ارشيف من : 2005-2008

أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان لـ"الانتقاد": ننتظر نتائج التحقيق لتحديد المسؤوليات والفتنة لن تمر

أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان لـ"الانتقاد": ننتظر نتائج التحقيق لتحديد المسؤوليات والفتنة لن تمر

"الحادثة إذا لم تُتدارك فسيكون لها أثر في مجمل الأوضاع في لبنان".. جرس إنذار قرعه أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان أمام هول الجريمة الموصوفة التي وقعت على تقاطع كنيسة مار مخايل، "لأن الحادث ليس حادثاً إرهابياً مدبراً، بل جرى أمام أعين الناس جميعاً".
ولا يخفي كنعان الأهداف المبطنة للحادثة، التي تقوم برأيه على "ضرب التفاهم القائم بين حزب الله والتيار الوطني الحر"، و"يدل" بالإصبع إلى من يسيئهم هذا التفاهم على أنهم "يحاولون نسف هذا التفاهم بطريقة تخدم مشروع الفتنة".
ولأن المس بالاستقرار الوطني خط أحمر، فإن كنعان يؤكد "وعي المعارضة للمصلحة الوطنية لأي تحرك قد تلجأ إليه في المستقبل"، ويشدد على "أن التهويل لن يثنينا عن القيام بأي خطوة"، سائلاً: ً "ما هو البديل؟ الحرب، الاقتتال، الفتنة، أم خيار هذا التفاهم"؟
"الانتقاد" التقت النائب كنعان في دارته، في حوار حول أبعاد "أحداث الأحد" السياسية والأمنية، ووثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر بعد عامين على توقيعها (6 شباط/ فبراير 2006)، والتي لم تكن بعيدة عن مرمى نيران أحداث مار مخايل.

كيف قرأتم "أحداث الأحد"، وأي أبعاد سياسية وأمنية حملتها؟
بداية لا بد من تعزية عوائل الشهداء، خاصة ان الشباب الذين استشهدوا غالبيتهم من المسعفين، وبالتالي نحن طالبنا بالتحقيق الجدي والفوري والشفاف، لأن الحادث ليس حادثاً إرهابياً مدبراً، بل حادث حصل أمام أعين الناس جميعاً، وتالياً عملية تحديد المسؤوليات يجب أن تحصل ولا مبرر لعدم تحديدها، لكونها تؤدي إلى غرضين: الأول تأمين حقوق هؤلاء المواطنين، وثانيا الحفاظ على استقرار لبنان ومنع الفتنة الداخلية.
ان ما حصل هو محاولة لاستدراج المعارضة بأي طريقة كانت، مع العلم ان المعارضة لم تكن قد دعت إلى هذا الاحتجاج، وإن كانت هي غير بعيدة عن هذه المطالب الحياتية. ما حصل ان السلطة عملت على القفز فوق هذه المطالب من خلال إحداث مشكل آخر.. اليوم هناك مشكلة سياسية وأزمة نظام، وهي لا تحل بالهروب إلى الأمام ولا بالتلطي وراء الشعارات او المؤسسات، بل تحل بالاعتراف بوجود خلل دستوري في عملية الحفاظ على حد أدنى من المشاركة الحقيقية في السلطة.

البعض قرأ ما حصل بأنه رسالة وجهت إلى المعارضة، وفحواها ان أي تحرك شعبي مشابه سيواجه بهذه الطريقة؟
إذا أردنا أن نسلّم بهذه المقولة، فمعنى ذلك أن الجيش مشارك بطريقة أو بأخرى.. أولا علينا أن ننتظر التحقيق، أين حصل الخطأ؟ هل كان هناك من قرار؟ هل هناك طرف ثالث؟ لأن الموضوع حساس جداً ويتعلق بالمؤسسة العسكرية، وبالتالي علينا ان نتريث، وعندئذ نبني على الشيء مقتضاه.. إنما لا شك هناك محاولة استغلال من السلطة ومن الموالاة لهذا الأمر. فمنذ ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان الى اليوم لم يتوقفوا عن محاولات الاستغلال، أو الإيحاء بأنهم والجيش في خانة واحدة! هذا أمر خطير! لا احد يعرف أكثر منا أهمية أن يقف الجيش على الحياد، وخاصة في المسائل الداخلية، وأن يكون بعيدا عن التجاذبات السياسية. وهنا أسأل: ما الغرض من الإصرار على تسييس المطالب الحياتية؟ نحن نقول لا، وهم يصرون بنعم! معنى ذلك انهم يريدون مشكلة.

.. لكن البعض فسّر هذا الاحتجاج بأنه "بروفة" لخطوات لاحقة للمعارضة؟
لا هي بروفة ولا هي مقدمة لشيء، سبق أن كانت هناك احتجاجات ولم تخرج عن واقعها المطلبي، ما عدا مما بدا حتى تحولت هذه الاحتجاجات إلى مجزرة؟! خوفي هو انه كلما سدت الأبواب أمام فرض أمر سياسي معين على اللبنانيين يحصل هذا النوع من الأحداث، لأن المطلوب هو تباعد اللبنانيين وضرب كل جسر تفاهم بينهم. وهنا نتذكر مذكرة التفاهم بين اللبنانيين.. في ما مضى تحدثوا عن فتنة سنية شيعية ثم مسيحية مسيحية، واليوم يحكى عن فتنة مسيحية إسلامية.
 
لكن ألا تعتقد أن مثل هذه المشاريع قد حققت بعض أهدافها؟
لم يتحقق شيء بدليل الانضباط الذي جرى، وأعتقد ان هناك أمرين ساعدا على ذلك: ورقة التفاهم ووعي المواطنين والأحزاب بضرورة ضبط الوضع، لأن الهدف هو تيئيس الناس وضرب الاستقرار.. اليوم المطلوب التمسك بهذا الاستقرار وورقة التفاهم وعدم الانجرار إلى الفتنة، لأننا بذلك نحافظ على لبنان.

هذه العناصر المكونة للاستقرار ما زالت قادرة على حماية نفسها؟
يجب أن لا تتحول مشكلة سياسية مفتعلة إلى مشكلة بين الناس. نحن ننجح او نفشل بقدر ما نملك إمكانية توضيح الأمور إلى الرأي العام، وأخذ القرارات الجريئة والمسؤولة في لحظة محددة.

هل المعارضة تملك كل هذه المكونات؟
كنائب في تكتل التغيير والإصلاح وكفريق في المعارضة لو لم يكن لدينا كل هذا الإدراك والوعي لما كانت مواقفنا كما هي الحال اليوم. اليوم نحن مدركين لخطورة المرحلة، لا كما يدعي البعض ويطل على شاشات التلفزة، يطلق النار على ورقة التفاهم بين اللبنانيين ويعتبرها غطاء وخلافه..

تقصد جعجع؟
هو وغيره..

هل تظن ان الجيش وقع في كمين نصبته السلطة السياسية؟

لا أريد أن أستبق التحقيق، إلا انه لا شك في ان هناك عمليات استدارج واضحة للمعارضة ويريدون كيفما كان ان يلبسونا المشكلة.

مع الجيش؟
مع الجيش وغيره، أكيد من غيره؟ السؤال اليوم: هل وقع الجيش في الكمين أم لا؟
 في ظاهر الحال حصلت مشكلة وجرى تطويقها، لكن السؤال يتمحور حول جدية التحقيقات.

هل صدقية الجيش على المحك؟
لنقل إن الجيش اليوم هو ضابط للأمن، وهذا حق له، إلا ان طريقة التعاطي والأداء الشفاف في الحادثة هي التي ستحدد للرأي العام الموقف المناسب منه.

إلى أي درجة أنت مطمئن إلى أن التحقيق سيصل إلى خواتيمه، خصوصا ان هناك تجارب ماثلة أمامنا كحي السلم والرمل العالي، التي بقيت التحقيقات فيها في الأدارج؟
هذه المرة الوضع دقيق جداً، والظرف مختلف في ظل سقوط عدد كبير من الشهداء.

التفاهم بين حزب الله والتيار
هل صحيح ان الأحداث الأخيرة وما قيل عن استهداف عين الرمانة هدفه ضرب التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر.. خصوصاً ان التوقيت والمكان يشيران إلى رمزية معينة؟
طبعا، هناك محاولة واضحة لضرب التفاهم محلياً ودولياً، وهذا الضرب قائم منذ سنتين! بيد أن هذا التفاهم استطاع أن يعطي مفاعيل ونتائج على الأرض في الوقت الذي نشهد فيه استراتيجية قائمة على ضرب التفاهم ككل في البلد. من يحاول أن ينسف هذا التفاهم يخدم بطريقة مباشرة وغير مباشرة مشروع الفتنة. وأنا أسأل: ما هو البديل عنده ما لم يكن هناك تفاهم بين المسيحيين والمسلمين؟

من تقصد؟
لا أريد أن أسمي أشخاصا محددين، لأن هناك فريقا كبيرا يتولى الهجوم على هذا الموضوع. أريد أن أسأل سؤالا واحدا ومحددا: ما هو البديل؟ الحرب! الاقتتال! الفتنة! إذاً لا يوجد خيار آخر غير هذا التفاهم.

بعد عامين على الوثيقة، هل بات التفاهم عصيا على محاولي ضربه؟
أثبتت التجارب السياسية وعلى الأرض الواقع ان هذه الأمور تحتاج لمتابعة دوماً لكونها تتعرض لهجوم ليل نهار، في حين نجد ان المطبات والقطوعات التي تجاوزتها ليست بهينة. وبقدر ما تكون هناك متابعة للمحافظة عليها وتطويرها بقدر ما تشكل صفحة جديدة في تاريخ لبنان.

كيف قرأت خطاب جعجع الأخير الذي حمّل المعارضة فيه مسؤولية ما جرى؟
لا أرغب في التعليق على خطاب يفتقد إلى الموضوعية وإلى الوقائع الدامغة، خصوصا ان المحتجين لم يكن في حوزتهم السلاح، وسقط منهم عدد من القتلى! وجعجع الذي ذكر في خطابه التفاهم والتغطية المسيحية، أسأل من يغطي الشواذ عند المسيحيين؟ وأعطى موافقة على بياض لنظام سياسي قائم على تمثيل 16% من قوة المسيحيين؟ هل  الذي يسعى إلى شراكة مسيحية حقيقية ويريد ان يبني دولة قائمة على قرار لبناني لبناني؟ المسؤولية يجب أن توجه إلى من لا يريد ان يعالج الأزمة التي أوجدها، لأنها ليست أزمة كرسي ولا حكومة، الأزمة نشأت بالخروج عن معايير الديمقراطية والدستورية.

المعارضة والمبادرة العربية
هل ما حصل بالأمس بدّل في أجندة تحرككم، لا سيما ان المعارضة كانت في جو التحرك على الأرض فيما لو وصلت المبادرة العربية إلى الحائط المسدود؟
لن تثنينا التهويلات عن أي خطوة قد نلجأ إليها، لكننا نأخذ في الاعتبار مصلحة البلد والمؤسسات فيه. فمن يتهم بالانقلاب هو من سعى إليه. أسأل: مَن اليوم يسيّر البلد بنصف حكومة؟ ويقول لك اذهب وانتخب رئيسا!

هم دعوكم للأخذ بالمبادرة العربية؟
صحيح.. هل المبادرة العربية تتحدث فقط عن انتخاب رئيس للجمهورية؟ تتحدث عن ثلاثة بنود. السلطة الحالية لا ترى من المبادرة سوى البند الاول المعني برئاسة الجمهورية. من يريد فعلا انتخاب ميشال سليمان رئيساً توافقياً ما هو مبرر عدم تشكيل حكومة وحدة وطنية، وقانون الانتخاب الذي يفترض أن يكون على مستوى القضاء. اليوم ما يحصل هو قفز فوق كل ذلك، وإيجاد مشكلة كما هو حاصل اليوم.. والمستفيد من هذا الوضع هي السلطة المدعومة أميركيا ومن بعض المحاور الإقليمية التي ترى ان التسوية السياسية بالنسبة اليها لم تنضج بعد.

كيف قرأتم اجتماع المجلس الوزاري العربي بـ"طبعته الثانية"؟
لننتظر مجيء عمرو موسى إلى لبنان.. وأقول إن كل محاولة لتجاوز الواقع الداخلي والديمقراطية التوافقية التي نص عليها الدستور ستبوء بالفشل.

هل نحن أمام ملهاة جديدة.. وصولا ربما الى انتخابات نيابية مقبلة؟
أخشى ذلك.. وبرأيي عندما يتلبنن القرار تصبح هناك إمكانية لإيجاد حلول. ثم ان ربط المشكلة بأزمة النظام في لبنان وبالصراع الاقليمي الدولي هي اكبر جريمة.

سؤال أخير: هل حظوظ العماد سليمان في بلوغ سدة الرئاسة هي نفسها بعد حادثة الأحد؟
لا شك في أن الحادثة تركت أثرا، وإذا لم تُتدارك فسيكون لها أثر في مجمل الأوضاع في لبنان.

حاوره : حسين عواد
الصور : موسى الحسيني

الانتقاد/ العدد1252 ـ 1 شباط/ فبراير 2008

2008-02-01