ارشيف من : 2005-2008

ميانمار: خاصرة الصين الرخوة

ميانمار: خاصرة الصين الرخوة

ألفان ومئة وخمسة وثمانين كيلومتراً من الحدود المشتركة، 21 مليار دولار أميركي من التبادل التجاري سنوياً، علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية استراتيجية، مشاريع نفطية ضخمة في كلا البلدين، إمكانية بناء مفاعلات نووية.
هذه هي باختصار شديد عناصر علاقة لا يمكن أن تنفصم بين الصين وميانمار، أو بورما كما  هي معروفة في "العالم الآخر"، وهي علاقة مقدّر لها أن تبقى على هذا القدر من القوة أياً كان الوضع الذي ستنتهي إليه الاضطرابات التي شهدتها العاصمة البورمية رانغون (أو يانغون) والعديد من المدن البورمية الأخرى.
هذا "القدر" هو المهدد من خلال ما يجري في بورما حالياً، ليس بسسب ما سينتج عن الاضطرابات، وإنما بسبب الظروف الاقليمية والدولية التي تجري فيها.
كل ما يقال عن القسوة التي يتعامل بها النظام العسكري البورمي مع أبناء شعبه صحيح، وربما ما يحصل على أرض الواقع أفظع مما يتسرب إلى لاخارج عبر وسائل الإعلام، وهذه الحقيقة لا يمكن لأحد تجاوزها، وخصوصاً مع المعلومات التي ترد عن الأوضاع الصعبة جداً التي يعاني منها أبناء الأقليات العرقية والدينية في بورما.
إلا أن هذه الحقيقة لا يمكن أن تحجب بالمقابل حقائق أخرى أساسية، أهمها ما يتعلق بالظروف التي اندلعت فيها موجة التظاهرات الجديدة، والخلفيات التي تقف وراءها وما مدى تدخل الدول الأجنبية في إثارتها.
يتفق الكثير من المراقبين على ان العوامل الداخلية والمحلية ليست العامل الرئيسي في تفجّر الأزمة البورمية وإنما هناك الكثير من العوامل المتعلقة بالواقع الجغرافي والاقتصادي لبورما فرضت نفسها على الأحداث ودفعت إلى انطلاق هذه التظاهرات التي راح ضحيتها العشرات من أبناء بورما بين قتيل وجريح.
إلا ان العامل الأبرز في هذه الأزمة حسب المراقبين هو "العين الأميركية" الني امتدت إلى النفط المخزون في الأرض البورمية، وإلى السعي الأميركي لجعل بورما "خاصرة رخوة" تتكئ عليها لمد يدها إلى "الإقليم"، ولا سيما أن بورما تقع في موقع استراتيجي في بين الصين والمحيط الهندي وتطل على عمق البر الصيني في أكثر من موقع حيوي.
ومن هنا يبدو هذا التجييش الأميركي للعالم لدفعه إلى الاهتمام بما يحصل في بورما، بمثابة قرار أميركي بإحراج الصين في هذا الملف الحساس لدفعها لأن تتزحزح عن موقعها المميز في علاقتها مع بورما، أو أن تتحمل أوزار ما يحصل هناك أمام العالم، ما يفقدها موقع "الدولة المسؤولة" والقادرة على لعب دور في رسم مستقبل العالم.
فأي سبيل ستختاره الصين للرد على هذا "الهجوم القوي" الذي يستهدفها، وهل تملك الوسائل التي تساعدها على تحويل هذا الفخ الأميركي إلى عملية تغيير هادئ في بورما يضمن لها موقعها المميز في تلك الدولة؟
الجواب عند الأيام القادمة.
محمود ريا
ميانمار في سطور (بورما)
هي إحدى دول جنوب شرقي آسيا، انفصلت عن ولايات الهند المتحدة (مستعمرة) نتيجة إقتراع في 1 نيسان/ أبريل 1937 بشأن بقائها أو استقلالها لتكون مستعمرة بريطانية منفصلة, تتألف من اتحاد عدة ولايات هي بورما وكارن وكابا وشان وكاشين وشن, في 1940 كونت ميليشيا الرفاق الثلاثون جيش الإستقلال البورمي وهو قوة مسلحة معنية بطرد الإحتلال البريطاني, و قد نال قادته الرفاق الثلاثون التدريب العسكري في اليابان, و قد عادو مع الاجتياح الياباني في 1941 مما جعل ميانمار بؤرة خطوط المواجهة في الحرب العالمية الثانية بين بريطانيا واليابان, في تموز/ يوليو 1945, بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء أعادت بريطانيا ضمها كمستعمرة, وقد نالت استقلالها أخيراً سنة 1948 م وانفصلت عن الاستعمار البريطاني. ويختلف سكان بورما من حيث التركيب العرقي واللغوي بسبب تعدد العناصر المكونة للدولة، ويتحدث أغلب سكانها اللغة البورمانية ويطلق على هؤلاء (البورمان) وباقي السكان يتحدثون لغات متعددة ،ومن بين الجماعات المتعددة جماعات الأركان، ويعيشون في القسم الجنوبي من مرتفعات ،أركان بوما وجماعات الكاشين وينتشر الأسلام بين هذه الجماعات .
تحد بورما من الشمال الشرقي الصين ، وتحدها الهند وبغلاديش من الشمال الغربي، وتشترك حدود بورما مع كل من لاوس وتايلاند ،أما حدودها الجنوبية فسواحل تطل على خليج البنغال والمحيط الهندي ويمتد ذراع من بورما نحو الجنوب الشرقي في شبه جزيرة الملايو ،وتنحصر أرضها بين دائرتي عشرة شمال الإستواء وثمانية وعشرين شمالأ.
تبلغ مساحتها ستمائة وثمانين ألفاً من الكيلو مترات المربعة ، وعاصمته بورما (رانغون ) .

2007-10-04