ارشيف من : 2005-2008
الرئيس الأسد: مستعدون للتعامل مع أية حكومة وطنية لبنانية بغض النظر عن الأشخاص
خلال الأزمة اللبنانية التي اندلعت مؤخراً خشية أن تتطور إلى "حرب أهلية".
وقال في لقاء مع رؤساء التحرير في وسائل الإعلام بدولة الإمارات العربية المتحدة التي يزورها إن العالم بدأ يتفهم موقف سورية من الوضع في لبنان، وأكد أن سورية دعمت بقوة اتفاق الدوحة وأنه شخصياً كان قلقاً من تحول الأزمة اللبنانية الأخيرة إلى حرب أهلية.
وقام الرئيس الأسد بزيارة إلى الإمارات التي غادرها الثلاثاء إلى الكويت ضمن جولة له ستقوده أيضاً في المستقبل إلى عواصم عربية عدة بصفته رئيساً للقمة العربية.
وعلمت "الانتقاد" أن الرياض لن تكون ضمن جولات الرئيس الأسد القريبة من دون أن تستبعد أن تشملها الجولات القادمة.
ويبحث الرئيس الأسد خلال جولته علاقات سورية مع الدول التي يزورها وسبل تفعيل التضامن العربي وتعزيز العمل العربي المشترك ومتابعة قرارات القمة العربية التي انعقدت في دمشق أواخر شهر آذار الماضي، إضافة إلى تطورات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية.
وفيما يتعلق بفتح سفارة لسورية في لبنان، رأى الرئيس الأسد أن موضوع فتح سفارة لأي بلد يتطلب وجود علاقة جيدة بين الجانبين، والانقسام الحالي في لبنان دفعنا إلى تأجيل هذا الموضوع إلى حين تشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان.
وقال "أنا طالبت بذلك في العام 2005 انطلاقاً من حرص سورية على الحوار، وسورية على استعداد للتعامل مع أية حكومة وطنية بغض النظر عن الأشخاص".
وجدد الرئيس الأسد حرص بلاده "على استقرار لبنان وتجنيبه أزمات"، معتبراً أن أي أزمة في لبنان "تؤثر بطبيعة الحال على سورية". وقال إن سورية استثمرت دماء وأموالاً لدعم الاستقرار في لبنان، وسورية مع كل الجهود الداعمة لاستقرار لبنان.
وأبدى الرئيس الأسد استعداد بلاده لترسيم الحدود مع لبنان لكن بعد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية "فالمشكلة ليست بين سورية ولبنان ولكنها بين لبنان وإسرائيل حيث أن هناك احتلالا لأراضٍ لبنانية، وعندما تحل هذه المشكلة نحن جاهزون لترسيم الحدود مع لبنان".
وحول عملية السلام على المسار السوري الإسرائيلي، شدد الرئيس الأسد على أن سورية "اشترطت" قبل بدء مفاوضاتها غير المباشرة مع إسرائيل برعاية تركية "قبول إسرائيل إعادة الجولان"، نافياً وجود أي رابط بين مفاوضات السلام والعلاقات السورية الإيرانية التي قال إنها لن تكون ثمناً لهذا الإطار.
وإذ ربط نجاح هذه المفاوضات "بالنوايا الإسرائيلية والمتغيرات السياسية في العالم" فإن الرئيس الأسد قال "إن المفاوضات في المرحلة الأولى، وهي في مراحل لاحقة بحاجة إلى رعاية دولية وخاصة من الولايات المتحدة الأميركية بصفتها قوة عظمى ولها علاقات قوية ومميزة مع إسرائيل".
وقال الرئيس الأسد إن مرجعية سورية في مفاوضاتها مع إسرائيل "هي مرجعية مدريد الأقدم من المبادرة العربية التي وافقنا عليها لأنها تعتمد مرجعية مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام"، مؤكدا في الوقت ذاته عدم تنازل سورية عن شرط انسحاب إسرائيل من الجولان والعودة إلى خطوط الرابع من حزيران 1967.
وأوضح الرئيس الأسد أن مسار المفاوضات السوري الإسرائيلي لن يكون على حساب المسار الفلسطيني، مؤكدا أن المسار السوري سيكون داعماً للفلسطينيين.
وتناول الرئيس الأسد علاقات دمشق مع كل من الرياض والقاهرة، نافياً وجود مشكلة في هذه العلاقات "ولكن هناك اختلاف في الرأي، ولا توجد هناك مشكلة من الجانب السوري، وعلى الجانب الآخر أن يحدد المشكلة".
وأشار إلى تصريحات صدرت الأسبوع الماضي تحدثت عن أن الخلاف بين سورية من جهة والسعودية ومصر من جهة أخرى سببه الأزمة اللبنانية "ونسأل هل هناك موضوع آخر للخلاف بعد أن حُلت الأزمة اللبنانية ونحن في انتظار الرد".
ونفى الرئيس الأسد وجود مبادرة سورية للقاء مع مصر والسعودية لتوضيح وجهة نظر دمشق وإزالة سوء الفهم "فالخلافات في وجهات النظر شيء طبيعي بين الأشقاء ولا حاجة للوساطة".
وبعد أن أشاد الرئيس السوري بعلاقات بلاده مع إيران شدد على أن هذه العلاقة "لا يمكن أن تكون على حساب العرب"، منوهاً بأن "العلاقات السورية الإيرانية ساعدت في أن تكون العلاقات العربية الإيرانية جيدة، ونحن عارضنا الحرب الإيرانية العراقية ليس لأننا ضد العرب، ولكننا ضد الحرب ومع الحق، وثبتت صحة موقفنا".
وقال الرئيس الأسد: إيران دولة موجودة في المنطقة منذ الأزل وليست مزروعة في المنطقة كإسرائيل، ولدينا علاقات جيدة معها، متسائلاً "لماذا لا يكون بيننا وبينها حوار؟!!".
ورداً على سؤال حول الموقف السوري إذا ما تعرضت إيران لضربة نووية قال الرئيس الأسد إن سورية ليس في نيتها الدخول في حرب، ولكن جيران إيران هم من سيكونون المتضرر الأكبر وهذا ما أوضحوه للولايات المتحدة الأميركية.
وعلى صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة قال الرئيس السوري إن دمشق تتطلع إلى علاقة متوازنة وجيدة مع أميركا، ولكن للأسف الإدارة الحالية في أميركا يشكو منها حتى حلفاؤها الأوروبيون، ولا نستطيع أن نأمل الكثير من إدارة تعيش أيامها الأخيرة.
وأشار الرئيس الأسد إلى تحسن في العلاقات السورية الفرنسية "فهي تمر في الفترة الحالية بمستوى أفضل مما كانت عليه خاصة بعد أن بدأ العالم بتفهم الموقف السوري من الأزمة اللبنانية والوضع اللبناني".
وفيما يتعلق بالاتهامات حول وجود برنامج سري نووي سوري بالتعاون مع كوريا الشمالية، قال الرئيس الأسد: علاقتنا مع بيونغ يانغ واضحة ومعلنة ولا توجد أية قيود دولية أو حظر دولي عليها، أو التعامل معها، مؤكداً في الوقت ذاته أن الموقع الذي تمَّ قصفه في الغارة الإسرائيلية في أيلول الماضي لم يكن موقعاً نووياً، وقال إن قصفه جاء بهدف توجيه اتهامات لسورية، واستطرد قائلاً: إذا كانت هناك برامج نووية لماذا لم يتم طلب إخضاع هذا الموقع للتفتيش الدولي عوضاً عن قصفه ثم إطلاق الاتهامات بعد ذلك.
وأكد الرئيس السوري على حق الدول في الاستفادة السلمية من الطاقة النووية، وقال إنها طاقة المستقبل وسيحتاج إليها العالم العربي عاجلاً أم آجلاً، داعياً إلى "وجود عمل عربي مشترك للحصول على الطاقة النووية السلمية لأنه الأجدى من وجهة نظرنا".
وعما إذا ما كان هناك توجه لجمع الفرقاء الفلسطينيين على غرار اتفاق الدوحة قال الرئيس السوري "إن الوضع اللبناني مختلف وهناك المبادرة اليمنية التي عُرضت في القمة العربية"، وأشار إلى أن "النقاش الفلسطيني الفلسطيني عبر وسائل الإعلام غير مقبول"، مؤكداً أن "المطلوب تصور مكتوب على شكل بنود من كل طرف حول وجهات نظرهم عندها نقوم بدورنا كرئاسة للقمة في سورية، بالإضافة إلى اليمن أصحاب المبادرة، ونحن طلبنا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل شهر تزويدنا بالتفاصيل حول وجهة نظر حركة فتح".
ودعا الرئيس الأسد الفلسطينيين إلى توحيد صفوفهم وقال إن الوحدة الفلسطينية هي أساس لحل القضية.
الانتقاد/ العد1270 ـ 9 حزيران/ يونيو 2008