ارشيف من : 2005-2008
المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني د.احمد يوسف لـ"الانتقاد":بطانة محيطة بعباس تدفعه نحو توتير الساحة الفلسطينية وللمواجهة مع حماس
غزة ـ عماد عيد
كثيرون يعتبرونه الأكثر اعتدالا في حماس حين يقسمون الحركة إلى معتدلين ومتطرفين.. عاش في الغرب لسنوات طويلة وما زال يتمتع باتصالات واسعة مع جهات أوروبية حتى بعد تعيينه مستشارا سياسيا لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية.
أحمد يوسف الأكاديمي والسياسي شرح لـ"الانتقاد" أسباب معارضة حماس لخطوة أبو مازن بالدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية في الأراضي الفلسطينية، وتحدث عن الأفق السياسي لهذه الحكومة.
هل هناك دستورية لقرار الرئيس محمود عباس بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة؟
لا .. لو كان هناك دستورية أو الرئيس يتمتع بهذه الصلاحية لوافقنا.. نحن قلنا لو كان يريد حل الحكومة فهذا بإمكانه، ولكن عليه أن يتحمل تبعات رد فعل الشارع الفلسطيني، لكن أن يدعو لانتخابات تشريعية مبكرة فهذا ليس من صلاحياته لا في القانون الأساسي ولا في هذا الدستور الذي تم وضعه لضبط عمل السلطة الوطنية الفلسطينية.. لذلك جاء الخلاف والرفض، وتأجج الشارع الفلسطيني ووقعنا في هذه المواجهات والصدام بين حركتي فتح وحماس, فالرئيس كان متعجلا غير متوازن في قراره وخلق فتنة، وللأسف كان الرئيس في خطابه الذي ألقاه ووتر الشارع كان فتحاويا بامتياز، ولم يكن الشخص المسؤول الذي يعبر بكلمات مسؤولة عن شخصية تمثل أعلى سلطة للشعب الفلسطيني.
الرئيس للأسف اصطف مع احد الفصائل وأصبح جزءا من الصراع وجزءا من المشكلة بدلا من أن يكون الحل أو جزءا من الحل، هذا الذي دفع إلى توتير الشارع وإدخالنا في متاهات المواجهات ومحاولات الانقلاب على الحكومة بالاستيلاء على بعض الوزارات، وأيضا بتعدي الحرس الرئاسي ودخوله باشتباكات مسلحة مع القوة التنفيذية المسؤولة عن الأمن الداخلي في الضفة الغربية والقطاع.
هل يستطيع عباس إجراء الانتخابات من دون موافقة حماس؟
أنا اعتقد أن الرئيس عباس لا يستطيع إجراء انتخابات لأنها قضية مرفوضة من حركة حماس التي تمثل الغالبية العظمى في الشارع الفلسطيني، ولأنها قضية غير قانونية أو على الأقل قضية مختلف عليها لو سلمنا جدلا بكل النقاشات التي تحاول أن تطرحها الرئاسة.
هذه قضية مختلف عليها ونحن سنتحداها بالقانون وبالتظاهرات الشعبية والحشود التي توصل القناعة للرئيس بأن الشارع الفلسطيني ضد هذه التوجهات، وان هذه لعبة لا يمكن التعاطي معها لأنها تخدم مصالح فئة معينة من المتنفذين في بطانة الرئيس تعرف انه لا مستقبل لها في ما يمكن أن تحمله الأيام القادمة من تشكيل حكومة وحدة وطنية أو في إطار محاولة إصلاح وإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية.
أناس لا يتمتعون بأي صلاحيات ولا شعبية ولا حضور في الشارع الفلسطيني، وهؤلاء الناس للأسف كثيرون منهم حول بطانة الرئيس، وهم الذين يدفعون الأمور للتوتر وزيادة العداء والاستقطاب داخل الشارع الفلسطيني.
هؤلاء يحاولون أن يدفعونا للمواجهة في محاولة لإفشال عمل الحكومة وإدخالنا في دوامات من الصراعات التي لا تنتهي ولن تكون عواقبها بسيطة، ونحن نتخوف من الأحداث القادمة إذا ما استمرت هذه العقلية تؤثر في الرئيس أبو مازن وتدفع في اتجاه دفعنا لقبول "الأجندة" الأميركية والاسرائيلية.
برأيك ما هو هدف عباس من هذه الخطوة؟
قد يكون هناك احتمالان: الأول أن الرئيس يريد أن يوظفها كوسيلة للضغط ولحلحلة الأمور، هذا إذا أحسنا الظن، والبعد الثاني قد يكون يريد بسبب ضغوطات هؤلاء المتنفذين وأصحاب المصالح حوله من قيادات حركة فتح محاولة قلب الطاولة وإيصالها إلى الانتخابات لأنهم ليس لديهم ما يخسرونه فهم خسروا كل شي الآن، وربما الانتخابات تعطيهم فرصة، ربما تجذب لهم المال الاميركي الإسرائيلي، على الأقل هذا في احتمال أن تكون الأمور أفضل مما كانت عليه، ليستغلوا ظروف الحاجة والمعاناة ويشتروا أصوات الناس، ربما ليلعبوا اللعبة كما يجرى في كل العالم العربي والاسلامي أثناء الانتخابات، كتزييف هذه الانتخابات والخروج إلى الشارع وكأنهم قد كسبوها، وبالتالي تعود خزائن العسل والسمن التي اعتادوا عليها قرابة 12 سنة بعد أوسلو وقبله، بل منذ نشأة منظمة التحرير.. أكثر من 40 سنة وهم ينهبون باسم الوطنية والتحرير.. جلبوا خيرات العالم العربي والاسلامي، ولكن للأسف كثير منهم وظفوا هذه الأموال لمصالحهم الخاصة.
لماذا ترفض حماس الانتخابات ما دامت واثقة من فوزها، وهل يمكن أن تشارك حماس في الانتخابات الرئاسية خاصة في ظل استطلاعات رأي تضع هنية كتفا إلى كتف مع عباس؟
هذا شيء تعودنا عليه لان مراكز استطلاع الرأي هي التي قدمت فتح في الانتخابات السابقة، والتي أعطت الرئيس موقعا متقدما فيها، نحن نعرف أن الانتخابات أفشلت كل استطلاعات الرأي لأنها استطلاعات مسيّسة لا تتمتع بالموضوعية ولا بالاحترام في المحاكم الدولية، ولو جرت انتخابات سيحصل هنية على نسبة 85% والرئيس لن يحصل على نسبة أكثر من 20 بالمئة.
الشارع الفلسطيني يعبر عن شعبيته ونداءاته وتوجهاته من خلال هذه الحشود التي تخرج بمئات الآلاف لاستقبال رئيس الوزراء بعد عودته الميمونة من جولته العربية والإسلامية.
هي الجماهير التي استقبلت مهرجان حماس بهذه الأعداد التي اكتظت بها الساحات في ملعب اليرموك، هذا هو جمهور حماس وجمهور الشعب الفلسطيني الذي يقف صفا واحد متماسكا خلف أصحاب المشروع الاسلامي.
أما الرئيس إذا كان يعتقد انه ما زال هو وبرنامجه السياسي يتمتع بشعبية والأغلبية ليطرح نفسه بالترشح وإعادة الانتخابات. لو فاز كما يقولون بنسبة كبيرة من الأصوات يكون هنالك منطق لممارسة الضغط لحل المجلس التشريعي أو الحكومة، أو ربما على الأقل لتم حسم قضية الصلاحيات: "هل نحن نظام رئاسي يتمتع الرئيس فيه بكل الصلاحيات، أو نحن نظام برلماني ديموقراطى كما هو الوضع الحالي.. للرئيس فيه صلاحيات وللمجلس التشريعي صلاحيات وللحكومة صلاحيات".
أعتقد إذا كان الرئيس على قناعة وحركة فتح على قناعة على أنها ما زالت تتمتع بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني فلتمتحن هذه الشعبية من خلال انتخابات رئاسية يحل السيد الرئيس الحكومة، وهذا حق مشروع له.. ليختبر برنامجه لان القضية هي على البرنامج وليس على الأشخاص.. يختبر الرئيس برنامجه إذا ما زال هذا البرنامج مقبولا في الشارع الفلسطيني.
انتخاباتنا جاءت بعد انتخابات الرئاسة بسنة وشعبنا أعطانا التأييد الواسع والشعبية الكبيرة لذلك نحن نقول إننا أكثر احتراما في الشارع وشعبية بخياراتنا من خيارات الرئيس، إذا كان هو يريد أن يعتقد أن خياره هو خيار الشعب الفلسطيني فليطرح هذا الخيار للاستفتاء، يطرحه للانتخابات، وعند ذلك نحن سنسلم إذ ا ما تم فوز الرئيس بنسبة كبيرة جدا لأن شعبنا يكون قد تراجع عن دعم هذه الحكومة ودعم هذه الحركة.
لكن الى أين تتجه الأمور؟
نحن نحاول أن نضع حدا لكل هذه التوترات وحالة الشحن والاستقطاب الكبيرة في الساحة، والإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية هي مخرجنا الآن من الأزمة وحالة التوتر العالية الموجودة والاصطفاف الفصائلي والحزبي.
فنحن بحاجة للعودة لإعطاء إشارات للشارع الفلسطيني بأننا على مشارف الانتهاء من تشكيل حكومة وحدة وطنية حيث إننا قطعنا شوطا كبيرا جدا فوق 80% من نقاط البحث، ولم يتبق إلا القليل.
ولكن هذه التصريحات التي صدرت عن الأخوة في حاشية الرئيس أبو مازن عن الوصول إلى طريق مسدود، وان هنالك تعقيدات، وان حماس تفرض المستحيلات.. هي التي أوصلت الحالة الفلسطينية إلى طريق مسدود، لكن نحن ما زلنا على قناعة بأن الباب ما زال مفتوحا لإمكانية الحوار والانتهاء منه خلال أيام حتى نترك بسمة على وجوه الشعب الفلسطيني على مشارف عيد الأضحى المبارك, لتكون هديتنا للشعب بهذه المناسبة هي الإعلان قريبا عن اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
أين وصلت الأمور حول تشكيل حكومة الوحدة؟
الإخوة في فتح يحاولون دائما أن يتركوا انطباعا لقراءاتهم لإخراج الوضع الفلسطيني مما فيه من حصار وعزلة لدفعنا لنختار قيادات ترضى عنها أميركا، نحن نقول إننا نريد أن نأتي بقيادات مشهود لها بالنظافة والوطنية، وتعبر عن وحدة الشعب الفلسطيني بغض النظر عن موافقة أميركا أم عدمها.
فنحن أصحاب مشروع لا ترضى عنه أميركا، لذلك إننا لا نريد أن يصل إلى موقع القرار في حكومة الوحدة الوطنية إلا شخص مشهود له بالطهارة الثورية والنضالية وإنسان يده نظيفة، لذلك نحن لا يهمنا كثيرا رضى أميركا وغضب أميركا، نحن نريد أن نرضي الله وشعبنا.
نحن أمناء على مصالح الشعب، وبالتالي نحن لا نريد أن يأتي احد يبدأ مسلسل التنازلات من جديد وتكون حماس شاهد زور على ضياع الوطن وضياع مصالح الناس ومصالح الوطن العليا.
لذلك نحن متشددون في قضية الأسماء التي يجب أن تأخذ مكاناً في هذه الحكومة، وألا تصل رجالات سبق لهم أن اتهموا بالفساد. نريد أن نأتي برجال مشهود لهم بالنضال والاحترام والأخلاق في الشارع الفلسطيني.
الانتقاد/ العدد 1194 ـ 22 كانون الاول/ديسمبر2006