ارشيف من : 2005-2008

النائب محمد حيدر لـ"الانتقاد": لن نتراجع عن مطالبنا وأولى ضحايا المحكمة الحقيقة والعدالة

النائب محمد حيدر لـ"الانتقاد": لن نتراجع عن مطالبنا وأولى ضحايا المحكمة الحقيقة والعدالة

هذا غيض من فيض ما في جعبة نائب المقاومة عن "مآثر" الفريق الحاكم الذي يبدو انه ـ بحسب حيدر ـ " يخطف" البلد لالتزاماته الخارجية، بعدما كان جاهر بعدم قبوله مناقشة أي من الملاحظات التي وضعتها المعارضة على نظام المحكمة ذات الطابع الدولي، الأمر الذي يعني بصريح العبارة أن الهدف الحقيقي من وراء "تهريب" المحكمة إلى مجلس الأمن هو استخدامها "أداة للانتقام السياسي"، على ما يقول حيدر، الذي أكد أن أولى ضحايا المحكمة فيما لو جرى وضعها تحت الفصل السابع هي "الحقيقة والعدالة".‏

جولة أفق في الازمة الداخلية مع النائب حيدر، وما يمكن أن تؤول اليه الأوضاع في قابل الأيام.‏

وزراء بديلون‏

النائب محمد حيدر لـ"الانتقاد": لن نتراجع عن مطالبنا وأولى ضحايا المحكمة الحقيقة والعدالة

ـ نبدأ من آخر ابتكارات الفريق الحاكم، ماذا يعني أن تذهب حكومة السنيورة إلى تعيين وزراء بديلين للوزراء المستقيلين كما قال مروان حمادة؟‏

ما حصل مؤخراً يقع في إطار الارتباك والضياع السياسي وليس التصعيد السياسي، ويقع أيضاً في حالة الدوار السياسي الذي يعيشها الفريق الحاكم، وهو بالتالي لا يعرف ماهية الخطوات المفترض اتباعها للخروج من المأزق الذي هو فيه. هو يعرف سلفاً أن هذه الفكرة ميتة، لأن ليس هم من يعين الوزراء، بل رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.‏

ـ .. ربما يأتي في إطار إحراج رئيس الجمهورية؟‏

لماذا تحرجه؟ بالعكس، فهو سبق وأكد أن الحل هو من خلال تأليف حكومة تشارك فيها كل الأطراف السياسية في البلد، وبالتالي ليس صحيحاً انها بمثابة ورقة للتهديد بها، بل يدل على عمق مأزق الفريق الحاكم.‏

ـ ألا يمكن اعتبار هذا الطرح بمثابة تهديد يقابل تهديدكم بالاستقالة من المجلس النيابي؟‏

نحن لا نعيش عقدة أن يعينوا وزراء بدلاء حتى يقال ان خطوة الاستقالة تقع في إطار التهديد المقابل. سبق أن قلنا مراراً اذهبوا وعينوا بدلاء.. يبقى ماذا يمكن أن يمثل هؤلاء؟ فهذا شأنهم. أما ربط هذه مسألة بالاستقالة فلا أرى هناك من علاقة.‏

ـ .. ربما في إطار التصعيد السياسي المتبادل؟‏

فكرة الاستقالة موجودة، ولكن لم تُبحث بشكل نهائي.. فإذا كانوا هم يعتبرون أن هذه الخطوة لا قيمة قانونية لها، لكونها لا تعطل انتخابات رئاسة الجمهورية بزعمهم أنها لا تحتاج إلى نصاب الثلثين، إذاً لماذا تستفزهم هذه الفكرة؟ علماً بأن خطوتهم لا أقرأها كرد على فكرة الاستقالة.‏

ـ .. الاستفزاز بنظرهم يكمن في انكم تمارسون "الفيتو" على كل من يريد أن يتبوأ المقعد الوزاري؟‏

هذا غير صحيح، وأعتقد أن الساحة الشيعية هي الساحة الوحيدة التي يعمل عليها منذ سنتين لخلق وصناعة قوى ثالثة تكسر الثنائية الشيعية كما يدّعون، ومع ذلك لم يجرِ أي اعتراض من قبلنا على أي أحد، وأطمئنهم أنهم لن يتعرضوا لأي ضغط.. ونسأل: هل هم جربوا؟ فليجربوا.. أعتقد أن المشكلة ليست هنا، بل في امكانية إمرار هذه الخطوة قانونياً ودستورياً، فهمّهم ليس الشراكة، إنما التزاماتهم ومشاريعهم.‏

البلد مخطوف ومرهون‏

النائب محمد حيدر لـ"الانتقاد": لن نتراجع عن مطالبنا وأولى ضحايا المحكمة الحقيقة والعدالة

ـ المولاة تعيش المأزق.. فماذا عن المعارضة؟ أليست هي في مأزق أيضاً؟‏

نستطيع القول ان البلد برمته يعيش المأزق، وسبق أن طُرح مخرج له من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية، لأنه في كل ديمقراطيات العالم عندما يصل البلد إلى مأزق سياسي بالحجم هذا يكون المخرج إما انتخابات نيابية مبكرة وإما حكومة وحدة وطنية تضمن مشاركة المعارضة بالقرار السياسي. غير انهم رفضوا كل ذلك، ووضعوا البلد كله أمام المأزق، وبالتالي باتوا هم الأكثر ضيقاً لكونهم هم الحكومة والسلطة التي باتت مشلولة ولا تستطيع القيام بدورها. صحيح البلد يعيش الأزمة، ولكن نبذل جهداً للخروج منه، وعندما نجد الآخر لا يتجاوب، يتبين أنه يرهن البلد ويخطفه لحساب التزاماته الضيقة والخارجية.‏

ـ ألا تعتقد أن الفريق الحاكم فرض الإيقاع الذي يريده، بوضعه المحكمة في عهدة مجلس الأمن، وبذلك خسرتم ورقة ضغط في اطار المقايضة أو المساومة؟‏

أولاً المعارضة منذ تحركها طرحت حكومة الوحدة الوطنية من دون مقايضة مع أي مطلب آخر، هم من طرح المقايضة، ونحن كنا حريصين على معالجة هذا الموضوع بعيدا عن أي تجاذب سياسي ومن الزاوية القانونية البحتة، لأننا نريد بالفعل معرفة من قتل الرئيس رفيق الحريري، ولنا مصلحة في ذلك، وبالتالي لم نطلب مقايضة حتى يقال لنا اننا فقدنا احدى أوراق القوة.‏

ـ بعد كلام الأمين العام لحزب الله الأخير عن الاستفتاء والانتخابات النيابية المبكرة، هل أصبحت حكومة الوحدة الوطنية خلفكم؟‏

سماحة السيد كان واضحاً، الموضوع سيُطرح على قوى المعارضة، ونحن لسنا في صدد الخروج عما يُتوافق عليه، لكن سنحاول إقناعهم، لأنه لم يعد لائقاً أن نستمر بهذا المطلب، خصوصاً أن الفريق الحاكم لا يفتح أي آفاق. وقد وجدنا أن الحل المنطقي إما الاستفتاء وإما الانتخابات المبكرة.. يبدو انهم أيضاً لا يريدون هذه الحلول، وفي ظل هذه المراوحة فليتحملوا مسؤولية المأزق الذي أدخلوا البلد فيه. ونحن لسنا في صدد أخذ البلد نحو ـ التصعيد الذي قد يؤدي إلى إدخال البلد إما في أتون الفتنة المذهبية أو في حرب أهلية؟‏

سياسة حافة الهاوية‏

النائب محمد حيدر لـ"الانتقاد": لن نتراجع عن مطالبنا وأولى ضحايا المحكمة الحقيقة والعدالة

ـ .. الفريق الحاكم يسأل دائماً: إذا كنتم فعلاً تتخوفون من حرب أهلية، فلماذا أوصلتم الأمور إلى هذا الحد؟‏

الذي أوصل الأمور إلى هذا الحد هو تعنت الفريق الحاكم وعدم الأخذ بمطالب المعارضة، ما اضطرنا بفعل إقفال الأفق السياسي الى أن نصعّد من تحركنا ديمقراطياً. وطبيعي أن أي حالة احتقان قد توصلنا إلى حافة الانفجار، ويبدو ان هؤلاء اتخذوا قراراً بأن يلعبوا معنا سياسة حافة الهاوية من خلال هجومهم علينا بالفتنة تارة وبالحرب الأهلية تارة أخرى، لكي يجبرونا على التراجع. صحيح تراجعنا عن مزيد من التصعيد خوفاً من الانفجار، لكن عن مطالبنا لسنا بوارد التراجع، وهو ما فسّر بنقطة ضعف فيما نحن نعتبرها نقطة قوة. وبالنهاية نحن نعتبر أنفسنا "أم الصبي" لا المرضعة.‏

ـ ماذا عن خطوات المعارضة المقبلة للخروج من النفق؟‏

نحن في ظل أي معادلة تصعيد يمكن أن تقودنا إلى حرب أهلية أو فتنة داخلية، نطرح مخارج عديدة سبق وأشار إليها سماحة السيد، ومنها الاستفتاء أو الانتخابات المبكرة، وأي من الخطوات الواجب اتخاذها يفترض إخضاعها لمزيد من الحسابات نتيجة دقة الوضع، خاصة أن هذا الفريق لن يتورع عن أخذ البلد إلى المجهول، وبالتالي هناك أفكار أخرى مطروحة، منها العصيان المدني، الاستقالة النيابية، إضافة إلى استكمال الخطوات القائمة، ومنها الاعتصام المفتوح الذي يبقى له الأثر الفاعل باعتراف أركان المولاة.. إلى خطوات ما زالت قيد الدرس.‏

ـ كيف قرأت بيان المطارنة الموارنة حول وجوب إجراء انتخابات رئاسية في موعدها، بصرف النظر عن الإجراءات الدستورية؟‏

أنا قرأتها من الزاوية الايجابية، وهو إقرار بشكل أو بآخر ضمني بأن جلسة انتخابات الرئاسية تحتاج إلى نصاب الثلثين.‏

ضحايا المحكمة‏

النائب محمد حيدر لـ"الانتقاد": لن نتراجع عن مطالبنا وأولى ضحايا المحكمة الحقيقة والعدالة

ـ الملاحظ أن السيد نصر الله في كلمته الأخيرة كان له موقف تصعيدي من قضية المحكمة.. لماذا؟‏

نحن منذ البداية برغم تحفظاتنا الكثيرة تجاه كل ما هو ذو طابع دولي نتيجة لما يحمله من تجربة غير مشجعة في المنطقة، ونتيجة لعدم الثقة بالقيمين على المؤسسات الدولية، ولكي لا يساء فهمنا، وافقنا على مبدأ المحكمة الدولية، على اعتبار أن موقفنا معروف من المحكمة ذات الطابع الدولي التي لم نكن متحمسين لها، وكنا قد طرحنا سابقاً حلولاً أخرى، منها محكمة عربية أو إسلامية، ولكن لكي لا يساء فهمنا أزلنا كل تحفظاتنا عليها. وبعدها شرعنا مع الفريق الحاكم في الحديث عن طبيعة هذه المحكمة وآلياتها لضمان اكتشاف قتلة الرئيس الحريري ومعاقبتهم من دون أن تستعمل أداة سياسية، لا على المستوى الداخلي ولا الخارجي. ولكن تبين في الأساس ـ كما عبّر سماحة السيد ـ أن هناك أحكاماً صادرة مسبقاً بدليل حديثهم أن المشنقة بدأت تضيق على الرقاب، بمعنى أن هناك من حدد المتهم وقرار الحكم، ولم يعد أمامه سوى البحث عن مخرج! وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الجماعة لا يريدون أي نقاش موضوعي أو قانوني أو شفاف، وهذا ما ظهر من خلال استغلالهم في المرة الأولى حادثة اغتيال جبران تويني، وفي المرة الثانية حادثة اغتيال بيار الجميل. واليوم برغم أنهم هم من طرح موضوع مقايضة المحكمة بحكومة الوحدة الوطنية، عادوا وسحبوا هذا الموضوع وذهبوا به إلى مجلس الأمن، وهم تحدثوا بشكل صريح أن موضوع المحكمة غير قابل للنقاش أو للتعديلات.. هل هذا تصرف يدل على أنهم يريدون الحقيقة؟ فلو كانوا كذلك لاستمعوا إلى الملاحظات التي وضعتها المعارضة وجرى مناقشتها، مع العلم أن الرئيس بري وضع ضمانات كبيرة ومهمة من خلال قبوله بمراقبين دوليين للمشاركة في النقاش، غير انهم بصراحة لا يريدون المحكمة التي توصل إلى العدالة، بل محكمة تستعمل أداة للانتقام السياسي. وبغض النظر عما ستؤول إليه الأمور في مجلس الأمن، أعتقد ان أهم ضحايا هذا الأسلوب المعتمد من قبل فريق 14 شباط هي الحقيقة والعدالة.‏

ـ هل يمكن ان يأتي وقت اعلان ملاحظاتكم؟‏

ممكن.. لمَ لا؟‏

ـ برأيك أي مفاعيل ستترتب على الساحة الداخلية فيما لو وضعت الملاحظات أمام الرأي العام؟‏

بغض النظر عن المفاعيل، ما أكدناه هو أن تناقش هذه الملاحظات في الغرف المغلقة لا تحت الصخب الإعلامي، كي لا تتحول إلى بزار سياسي، وأن لا تضطرنا لأن نعلنها للرأي العام ليحكم عليها.‏

نتائج الحرب الإسرائيلية‏

ـ في موضوع تقرير لجنة فينوغراد، هل من المتوقع أن يُكشف عن أسماء داخلية طالبت الإسرائيلي والأميركي بمتابعة العدوان ضد حزب الله؟‏

أعتقد ليسوا بوارد التسمية، لأن أولمرت طلب عدم نشر شهادته حتى لا تمس علاقات "إسرائيل" الخارجية! وبالتأكيد ليس المقصود الولايات المتحدة الأميركية، بل جهات لا تريد أن تتحدث اللجنة عنها الآن لكي لا ترتد سلباً عليهم.‏

ـ فيما خص تعويضات حرب تموز، سماحة السيد قال إن حكومة السنيورة تحبس الأموال عن المتضررين؟‏

بالأصل احد أهداف هذه الحرب هي معاقبة جمهور هذه المقاومة للإيقاع بينهما، وذلك من خلال التدمير الممنهج للبنى التحية والسكنية والتجارية. هذه الطريقة بينت للإسرائيلي أنها فشلت، وبالتالي كان المطلوب أن يأخذ عنه أحد استكمال هذا الهدف، وهنا يأتي دور حكومة السيد السنيورة من خلال حبس الأموال المخصصة لإعادة بناء الأبنية المدمرة. وهنا يتشاطرون علينا بأنهم قدموا تعويضات لنحو 200 إلى 300 قرية، في حين أن هذه التعويضات هي مجرد ترميم لبعض الزجاج المكسر! حتى الآن في الجنوب لم يدفع لسوى قريتين أو ثلاث، لأصحاب المنازل المهدمة، كما دُفعت التعويضات لمئة منزل كحد أقصى، وبالتالي هناك آلاف المنازل المدمرة لم يُعوض عليها، مع العلم بأن الأموال موجودة، بمَ يفّسر هذا غير انه يأتي في سياق إكمال تواطؤ الحكومة بهدف معاقبة هذا الجمهور والإيقاع بينه وبين المقاومة؟ إضافة إلى خلفية حاقدة ومتعصبة عند من بيده القرار، وهو رئيس الحكومة لجمهور المقاومة.‏

ـ وما ذا يمكن أن يفعله حزب الله؟‏

أعتقد خلال المرحلة القادمة سنتحرك باتجاه الدول المانحة والمساهمة لنشكو لها الأمر، فالأموال التي وُضعت في عهدة الحكومة لم يطلق سراحها، إضافة إلى أن حزب الله مستمر في موضوع التعويض على المتضررين بشكل دقيق.‏

أجرى الحوار أمير قانصوه وحسين عواد‏

الانتقاد/ العدد1210 ـ 13 نيسان/أبريل 2007‏

2007-04-13