ارشيف من : 2005-2008
نقطة حبر: اللغة القطرية
أنفقت دولة قطر الشقيقة الكثير من أموالها على إعادة إعمار لبنان بعد عدوان تموز 2006، ولم تطلب ثمناً سياسياً لتلك الهبات التي أعادت قرى بأكملها إلى خارطة الوطن بعد أن كانت الطائرات الإسرائيلية قد أزالتها عنها، واليوم بعد أن وصل النزاع السياسي اللبناني إلى ما وصل اليه استضافت الدولة القطرية مشكورة الأطراف المتنازعة في الدوحة، ومهدت للحوار اللبناني بكلمة لأميرها أعلن فيها أن دولته غير طامحة إلى دور في المنطقة يفوق حجمها، وكأنه بكلمته الوجيزة جداً يقلص المسافة الشاسعة جداً بين القول والفعل في العالم العربي، وفي الجامعة العربية على وجه التحديد.
تستحق الشقيقة قطر شكر وتقدير كل اللبنانيين للدورين الآنفين اللذين قامت بهما في سبيل لبناننا، ويستحق الصبر القطري على معالجة الجروح اللبنانية البليغة قبل التحية وبعدها الكثير من التأمل في اللغة القطرية المفعمة بالرموز والاشارات. فاللغة على حد قول الفيلسوف الألماني الكبير مارتن هايدغر: هي بيت الوجود، وهي شرط اللاوعي كما يقول جاك لاكان، بمعنى أنها تقف وراء مقاصد قائلها أو وراء الوعي الذي يعتقد أنه يختار اللغة ويسيطر عليها، واللغة القطرية هي لغة توفيقية واضحة ظاهرها خبيئها وخبيئها ظاهرها، وهي تعطي فكرة واضحة عن الكيفية التي ينبغي أن تكون عليها مساعدة البلد العربي الشقيق. إنها المساعدة التي تنطق بالحكمة والخير وحسن النوايا، "ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير".
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد1268 ـ 23 ايار/مايو 2008