح بطبيعة الحال العيون مشدودة إلى قصر بعبدا وإلى الرئيس المؤتمن على هذه المسؤولية ونحن نعرف أن العالم كله سيمارس أصعب الضغوط على فخامة الرئيس لكي لا يقدم على خطوة إنقاذية وطنية من هذا النوع، وسيواجه بأشكال الترهيب والترغيب وهو يواجه في كل يوم بأشكال الترهيب والترغيب، ولكن فخامة الرئيس الذي لم يسكت على ملايين الأمتار من جنوب لبنان عند ترسيم الحدود عام 2000 ووقف بكل جرأة وشجاعة أمام تهديد الإدارة الأميركية ووزيرة الخارجية الأميركية هو بالتأكيد سيكون مؤتمناً ليس على ملايين الأمتار بل على كامل مساحة الوطن اللبناني الذي لا يجوز لأحد أن يفرط به أو أن يلقي به إلى أيدي مجموعة من اللصوص والقتلة من أتباع المشروع الأميركي – الصهيوني في لبنان.
 نحن وإياكم بروح الشهداء وتضحياتهم وعطاءاتهم سنتابع بصبر هذه الأيام الحساسة من مصير وطننا ليكون لنا رئيس للجمهورية كما يريد شعب الجمهورية وليس كما يريد الأميركيون ولا المتدخلون الدوليون. سنتابع وإياكم  هذه المرحلة الحساسة لأننا جميعاً مؤتمنون على الوطن والأرض والعرض والسيادة والاستقلال والمستقبل الذي قدّمنا من أجله أطهر دماء الشهداء الذين نحي ذكراهم اليوم. 

2007-11-11