ارشيف من : 2005-2008
خاص "الانتقاد.نت": فرنسا تجري مراجعة شاملة للسياسة الحالية تجاه سوريا
باريس ـ نضال حمادة
مرت العلاقات الفرنسية السورية بحالة من القطيعة الكاملة منذ اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، وقد اتخذت هذه القطيعة طابع التحدي الشخصي في السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي ارتبط بعلاقة وطيدة مع الحريري، تداخلت فيها المصالح الشخصية مع المصالح العامة، ولا يخفى على أحد أن الحريري كان من الملتزمين بتمويل جميع الحملات الإنتخابية لجاك شيراك منذ أن كان الأخير في منصب عمدة باريس، حتى ان شيراك وبعد خروجه من قصر الإيليزيه لم يجد سوى شقة تعود ملكيتها لفهد الحريري ليسكنها، وهي تقع في الدائرة السابعة من العاصمة الفرنسية باريس وعلى ضفاف نهر السين.
شكل فوز ساركوزي نهجا جديدا في التعاطي مع الملفات الشائكة وخاصة ملف العلاقة السورية الفرنسية. فالرئيس الفرنسي الحالي تربطه علاقات قوية مع أركان الحكم في دمشق وخاصة مع مدير المخابرات العسكرية اللواء آصف شوكت، حيث كان التعاون الأمني بين البلدين في حالة جيدة خلافا للعلاقات السياسية. لقد حافظ ساركوزي على العلاقات الأمنية والتعاون الإستخباري مع السوريين عندما كان يشغل منصب وزير الداخلية، وكانت هناك اجتماعات دورية بين الجانبين السوري والفرنسي في هذا المجال، وهذا ما انعكس على العلاقات العائلية بين الطرفين. وقد تناولت بعض الصحف الفرنسية بعض تفاصيل هذه العلاقة. من هنا فإن المقاربة الفرنسية لسورية اختلفت كليا في عهد ساركوزي عن الحقبة الشيراكية خصوصا أن الرئيس الفرنسي الحالي لا يثق كثيرا بالنائب سعد الحريري، بسبب العلاقة القوية التي تربط عائلة الأخير بشيراك عدو ساركوزي الدائم.
اتبع ساركوزي مع سوريا نوعين من السياسة واحدة علنية والثانية سرية. وكانت المواقف المتشددة حيال سوريا من اختصاص وزير الخارجية المثير للجدل برنار كوشنير،الذي أناط به ساركوزي مهمة التحامل على سوريا وإيران إرضاء لحلفائه الأميركيين، بينما كانت الإتصالات السورية الفرنسية، تجري عبر مجموعة مستشاري ساركوزي في الإيليزيه وابرزهم مستشاره الخاص جان دافيد ليفيت ، ومساعده كلود غيان. إنها سياسة العلاقات عبر القنوات الرديفة التي يحسن ساركوزي إتباعها، والتي ساهمت في تهميش كوشنير وجعلته مسار سخرية السياسيين والإعلاميين في فرنسا.
شكل الملف اللبناني مادة تجاذب قوية بين الطرفين السوري والفرنسي، حيث التزمت فرنسا رسميا بالموقف الأميركي الداعم لقوى السلطة في لبنان، غير أن هذا الالتزام العلني من جانب فرنسا ساركوزي لم يصل إلي مرحلة التبني الكلي التي كانت موجودة ايام شيراك، حيث فتحت فرنسا باب الحوار مع أطراف لبنانية معروفة بتحالفها مع سوريا، واستضافت مؤتمر الحوار اللبناني في سيل سان كلو حيث وجهت دعوة رسمية لحزب الله للحضور إلى فرنسا وهذه سابقة كبيرة في النهج السياسي الفرنسي المتعلق بلبنان والمنطقة.
في السياق فإن الأحداث الكبيرة التي شهدها لبنان أخيرا، والانتصار السريع والساحق لقوى المعارضة اللبنانية، دفعت أصحاب القرار الفرنسي إلى تسريع خطى التواصل مع السوريين، على خلفية أن ميزان القوى الإستراتيجي لم يعد أبدا في مصلحة أميركا وحلفائها اللبنانيين.
وفي هذا الصدد تشير مصادر مطلعة في وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن هناك قراراً فرنسياً بالتقارب مع سوريا وضع قيد التنفيذ، وأكدت تلك المصادر أن انتخاب رئيس جمهورية في لبنان شكل حجة يمكن للطرف الفرنسي استخدامها لتبرير التقارب مع سوريا. ولا يخرج الإعلان الفرنسي عن بدء حوار محدود مع حركة حماس عن هذا السياق، فالانفراج الحالي وفتح أبواب الحوار على مصراعيه وفي جميع الاتجاهات تحكمه التغييرات الإقليمية والدولية التي تصب الآن في مصلحة محور الممانعة الذي تشكل إيران وسوريا أهم أركانه.
التاريخ: 28/5/2008