ارشيف من : 2005-2008
فريق 14 آذار بعد مؤتمر الدوحة: صراعات للحيلولة دون الوقوع بالهاوية
كتب ابراهيم صالح
أثناء جلسات الحوار في الدوحة، وفي ذروة الحديث عند قانون الانتخابات والتقسيمات التي يمكن ادخالها على قانون عام 1960 بغية إقراره، فوجئ النائب وليد جنبلاط والوفد المرافق برفع فريق "القوات اللبنانية" المشارك مطلب تقسيم دائرة الشوف إلى قسمين، يضم أحدهما الأصوات المسيحية، الأمر الذي أحدث، كما صار معلوماً، صدعاً بين الفريقين اللذين يفترض أن تحالفاً سياسياً يجمعهما.
وبرغم أن الاتصالات السريعة والمكثفة أفضت لاحقاً إلى ضبط تداعيات المطلب، وثني فريق القوات عن مطلبه أدى إلى خفض وتيرة استياء جنبلاط وفريقه من "غدر" حليفه، إلا أن الأمر بقي متفاعلاً في نفوس الجنبلاطيين الذين توعدوا بالرد في موسم الانتخابات المقبلة.
لم يكن هذا الحدث، المظهر الوحيد للانشقاقات والتصدعات التي عصفت بفريق 14 آذار، فهي بدأت عملياً بعد أحداث بيروت والجبل وسقوط مشروع "الفتنة" الذي كان أعد له هذا الفريق، حيث اتهم أنصار "المستقبل" الجنبلاطيين بالتقاعس عن نجدتهم في بيروت، فيما أخذ الجنبلاطيون على أنصار حليفهم تيار "المستقبل" تداعي "جبهتهم" في العاصمة بأسرع مما هو متوقع.
وفي مؤتمر الدوحة نفسه، عاش فريق السلطة تحت تأثير حال الانهيار المعنوي الذي طبع سلوك جنبلاط وأداءه، وطلبه التجاوب مع كل مطالب المعارضة حرصاً على قصر "المختارة".
وبعد المؤتمر المذكور، عاش الفريق إياه على وقع الصراعات والخلافات حول الحصول على مقاعد وزارية في الحكومة الجديدة، واستطراداً على وقع السعي لتصفية ذيول المرحلة الماضية بعد الإخفاقات والانكسارات التي مني بها هذا الفريق.
ولعل المظهر الأول لهذا الأمر تبدى بالفريق الجنبلاطي نفسه، فلقد ذكرت المعلومات أن النائب جنبلاط أبلغ إلى الوزير مروان حمادة بأن عليه أن "يستريح" من الوزارة ويترك المجال لسواه.
ووفق المعلومات نفسها، فإن السنيورة نفسه كان أول المطالبين بإخراج حمادة من حكومته المقبلة لأنه "تعبنا إلى حد الاعياء وأجبرنا على اتخاذ قرارات خاطئة فضلاً عن ملفات الفساد التي قامت في وزارة الاتصالات التي تولاها طوال الأعوام الثلاث" الماضية".
والخلافات التي ذرّت بقرنها في داخل هذا الفريق حول الحصص الوزارية والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية لتأخير الاعلان عن التشكيلة الوزارية، طالت أيضاً تيار "المستقبل" نفسه، فقد رشحت معلومات تؤكد أن النائب سعد الحريري يريد توزير النائب محمد قباني فيما يصر السنيورة على الاحتفاظ بالوزير خالد قباني.
والخلافات إياها انتقلت إلى طرابلس حيث دار صراع مكشوف على توزير هذه المدينة بين رئيس "التكتل الطرابلسي" الوزير محمد الصفدي وبين النائب مصباح الأحدب والنائب سمير الجسر، في ظل معلومات أكدت أن ثمة صراعا خفيا بين داعين لإبقاء التحالف مع الوزير الصفدي، لكي لا يمضي قدماً في تحالفه مع آخرين في طرابلس في الانتخابات المقبلة، وبين مطالبين بالتخلص منه نتيجة تذبذب مواقفه في المرحلة الماضية.
ويرى أصحاب الرأي الأخير ضرورة تعويم زميله في التكتل محمد عبد اللطيف كبارة بدلاً عنه، وبالانتقال إلى الفريق المسيحي في تحالف 14 آذار، تؤكد المعلومات أن الصراع أخذ مداه الأبعد بين "أركان" هذا الفريق، فهناك الوزيرة نايلة معوض التي تعيش جو احباط كامل بعدما نمي اليها أن دورها في التوزير انتهى، وبالتالي عليها القبول ببديل عنها من الفريق المحسوب على بقايا "لقاء قرنة شهوان" وهو النائب بطرس حرب ، او واحد من زملائها في كتلة نواب زغرتا.
ولم يعد خافياً أن معوض تعوّل على عودتها للوزارة لعلّها تحتفظ بمقعدها النيابي لها أو لولدها، كما لم يعد سراً أن ثمة خلافاً بين نواب زغرتا الحاليين من الآن على من سيحل في مقعد طرابلس الماروني بعدما صار محتماً أن النائب (بالصدفة) الياس عطا الله لن يعود اليه.
وفي الفريق نفسه (الفريق المسيحي في 14 آذار) يعيش الرئيس السابق أمين الجميل تحت وطأة أخبار متناقضة تصل اليه حول عدم امكانية تمثيله هو أو أحد قياديي حزب الكتائب "لضيق المساحة" ولأنه لم يعد عنده من يمثله في مجلس النواب.
ولا يمكن أن ينسى في هذا المجال "طحشة" قائد القوات اللبنانية سمير جعجع للحصول على مقعدين وزاريين على أن يكون له شخصياً أحدهما، وهو أمر لقي ردود فعل سلبية عند فريق 14 آذار.
وفي كل الأحوال يعيش هذا الفريق كله تحت وطأة الخوف على مصيره خصوصاً بعد التوجه لاعتماد قانون عام 1960 في الانتخابات المقبلة، لذا فهو يصارع للبقاء في الوزارة والحصول على أحد مقاعدها لعلّ خدماتها ومغانمها تنجيه من السقوط والانزياح.
مهما يكن من أمر فقد أزفت مرحلة دفع أثمان مرحلة المكابرة والمعاندة التي اتبعها هذا الفريق طوال العامين الماضيين.
التاريخ: 4/6/2008