ارشيف من : 2005-2008
المطران صليبا في الليلة الرابعة من محرم في مقر المجلس الشيعي الأعلى: الرئيس الأسد متخوف على المسيحيين في المنطقة من مسعى أميركي - إسرائيلي
الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، وفي حضور حشد كبير من علماء الدين وشخصيات سياسية وتربوية وثقافية واجتماعية ومواطنين.
بدأ المطران صليبا كلمته بالحديث عن معنى السلام "الذي أفاضه الله على كل البشر، وهو أمنية البشر وكل المخلوقات والحيوانات والنباتات تنشد السلام وتتمناه".
ثم نقل كلاما عن الرئيس السوري بشار الأسد، قائلا: "يوم عيد الميلاد في 25 كانون الأول الماضي، تكرم سيادة الرئيس الدكتور بشار حافظ الأسد، فزار بطريركيتنا في دمشق، ونحن تابعون لكنيسة دمشق، وعرض علينا أكثر من فكرة وأحب ان انقل إليكم بعض ما قاله: ان مسعى أميركا وإسرائيل الوحيد هو إيجاد بلاد على غرار إسرائيل بدول عنصرية، والدولة العنصرية لا تعيش في مجتمع متنوع، فالعنصري هو عدو الله فكيف لا يكون عدو الآخرين، ومحب الذات لا يمكن ان يكون محب الأخوة، وهذا يتناقض مع مبادئ الإمام الحسين فلو كان محبا للذات لما كان الحسين اليوم الذي نحبه ونكرمه ونذكره باعتزاز وفخر، فأميركا تريد دولة على غرار دولة إسرائيل لذلك سعى الرئيس بوش مع الصهيونية ومن يمثل دولة إسرائيل اليوم ان يفرغوا العراق من المسيحيين، ونحن نعلم مسلمين ومسيحيين وقد عشنا معا عبر التاريخ وما زلنا، واذا لم نسأل بعضنا الى اي دين ننتمي لما تمكنا أن نميز الواحد عن الآخر، فلا فرق بيننا وعشنا كل التاريخ امة واحدة وشعب واحد ننتمي الى الوطن نفسه والأرض نفسها والمبادئ نفسها".
أضاف: "يقول الرئيس الأسد: تكاد أميركا وإسرائيل ان تفرغا العراق من المسيحيين حتى يبقى لون واحد في هذه الأرض وهذا البلد ويكون هناك مبرر لاستمرار الدولة العنصرية في فلسطين، ولا تقبلان ان يكون هناك دولتان في ارض فلسطين، بل تريدان ان تكون هناك دولة عنصرية واحدة هي إسرائيل تحكم هذه الارض المقدسة، وهل الطامع يستطيع ان يحقق كل مطامعه، كلا والله لن يعينه على ذلك، وهكذا تسعى إسرائيل اليوم لإفراغ لبنان من المسيحيين ليكون لها مبرر آخر تنتهجه وتتبعه في دفاعها عن كيانها المصطنع في الأرض المقدسة في ارض العرب، وربما ان تمكنت فستفعل الشيء نفسه مع سوريا، هذا الأمر يدعونا جميعا الى اليقظة والوعي، ولسوء الحظ هناك ظروف وأشخاص يسهلون عن قصد او عن غير قصد ان تحقق الصهيونية مطامعها على ارض العرب".
وتابع: "نحن لا نشعر معكم إلا إننا جزء لا يتجزأ واحدنا عن الأخر، فالجسم تكونه أعضاء كثيرة واذا اجتمعت كاملها يكون الجسم كاملا اما اذا بترت بعض الأعضاء فالجسم يكون غير كامل وبالتالي يكون عرضة لتفشي بعض الحشرات والميكروبات والامراض لتجعله هزيلا وتكتمل فيه غايات وأسباب المرض وبالتالي الى السقوط والموت، ونحن معكم نعيش حياة وطنية مشتركة وكل شيء في الحياة لا يسير مسيرة واحدة كل الايام حتى في العائلة هناك أيام عسر وايام يسر وهناك من يوافق على قضية وهناك من يعترض، والاعتراض لا يسبب او يجعل سببا للخلاف والانتقام، هذا الأمر نحن لا نقبله، والله خلق الإنسان حرا ليفكر كما يرتاح ويلتزم بما يطمئن اليه ويعمل بحسب قناعته، فالخلاف في الرأي ليس معناه طريقا الى العداوة".
وأردف: "إسرائيل مع من تحشد من المتعاملين معها، الظاهرين والمكتومين، تريد ان تزرع هذا النوع من الفتنة، تأملوا في العراق خصوصا من أحبائنا المسلمين في السنة والشيعة، اقول لهم اذا المسيحي خاف فله الكثير من الحق ان يخاف، اما ان يخاف المسلمون من بعضهم فهذا فعل الصهيونية وبوش واميركا والمسيحيون المتصهينون هم يبثون الفتنة بين المسلمين، وأصبح عندنا الان في أميركا ديانة جديدة اسمها الصهيونية المسيحية ولسوء حظ بوش فانه ابن هذه المدرسة وسوء حظ مسيحيي أميركا ودولة أميركا ان بوش ابن هذه المدرسة".
وتساءل المطران صليبا: "ماذا يصيب البشرية اليوم من وراء الحرية وحقوق الانسان؟ اذا جرح شخص في مكان ما تقوم أميركا لتقيم الدنيا ولا تقعدها اما اذا ابتليت أمة بكاملها بهذا المصاب فهذه شريعة جديدة، واتذكر قولا للشاعر اديب إسحاق "قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر". ماذا يجري في العراق وماذا يجري في معتقلات وسجون إرهاب أميركا في غوانتانامو؟ أين حقوق الانسان في قتل الشعب الفلسطيني برمته بالصواريخ والدبابات والأسلحة الفتاكة للاسرائيليين؟ فهذه مسألة فيها نظر".
أضاف: "الحكم والقرار بمقياسين، هذه هي شريعة حقوق الإنسان في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، من اجل هذه المبادئ التي هي عدالة وسلام واستقرار وتضحية كان استشهاد الإمام الحسين، هذا الواقع يؤلمنا كثيرا وقد انعكس على واقعنا في لبنان، وانا مقتنع تماما انه ليس احد قابلا او مقتنعا او راضيا بما يجري في لبنان منذ سنتين ولكن العين بصيرة واليد قصيرة، نحن في هذه الايام نظهر اننا أناس قاصرون وغير قادرين ان ندير أمورنا بأنفسنا لهذا نستوحي الخارج حتى نقرر في الداخل ومن عاش على زاد غيره طال جوعه، التمنيات ان نعي ونفهم وينير الله عقول الحكام وينيرنا جميعا لنختار الخير من الشر".
وقال: "عاشوراء هي مناسبة البركة وعنوان الشهادة ونكران الذات والإيمان والبطولة والجهاد، فالمجاهدون الشرفاء هم الذين يسترخصون كل شيء في سبيل المبادئ والإيمان والرسالة، وأهلنا هكذا فعلوا عبر التاريخ وانتم ما تزالون تفعلون، وعلى الرغم من ان المناسبة هي مأساة ولكنها مدعاة للفخر والاعتزاز والكبرياء بمعناه الايجابي لمن يعرفون قيمة الرسالة وقيمة الجهاد وها انتم عليه قائمون وثائرون ومنفذون له. ولدى السريان اعتبار مميز للامام علي ومحبة له حيث حفظ التاريخ الكنسي مواقف مهمة لهذا الرجل. وليس هناك حب أعظم من هذا أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه، وهل هناك من هو أقرب الى الله من الشهيد في سبيله ومن أجل نشر رسالة الله وتبليغها الى الأمم والشعوب. وتضحية الامام علي كبيرة ليلة الهجرة عندما كانت حياة الرسول مطلوبة للموت فافترش الامام علي فراش الرسول ليضحي بنفسه وينقذ رسول الله، نحن اليوم في حاجة الى من يحمل هذه الروح ويتمتع بهذه الصفات، والعالم العربي لسوء الحظ فقد كثيرا من هذه الصفات لا سيما قادتنا، قادة العالم العربي يعملون من اجل المصالح والسلطة والنفوذ والعالم الفاني وضحوا بالمبادئ واستبدلوا الباقيات بالفانيات ويا لسوء حظنا اذ استمرت المسيرة على هذا النحو، فهذه كارثة كبيرة ان يفكروا بمصالحهم الخاصة ولا يفكروا بما ينفع مجتمعاتهم وشعوبهم".
أضاف: "ونحن اليوم في مبدأ الشهادة، ونحن نعلمه كما تعلمونه فالمبادئ هي هي لا تتغير. نحن معكم في الشهادة وشهادة الحسين المختار الصفي الذي اختاره الله ليكون صاحب هذا المبدأ وبذل حياته وقدم شهادتين شهادة بالدم وشهادة باللسان. والإمام الحسين شهد لرسالته بالطريقتين باللسان والدم، ولهذا صار ذكره مكرمة وموضع اعتبار لدى المسلمين وغير المسلمين، لا سيما نحن الذين نعيش معا في هذا الشرق العزيز على تربة مقدسة غذاها الأنبياء وجملوها بالشهادة والدم".
وتابع: "في هذا العام تتميز المناسبة والذكرى ونرى مأساة كربلاء تتكرر سنة بعد اخرى بانواع وطرق شتى وبأنواع كثيرة وبظروف جديدة ايضا، يعيش العالم العربي الذي هو عالمنا ونحن جزء لا يتجزأ منه ظروفا مضطربة".
وختم المطران صليبا بالقول: "في عاشوراء التي هي للشيعة انا اعتبرها حصة من حصصنا لان في المسيحية ما يعادل كربلاء، الجلجلة، وقد سبقنا المسلمون إليها وايضا اليهود أعداء الله والناس هؤلاء هم الذين قتلوا السيد المسيح وقتلوا الأنبياء ورجموا المرسلين، لعل دماء الحسين والشهداء الأطهار تكون سبيلا ترفعنا لنميز الخير من الشر ونكون من المصلحين".
وفي الختام تلا السيد نصرات قشاقش مجلس عزاء حسيني.