ارشيف من : 2005-2008
فضل شناعة .. الصورة الأخيرة في تفاصيل الموت
الحزينة .. توقظُ الأباتشي نعاسَ أحلامنا .. بينما تدوس الَمْركفا جدارَ الصمتِ فينا .. كيف يكونُ الغبارُ أصلاً لَمْطلقِ الأشياءْ .. لا الأرضُ عرفتْ كيفَ تمحي الغبار من بستان جدتّها .. ولا الكاميرات عرفتْ طريقها خارجَ الجب .. فلَمْاذا يغيب فضل باكراً ؟ .. تطارده مركفاةِ الموت .. ولم تحمه الأشجار من لحظات اللجوء فيها ..
الأطفال يتسابقون .. الشوارع تتعثر لتمنح الشهداء قبلة أخرى من عين الملائكة .. المخيم ينجو مرة أخرى من اجتياح محقق .. الناس لا يعرفون أي الطريق يؤدي إلى القمر .. الصحافيون يتناثرون يستهلون طريق الحقيقة بلا خوف .. صوت القدس يصدح وجعاً ليطرب مسامع الحاضرين بتمتمات الوطن .. جسد هنا وآخر هناك .. وفضل الذي أصاب عمق القلب بلون الوداع ..
جميع الدروب إلى المنفى مشرعة أمامهم .. والاعتقاد السائد لدى الجميع " أن ما حدث لم يكن سوى محنة طارئة ستزول بعد وقت قصير ثم تبدأ رحلة العودة من جديد ! .. وسيتعلمون الكثير من الدرس القاسي الذي كلفهم وطنهم الصغير "
المخيم يزدحم بالغرباء وخصوصاً مع قدوم محرقة الصيف .. أطفال ، طلاب ، رجال ، شيوخ ، نساء ، صحافيون ، أطلقوا عليه جميعاً ( مخيم المغتربين ) .. يموج بأوجاع العالم كله .. جحر الديك ومشاهد الاجتياحات المتكررة .. صواريخ عمياء ورصاصات قاتلة .. أبنية صامدة يختلط الغضب بحجارتها فتتحول إلى قصة تفاصيلها فاقت كلّ حدود الموت .. مخيم "جنوني" بكل ما تحمله هذه الكلمة من صفات ومظاهر طبيعية وبشرية .. وحتى الفراق يمكنك أن تؤدي الصلوات الخمس في ساعات قليلة .. وربما يصلى عليك ..
هل كنت تسعى إلى لجم جنون التاريخ يا فضل؟! .. ومن يستطيع أن يفعل ذلك؟!.. دائرة التواطؤ تتسع.. المشاركون في الحصار يا رفيقي يزدادون يوماً بعد آخر.. كل يوم ينتقل زعيم عربي إلى الطرف الآخر.. والمبررات كثيرة ومختلفة.. فأكثر ما يُتقن طبخة هذه الأيام هو تبرير الإزاحات والتحولات الجذرية الخطيرة.. لقد ردد بعضهم أمام كاميراتك بوقاحة في محاولة سمجة لتبرير قتل الصورة .. "يجب أن تكون واقعياً.. إن ما تعمل به لا ينسجم مع منطق العصر.. لا تظن نفسك نبيّاً.. فتش لنفسك عن مكان مناسب وسط هذا الزحام.