ارشيف من : 2005-2008
عضو شورى حزب الله الشيخ محمد يزبك في حوار شامل مع "الانتقاد": سنبقى في حالة جهوزية واستنفار لمواجهة الفتنة
ـ الظروف والمناخات ملائمة لإيجاد الحل، وعلى اللبنانيين أن يستغلوا هذه الفرص التي تمر كالسحاب
ـ قريباً تشاهدون لقاءً لأهلنا في البقاع، فتفتح البيوت بعدما تفتح القلوب
ـ سنضع أيدينا على كل توتر لإعادة الوضع إلى سابق عهده
ـ المقاومة اليوم أقوى وغداً سوف تكون أقوى من اليوم
ـ الخلافات المذهبية تثيرها أميركا ومن في ركبها لأن وحدة المسلمين تقلق الاستكبار
ـ احتمال وقوع عدوان إسرائيلي جديد هو من قبيل الحرب النفسية
حوزة الامام المنتظر (ع) بجوار مسجد الامام علي (ع) في بعلبك.. مكان يعجّ بالذكريات من السيد عباس الموسوي والسيد حسن نصر الله الى الكثير من العلماء والمجاهدين.. وفيها وضعت المداميك الأولى لانطلاقة حزب الله عام 1982..
"نعم هنا كان السيدان"، يؤكد ذلك عضو شورى حزب الله سماحة الشيخ محمد يزبك بكلمات مشفوعة بنظرات فخورة بالمكان الذي منه انطلقت شعلة الجهاد ضد الاحتلال الصهيوني.. لتكلل بانتصار ثم بآخر.
في المبنى نفسه حيث يقع مكتبه اليوم كان لقاؤنا مع سماحة الشيخ.. لقاء أردناه اطلالة سياسية شاملة، ابتداءً من البقاع الذي تصدر في الأيام الماضية عنوان التلاقي الشيعي ـ السني في مواجهة الفتنة المذهبية.. ويبشّر الشيخ يزبك بأنه "قريباً ستشاهدون لقاءً لأهلنا، وان الناس سيدخلون على بعضهم البعض وتفتح البيوت بعدما تفتح القلوب"، مؤكداً "السعي الحثيث لتفويت الفرصة على الذين يريدون أن يشعلوا نار الفتنة المذهبية في لبنان"، معتبراً أن لذلك "انعكاساته الطيبة على العالم العربي والإسلامي".
وعن الحوار الذي يجري بين المعارضة والموالاة أكد الشيخ يزبك أن "هناك شعوراً يتزايد بالمسؤولية لايجاد الحل، وان كان هناك من يسعى إلى تعطيله"، معتبراً أن "الظروف والمناخات ملائمة لإيجاد الحل، وعلى اللبنانيين أن يستغلوا هذه الفرص التي تمر كالسحاب"، داعياً الى "الحيطة والحذر" بمواجهة المعرقلين، والى "مزيد من القوة لإخراج لبنان من محنته بحكومة وحدة وطنية".
في عدوان تموز كان الشيخ يزبك هدفاً للاغتيال والخطف الا ان محاولات العدو باءت بالفشل وارتدت عليه هزائم متكررة.. الأمر الذي يتعامل معه سماحته بتواضع كبير: "من اليوم الأول الذي اخترنا فيه هذا الطريق أدركنا أننا سنواجه العدو في أي لحظة، وبالتالي لم يغير بالنسبة لنا أي شيء لا الإنزال ولا المطاردة.. وما دام الإنسان مع الله فلا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه".
وهنا نص الحوار مع سماحة الشيخ يزبك:
وأد الفتنة
نبدأ من لقاء أزهر البقاع، هو اللقاء الثاني بعد أحداث البقاع وحملة التحريض المذهبي.. إلى ما يشير مثل هذا اللقاء؟
ـ أولاً أرحب بكم، وانتم تماشون الكلمة، من أجل إهداء الكلمة الطيبة لرفع مستوى المواطن في لبنان، ولإيصال الحقيقة إلى كل من يرغب ويحب أن يكون صاحب الحقيقة، والإعلام هو أمانة، و"الانتقاد" تحمل جوهرها من اسمها، ننتقد من أجل البناء، ومن أجل الأفضل إن شاء الله. من هنا أدخل إلى الواقع الذي نعيشه والقلق الذي يعم الناس جميعا نتيجة التداعيات التي فرضت على لبنان، وما حصل بعد الحرب إلى يومنا الحاضر، والأجواء المسمومة التي حاول البعض أن يدفعها بالاتجاه الذي يخدم مصالحة ومآربه لإسقاط القوة في لبنان، الإلفة، وعنوان العزة في لبنان، وان إسقاط هذه المسائل لا يكون إلا من خلال ضرب الوحدة الوطنية، والشريان الأساسي فيها هم المسلمون سنة وشيعة، فإذا ما قطع هذا الشريان من خلال إثارة الفتن لن يسلم لبنان بوجهه الذي نريده، من هنا كانت اللعبة على الفتنة المذهبية وإثارتها، وكأن القوم يستفيدون من خلال ما يحصل في العراق لتعميم هذه الفوضى البناءة على واقعنا في لبنان.
وما حصل بالنسبة للمسيرات والاعتصامات وما تلاها من أحداث يوم الخميس الدامي، أيضاً كان لها انعكاسات على منطقة البقاع، هذه المنطقة التي كانت تجسد العيش المشترك بين مختلف المواطنين على اختلاف انتماءاتهم وطوائفهم ومذاهبهم، تمتاز بالحس العشائري والكرامة، وان يواسي البعض البعض الآخر. بالواقع ما حصل كان صدمة للجميع في هذه المنطقة، فإذا ما استذكرنا الماضي فإنه أيام الفتنة والمحنة الكبرى في الحرب الأهلية، البقاع كان صمام الأمان بالنسبة لكل مواطنيه على اختلاف انتماءاتهم، وكان السبّاق من اجل التوسط هنا أو هناك لحلحلة بعض المسائل، ولإنقاذ بعض الأنفس، لذلك ما حصل في البقاع الشمالي أو البقاع بشكل عام صدم الجميع، فكان لا بد من التحرك من قبل الغيارى على هذا الواقع من اجل لملمة الجراحات، وجمع الشمل من جديد، كان اللقاء الأول في بعلبك الذي تمثّل بالنخب وبشخصيات تمثل عنوان المنطقة وشهامتها، وفي مقدمة الحاضرين مفتي البقاع الشيخ خليل الميس ومفتي بعلبك الشيخ خليل شقير، وكان الحديث أننا لا نقبل أن يحصل أي شيء يبعد الأخ عن أخيه والمواطن عن أخيه، وكان لهذا اللقاء ثمرة كبيرة، وإن شاء الله ستكون له آثاره وثماره في المستقبل، كما جرى الحديث عن تشكيل لجان علمائية عليا لمتابعة الأوضاع بكاملها، وكان اللقاء الثاني في أزهر لبنان يوم الأحد الماضي الذي جسد صدق النيات والعمل من اجل الوحدة الوطنية، ونحن نأمل من خلال هذه اللجنة أن نضع أيدينا على كل مكان فيه توتر من اجل إعادة الوضع في المنطقة إلى سابق عهده، والى أفضل مما كان عليه من خلال التعاون والتكامل والشعور بالمسؤولية، فليس فينا من هو غريب، بل كل منا هو أخ للآخر، وينبغي أن نتعاطى جميعاً من موقع المسؤولية، ولا بد أن أشير إلى أن اللقاء تناول ايضاً أحداث البقاع الشمالي، وإن شاء الله ستشاهدون لقاءً قريباً لأهلنا جميعاً هناك، وان الناس سيدخلون على بعضهم البعض وتفتح البيوت بعدما تفتح القلوب.
* هل يمكن أن يفتح هذا اللقاء الباب إلى تفاهم إسلامي حقيقي يمهد لوحدة وطنية حقيقية يمكن الاستفادة منها خارج الحدود؟
ـ الإنسان يبدأ من بيته، ونحن تحدثنا في اللقاء العلمائي أن علينا أن نبدأ من البقاع لتنقية الأجواء، ولوضع الأمور في نصابها على أمل أن نوفّق لأن نخرج إلى اللبنانيين جميعاً مسلمين ومسيحيين من اجل إرساء قواعد الوحدة الوطنية، لان لبنان لا يمكن أن يكون إلا بتفاهم أبنائه وطوائفه ومذاهبه، وعلى قدر كبير من المساواة والاحترام المتبادل، وان يكون الحوار هو سيد الموقف، وان تكون هناك دولة قوية يستظل في ظلالها الجميع، وان يكون القانون هو الذي يسود الجميع، ولأن لبنان هو الواجهة على العالم العربي والإسلامي، فالوحدة الوطنية والإسلامية لها انعكاساتها على هذين العالمين، وأن تفويت الفرصة على الذين يريدون أن يشعلوا نار الفتنة المذهبية في لبنان هو أيضا له انعكاساته الطيبة على العالم العربي والإسلامي.
* تحدثت عن الفتنة المذهبية، إلى أي حد يمكن القول إننا تجاوزنا هذا "القطوع"؟
ـ طبيعي ما حصل هو كبير، ونشكر كل من ساهم في درء هذه الفتنة عن مجتمعنا من علماء سنة وشيعة وسياسيين وفعاليات ونخب، شعرت بخطورة هذه الفتنة، كلٌ انطلق من موقعه لإطفاء نار الفتنة، وكانت الجهود المشكورة كبيرة، بذلت في هذا السبيل.. وطبيعي الأخوّة بين السنة والشيعة كانت عاصية على أن تخترق من قبل هذه الفتنة، ولكن أيضاً هذا يحمّلنا مسؤولية للمستقبل أن نبقى في حالة استنفار، لأن أصحاب المخططات لتمزيق هذا الوطن ولضرب هذا الاستقرار ووحدتنا ما زالوا يعملون، نحن إذاً علينا أن نبقى في حالة الجهوزية أكثر فأكثر.
المناعة الداخلية
* هل نفهم من كلامكم أن الساحة الداخلية تحمل الكثير من الهشاشة ما يجعلها مرتعاً لأي فتنة مذهبية؟
ـ ما جرى على اللبنانيين قاسٍ جداً، ولولا الصلابة التي يتمتع بها الشعب اللبناني، ولولا الرؤية والحس بالمسؤولية كان يمكن لتلك المخططات أن تفعل مفاعيلها، أميركا حاضرة ليلاً نهاراً و"إسرائيل" أيضاً، والمستهدف هو هذه الوحدة، وهذه الممانعة، وهذه المقاومة في لبنان، فلولا المناعة الموجودة عند أهلنا وشعبنا وحس المسؤولية، أتصور أن الأمر كان مأساة، ولكن التحصين الذي فيه شعبنا هو الذي جعلنا نبتعد عن هذه المأساة، وإن شاء الله نبتعد عنها كثيراً، وان نكون ممن يؤثر على من تبقى من مجتمعاتنا الإسلامية من خلال هذه الوحدة والشعور بهذه المسؤولية.
الحوار خيار اللبنانيين
* نشهد اليوم حوارا بين المعارضة والفريق الحاكم، يتمثل باللقاءات المتتالية بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري، برأيكم ما هي حظوظ نجاح مثل هذا الحوار؟
ـ نأمل أن يصل هذا الحوار إلى نتيجة، لأن لا خيار أمام اللبنانيين في نهاية المطاف إلا الحوار، وإذا كان الوحيد هو الحوار لماذا لا نبادر إليه؟ وأنا بتصوري أن اللبنانيين لو تركوا مع أنفسهم، وان يحاور بعضهم البعض الآخر من دون أن تكون هناك أيدي وصاية لاستطاعوا أن يخرجوا من هذه المحنة، ونأمل من خلال ما يجري اليوم بين رئيس المجلس ورئيس تيار المستقبل أن نصل إلى نتيجة، وما نسمعه حتى الآن من قبل أطراف المعارضة أو من الجانب آخر، وكأن هناك شعوراً يتزايد بالمسؤولية باتجاه ايجاد الحل، وان كان هناك من يسعى إلى تعطيله. الظروف والمناخات ملائمة لإيجاد الحل، وعلى اللبنانيين أن يستغلوا هذه الفرص التي تمر كالسحاب. أما أن هناك بعض العراقيل فهي موجودة وتدعو إلى مزيد من الحيطة والحذر، ومزيد من القوة لتجاوز هذه المسائل لإخراج لبنان من محنته بحكومة وحدة وطنية لتحقيق الأهداف التي يطمح إليه كل لبناني على أساس أن نكون جميعاً إلى جانب بعضنا البعض.
* .. هل من شأن هذه العراقيل أن تعيدنا إلى "المربع الأول" للأزمة؟
ـ ولِمَ لا.. نحن في لبنان، بلد المفاجآت، كما تفضلتم ربما نعود إلى نقطة الصفر، لذا أقول لا بد من الحيطة والحذر والعمل على إزاحة كل هذه المعوقات، من هنا أمل بالحل مع الحذر..
* .. هل الداخل اللبناني بات قادراً على إنتاج حلول بمعزل عن التدخلات الخارجية أم يحتاج إلى "تأشيرة عبور" إقليمية ودولية؟
ـ أقول لو ترك اللبناني مع أخيه لاستطاع أن يحقق التفاهم، لكن العقبات تنشأ من الآخرين، ونأمل من هؤلاء أن يتحملوا مسؤولياتهم ويتركوا هذا البلد لأهله، ومن يريد النفع للبنان عليه أن لا يتدخل في شأنه الداخلي، ومن يريد أن يساعد لبنان عليه أن يعمل على كف الإسرائيلي من تهديده للبنان، ولا يأتي تحت عنوان مساعدة لبنان ويعمل على تمزيق أهله ويساعد فئة على فئة أخرى.
الموقف الأميركي .. والتسوية
* هل تغير الموقف الأميركي، وبالتالي سيسهل التسوية في لبنان أم سيكمن لها عند أول مفترق؟
ـ في المناخ العام هناك نوع من التراجع في الموقف الاميركي. فمؤتمر بغداد الذي عقد مؤخراً له دلالاته، ثم أن مشاركة سوريا وإيران في المؤتمر لم تكن عبثية، وهذا من شأنه أن يكون له انعكاسات على السياسة الأميركية عامة، وأيضاً على الساحة الداخلية، ثم لا ننسى التحرك الأوروبي والأميركي باتجاه المنطقة، كل هذا يدل على تبدل ما في الموقف الأميركي، ونحن في الداخل نأمل أن يقترب اللبناني من أخيه اللبناني لحلحلة هذه الأوضاع بمزيد من التفاهم.
* لاحظنا بعد انعقاد قمة الرياض انفراجاً على الساحة المحلية، هل هناك من تطمينات نقلها الطرف الإيراني إلى حزب الله لا سيما بخصوص المحكمة الدولية التي تشكل اليوم العقبة الرئيسية أمام الخروج من المأزق الحالي؟
ـ كان للقاء الإيراني السعودي اثر كبير على العالمين العربي والإسلامي، لا سيما بعد التعبئة الأميركية وتصوير إيران بأن لها مطامع لدى الدول العربية، وأنها مرتع لإثارة الفتن المذهبية، فجاء هذا اللقاء ليقطع شوطاً كبيراً في التخفيف من هذه الحملات، والقول ان إيران هي إلى جانب العالم العربي، وان النعرات والخلافات المذهبية إنما تثيرها أميركا ومن في ركبها من أجل المصالح الأميركية، وان على المسلمين التفاهم فيما بينهم لان وحدتهم تقلق الاستكبار العالمي، فالزيارة التي حصلت كان لها هذه البركات، وهذا يدلل أن شعبنا طيب وتوّاق إلى اللقاء والمحبة والوحدة، وإن ما يُزرع لأجل التفرقة يمكن إزالته بسرعة من خلال لقاء معين.. وعليه من الطبيعي أن يكون الملف اللبناني حاضراً، وأن يكون هناك حرص من الملك عبد الله والرئيس أحمدي نجاد على أن يكون الحل لبنانياً، وان يكون هذان البلدان مساعدين له. نحن ما سمعناه ونقل لنا حول اللقاءات التي تجري في بيروت انها من بركات هذه القمة، ونسأل الله تعالى أن تحقق نتيجة ونصل إلى حل.
* ذكرت أكثر من مرة أن هناك من يعرقل الوصول إلى تسوية فيما فريق المولاة يعتبر أن سوريا هي من تعرقل التسوية بالنظر إلى ما يمكن أن تطالها المحكمة الدولية؟
ـ في المبدأ نحن ذكرنا أننا موافقون على المحكمة الدولية ومعرفة من قتل الشهيد رفيق الحريري، ودَعَونا أن لا تسيس المحكمة فتذهب إلى مكان آخر، لذا طالبنا بتعديل بعض النقاط بهدف تصويب المحكمة بالاتجاه الصحيح.. لكن نجد عند طرف السلطة من يتهم سوريا مباشرة ويتحامل عليها، وهذا ظهر بالتزامن مع قمة الرياض من قبل من ذهب إلى أميركا، ومن هو اليوم في صومعته، الأمر الذي يؤسس لمناخ فتنة، ولكن اليوم هناك نوع من التراجع عن هذا الموضوع..
هواجس متبادلة
* .. لكن لا نستطيع أن ننكر أن لديهم هواجس؟
ـ وأيضاً نحن لدينا هواجس، ولكن كيف نعالجها؟ هل عبر الشتائم على المنابر واتهام بعضنا البعض الآخر، أم يفترض أن تطرح على طاولة التشاور.. نحن نريد أن نبني بلدنا، وهذا البلد لا يبنى إلا بالتفاهم والتحاور وإزالة الهواجس لكي نقف على أرض صلبة.
* .. فريق السلطة يدعوكم إلى تقديم ملاحظاتكم على المحكمة الدولية، لماذا تحتجبون حتى الساعة عن تقديمها؟
ـ المعارضة ذكرت أكثر من مرة أنها مستعدة أن تقدم هذه الملاحظات على طاولة النقاش من خلال لجنة تفاهم قانونية تشكل لهذه الغاية، وبالتالي لا يمكن طرحها في الملأ، من هنا يفترض أن تشكل لجنتان في وقت واحد، واحدة لمناقشة تعديلات المحكمة الدولية وأخرى لحكومة الوحدة الوطنية..
أولمرت والتحضير للعدوان
* أين تضعون كلام اولمرت الأخير عن التحضير للحرب قبل أشهر من وقوعها؟
ـ سماحة السيد حسن تحدث صراحة بأن هذه الحرب كان معداً لها، وان هناك أقطاباً لبنانيين قد سعوا لذلك، وقد يأتي يوم من الأيام لكشفهم، وان هناك أطرافاً في البلد كانوا على علم ومعرفة بأنهم عجزوا عن تطبيق القرار 1559 بما يعني نزع سلاح حزب الله، وبالتالي ما من سبيل أمام تنفيذ هذا المشروع الا الإيعاز للإسرائيلي للقيام بهذه الحرب، واولمرت تحدث صراحة وقال إن ساعة الصفر لم تكن محددة بعد، وعندما تم أسر الإسرائيليين من جانب حزب الله والذي هو حق شرعي، كانت الحرب التي لم تكن لأجل الأسيرين وإنما لتنفيذ المخطط، كما أن الإسرائيلي شعر انه غير قادر على مواجهة تنامي المقاومة في لبنان فكان لا بد من هذه الحرب الضروس التي هي بالواقع حرب أميركية إسرائيلية بغطاء ومناخات عامة محلية وإقليمية.
* هناك شائعات تتحدث صراحة عن حرب قادمة إلى لبنان والمنطقة.. برأيك بعد هزيمة الصيف هل تستطيع "إسرائيل" القيام بحرب جديدة ضد حزب الله؟
ـ صحيح أن "إسرائيل" هزمت في حربها في لبنان، لكن لا يمكن القول إنها لا تستطيع القيام بحرب أخرى فأميركا إلى جانبها وأساطيلها في البحار، الآن ما يثار من مناخات هو حرب نفسية، على كل حال فإن احتمال وقوع حرب هو كلام من قبيل الحرب النفسية، ولكن نتعاطى معه على انه جدي، لكي لا نؤخذ على حين غفلة..
جاهزون للتضحية
* هل مستعدون للمواجهة من جديد؟
ـ نحن مستعدون.. نقول إن هذا العدو ما فتئ يهددنا، ونسأل أين السلطة اللبنانية وبقية اللبنانيين، أليس هذا انتهاكاً للسيادة اللبنانية.. نحن علينا أن نحافظ على قدراتنا، ونحن اليوم أقوى من الماضي، وغداً سوف نكون أقوى من اليوم، لن نغفل ولن ننام، لم نعتدِ ولكن لن لا نقبل أن يعتدى علينا.
*.. كلامكم قد "يدغدغ" مشاعر البعض ممن يردد دوماً أن قرار الحرب والسلم هو بيد حزب الله؟
ـ قرار السلم والحرب في الحقيقة ليس عند حزب الله ولا عند لبنان ولا عند العرب، هو بيد "إسرائيل"، وأولمرت كما ذكرنا سلفاً هو اعترف بذلك في حربه الأخيرة.
* .. يبدو هذا "البعض" غير مقتنع؟
ـ .. لن يقتنع حتى ولو هبطت السماء إلى الأرض، فلديه "أجندة" يريد تنفيذها، وهو لا يمكن أن يرى لبنان قوياً بمقاومته، بل هو محكوم بمقولة إن لبنان قوي بضعفه..
مع المقاومين
* في حرب تموز .. كنت هدفاً لأكثر من محاولة اغتيال أو اختطاف، هل شعرت في لحظة ما أن المواجهة وجهاً لوجه مع العدو قد دنت؟
ـ العدو الإسرائيلي هو من كبّر حجم الموضوع.. أنا لي شرف أن أكون إلى جانب المقاومين، هذه رغبتي وما أحبه، مع الأسف لم أوفق في أن أكون معهم في المواجهات، الإسرائيلي حاول جاهداً أن يعمل شيئاً في هذا الباب بهدف ضرب المقاومة وحزب الله، ولكن والحمد الله لم يوفقوا .. لكن دائما كنت مع المقاومين، فقلبي وهواي معهم، وكنت أدعو لهم بالليل والنهار وفي صلاة الليل، وببعض الدموع كنت أتحسر لأن أكون معهم، نحن نفهم من اليوم الأول الذي اخترنا فيه هذا الطريق أننا في أي لحظة سنواجه العدو، وبالتالي لم يغير بالنسبة لنا أي شيء لا الإنزال ولا المطاردة..
*.. هل لبست البزة العسكرية وحملت السلاح؟
ـ (يبتسم) .. الأخوان لم يقبلوا .. كنت أتحسر أن أكون معهم، لكن الظروف لم تسمح.
* هل شعرت بانتصار آخر على الإسرائيلي عندما لم يستطع النيل من شخصكم؟
ـ.. حقيقة لم يقدم أو يؤخر شيئاً عندي بقدر ما أن المقاومة هي التي انتصرت عليه. طبيعي شعرنا بأن الله معنا.
* المقاومون الذي خاضوا المواجهات وسقط منهم شهداء لا سيما في محيط مستشفى دار الحكمة.. ما هي مشاعرك تجاههم؟
ـ نحن كنا نخوض معركة علينا جميعاً، فالأخوان الذي سقطوا في المواجهات إن في الجنوب أو في مستشفى الحكمة ومحيطها بالنسبة لي مشاعري تجاههم واحدة. منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً. والحمد الله الأخوة الذين جاهدوا واستشهدوا أعطونا معنويات، وفتحوا عيوننا على واقع جديد، ورؤية جديدة للمستقبل، وما دام الإنسان مع الله فلا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.
* بما له علاقة بملف الحرب زرتم مؤخراً سوريا وإيران وترأستم بعثة الحج، هل تضعونا في أجواء الزيارات هذه؟
ـ في الواقع قمنا على رأس وفد من هيئة دعم المقاومة الإسلامية لشكر سوريا شعباً وحكومة على احتضان أهالينا الذين شردوا، وشعرنا بمدى الفرح الذي غمر القلوب بعد الانتصار الذي حققته المقاومة على العدو الإسرائيلي، وكذا الحال في إيران كان الشعور كبيراً عند المراجع الدينية، خاصة في قم، لدرجة أن البعض منهم تمنى أن يكون لديهم شخصية من أمثال السيد حسن، هذا دليل أن قلوب المسلمين مفتوحة على بعضها البعض، أما في الحج فكانت لنا لقاءات مهمة مع الجاليات الإسلامية والعربية، وشعرنا بالخجل من شدة الحفاوة التي لاقيناها، والاحترام والحب لسماحة السيد وللمقاومة، وكانوا يعتبرون أن لبنان هو مؤشر للوحدة الإسلامية، وحمّلونا رسالة للعمل على الوحدة الإسلامية لتفويت الفرصة على من يريد إيقاع الفتنة بين المسلمين.
ـــــــــــــــ
أزهر البقاع يحضن اللقاء الوحدوي الثاني
عقد لقاء جمع حشدا من علماء السنة والشيعة على رأسهم الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان سماحة الشيخ محمد يزبك ومفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس استكمالا للقاء الأول الذي حصل في بعلبك، وذلك في أزهر البقاع في مجدل عنجر، لمتابعة ما اتفق عليه الطرفان في الاجتماع الأول.
وتحدث خلال اللقاء كل من المفتي الميس والشيخ يزبك بحضور عدد كبير من المشايخ السنة والشيعة. ودعا الشيخ يزبك إلى "ضرورة تحمل المسؤولية أمام ذواتنا وأمام الله, من أجل أن نرحم أنفسنا برحمتنا لأهلنا ولشعبنا، وأن نواجه الجهل حيثما كان، لأن الجهل هو الذي تعشش فيه العصبيات، وهو بؤرة الفساد". داعياً "جميع أهلنا في هذه المنطقة الى إزالة كل العقبات، وأن نشكل اللجان بين الناس ليتفاهم بعضهم مع البعض الآخر، ولنضع الأمور في نصابها ولا نسمح لمن يريد أخذ البلد إلى مكان آخر أن يأخذه".
وقال: "عندما يسقط الوطن نسقط جميعا، وعندما ينتصر ننتصر جميعا، فلا يعقل ولا يمكن أن ينتصر أحد من دون أخيه".
بدوره الشيخ الميس قال: "نحن الزوجين نرجو الله أن يجمع بيننا بالحق وبالرشد".. مضيفاً: "ما جئنا لندين أحدا، ولكن جئنا لننقذ وطننا وأمتنا حتى لا يدان أحد ونحن موجودون". وتأكيداً لـ"خيار الوحدة الإسلامية أدى العلماء الصلاة جماعة خلف الشيخ الميس قبل أن ينضموا إلى مائدة المحبة".
ـــــــــــــــ
حاوره: أمير قانصوه وحسين عواد
الصور : موسى الحسيني
الانتقاد/ مقابلات ـ العدد1206 ـ 16 آذار/مارس 2007