ارشيف من : 2005-2008
استبدلوا بأملاكهم خيمة اعتصام وسط "سوليدير":أصحاب الحقوق في وسط بيروت: حقنا سيرجع الينا
فوق العدالة وأصحاب الحقوق فيها.. لملاكيها منها فقط خيمة دخلت عنوة الى الأرض المسكونة بـ"البيزنس"، متخذة من
اعتصام قوى المعارضة الوطنية فرصة للتعبير عن الحق بمواجهة من تصنفهم "العدالة" الى أي مدرسة حقوقية انتمت بـ"اللصوص"، هذا إن خففت الجريمة الى جنحة، أما في حالة اغتصاب الأرض والحقوق والأرزاق بقهر من قانون المستولد من المصالح والانتفاع، فقد تذهب العدالة الى أبعد من ذلك حتماً في توصيف جريمة مثل هذه.
وسط بيروت، أو ما يعرف بالوسط التجاري وما بات يُصطلح عليه منذ مطلع التسعينيات "سوليدير"، هو أول بقعة مسكونة في مدينة بيروت منذ ما يزيد عن 4300 سنة. وكان القلب التجاري والعصب المالي والسياسي للبنان, وحاضنا في العام 1974 لنسبة 42% من المؤسسات التجارية في بيروت، منها نسبة 6% من أهالي المدينة. كان بقعة انصهار وطني وحوار ديني بامتياز نظراً لتنوع تجاره وقاصديه مناطقياً وطائفياً. وفي السبعينيات كان الوسط التجاري قبلة الحركة التجارية والمالية في منطقة الشرق الأوسط, أما الآن فأصبح "جزيرة سوليدير" التي يتملكها..
هذا التوصيف يروق لأصحاب الحقوق وممثلتهم رئيسة تجمع أصحاب الحقوق في الوسط التجاري ريّا الداعوق التي تجدد رفضها لمشروع "سوليدير"، معتبرة إياه مخالفا للدستور اللبناني ولقوانين التنظيم المدني والاستملاك والتجارة وتملك الأجانب، ومخالفا لشرعة حقوق الانسان.. وتؤكد في الوقت نفسه الاستمرار في مخيم الاعتصام في ساحتي "الشهداء" و"رياض الصلح" في وسط بيروت وتبني مطالب المعارضة اللبنانية المحقة.
وتقول الداعوق في حديث لـ"الانتقاد": ان السياسة التي تتبعها الحكومة الحالية غير الشرعية هي سياسة شريعة الغاب, ولا يحق لها ان تستملك أراضي للغير ذات منفعة خاصة. وهذه الشركة استملكت أراضي "زيد" وأعطتها لـ"عبيد"، واصفة اياها بالهرطقة السياسية والاقتصادية, وبأنها سرقة علنية لأصحاب الحقوق الأصليين في البلد. وتتابع: ان تمرير قانون الاستملاك وقانون التجارة وغيرها من قبل المهيمنين على الشركة العقارية دون أي مراجعة لمالكيها, إضافة الى نزع الملكية الفردية قسرا عن أصحابها, كل هذه الامور تعتبر خرقا فاضحا للدستور اللبناني وشريعة حقوق الانسان، لأنها حق مقدس للمواطن اللبناني، أي صاحب الارض.
وتتساءل عن دور لجان التخمين التي ألّفت من قضاة يتقاضون رواتب كبيرة من شركة "سوليدير"! هل من احد يفتح محكمة على حسابه؟ هل ينقصهم غنى اكثر على ظهر الوطن؟ وعندما أعلنوا الشركة العقارية في البلد كانت بموجب قانون مجحف وراءه طبعا قرار سياسي منهم، وأعطوا لأنفسهم "الشرعية القانونية" بحق نزع الملكية عن المالكين! وبدورنا نطالب بإصدار قرار سياسي لمحاكمة كل من سرق حقوقنا، وبالتالي المراجعة القانونية أمام المحاكم اللبنانية.
وتعتبر الداعوق ان "الوسط التجاري كان ملتقى جميع طبقات اللبنانيين, وكان فيه أسواق مهمة جدا, ومعظمها هدّمت من قبل الشركة العقارية المستثمرة للمشروع، بينما في الحرب اللبنانية لم يدمر وسط المدينة بنسبة 26% فقط. فالدولة عندما تريد ان تستملك من المفترض ان تعطي الناس حقهم بطريقة عادلة، ان من ناحية الدفع لهم نقدا او من ناحية تأمين البديل لهم عن أرضهم وعقاراتهم, وليس بأسهم ورق متحركة في بورصة"! مشيرة الى ان "الذين يتحكمون بالشركة العقارية دفعوا للناس 10% من قيمة الارض, وعمدوا الى اشراك المالك مع المستأجر، أي أصبح المالك له 6% والمستأجر له 4%، ومع هبوط سعر السهم من عشرة دولارت الى ستة دولارات, حصل صاحب العقار على 2% من سعر الارض فقط. هذا هو القانون عندهم، خربوا بيوت الناس على مقياسهم".
وتؤكد ان "وسط المدينة أصبح بورصة للتداول بأيدي اشخاص لبنانيين وأجانب، منهم من هم معروفون وآخرون غير معروفين.. وغدا "اسرائيل".. بمعنى انه يمكن ان يكون هناك اسرائيليون قد اشتروا أسهما في الوسط التجاري، وبذلك يكونون قد تملكوا أراضي فيه. اذن اليوم للبنانيين وغدا لغيرهم, وهنا تكمن الخطورة!
وتكشف ان "هناك مشروعاً ثانياً للشركة العقارية نفسها، يُعمل عليه في موناكو (فرنسا), والأردن ايضا, والحكومة اللاشرعية برئاسة السنيورة كانت قد وافقت للشركة العقارية لتتوسع خارج لبنان منذ شهر ونصف الشهر". متسائلة: "بأي حق يجوز ان توضع اموال الناس المكتسبة في ايدي شركات وهمية ومشبوهة يمكن ان تعلن إفلاسها في أي لحظة, وتصبح ممتلكات الناس مرهونة للخارج؟ وكذلك سياسيا هم يريدون رهن الوطن للدول الخارجية المعروفة بتبنيها للسياسة الإسرائيلية منذ زمن. معتبرة ان مثل هذه الحكومة الساقطة دستوريا لا يمكن ان نؤمنها على مصير ووحدة البلد".
اما بالنسبة الى المشاركة في الاعتصام وسط بيروت، فتؤكد السيدة الداعوق ان "الاعتصام مهم جدا ونحن سنواصل اعتصامنا فيه حتى تحقيق كامل مطالبنا المحقة في المعارضة الوطنية, ونحن لنا 250 ألف شخص مع الورثة من أصحاب الحقوق, ولا يمكن للحق ان يذهب ما دام وراءه مطالب, ويجب ان يعلموا بأن الاستقواء بالخارج لا يمكن ان يعطيهم الشرعية الوطنية, وإنما الشعب اللبناني الصامد فقط هو الذي يمثل الشرعية اللبنانية".
تضيف: "حقيقة يعتبر هذا الامر أكبر سرقة في لبنان، لا بل تسمى سرقة العصر, وقد آن الأوان لكي تقوم حكومة وطنية عادلة تعطي الحقوق للناس الذين لم يحصلوا عليها لغاية الآن". وتؤكد انه "لا يمكن السكوت عن حقوقنا ولو بعد مئة سنة, وقد فقدنا أناسا كثرا جراء تأثرهم بالذي حصل من سرقات ونهب لممتلكاتهم وأمام أعينهم! وبصراحة الانسان يتحمل الفقر، ولكن لا يقدر ان يتحمل الظلم".
وتشدد على أنه "لا يمكن لهذه الحكومة غير الشرعية ان تتابع سياستها التبعية على أنقاض حقوق الآخرين, وهم الاشخاص أنفسهم، "المافيا" ذاتها تتحكم بقرار البلاد والعباد ظلما وعدوانا, فالمال السياسي كله من جزيرة "السوليدير" في وسط المدينة".
وتشيد السيدة الداعوق بقوى المعارضة الوطنية التي تواصل اعتصامها في الوسط التجاري, متبنية بذلك كل مواقفهم الشجاعة والنبيلة لتحقيق كل ما يريده المواطن اللبناني. وتدعو المعتصمين في السرايا الحكومي ليتركوا السرايا لغيرهم, وساعتئذ نترك ساحة الاعتصام.. مؤكدة ان حقوقنا سوف تعود الينا مهما طال الزمن.
تصوير : موسى الحسيني
الانتقاد/ العدد1207 ـ 23 آذار/مارس 2007