في أوّل لقاء من نوعه مع أحد الضباط المعتقلين سياسياً في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري يكشف اللواء علي الحاج لجريدة "الانتقاد" عن أسرار علاقته بالرئيس رفيق الحريري والتي وصفها بالطيبة والمتينة.
ويقول الحاج في هذه المقابلة الخاصة التي تنشر في عدد "الانتقاد" الصادر بعد غد الجمعة: "أنا من طلب من الحريري أن يبقي وسام الحسن لديه، وكان وسام الحسن يضع اسمه قبل اسمي في جداول السفر التي تنظّم لزيارات الحريري للخارج، وكان برتبة رائد، وعند سؤاله عن سبب هذا الخلل العسكري والإداري، كان جوابه بأنّ توصيف مدير المراسم والبروتوكول أهمّ من الأمن بغضّ النظر عن الرتبة، فرفضت وانتقلت لقيادة منطقة البقاع".
ويضيف الحاج أنّه "بعد عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة بعد انتخابات بيروت في العام 2000، زرته مهنئاً وقال لي: "تفضّل استلم مهامك" قائداً لسرّيّة الحرس الحكومي، وقد اتصل الرئيس الحريري بي قبل اغتياله بعدّة أيّام طالباً بعض الأمور المتعلّقة بمدينة بيروت، فأنجزتها له، وشكرني".
ويؤكّد الحاج أن ما قامت به الأجهزة الأمنية اللبنانية من إجراءات فور وقوع الجريمة، وما توصلت إليه من نتائج عاد وأكدها التحقيق الدولي، "ففي اليوم التالي لاغتيال الحريري أكد مجلس الأمن المركزي برئاسة الوزير سليمان فرنجية وحضور الوزيرين إيلي الفرزلي وعدنان عضوم بأنّ الانفجار حصل فوق الأرض بواسطة انتحاري وبسيّارة مفخّخة، ووجدت قطع لها في الحفرة وفي مكان الانفجار".
ويتابع الحاج أنّه "بعد أيّام معدودة من حصول فريقنا الأمني على نتائج الحمض النووي، أكّد أنّ أحمد أبو عدس ليس الانتحاري ولا وجود له في مسرح الجريمة، وقد عثرنا على 27 عيّنة تعود للانتحاري من ضمنها" أحد الأسنان".
ويرى الحاج أنّ "ما قمنا به في التحقيق كان يتناقض مع المشروع السياسي لفريق لبناني لا يريد أن يكون التحقيق وفق المعطيات الحقيقية، والتي أعلنت، وهذا ما سيحرجه تجاه الجمهور المطلوب توجيهه نحو النظام الأمني اللبناني ـ السوري المشترك، وبعدما حشروا بمعطيات الخبراء الأجانب التي لم يستطع القاضي الألماني ديتليف ميليس تغييرها، بوشر باستحضار شهود الزور ليعودوا ويؤكّدوا على نظرية النظام الأمني اللبناني ـ السوري لانعدام الأدلّة".
ويشدّد اللواء علي الحاج على أن الضابط الايرلندي بيتر فيتزجيرالد اعتمد على كلام سياسي لأحد أقطاب 14 آذار في تقريره بأنّ هناك ضبّاطاً ألقوا قطعاً في الحفرة ليصلوا إلى أنّ الانفجار حصل فوق الأرض. كما أنّ العقيد أبو جودة اتهم عناصر قوى الأمن بإلقاء القطع في الحفرة لتضليل التحقيق، وحصلت مشادة كلامية بينه وبين الضبّاط الحضور في مكتب مدعي عام التمييز القاضية ربيعة قدورة، وهذا التقرير للعقيد المذكور قدّم لفيتزجيرالد الذي اعتمده ليس لبيان الحقائق، بل لتزويرها".
ويسأل الحاج: "لماذا خالف العقيد أبو جودة تقارير خبراء الجيش وقوى الأمن، وقدّم معلومات مغلوطة لفيتزجيرالد ليتبنّاها؟".
ويوضح الحاج أن قاضي التحقيق العسكري الأوّل رشيد مزهر طلب من قائد شرطة بيروت بالوكالة نقل سيّارات موكب الحريري إلى ثكنة الحلو، والتأمين عليها وتغطيتها بعد أن تأكّد من أنّ كافة أعمال الأدلّة الجنائية بالنسبة إليها قد أنجزت، ولو لم يكن قاضي التحقيق موافقاً على فتح الطريق، لما وافق على نقل السيّارات.
وعما حصل معه في التحقيق الدولي يكشف اللواء الحاج أنّ "المحقق الدولي عرض عليّ فيلماً للشاهد محمد زهير الصدّيق، فحاولت الوقوف، وعدم المتابعة، فأصرّ المحقّق على إنهائه، عندها قلت له إذا كان التحقيق يسير بهذا الاتجاه، فمعنى ذلك أنكم لا تريدون الحقيقة". معتبراً أن القاضي البلجيكي سيرج برامرتز "تجاهل شهود الزور بشكل كلّي، ما اضطرني في نهاية التحقيق إلى سؤال المحقّق لماذا لم تسألني عن محمد زهير الصدّيق وهو السبب الرئيسي لتوقيفي، فأجاب بأنّه لا علاقة له بهذا الشاهد لا من قريب ولا من بعيد".
ويسأل الحاج: "كيف وصل شاهد الزور أكرم مراد لعند المحقّق العدلي؟ وكيف استطاع المرور من السجن إلى ... إلى ... وصولاً إلى مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا ومنه إلى المحقّق العدلي دون اكتشاف زور شهادته، أم أنّه تمّ تركيبها وفبركتها وتلقينه إيّاها أسوة بشهود الزور الآخرين، ومن قبل نفس الجهات؟". ويقول إنّ "كلّ ما جرى معي في التحقيق اللبناني، لا علاقة له بمراحل جريمة 14 شباط/فبراير، ولا بالأدلّة".
ويؤكّد الحاج أنّه "لو كان هناك تحقيق يسير بالاتجاه الصحيح، ولو كان هناك أدلّة، أو براهين، لما كانت الحاجة إلى هذا الكمّ من شهود الزور، ومن اخترع شهود الزور، ومن فبركهم، ومن لقّنهم، ومن رعاهم وخصوصاً الصدّيق، معروفون بالاسم، كما أنّ أهدافهم معروفة، ولسنا نحن المقصودين بالتوقيف من وراء هذا المشروع، بل المقصود هو فريق سياسي عريض في لبنان، ولم يقدّم لي أو لغيري، أيّ دليل، أو شاهد حقيقي يصبّ باتجاه الحقيقة لمعرفتها، وكلّ ما حصل هو التطرّق إلى أمور تهدف للضغط علينا للسكوت، وعدم المجاهرة دفاعاً عن الظلم والتعسّف، أو طلباً للعدالة والحقيقة.
ويردّ اللواء الحاج على النائب وليد جنبلاط لتهجمه على عائلات الضباط، ويقول: لقد سبق لجنبلاط أن حمّلنا مسؤولية فشله الذريع في آخر انتخابات بلدية في إقليم الخرّوب، وهو يعتبر بأنّ المراكز العليا لأبناء إقليم الخرّوب، لا بدّ وأن تأتي من تحت إبطه، وهذا ما لم يحدث معي عند تعييني مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، وعند تعيين العميد مصطفى حمدان قائداً للحرس الجمهوري، ولا ننسى بأنّ مدير عام الأمن العام اللواء جميل السيّد هو أيضاً صهر الإقليم".
ويوضح الحاج "إنّ توتاليتارية جنبلاط تمنعه من أيّ مشاركة في موضوع إقليم الخرّوب، وهذا ما دفعه إلى القول قبل اعتقالي، بأنّه لن يرتاح إلاّ بعد سجن علي الحاج".
وردّاً على سؤال عن حياته في سجن رومية الموصوف بأنّه "فندق خمس نجوم"، يقول الحاج: "هل سمعت يوماً بأنّ قفصاً يحوي بداخله مرفّهين؟، فنحن في قفص وفي عزلة تامة وانفراد، منذ التوقيف حتّى اليوم، وهذا القفص لا نستطيع رؤية الخارج منه كون النافذة عالية ومستطيلة".
(*) المقابلة كاملة على موقع "الانتقاد" على شبكة الانترنت يوم الجمعة القادم