ارشيف من : 2005-2008
كريستيان شينو: إيران ليست العراق وأمنيات أميركا في ضربها لا تعني القدرة على ذلك
والجريمة، وهي في سياستها الاستعمارية تزرع الفتنة بين فئات الشعب العراقي وتسوّق لحلف عربي ضد إيران، تحت حجج وذرائع واهية، وجل إستراتيجيتها السيطرة على مقدرات العالم الإسلامي والحفاظ على التفوق الإسرائيلي في شتى المجالات.
يرى كريستيان شينو الصحافي الفرنسي الخبير في شؤون العراق والشرق الأوسط أن إعلان جورج بوش لخطته الجديدة هو الدفعة الأخيرة واليائسة قبل الانسحاب في العام القادم، مشيراً إلى أن بوش لم يرد الاعتراف بهزيمته في العراق، وهو يريد أن يقول للأميركيين إننا فعلنا ما بوسعنا قبل أن ننسحب.
"الانتقاد" حاورت شينو وكان اللقاء التالي:
كيف ترى العراق بعد أربع سنوات من الاحتلال؟
وصلت إلى بغداد بعد عشرة أيام من سقوطها، كان هناك أمل في العراق أن يجلب الأميركيون بعض الديمقراطية خصوصا بعد عقود من الدكتاتورية تحت حكم صدام حيث كانت الكلمة سببا كافيا لإعدام أي إنسان، وكان هناك قمع رهيب، أتى الأميركيون وكان لديهم فرصة ثلاثة أو أربعة شهور لتحقيق تغيير تاريخي في العراق، ولكن للأسف ما حصل هو عكس ذلك تماما، رأينا أميركا محتلة تريد من وجودها عدة أهداف هي:
1ـ وضع اليد على النفط العراقي.
2ـ وضع خطة المحافظين الجدد في تغيير منطقة الشرق الأوسط حيز التنفيذ حيث ساد الاعتقاد أن دول المنطقة سوف تتهاوى مثل أحجار الدومينو اثر زلزال العراق.
3ـ مراقبة إيران وحصارها.
لقد اعترف بوش باشتعال الحرب الطائفية منذ غزو قواته للعراق، هل تعتقد أن ذلك كان بتخطيط أميركي، وما هي نتيجته؟
نعم لعبوا على الوتر الطائفي، وهم يدفعون ثمن ذلك، هم الآن في صدد تغيير بعض سياستهم حيث يتواصلون سرا مع بعض المجموعات السنية، بهدف عزل جماعات القاعدة وأنصار السنة عن المقاومة الوطنية العراقية، لأنه في اعتقادي أن هؤلاء يمكن إدخالهم في التسوية، مثالا على ذلك الجيش الإسلامي المكون من ضباط وجنود الجيش العراقي السابق.
لقد ربحوا الحرب العسكرية، وهذا كان متوقعا للجميع، ولكنهم خسروا التسوية السياسية، أرادوا نتائج سريعة ولكنهم وجدوا أنفسهم وقد تخطاهم الزمن، والآن أصبحوا جزءاً من المشكلة، وجودهم بحد ذاته أصبح مشكلة.
كيف ترى خطة بوش الجديدة في العراق؟
أعتقد أنها الدفعة الأخيرة واليائسة قبل الانسحاب في العام القادم، بوش لم يرد الاعتراف بهزيمته في العراق، وهو يريد أن يقول للأميركيين إننا فعلنا ما بوسعنا، بعد عام سوف تبدأ الحملة الرئاسية وسوف يبدأ الانسحاب من العراق حيث سيكون الرئيس المقبل هو من يكمل ذلك الانسحاب.
ماذا عن زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس لدول المنطقة؟
هنا القضية الفلسطينية فضيحة كبرى، تسأل عباس وأولمرت ماذا يريدان، هناك أمران:
1- أما أنهم لا يريدون حلا لهذه القضية.
2- أو أنهم أقروا بالعجز.
أعتقد أن الأميركيين قد ذهبوا بعيدا في سياستهم الأيديولوجية، وقد وعوا متأخرين أن لهذه المنطقة تاريخاً وثقافة مختلفة، ولا يمكن مقارنتها بألمانيا واليابان في العام 1945، هنا الأمور مختلفة كلياً، لقد وجدوا مقاومة عنيفة في الشرق الأوسط.
هناك حملة إعلامية شعواء تشنها أميركا ضد إيران، هل يمهد ذلك لعمل عسكري ما؟
تمثل إيران الهدف الأول لأميركا في المنطقة، والإيرانيون يجيدون لعب الشطرنج بمهارة، لقد أجادوا الدور في العراق، وهم لديهم مصالحهم الإستراتيجية. لقد دعيت إلى أميركا في نيسان/ أبريل الماضي، ورأيت أشخاصاًَ في البنتاغون وضمن حلقة المفكرين والباحثين في مراكز الأبحاث، تستعجل الحرب على إيران، هناك أشخاص في مركز القرار الأميركي يريدون رأس إيران، هذا شيء واضح، ولكن هناك فرق كبير بين الأمنية والقدرة، كما أن إيران ليست العراق، مجموعة بوش تؤمن بالفوضى البناءة، أي نفجر الوضع ونرى ماذا يحصل، أميركا ترى إيران قوية وهي تريد إضعافها عبر ضرب
حزب الله وحماس وسوريا، ومن ثم الاستفراد بها فيما بعد.
ما هو دور العرب في كل ذلك؟
هناك أنظمة عربية لا ترتاح لقوة إيران، خصوصاً في الخليج والأردن، هم يحرضون ضد إيران ولكنهم لا يستطيعون فعل شيء، بالمقابل هم يجيدون اللعب على الحبلين، فمن ناحية يعلنون دعمهم للمقاومة ومعارضتهم لأي غزو، ومن ناحية أخرى يفتحون أجواءهم وأراضيهم لمرور القوات الغازية، هناك سوابق في التاريخ القريب، أميركا غزت العراق انطلاقا من هذه الدول.
كادر:
من هو كريستيان شينو؟
كريستيان شينو، صحفي فرنسي مختص في شؤون الشرق الأوسط، في إذاعة فرنسا الدولية والرهينة السابق في العراق، عمل مراسلاً إقليمياً لإذاعة فرنسا الدولية في عمان لمدة خمس سنوات، يعمل الآن في إذاعة فرنسا الدولية ـ قسم الشرق الأوسط، ألف كتباً عدة حول العالم العربي منها كتاب "صراع المياه في الشرق الأوسط"، وكتاب "فلسطينيون جيل الفدائيين في الذكرى الخمسين للنكبة"، وهناك كتاب عنوانه "العراق تحت حكم صدام"، إضافة الى كتاب "مذكرات مترجم صدام سلمان عبد المجيد"، وضعه مع زميله جورج مالبرونو. ذهب إلى العراق بعد عشرة أيام من سقوط بغداد, وتم اختطافه مع زميله مالبرونو ومرافقه العراقي حسين الجندي في 21 آب/ سبتمبر 2004 من قبل عناصر الجيش الإسلامي في مثلث المحمودية اللطيفية عندما كانا في طريقهما إلى النجف التي كانت محاصرة من قبل القوات الأميركية والعراقية, حيث كانا يسعيان للقاء السيد مقتدى الصدر الذي كان يتحصن يومها في مقام الإمام علي(ع).
الانتقاد/العدد 1198 ـ 19 كانون الثاني/ يناير 2007