ارشيف من : 2005-2008
السيد نصر الله: حزب الله يراهن على الوفاق والتوافق والمقاومة اليوم أقوى مما كانت عليه وإسرائيل أضعف مما كانت عليه (النص الكامل)
السياسية،وهنا النص الكامل لكلمة سماحته والتي جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين..
أود في البداية أن أتوجه بالشكر الجزيل للإخوة والأخوات في مؤسسة جهاد البناء وإلى جميع العاملين في مختلف المؤسسات والهيئات والجمعيات والأطر, وكذلك جميع الأفراد الذين ساهموا وشاركوا في إقامة هذا المعرض تحت عنوان "أرضي"، هذا المعرض المميز والذي إنشاء الله سيكون معرضا تأسيسيا وبداية لجهد مركز ورائع في هذا المجال. وآمل إنشاء الله أن يكتب لهذا المعرض وللعاملين وللمؤسسين وللذين بذلوا الجهود الكبيرة في إقامته أن يكتب له النجاح المطلوب وأن يكون خطوة كبيرة ومهمة في هذا الطريق الذي نسعى فيه جميعا لخدمة شعبنا وأهلنا وتقوية مجتمعنا على كل صعيد.
طبعا نحن نتحدث عن معرض لمنتوجات زراعية وحرفية وهذا بطبيعة الحال يدخلنا للحديث بدون مقدمات عن هذا القطاع وخصوصا القطاع الزراعي، وهذا الجهد الذي يبذله الإنسان سواء في الجانب الزراعي أو في الصناعات اليدوية والحرفية، من أهم مميزات هذه المهنة أنها من أقدم المهن في تاريخ البشرية يعني من أبينا آدم عليه السلام، والأهم من كون هذه المهنة هي مهنة قديمة قدم البشرية والإنسانية أنها مهنة شريفة بكل المقايسس والإعتبارات الإنسانية والدينية والأخلاقية والعرفية حتى في أعراف الشعوب والمجتمعات السابقة. منذ نبينا آدم عليه السلام المزارع والحرفي الأول وكل من جاء بعده من أنبياء ورسل وأولياء وكبار وعظماء أغلب هؤلاء كانوا يمارسون هذه المهنة وهذا منصوص عليه وموجود في الكتب الدينية المختلفة. إنّ ممارسة الأنبياء العظام صلوات الله وسلامه عليهم في أبعادها المختلفة سواء بعدها الزراعي أو الحيواني أو الحرفي يعطيها أيضا هذه الصبغة وهذه الكرامة وهذه الشرافة، أضف إلى تأكيد رسالات السماء على العمل وهذا الجهد هو من مصاديق العمل لأنّ الله سبحانه وتعالى يحب العاملين ويبغض البطالين، يحب الكادحين في سبيل عيالهم وفي سبيل أهلهم وفي سبيل توسعة الرزق على من يعولون، حتى ورد في الحديث أنّ الكادح في سبيل عياله كالمجاهد في سبيل الله عز وجل. هذه الميزة الرئيسية، يعني هذا البعد الإيماني والديني والمعنوي والأخلاقي والشرفي لهذه المهنة يجب أن نؤكد عليه في بداية الكلمة.
(...) القطاع الزراعي هو من أهم القطاعات الإنتاجية التي تعتني بها الشعوب والحكومات واعتنت بها طوال التاريخ واليوم الحكومات التي تحترم نفسها وتفكر بشكل جدي بمصالح بلدانها تعطي أولوية وعناية كبيرة جدا لهذا القطاع. من أهم شروط الإستقلال السياسي هو الإستقلال الإقتصادي وأعتقد أنكم تابعتم وتابع العالم منذ أيام قليلة خبرا مهما عندما تصدى أحد كبار العملاء الكبار في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA ويطلق عليه اسم القاتل الإقتصادي وشرح بإسهاب، وتفاصيل ما أدلى به وما كتبه وما تحدث عنه موجود على بعض مواقع الإنترنت، تحدث كيف أنّ الولايات المتحدة الأمريكية والإدارة الأمريكية تسيطر على هذا البلد وذاك البلد وعلى حكومة هذه الدولة وتلك الدولة من طريق سلب استقلالها الإقتصادي وإحداث تبعية اقتصادية وتحدث في تفاصيل طويلة لا وقت الآن لذكرها. من أوضح المسائل التي لا تحتاج إلى استدلال أنّ الإستقلال الإقتصادي هو شرط اساسي للإستقلال السياسي، وعندما نتحدث عن الإستقلال الإقتصادي البلد الذي لديه قطاعات إنتاجية يمكن أن يكون مستقلا على المستوى الإقتصادي أمّا البلد الإستهلاكي لا يمكن أن يكون مستقلا على المستوى الإقتصادي.
وبناء عليه، لا يمكن أن تأتي أي حركة أو حكومة أو تجمع سياسي ويدّعي أنّه حركة استقلال وسيادة ولا يعتني بالقطاعات الإنتاجية وبالأخص بالقطاع الزراعي، فكيف يمكن بطريق أولى لحركة أو حكومة أو تجمع سياسي يدمر القطاعات الإنتاجية ويدمر القطاع الزراعي ويدّعي أنّه حركة استقلال وسيادة وهذه هي مشكلة القطاع الزراعي اليوم في لبنان ، ومنذ سنوات القطاع الزراعي في لبنان يملك عناصر قوة مهمة جدا وعلى سبيل المثال نحن نملك كل مقومات النجاح، نحن نملك الأرض المناسبة بل الأرض الغالية والثمينة والتي أصبحت أغلى وأثمن بالتضحيات وبدماء الشهداء والجرحى وعرق المجاهدين وعذابات وآلام الصامدين في أرضهم خلال عقود طويلة من الزمن، نملك الأرض المناسبة ولدينا المياه التي للأسف تذهب هدرا ولدينا المناخ المناسب ولدينا العلم وحسن التدبير ووفرة في المهندسين الزراعيين، وهنا أتحدث كشعب لبناني، ولدينا اليد العاملة التي تعمل بعزم واندفاع وبمحبة، تحب الأرض وتحب الحقل وتحب ما تنتجه وتعتبر أنّ هذا جزءا من ثقافتها وكيانها وشخصيّتها. الكثير من مقوّمات النجاح متوفرة وقائمة لكن الخلل الكبير كان دائما في سياسات الحكومات المتعاقبة التي كانت تهمل هذا القطاع، ويمكن أن نقول وبوضوح أنّ القطاع الزراعي كان دائما وأبدا من أكثر القطاعات إهمالا وحرمانا وأنا أقول بشكل متعمد، كان هذا الإهمال متعمدا وما زال هذا الإهمال متعمدا وهذه واحدة من مشكلاتنا مع الحكومة عندما كنّا في هذه الحكومة وإحدى نقاط النزاع الحاد في داخل الحكومة بين الوزراء الذين بالفعل الذين يمثلون الفلاحين والمزارعين والمحروميين والفقراء والشرائح المستضعفة والعاملة وبين الفريق الذي ما يزال يمسك بالسلطة حتى الآن لأنّه لا مكان جدي لهذا القطاع الزراعي...
دائما هذا القطاع كان بحاجة إلى مساندة الدولة والسلطة على أكثر من صعيد، على صعيد دعم الإنتاج سواء بالقروض أو بالتسهيلات القانونية أو حتى على مستوى التنظيم والمؤسسات الجامعة لأننا في هذا العصر لا نستطيع أن نتحدث أو أن نكتفي فقط بالجهود الفردية للمزارعين والفلاحين وإنما هذا الأمر بحاجة إلى جهد جماعي وكلما تعاظم هذا الجهد الجماعي وتأطّر كلما كانت الإنجازات أفضل، إذا الحاجة إلى دعم في الإنتاج وايضا الأهم الحاجة إلى دعم في تسويق هذا الإنتاج. نحن في كل عام للأسف نشاهد في المناطق اللبنانية المختلفة كيف أنّ جزءا من الإنتاج الزراعي يبقى في مكانه لا يتمكن أصحابه من قطف هذا الثمر أو حصد هذا الإنتاج فيبقى هذا هو ويتلف حيث هو، وأيضا نشاهد كيف أن بعض المزارعين وأصحاب المحاصيل الزراعية يقومون بإتلاف محاصيلهم ومنتوجهم الزراعي في الطرقات وأمام الكاميرات للتعبير عن احتجاجهم على سياسات السلطة، لأنّ السلطة في لبنان آخر من يعنيها المزراع وهي التي يجب أن تمد يد المساعدة للمزارعين من أجل تسويق وبيع منتوجاتهم الزراعية سواء في داخل لبنان أو في خارج لبنان، بل نجد انّ الكثير من السياسات المتبعة تعطّل حتى إمكانيات التسويق وتعقّد حتى إمكانيات التسويق لو بادر إليها المجتمع المدني. وهذه كانت دائما نقطة خلاف.
نحن في الموضوع الإقتصادي والسياسيات الإقتصادية كنّا ننظر بقلق إلى السياسات المتبعة وعندما عرضت بعض جوانب ما سمّي بخطة الإصلاح في الحكومة عندما كنّا في الحكومة كان هناك جدال كبير حول هذا الأمر، وللأسف الشديد بعد استقالة الوزراء قامت هذه الحكومة وبدقائق قليلة بإقرار خطة إصلاح وفي الحقيقة قامت بتهريبها وأنا أشك بأنّ الوزراء الذين شاركوا في إقرار هذه الخطة قد قرأوها أو تمعنوا فيها أو ناقشوها مع إختصاصيين وكل ذلك بحجة الإسرع في إقرارها لتسهيل أعمال مؤتمر باريس 3. وما زلنا ننظر بقلق بل بريبة إلى سياسات هذا الفريق في السلطة وخصوصا اتجاه القطاعات الإنتاجية وبالأخص القطاع الزراعي والقطاع الصناعي، وهذا يحتاج في الحقيقة إلى صرخة كبيرة. من الملفت في لبنان أنّ هناك فريق في السلطة يستهدف القطاع الزراعي ومع ذلك نجد أنّ بعض المتضررين من هذا الإستهداف يتمسك بهذا الفريق السلطوي مما يؤكد أنّه احيانا بعض العصبيات تغلب حتى المصالح فضلا أنها تغلب بعض القيم التي قام عليها لبنان ومجتمعنا فنجد أن القيم تضيع وحتى أحيانا المصالح تضيع لمصلحة العصبيات التي تلتف حول أطر سياسية معينة بالرغم من أنّ سلوك هذه الأطر السياسية يمارس ما يناقض هؤلاء الناس وخصوصا الشرائح ولا أقول الطبقات فأنا لا أحب هذا المصطلح، الشرائح الفقيرة والعاملة والكادحة والمزارعة والمحرومة والتي تعاني من شظف العيش.
هذا المعرض هو في الحقيقة مساهمة من مؤسسات المجتمع المدني والأهلي ومحاولة لملأ بعض الفراغ ولو بشكل بسيط ومتواضع الذي تتركه السلطة والدولة والفريق الحاكم في لبنان وليس الآن بل منذ عقود من الزمن في هذا المجال. وللأسف أيضا هذا أمر نحن جميعا مضطرون إليه، وفي كل مجال من المجالات هناك حاجة ملحة للناس وهناك ضرورة لتعاون الإجتماعي والجماعي والمؤسساتي عندما تغيب الدولة يجب أن يتحمل الناس مسؤولياتهم ونحن مِن مَن يتحمل هذه المسؤولية حتى ولو كانت تؤدي إلى توجيه الإتهامات إلينا وهذا ما يجري في لبنان للأسف الشديد حتى في المقالة التي قرأناها للسفير الأمريكي جيفري فيلتمان قبل أيام.
اليوم مثلا تُدان مؤسسة جهاد البناء أو شركة وعد، هما مؤسستين مدنيتين، لماذا؟ لأنها تعمر بيوت الناس، الأمريكيون لا يريدون لأحد أن يعمر بيوت الناس، يريدون لبيوتنا التي دُمّرت بقرار أمريكي وبتنفيذ إسرائيلي وبصواريخ أمريكية أن تبقى مدمّرة وأن تبقى عائلاتنا وأهلنا في الشوارع لأنّ هذا هو الذي يخدم المشروع الأمريكي الإسرائيلي في لبنان والمنطقة، أمّا أن تأتي مؤسسة لتبني بيوت الناس أو تساعد الناس في إعادة إعمار ما تهدم فمن الطبيعي في الخلفية والذهنية الأمريكية أن تتهم هذه المؤسسة بالإرهاب لأنّها جزء من تعطيل مفاعيل العدوان الذي يخدم المشروع الأمريكي الإسرائيلي. وكذلك عندما تكون هناك منطقة محرومة على المستوى الصحي فتقدم أي جهة على إقامة مستوصفات أو مراكز صحية أو مستشفيات ستُتهم بأنها تقيم دولة في داخل الدولة، وإذا كانت هذه المراكز الصحية وهذه المستشفيات في المناطق التي تتعرض للعدوان وترتبط بها أطماع العدو والتي يسكن فيها شرائح مجاهدة ومقاومة وتحتضن المجاهدين والمقاومين فسوف يصبح هذا العمل الصحي إرهابا وتصبح هذه المؤسسة الصحية مؤسسة إرهابية.
إنّ جهاد البناء ماضية في مهامها ومسؤولياتها وليقولوا ما يشاؤون، "عمل إرهابي دولة داخل الدولة" هذا أمر لا يضيرنا على الإطلاق. في هذا العام نحن نلاحظ أنّ سيل الإتهامات وتنوع الإتهامات وتركيز الإتهامات لم يسبق له مثيل، ولكن هذا لا يمكن أن يقدم أو يؤخر شيئا بل هذا يزيدنا عزما وإصرارا على مواصلة ما نقوم به ويقينا بصحة الخيار وصحة وسلامة ما نقوم به. في هذا الإطار أنا أدعو إلى أوسع تعاون بين مؤسسة جهاد البناء وبين المؤسسات الزراعية والتعاونيات والجمعيات والأطر الأهلية سواء التي تعتني في الجانب الزراعي أو في جانب الصناعات اليدوية والحرفية، فلنتعاون. ما نستطيع أن نقوم به في دعم الإنتاج يجب أن نقوم به وما يمكن أن نقوم به في دعم التسويق لهذه المحاصيل ولهذه المنتوجات يجب أن نقوم به بدون أي تردد، وأنا أعدكم إنشاء الله أنّ هذا المعرض لن يكون خطوة مجتزأة ولن يكون خطوة يتيمة وإنما هو بداية لخطة ولجهد متواصل ومستمر، سوف نحاول أن نتعاون فيه مع الجميع خصوصا في مجال التسويق. ونحن خلال السنوات الماضية في مجال دعم الإنتاج ومن خلال مؤسسة جهاد البناء وبالتعاون مع وزارة الزراعة ومع الوزراء السابقين الذين كانوا يتولون هذه المسؤولية ويتعاونون بشكل جيد كنّا نحاول سواء من خلال الإرشاد الزراعي أو تقديم بعض القروض أو بعض العمل التعاوني أن نساهم في هذا المجال، لكن نعتقد أنّ الهدف الأهم الذي يجب أن يلتفت إليه في هذه المرحلة وفي المراحل المقبلة هو جهد التسويق.
هذا المعرض هو معرض تعريفي للمنتوجات الزراعية، نعرّف اللبنانيين من خلال وسائل الإعلام ومن خلال الذين يزورون المعرض وهو أيضا معرض تثقيفي من خلال الندوات التي ستقام في برامجه المختلفة وهو أيضا جهد تسويقي لبيع وتسويق هذا الإنتاج ومحاولة تخفيف الحلقات والفواصل بين الجهة المنتجة والجهة المستهلكة، واخترنا أن يكون هذا المعرض في هذا المكان في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية. اخترنا هذا المكان لنقول نحن نقيم معرضا للمنتوجات الزراعية والحرفية في نفس المكان الذي نقيم فيه معرضا للكتاب للعلم والثقافة في نفس المكان الذي نشيّع منه شهداءنا ونحتفي فيه بشهدائنا في نفس المكان الذي نستقبل فيه أسرانا المحررين في نفس المكان الذي نعبّر فيه عن مواقفنا السياسية في نفس المكان الذي نقيم فيه شعائرنا الدينية ونحيي فيه ليالي القدر، لنؤكد انّ كل هذه الحلقات هي سلسلة واحدة متواصلة : العبادة والعمل والعلم والمعرفة والجهد والإنتاج والزراعة والدماء والدموع والتضحيات والحضور الشعبي وتحمل المسؤولية والسياسية والجهاد، كلها حركة واحدة متواصلة متكاملة على المستوى الفكري والإيماني والإنساني والأخلاقي في خدمة هدف واضح ومحدد هوعيال الله وعباد الله، لأنّ هو هذا سبيل الله الذي يصح فيه الجهاد ويصح في طريقه العمل ويصح في طريقه التضحيات.
أود هنا أن أشير إلى بعض الأمور السياسية، الأمر الأول أننا ما زلنا نراهن على الوفاق وعلى التوافق بمعزل عن كل أصوات الموتورين والمصعِّدين والذين يريدون ان يأخذوا البلد إلى الفتنة وإلى الصِدام وإلى المواجهة ويجاهرون في ذلك ويتحدثون عن هذا الأمر بكل بوضوح وبكل صراحة. نحن ما زلنا نراهن على التوافق وعلى الوفاق وما زلنا نسعى في هذا الاتجاه وما زال هو أملنا الكبير. وفي هذا السياق أيضا نحن أيدنا مبادرة دولة الرئيس نبيه بري ولاحقا أيدنا مبادرة بكركي، واليوم أود ان أعلن أمامكم بكل وضوح وصراحة أننا سعداء لكل اللقاءات التي تحصل ثنائية او ثلاثية بين قادة في المعارضة وقادة في فريق السلطة، هذا من دواعي الأمل والرجاء، وتذكرون دائما خلال الأشهر الماضية وخصوصا بعد انتهاء الحرب عندما كنا نتحفظ على الأطر الواسعة للحوار وكنا نقول هذا إطار يطغى عليه البرتوكول والشكليات والعلاقات العامة والمجاملات والتعارفات، والحوار الجدي يحصل بشكل ثنائي او ثلاثي وكنا ندعو دائما الى قيام حوار من هذا النوع. اليوم الحوارات المتنقلة بين لبنان وخارج لبنان نحن نؤيدها وندعمها ومرتاحون لها ونأمل ان تصل الى نتائج ، بل اقول لكم بالخط العريض : كل مسعى وكل لقاء وحوار وجهد يمكن ان يؤدي الى التوافق والوفاق بين اللبنانيين نحن نؤيده وندعمه وندعو الله لان ينجح ويعطي النتيجة المطلوبة لأننا حريصون على هذا البلد وعلى هذا الشعب وعلى هذه الدولة، ونعرف أنّ مصلحة الأمريكيين ومصلحة الإسرائيليين هي دفع اللبنانيون إلى الصِدام وإلى المواجهة فيما بينهم، وأن النزاع يؤدي إلى الفشل بينما التوافق والتعاون والتفاهم والوحدة هي من أهم عناصر القوة .
الأمر الآخر الذي أود الإشارة إليه، من المؤسف جدا بل من المريب سكوت الفريق في السلطة الذي يدّعي أنه فريق استقلال وسيادة وحرية ويغار على لبنان وأرضه وسمائه وأمنه واستقراره، سكوت هذا الفريق على المناورات الإسرائيلية التي تجري في شمال فلسطين المحتلة وعلى مقربة من الحدود اللبنانية حيث يشارك ما يزيد عن خمسين ألف ضابط وجندي وفرق مدرعة ومؤللة في مناورات لعدة أيام ويعلنون ما هو هدف هذه المناورات وأن هدفها هو لبنان وأنهم يستفيدون من أخطائهم وعيوبهم وثغراتهم، ويعتبرون أنّ هذه المناورات هي لأخذ العِبر أو لتطبيق العِبر والدروس المستخلصة من الهزيمة الإسرائيلية في لبنان.
اليوم بالتحديد العديد من المناطق اللبنانية كانت هناك غارات وهمية إسرائيلية، هذه الغارات الوهمية هي جزء من المناورات وتستكمل المناورات وهي جزء من الخطة الحربية المفترضة للعدو التي يناور عليها سواء في سمائنا أو في شمال فلسطين المحتلة، لم نسمع موقفا وكأن هذا الأمر لا يعني الحكومة اللبنانية التي تدّعي أنها حكومة ولا يعني الفريق الذي يدّعي أنّه سيادي واستقلالي، ولم يحركوا ساكنا، لا احتجاج ولا اتصال حتى مع سادتهم أو ـ إذا أردنا التخفيف عنهم ـ مع حلفائهم الأمريكيين، أي تعبير عن سخط أنّ هناك ما يهدد لبنان وما ينتهك سيادة لبنان وأجوائه، وأنّ الغارات الوهمية في نهاية المطاف قد ترعب الناس المدنيين والأطفال والنساء خصوصا إذا كانت الغارات منخفضة جدا، لم يحركوا ساكنا. هذا السكوت مريب وعجيب وخصوصا من أؤلئك أيضا الذين دائما يجادلونك في الليل والنهار بموضوع قرار السلم والحرب، حسنا أنتم ماذا تفعلون، قبل أيام قال نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المهزوم والذي كان في القيادة عندما لحقت بجيشه الهزيمة (الجنرال) كابلينسكي يتحدث عن خطة إسرائيلية من هذا النوع... لا كلام (عند فريق السلطة). إذا أنتم مسؤولون عن الحرب والسلم تحملوا مسؤوليتكم، في كل شيء أنتم تتخلون عن المسؤولية.
هذا السكوت مُدان، وهذا السكوت موضع تساؤل بل اسمحوا لي أن أذهب بعيدا في سوء الظن وأقول هذا السكوت مريب، وكأنّ ما يقوم به الإسرائيليون في نظر البعض يخدم مشروعهم للسيادة والإستقلال كما يفهمونه والذي هو مشروع تبعية للمشروع الأمريكي وخضوع للمشروع الأمريكي والتحول إلى جزء من المشروع الأمريكي. للأسف الأمور باتت على هذه الشاكلة. لكن في كل الأحوال، أنا أثير هذه النقطة لأقول أنّ هذا الفريق الذي يدّعي ما يدّعي يجب عليه أيضا، وأنا هنا لا أريد فقط أن أُدين وإنما أن أُطالب بموقف واضح وجلي من هذا الذي يقوم به الإسرائيليون وخصوصا في مجال الإنتهاكات الكثيفة اليومية للسيادة اللبنانية. طبعا بالنسبة إلينا ونحن نثير هذه الملاحظة، أود أن أؤكد لكم جميعا وللبنانيين جميعا ولكل الذين يتابعون الأوضاع اللبنانية وبالأخص الإسرائيليين أن كل هذه المناورات والغارات الوهمية وكل هذه الطبول التي تقرع وكل هذا التهديد والتهويل الإسرائيلي الذي نسمعه بين الحين والآخر لا يؤثر فينا على الإطلاق ولا يمكن أن يهز من ثقتنا بأنفسنا وبالله سبحانه وتعالى أولا وأخيرا، وأنّ المقاومة التي دافعت عن لبنان ستدافع عن لبنان وهي أقوى من أي يوم.
اليوم ونحن نتحدث في معرض زراعي وحرفي يُعبّر عن جهاد وجهد لشرائح من رجالنا ونسائنا الكرام في لبنان، أود ان أقول لكم أنّ المقاومة أقوى مما كانت في السابق وإسرائيل أضعف مما كانت في السابق، وأنا أتحدث على المستوى النسبي وأنا لا أقول أنّ إسرائيل ضعيفة وإنما إذا ما قسنا إسرائيل اليوم بإسرائيل عشية 12 تموز هي أضعف، وإذا ما قسنا المقاومة اليوم بالمقاومة عشية 12 تموز هي أقوى. اليوم نحن أقوى في الإرادة والعزم وفي الإيمان وفي الثقة وفي التوكل وفي المعنويات وفي الماديات وفي العقل وفي التدبير وفي الحضور الميداني وفي الإستعداد للمواجهة. كل هذا لا يخيفنا، نحن لا نريد حربا مع أحد ولكن لن نسمح أن يعتدى على قرانا وعلى شعبنا وعلى أهلنا وعلى بلدنا. إذا كان البعض يفهم السيادة خضوعا فنحن نفهم السيادة سيادة، هكذا كنا طوال التاريخ. إذا كان البعض يفهم الإستقلال استسلاما فنحن نفهم الإستقلال استقلالا نقدم من أجله الدماء الزكية، وسوف تبقى راية لبنان مرتفعة كجبال لبنان وسوف تبقى أرض لبنان أرضا طاهرة من أي دنس ومن أي احتلال لأنها طُهِّرت بأزكى دم وبأغلى دم قدمتموه أنتم وقدمه شعبنا.
هذه هي الأرض التي أختم بها كلمتي في افتتاح هذا المعرض الذي حمل عنوان "أرضي"، هذه هي أرضي، هذه هي أرضكم، الأرض الغالية بجبالها وسهولها ووديانها، هذه الأرض الغالية التي لا يمكن أن نفرط فيها ولا يمكن أن نتخلى عنها ولا يمكن أن نسمح بتدنيسها ولا يمكن ان تكون أرضا لا للإحتلال الإسرائيلي ولا أرضا للقواعد العسكرية الأمريكية ولا أرضا للعمالة ولا أرضا للتبعية، وإنما سوف تبقى أرضا للإستقلال وللسيادة وللحرية وللكرامة وللوطنية وللعزة وللرؤوس الشامخة وللأيدي المضحية والعاملة والمجاهدة، هكذا أنتم وهكذا كنا وهكذا سنبقى وهكذا ستكون أرضي، أرضا للإنتاج في كل مجال وأرضا للعطاء في كل مجال وأرضا للعزة الدائمة. موفقون إنشاء الله ومباركون والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.