ارشيف من : 2005-2008
"اسرائيل" تتخبط بين اعتراف بالتبادل وآخر بالرضوخ لمعادلات المقاومة
خلال عدوان تموز 2006. واعلن مكتب اولمرت بأن "إعادة حزب الله لأشلاء جنود إسرائيليين بالتزامن مع إطلاق نسيم نسر لا يرتبط بأي صفقة تبادل للأسرى"، وان ما قام به حزب الله ليس سوى "تحرك احادي" لاهداف محددة. في المقابل نقلت التقارير الاعلامية الاسرائيلية عن مسؤولين في وزارة الدفاع قولهم ان ما جرى هو "جزء من اتفاق أشمل". هذا الى جانب تقارير المراسلين الاعلاميين المتضاربة بين من يتبنى نظرية التبادل واخرين يعتبرون ما جرى خطوة مفاجئة من قبل حزب الله.
وهكذا وجدت اسرائيل نفسها تتخبط بين الاقرار بحصول عملية تبادل مع حزب الله وما ينطوي عليه ذلك من رضوخ وكسر لارادة العدو في مقابل حزب الله، وبين القول بأنها اطلقت سراح نسر لأن مدة محكوميته في السجن قد انتهت ولا يمكن لاسرائيل ان تحتفظ به كورقة مساومة بسبب موقف محكمة العدل العليا في اسرائيل.
في هذا السياق سنحاول مقاربة الفرضية التي يحاول اغلب قادة ومعلقي العدو ترويجها بغض النظر عن الموقف منها سلبا ام ايجابا لنرى الابعاد التي تنطوي عليها. ومما قيل من قبل بعض الجهات في الكيان الاسرائيلي ان الاشلاء التي سلمها حزب الله كانت خطوة مفاجئة من جانب واحد؟. ولم يكن المسؤولون الاسرائيليون على علم بها.
وعليه هناك العديد من الاسئلة التي تفرض نفسها ويستوجب الاجابة عنها.
اذا كانت اسرائيل قد قررت اطلاق سراح نسيم نسر والسماح له بالمجيء الى لبنان، لمجرد انه انهى مدة حكمه في السجن! الم تحتجز اسرائيل العديد من الاسرى والمعتقلين الذين انتهت مدة محكوميتهم او حتى بدون محاكمة، لعدة سنوات. ألم تسمح المحكمة العليا في اسرائيل للأجهزة الامنية والسلطة السياسية الاحتفاظ بالعديد من الاسرى اللبنانيين كــ"أوراق مساومة" تحت عنوان ان الاعتبارات الامنية لاسرائيل تتطلب ذلك.
وعليه فإن الحديث عن ان موقف المحكمة العليا هو الذي اجبر المستويين السياسي والامني باطلاق سراح نسر يعني ان المحكمة قد غيرت موقفها وحكمها بعد عملية التبادل الاخيرة التي جرت بين حزب الله والعدو (29/1/2004) لأنه قبل هذه الفترة كانت المحكمة تجيز للعدو الاحتفاظ بالاسرى كأوراق مساومة. وهو ما يستوجب التساؤل عن المستجدات التي فرضت على المحكمة تغيير موقفها من الاحتفاظ بالاسرى كأوراق مساومة. وبعبارة ادق، لماذا غيرت المحكمة موقفها من المصلحة الامنية التي شخصتها الاجهزة الامنية الاسرائيلية؟ هل لم تعد المحكمة تعر اهتماما لهذه الاعتبارات؟. ام ان تشخيص المصلحة الامنية الاسرائيلية قد تغير ولماذا؟ الا يعود ذلك لفشل نهج الاحتفاظ بالاسرى في الضغط على حزب الله؟. وهل كان يمكن، لو نجح هذا النهج في تجاربه السابقة، ان تغير المحكمة موقفها.
ألا يعود الموقف الجديد المفترض للمحكمة الى اعادة النظر في سياسة الاحتفاظ بالاسرى من جهة ان التجربة اثبتت بأن ذلك سيحفز حزب الله للقيام بمزيد من عمليات الاسر، وبالتالي اجبار اسرائيل على اجراء عمليات تبادل.
وعليه فإن الكلام عن ان اسرائيل لم تحتفظ بنسيم نسر نتيجة لتغير حكم وموقف المحكمة العليا من هذه السياسة، يؤدي الى ان موقف المحكمة المستجد هو من نتائج المعادلة التي استطاعت المقاومة فرضها عبر اسقاطها لاهداف سياسة الاحتفاظ بالاسرى كأوراق مساومة وتدفيع العدو اثمانا بشرية وسياسية ومعنوية باهظة. ومن هنا فإن تحرير نسيم نسر، ومن سيتم تحريرهم لاحقا دون الاحتفاظ بهم، حتى لو كان تحت عنوان رفض المحكمة العليا لذلك يعتبر بالتأكيد من النتائج التي استطاعت المقاومة فرضها على الساحة الاسرائيلية.
في كل الاحوال يمكن التقدير ايضا ان بعضا من النتائج الهامة قد تحققت بمجرد وصول الاشلاء الى "اسرائيل"، منها ان هذه القضية اصبحت مطروحة بقوة في اوساط الرأي العام الاسرائيلي. وانه لم يعد بإمكان العدو تجاهل الاشلاء في أي عملية تبادل مستقبلية كجزء قائم بذاته له اثمانه الانسانية.
وهكذا وجدت اسرائيل نفسها تتخبط بين ان تختار رضوخها لمعادلة التبادل التي فرضها حزب الله عليها وبين الرضوخ لمعادلة استطاع حزب الله ان يفرضها على الكيان الاسرائيلي وتمظهرت بأحكام ومواقف قانونية. ولكن بما أن الخيار الثاني هو رضوخ غير مباشر من الافضل لاسرائيل ان تركز عليه وتُظهِّره قدر الامكان.
ـــــــــــــــــ
نصر الله فنان بالمناورات
سيجد اصحاب نظرية المؤامرة صعوبة في تصديق التفسير الرسمي، بأن إسرائيل لا علم لها بإعادة الصندوق. وربما سيقولون أن كل الجهات التي لها علاقة بالأمر يطالبون بتحديد سبب حدوث مفاجأة بهذا الحجم، من أجل عدم خلق انطباع أن إسرائيل أنجزت صفقة لإعادة الأشلاء بعد أن رفضت اقتراح (امين عام حزب الله السيد حسن) نصر الله حول هذا الموضوع قبل حوالي عام. عندما رفض المسؤول عن موضوع الأسرى، "عوفر دكل"، باستخفاف الاقتراح وأكد أن إسرائيل تهتم بالحصول على الأشلاء (الجثث)، لكن لن تتاجر بها ولن تدفع مقابلها.
هذه المرة، تبين أن التفسير حقا بسيط. وإسرائيل فهمت، أنها لا تستطيع أن تحتفظ "بنسيم نسر" في الاعتقال الإداري، بعد أن أنهى مدة عقوبته بجرم التجسس لمصلحة حزب الله، لان الأمر لن ينجح في المحكمة العليا. وهي قررت، من دون خيار آخر، إطلاق سراحه وأكدت أن الأمر ليس لفتة كريمة أو جزء من صفقة.
هذا نهج "نصرالله" كفنان بالمناورات وكخبير بالمجتمع الإسرائيلي، وهو ينتج الدراما. وإن كان في الوقت نفسه هذا يسبب معاناة للعائلات الثكلى واللعب بشكل معيب بأعصابهم المكشوفة.
هآرتس/ يوسي ميلمان/2/6/2008
ــــــــــــــــ
فوز جديد في المعركة الاعلامية
سجّل (السيد) حسن نصر الله، أمس، فوزا جديدا في المعركة الإعلامية: من خلال المفاجأة بإرسال أشلاء جنود من حرب لبنان الثانية إلى إسرائيل... أين الحقيقة؟ يبدو انها في مكان ما في الوسط. إسرائيل وحزب الله أيضا يعملان على بث الكثير من المعلومات الخاطئة في الأجواء في إطار حرب نفسية، ولكن إذا درسنا الحقائق بإتقان يمكن التوصل إلى بعض النتائج فيما يتعلق بماهية المفاوضات بينهما.
قبل كل شيء، يصعب التصديق أن إسرائيل أطلقت سراح نسيم نسر ليس كجزء من المفاوضات، إنما فقط وفق توجيه المستشار القضائي للحكومة، كما ادُّعي. ومن المهم التذكير بأن نسر كان مواطنا إسرائيليا، مهاجرا من لبنان، قبل اعتقاله بسبب علاقاته مع حزب الله، ومن المنطقي الافتراض بأنه كان يجب إبقاؤه في إسرائيل بعد إنهاء مدة عقوبته.
حتى ولو طلب العودة إلى لبنان، فهناك حالات كثيرة سابقة، وجدت فيها إسرائيل الطرق القانونية لاحتجاز عناصر مرتبطة بحزب الله في إسرائيل، بحجة أنهم "أوراق ضغط" ضرورية لاسترجاع عناصرنا. وعلى ضوء ذلك، من المنطقي أكثر الافتراض، أن تحرير نسر تم كخطوة إسرائيلية أحادية الجانب، لكن من أجل دفع المفاوضات قدما حول مصير الجنديين المخطوفين.
معاريف/2/6/2008
ــــــــــــ
في كل مرة يلعب نصر الله بأعصابنا
قدر الباحث في الشؤون الشرق اوسطية، الدكتور اسحاق اسكوف، في مقابلة اجرتها معه القناة السابعة التابعة للمستوطنين، ان نقل اشلاء الجنود الاسرائيليين الى اسرائيل من قبل حزب الله، خطوة اخرى من نصر الله في لعبة الاعصاب ضد الشعب الاسرائيلي. واضاف اسكوف، الذي يشغل ايضا منصبا في الحاخامية، انه "في كل مرة يلعب نصر الله بأعصابنا, وهو يحصد ثمرة هذه اللعبة. انه يقوم بمناورات متكررة وقديمة". ومع ذلك قدّر الحاخام اسكوف "أن تسليم أشلاء الجثث هو صفقة أولى، وباعتقادي هو تمهيد لصفقة كبيرة وكبيرة جداً، من الأفضل عدم التحدث عنها، وحسناً فعلت إسرائيل أنها لم تتحدث عنها".
2/6/2008
الانتقاد/ العد1270 ـ 9 حزيران/ يونيو 2008