ارشيف من : 2005-2008

التشكيلة الحكومية... الحصة الأميركية هي الأكبر؟

التشكيلة الحكومية... الحصة الأميركية هي الأكبر؟

فالمعارضة التي ستحصل على "الثلث زائد واحد" تطالب ببعض الوزارات السيادية والخدماتية والموالاة كذلك.‏

واذا كان من الطبيعي في لبنان ان تقوم الحكومات والتشكيلات الحكومية على تكريس حصص للافرقاء المختلفين، وهذا ما أقره اتفاق الدوحة الذي حدد حصة المعارضة بـ11 وزيراً والموالاة بـ16 وزيراً ورئيس الجمهورية بـ3 وزراء، فمن المستغرب ان تطالب الدول الكبرى بحصة لها أيضاً في التشكيلة، وان تفوق حصتها الحصص اللبنانية.‏

الامر الذي لم ينتبه اليه الساسة اللبنانيون هو ان الحصة الاميركية في الحكومة العتيدة الجديدة يبدو انها ستفوق حصة رئيس الجمهورية اللبنانية، وكذلك حصتهم في تعيينات الفئة الاولى. فقد طلب الاميركيون رسمياً وعبر مساعد وزير الدفاع الأميركي اريك أدلمان وقبله عبر قائد المنطقة العسكرية الوسطى في الجيش الأميركي ديفيد بترايوس، ومن خلال قنوات عدة، تثبيت الياس المر في وزارة الدفاع، وأن تكون لواشنطن كلمتها في ما يخص قائد الجيش اللبناني الجديد، بما في ذلك حق استخدام "الفيتو"، وذلك ربطاًَ ببرنامج التزامات أميركية طويل المدى تجاه عملية تسليح الجيش اللبناني وتدريبه وتجهيزه.‏

من هنا يمكننا القول ان الحصة الاميركية في الحكومة والتي أصبحت ثابتة لغاية الآن، والتي قد تكون مرشحة للازدياد في الايام المقبلة، هي:‏

- رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي لطالما تغنى الاميركيون بانجازاته ووصفه "بالقائد الاستثنائي" الذي يقود شعبه، والذي اتى بدعم اميركي وسعودي على حساب النائب سعد الدين الحريري الذي كان مرشحاً لتبوؤ منصب رئاسة الحكومة بعد اتفاق الدوحة، ولكن كلمة السر الاميركية والسعودية أتت الى الموالين فانقلبوا على رئيس تيار المستقبل، وأعادت السنيورة الى رئاسة الحكومة، بالرغم من شعور الاستياء الذي ساد المجتمع اللبناني بسبب ممارسات السنيورة الشاذة خلال السنوات المنصرمة والذي ضرب برأي أكثرية الشعب اللبناني عرض الحائط، والذي جرؤ على القول الى شعبه الذي نزل لمطالبته بالرحيل: "خيطوا بغير ها المسلة".‏

- اما الحصة الثابتة الثانية فهي الياس المر، الذي يطالب الاميركيون باعادته الى وزارة الدفاع، بعد الخدمات الكبيرة التي أداها لهم. وكما بات معروفاً فإن الياس المر، هو من سرّب الوثائق والاتصالات حول المطار والكاميرا التابعة لجهاد البناء وشبكة اتصالات المقاومة، وأخرجها الى العلن واعطاها لاحدى الصحف المحلية، الامر الذي افلت الامور وخرق المحظورات وأدى الى الاحداث الاخيرة في مطلع أيار الماضي.‏

اما بالنسبة للجيش اللبناني، فمشكور الجهد الاميركي لتسليح الجيش اللبناني وتجهيزه بالعتاد، ولكن يبدو ان الثمن السياسي المطلوب لهذا التجهيز ـ الذي لا يتعدى الحد المسموح به اسرائيلياً ـ سيفوق كل التصورات، وسيفرض على لبنان الكثير من التنازلات.‏

الجميع يعلم ان المساعدات التي تهبها الدول الكبرى الى الدول الاضعف سواء كانت اقتصادية ام عسكرية او غير ذلك، عادة ما تفترض شروطاً معينة، ولكن ان تعطي الولايات المتحدة الجيش اللبناني بعض الشاحنات العسكرية وتطلب مقابلها تعيين قائدا للجيش موالٍيا لها، فهذا من الشروط التي تفوق كل التوقعات.‏

في النهاية، مما لا شك فيه ان الاميركيين سوف يحصلون على حصة معينة في التشكيلة الحكومية الجديدة، ولكن المطلوب من المعارضة الوطنية اللبنانية، وبعد اسقاطها المشروع الاميركي في لبنان مرة جديدة خلال ايار الماضي، ان تحد ـ قدر الامكان ـ من السيطرة الاميركية وتمنعها من ان تسيطر على مفاصل اساسية في هرمية الدولة اللبنانية، وفي تعيينات الفئة الاولى، والا لما كان لانتصارها في ايار أي جدوى.‏

الانتقاد/ العد1270 ـ 9 حزيران/ يونيو 2008‏

2008-06-09