ارشيف من : 2005-2008

الإمام الحسن العسكري(ع) و الكشف عن ولادة الإمام المنتظر(عج)

الإمام الحسن العسكري(ع) و الكشف عن ولادة الإمام المنتظر(عج)

الامام الحسن بن علي المعروف بالعسكري(ع) هو الامام الحادي عشر من ائمة أهل البيت(ع). في الثانية من عمره انتقل (ع) إلى سامراء بصحبة أبيه الإمام الهادي(ع)، لاستدعائه من قبل الخليفة العباسي المتوكل إليها. وقد أنزله في بيتٍ تحيط به معسكرات الجيش، كي يأمن جانبهم ويراقب تحرّكاتهم،( لذلك لقبا بالعسكريين).‏‏

عاش الإمام العسكري(ع) مع أبيه على هذه الحالة عشرين سنة حيث استلم بعدها الإمامة الفعلية وله من العمر إثنتان وعشرون سنة. واستشهد مسموما على يد الخليفة العباسي المعتمد وله من العمر 28 سنة. وخلال مدة إمامته القصيرة (ست سنوات فقط) فرضت عليه الإقامة الجبرية، كما فرضت على أبيه من قبل. وعمل الحكام على الحد من حرية حركته وتنقلاته. بل ينقل التاريخ أنهم فرضوا عليه الحضور الإلزامي إلى دار الخلافة في كل يوم اثنين وخميس من كل أسبوع.‏‏

ولم يرزق من الاولاد (بنين وبنات) سوى المهدي المنتظر(عج)؛ آخر أئمة أهل البيت (ع) من ذرية علي وفاطمة (ع)، والذي بشَّر به جدُّهُ محمد (ص) في أحاديث متواترة بأنّه: يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.‏‏

وهو الوليد الذي صدر الأمر بإلقاء القبض عليه قبل ولادته. ولكن الله نجّاه كما نجّى نبي الله موسى (ع) من فرعون. وكما نجّى رسول الله إبراهيم (ع) من قبضة النمرود.‏‏

فقد كان من الشائع والمعروف، من الأخبار والروايات المتواترة عن النبي (ص) أن عدد الأئمة اثنا عشر إماماً، وأن الإمام الثاني عشر هو الذي يزيل دول الظلم ويقضي على أئمة الجور والطغيان. لذا كان حكام الدولة العباسية يترقبون هذا الأمر ويحسبون له ألف حساب، فوضعوا الإمام الحادي عشر أي الحسن العسكري (ع) تحت الإقامة الجبرية في بيته بسامراء كما وضعوا نساءه تحت الرقابة المباشرة، وذلك للقضاء على الوليد حين ولادته.‏‏

لكن الله متمٌ نوره ولو كره الكافرون. فأخفى سبحانه وتعالى بمشيئته أمر حمله وولادته ومن ثمّ شخصه إلا عن خواص الشيعة من الموالين المخلصين.‏‏

فكان من إرادته عز وجل أن تكون ولادته إعجازية؛ إذ لم تظهر اثار الحمل على والدته "نرجس" إلاّ في الليلة التي وُلِدَ فيها صلوات الله عليه. كما أن الإمام العسكري (ع) قد أحاط ولادته(عج) بستار من السرية، بحيث خفي أمره عن السلطة وأزلامها؛ فضلا عن سائر الناس.‏‏

وأما كيفية إتمام الحجّة بولادة الإمام المنتظر(عج) في هذه الظروف الاستثنائية على شيعته فقد تحقّقت ضمن خطوات ومراحل دقيقة.‏‏

- التبشير بولادته(عج) في أقوال كثيرة نكتفي منها بمحل الشاهد:‏‏

عن الفضل بن شاذان أن محمد بن عبد الجبار سأل الإمام العسكري(ع) عن الإمام والحجة من بعده فأجابه: "إنّ الإمام وحجة الله من بعدي ابني سميُّ رسول الله(ص) وكنيُّه، الذي هو خاتم حجج الله وآخر خلفائه. فسأله ممّن هو؟ فقال: من ابنة ابن قيصر ملك الروم. إلاّ أنّه سيولد ويغيب عن الناس غيبة طويلة ثم يظهر.‏‏

ـ شهادة الإمام الحسن العسكري (ع) بولادة ابنه الإمام المهديّ (ع):‏‏

وفي ذلك أحاديث كثيرة نقلها أثْبات الشيعة ورواتُهم، ننقل منها:‏‏

عن أبي هاشم الجعفريّ، قال: "قلت لأبي محمّد (ع): جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سَلْ. قلت: يا سيدي، هل لك وَلَد ؟ فقال: نعم".‏‏

ـ شهادة القابلة،العلويّة الطاهرة "حكيمة" بنت الإمام محمّد الجواد، وأُخت الإمام الهادي، وعمّة الإمام العسكريّ، حيث صرّحت بمشاهدة ولادة الإمام الحجّة المهديّ (ع) ليلةَ مولده. وهي التي تولّت أمر نرجس والدة الإمام الحجّة المهديّ (ع)، وبإذنٍ من أبيه الحسن العسكريّ (ع).‏‏

- وتمثّلت هذه الخطوة بإخبار الإمام(ع) شيعته بأنّ المهدي المنتظر(ع)قد وُلد: عن أحمد بن الحسن بن اسحاق القمي قال: لمّا ولد الخلف الصالح(ع) ورد عن مولانا أبي محمد الحسن بن علي الى جدي أحمد بن اسحاق كتاب فإذا فيه مكتوب بخط يده(ع) الذي كانت ترد به التوقيعات عليه وفيه: "ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً وعن جميع الناس مكتوماً فإنّا لم نظهر عليه إلاّ الأقرب لقرابته والوليّ لولايته...".‏‏

- وقد أمر الإمام(ع) بعض وكلائه بأن يعقّوا عن ولده المهدي(ع) ويطعموا شيعته. والعقيقة له إخبار ضمني بولادته(ع). بل جاء التصريح في بعضها بالولادة حيث كتب لبعضهم ما نصّه: "عقّ هذين الكبشين عن مولاك وكل هنّأك الله وأطعم إخوانك...".‏‏

- وتمثّلت في الاشهاد على ولادة الإمام المهدي(ع)ووجوده وحياته.‏‏

عن محمد بن عثمان العمري(رض) وهو وكيل الإمام العسكري(ع) أنه قال: كنّا أربعين رجلاً في منزل أبي محمد الحسن بن علي (ع)، فسئل عن الحجة من بعده فخرج علينا غلام أشبه الناس به فقال: "هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم. أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا. أما إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا".‏‏

- وهي إجابات الإمام المهدي(ع) على اسئلة شيعته في حياة أبيه حيث تكشف عن قابلياته الرّبانية التي يختص بها أولياء الله.‏‏

فممّا حدّث به أحمد بن اسحاق أنه سَأَلَ الإمام الحسن العسكري عن علامة يطمئن إليها قلبه حول إمامة المهدي(ع) حين أراه إيّاه، وقد كان غلاماً من أبناء ثلاث سنين: أن الغلام نطق بلسان عربيّ فصيح فقال: "أنا بقية الله في أرضه والمنتقم من أعدائه فلا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد ابن اسحاق".‏‏

اسماعيل زلغوط‏‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1157 ـ 7 نيسان /أبريل 2006‏‏

2006-10-30