ارشيف من : 2005-2008
رئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي لـ"الانتقاد":موسى لا يملك الحل وحده ونحن مصرون على الثلث الضامن
"لا أعتقد أن عصا موسى موجودة مع عمرو موسى"، ذلك هو الانطباع الذي خرج به رئيس حزب الحوار الوطني المهندس فؤاد مخزومي عن المهمة الموكلة للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي جال بالأمس على الفرقاء اللبنانيين لتسويق البنود التي خرج بها اجتماع وزراء الخارجية العرب لحل الأزمة اللبنانية.. على أن الحلول برأي مخزومي "مرهونة بما ستفضي إليه جولة الرئيس الأميركي في المنطقة".
ولأن "المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين" على حد القول المأثور، فإن مخزومي يشدد على "ان المعارضة مصرة على الثلث الضامن"، ما يعني بصريح العبارة ان الأمور سوف تعود إلى المربع الاول ولن يبقى أمامنا سوى خيار "انتظار الانتخابات العامة ليبنى على شيء مقتضاه".
أفكار المبادرة العربية الجديدة وآفاق مهمة موسى إلى بيروت كانت مدار المقابلة مع المهندس فؤاد مخزومي:
أما وإن وزراء خارجية العرب خرجوا بخطة عربية للملف اللبناني، إلى أي حد تعتقدون أن هذه الخطة قادرة على أن تصبح مشروع حل للأزمة اللبنانية؟
من غير الواضح اليوم ما هو حجم التفويض المعطى لعمرو موسى، هل يا ترى الاجتماع الوزاري العربي هو بطلب أميركي لتحضير الحلول قبل زيارة الرئيس بوش للمنطقة؟ أم هي مبادرة عربية بامتياز؟
بوش في المنطقة بملفات ثلاثة: الإيراني والعراقي والملف اللبناني والفلسطيني، وبالتالي فالسؤال هو: هل العرب أخذوا المبادرة من السعودية ومصر لأجل تقديم شكل من الحلول؟ أعتقد أننا لن نعرف قبل مجيء موسى للمنطقة، فضلاً عن الصلاحيات المعطاة له للتفاوض.
.. لكن ألا تظن أن خلفية المبادرة العربية تحمل بصمات أميركية؟
إلى اليوم لا أرى ذلك، لأن الهدف والنية الأميركية هو التمديد لحكومة السنيورة غير الميثاقية، ولأن ليس هناك أي سياسي سوف يعطي للمشروع الأميركي كما هي حال الرئيس السنيورة، حتى سعد الحريري لا يستطيع ان يُطمئن الأميركي، لأن هناك ارتباطا سعوديا، بينما السنيورة ليست لديه أي ارتباطات سوى الارتباط الأميركي. من هنا سُرب الكثير من الكلام قبل 23 تشرين الثاني الماضي عن قدرة اللبنانيين على تطويل إدارة الأزمة. أنا شعوري إذا نجح مشروع السنيورة ومشروع الإدارة الأميركية بحيث يبقى هو يدير الأزمة لنصل إلى الانتخابات العامة 2009، فسيقولون لنا إن لا إمكانية لتغيير قانون الانتخابات، وإننا مضطرون لخوض الانتخابات على أساس القانون الحاضر، ساعتئذ نكون مددنا الأزمة التي نحن فيها من العام 2009 إلى 2013!
ذكرت ان الأمور غير واضحة، كيف رحبتم بالمبادرة العربية وأبديتم تفاؤلاً حيالها؟
كما قلت إذا جاءت المبادرة بطلب أميركي أرى ان الحلول أصبحت قريبة.. ولكن أؤكد لك ان الأميركي منذ سنة 1990 رافض ان يوكل أي شخص في العالم للتفاوض مع أي بلد في هذه المنطقة، بل هو يريد ان يفاوض مباشرة، لأنه يرى ان الثورة النفطية الموجودة اليوم في المنطقة إذا لم يضع يده مباشرة عليها فسيحصل "بزار" على ظهره، لهذا كما قلت إذا كانت المبادرة مبنية على طلب أميركي وهذا ما كنا نتمناه ورحبنا به، يعني أن هناك حلولا، ولكن هذا لا يعني انه سيكون لنا رئيس للجمهورية في 12 الشهر الجاري، بل نكون ثبتنا ان العماد سليمان هو رئيس توافقي. واليوم نقول دعنا نتفق على التفاصيل، ولكن التفاصيل كما تطرحها الأكثرية غير مقبولة.
تبقى المشكلة قائمة حول موضوع الشراكة.. يعني ما زلنا نراوح مكاننا؟
العقدة الأساسية ليست هنا.. في البدء جماعة 14 شباط ساروا بالمشروع الأميركي وبتطبيق القرار 1559، وعندما اغتيل الحريري كانت هناك محاولة لإيجاد نعرة سنية ـ شيعية تكون شرارتها لبنان، واعتبرت هذه الجماعة حينها ان الهجمة الأميركية على المنطقة ستغير في أنظمة المنطقة، ومنها النظام السوري، صحيح ان أميركا هي التي تفاوض، لكن هؤلاء لم يقرأوا جيداً ان "إسرائيل" برغم عداوتها لسوريا لا تريد تغير نظامها، وهنا حصل الخطأ لدى بعض السياسيين اللبنانيين لأنهم لم يدركوا ان هذه الانعطافة "ستدوخهم"، وهذا الذي الحصل، وبالتالي لم يعرفوا الى أين تتجه البوصلة.. وهنا نستعيد كلام وليد جنبلاط عندما تحدث عن الاعتدال ليجد باباً للتحاور مع حزب الله، ولكن الحزب على لسان السيد حسن نصر الله قال ان الجرّة كُسرت مع جنبلاط، وهو بحنكته نأى بسعد الحريري عن هذا الموضوع، لماذا؟ لأن جنبلاط وجعجع استخدما الطائفة السنية لتكون خط الدفاع الأول لمشاريعهم ضد المقاومة وضد الشيعة في البلد، وهنا نحن كمعارضة وموالاة عملنا مع السعوديين والمصريين والإيرانيين على ان لا تحصل هذه الشرارة، وبالتالي كانت هناك نية عند الأطراف الكبار السنة والشيعة ان لا تصل عملية المواجهة إلى الآخر.. هنا شعر جنبلاط بالتغيير وبدأ يغير حساباته، وليس أدل على ذلك من كلام ابنه تيمور، لأن الطائفة الدرزية وجدت ان جنبلاط ربما ذهب إلى التطرف بشكل كبير، وأعتقد ان عقلاء الطائفة لن يسيروا في مشروعه.
هل ما زال برأيك عمرو موسى يملك "العصا السحرية" لفك أحجية الأزمة اللبنانية؟
لا أعتقد ان "عصا موسى" موجودة مع موسى، وإلا لكنا وصلنا إلى نتيجة. وأذكّر انه كانت هناك نقمة عربية على جامعة الدول العربية، غير ان الأخير بحنكته الدبلوماسية أوجد دورا جديدا للجامعة ودخل الى كل الملفات الساخنة.. ولكن هذه الملفات لا يستطيع موسى أن يحلها وحده، خصوصاً ان هناك قرارا دوليا صدر في العام 2004 مُنع بموجبه السوري من التدخل في الملف اللبناني، واليوم نجدهم يطالبونه بالتدخل الايجابي! كما حصل مع الأكثرية عندما رفضت تعديل الدستوري والبزة العسكرية، وكان جعجع يريد أن يحيل قائد الجيش واللواء الشهيد فرانسوا الحاج الى الأمم المتحدة للتحقيق معهما بتهمة دعمهما المقاومة! وفجأة تراجعوا عن كل هذه النقاط لأنهم رأوا ان لا حل إلا مع السوري، وأنه لا بد من وجود علاقة بين البلدين.
هل يمكن ان تنتهي المبادرة العربية كغيرها من المبادرات؟
أعتقد أنه غير مسموح لها هذه المرة ان تنتهي بالطريقة نفسها، ولكن لا يعني ان 27 من الشهر الجاري هو يوم مقدس.
لماذا؟
لأن بوش سيصل القاهرة في 16 كانون الثاني، وبعدها تتوضح نتيجة جولته الأخيرة في المنطقة، ما يدل على ان لا شيء بين أيديهم، وأن الأمور مربوطة بزيارة الرئيس بوش. من هنا علينا ان نفهم هل هذه المبادرة عربية بامتياز أم بطلب أميركي؟
إذاً كيف تقرأ الترحيب السريع لقوى الموالاة بالمبادرة؟
الموالاة بحاجة لأن يتعلقوا بـ"حبال الهوا"، وهم خسروا كل شيء، والسعودية تقول لهم نحن غير مستعدين أن ندخل في مواجهة سنية شيعية.. إذاً ماذا لدى الأكثرية من أوراق تمسكها، لا شيء، لم يعد أمامهم إلا اللعبة الطائفية والمذهبية. وبالمناسبة هم لم يرحبوا ببيان وزراء الخارجية العرب، رحبوا ببند واحد هو رئاسة الجمهورية، لأنهم يريدون أن يستلموا الحكم، على ان تسمي الاستشارات النيابية سعد الحريري، والأخير لن يستطيع ان يشكل الحكومة لأن المعارضة لن تشاركه، وهو بالتالي لن يتجرأ ان يشكلها على غرار حكومة السنيورة.. عندئذ سنكون أمام رئيس جالس في بعبدا، ورئيس مكلف لا يستطيع ان يشكل حكومة، ورئيس فعلي يسير الامور حتى إشعار آخر.. ولذلك نحن في المعارضة لكوننا مصرين على ميشال سليمان لا نريد ان يحصل معه كما حصل مع الرئيس لحود.. ولذلك قلنا بضرورة ان نتفق على السلة كاملة، وإلى من تذهب الوزارات السيادية وخلافه.
.. يعني عدنا الى المربع الاول؟
بالضبط.. ومن هنا أعود وأكرر: إذا كانت المبادرة "جس نبض" لمعرفة كيف سيفاوض الأميركي فأعتقد أننا سنبقى في الأزمة الحالية فترة طويلة.
ما هي الصيغة الحقيقة المطروحة: (10+10+10)أم (14+6+10)؟
أعتقد أن ما سُرب من اجتماع وزراء الخارجية العرب ان البحث انتهى على أساس (14+6+10)، بحيث لا يستطيع أي من الطرفين ان يملك التعطيل لأي قرار.. هي فكرة جيدة.
هل انتم في المعارضة توافقون على ذلك؟
حسبما قال السيد حسن نصر الله ان المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين، ويقول: تعلمنا من التجارب الماضية، وبالتالي لا يمكن أن نخاطر.. وعليه نريد الثلث الضامن. وأتساءل: ما دام السنيورة يقول لا للتوطين ولا لسلام منفرد مع "إسرائيل"، فلماذا لا يعطي الثلث الضامن للمعارضة، ويترك البلد يذهب الى الانتخابات!؟
ماذا يعني؟
يعني لا نية جدية عند الأميركي للوصول إلى توافق، لأن "الطبخة لم تستوِ بعد"، والمطلوب الآن إدارة الأزمة. لدي شعور ان السنيورة لن يتجرأ على تدوير الزوايا في إطار عملية المواجهة باستلام صلاحيات رئيس الجمهورية.
لنفترض ان المبادرة العربية الجديدة وصلت الى الحائط المسدود، ماذا ستفعل المعارضة؟
لا شيء.
لا شيىء! كيف؟
هل المعارضة تخسر اليوم؟
.. ولكن السنيورة سيبقى يمارس صلاحيات الرئيس؟
أولا المعارضة لا تخسر، والطرف الآخر لا يربح.. اليوم من هو المنزعج من إدارة الأزمة؟ المواطن، أما السياسيون الكبار فغير منزعجين.. متى نحن المواطنون ننزعج عندما نصل الى الانتخابات النيابية ولم تحل الأمور، ساعتئذ يكونون مددوا الأزمة أربع سنوات، وما دام هناك وعود بقانون انتخاب جديد دعنا ندير الأزمة كما هي اليوم من دون مواجهة، لأن المواطن لا يستطيع التحمل.
ولكن المعارضة أعطت فترة عشرة أيام؟
.. اذا حصلت أعمال استفزازية.
ولكن الحكومة تمارس أعمالا استفزازية مثل المراسيم التي أصدرتها مؤخرا؟
ولكن لا تنسى ان قيادة الجيش طلبت من السنيورة عدم اصدار مراسيم تتعلق بالترقيات العسكرية، وبالتالي كل القرارات التي صدرت غير مؤذية.
.. ولكن بالمحصلة حكومة السنيورة تقضم الخطوات خطوة خطوة؟
العمل الوحيد الذي يمكن للسنيورة ان يفعله ويلقى رد فعل عليه هو ان تنتخب الأكثرية رئيس الجمهورية بالنصف زائد واحد.
.. ولكن ألا تخشى من حصول فوضى؟
أولاً نحن في أسوأ الأوضاع راهناً، وأعتقد أن الأمور من بعدها ستكون في تحسن.
حاوره: حسين عواد
الصور: عصام قبيسي
الانتقاد/ العدد1249 ـ 11 كانون الثاني/ يناير 2008